عنوان و نام پديدآور:مناقب آل ابی طالب/ تالیف رشید الدین ابی عبد الله محمد بن علی بن شهر آشوب. تحقیق علی السید جمال اشرف الحسینی.
مشخصات نشر:قم: المکتبه الحیدریه، 1432ق = 1390.
مشخصات ظاهری:12ج
وضعیت فهرست نویسی:در انتظار فهرستنویسی (اطلاعات ثبت)
يادداشت:ج.9. (چاپ اول)
شماره کتابشناسی ملی:2481606
ص: 1
مناقب آل أبي طالب
تأليف الإمام الحافظ رشيد الدين أبي عبد اللّه محمد بن علي بن شهرآشوب
ابن أبي نصر بن أبي الجيش السروي المازندراني
المتوفى سنة 588 ه
الجزء السابع
تحقيق السيد علي السيد جمال أشرف الحسيني
ص: 2
بسم الله الرحمن الرحیم
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
السلاسل : اسم ماء .
أبو القاسم بن شبل الوكيل وأبو الفتح الحفار بإسنادهما عن الصادق عليه السلام ، ومقاتل والزجاج ووكيع والثوري والسدي وأبو صالح وابن عباس :
أنّه أنفذ النبي صلى الله عليه و آله أبا بكر في سبعمائة رجل ، فلمّا صار إلى الوادي وأراد الانحدار ، فخرجوا إليه فهزموه ، وقتلوا من المسلمين جمعا كثيرا .
فلمّا قدموا على النبي صلى الله عليه و آله بعث عمر ، فرجع منهزما .
فقال عمرو بن العاص : ابعثني يا رسول اللّه ، فإنّ الحرب خدعة ، ولعلّي أخدعهم ، فبعثه ، فرجع منهزما .
وفي رواية : أنّه أنفذ خالدا فعاد كذلك .
فساء النبي صلى الله عليه و آله ذلك ، فدعا عليا عليه السلام وقال : أرسلته كرّارا غير فرّار ، فشيّعه إلى مسجد الأحزاب ، فسار بالقوم متنكّبا عن الطريق يسير بالليل ويكمن بالنهار ، ثم أخذ على محجّة غامضة ، فسار بهم حتى استقبل الوادي من فمه ، ثم أمرهم أن يعكموا(1) الخيل ، وأوقفهم في مكان وقال : لا تبرحوا ، وانتبذ أمامهم ، وأقام ناحية منهم .
ص: 7
فقال خالد - وفي رواية قال عمر - : أنزلنا هذا الغلام في وادٍ كثير الحيّات والهوام والسباع ، أمّا سبع يأكلنا ، أو يأكل دوابنا ، وأمّا حيّات تعقرنا وتعقر دوابنا ، وأمّا يعلم بنا عدوّنا فيأتينا ويقتلنا .
فكلّموه : نعلو الوادي ، فكلّمه أبو بكر فلم يجبه ، فكلّمه عمر فلم يجبه ، فقال عمرو بن العاص : إنّه لا ينبغي أن نضيّع أنفسنا ، انطلقوا بنا نعلو الوادي ، فأبى ذلك المسلمون .
ومن روايات أهل البيت عليهم السلام : أنّه أبت الأرض أن تحملهم .
قالوا : فلمّا أحسّ عليه السلام الفجر قال : اركبوا بارك اللّه فيكم ، وطلع الجبل حتى إذا انحدر على القوم وأشرف عليهم ، قال لهم : اتركوا عكمة دوابكم .
قال : فشمّت الخيل ريح الإناث فصهلت ، فسمع القوم صهيل خيلهم ، فولّوا هاربين .
وفي رواية مقاتل والزجاج : أنّه كبس القوم وهم غادون ، فقال : يا هؤلاء ، أنا رسول رسول اللّه صلى الله عليه و آله إليكم أن تقولوا : « لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمدا رسول اللّه » وإلاّ ضربتكم بالسيف ، فقالوا : انصرف عنّا كما انصرف ثلاثة ، فإنّك لا تقاومنا ، فقال عليه السلام : إنّني لا انصرف ، أنا علي بن أبي طالب ، فاضطربوا ، وخرج إليه الأشداء السبعة ، وناصحوه وطلبوا الصلح ، فقال عليه السلام : إمّا الإسلام وإمّا المقاومة .
فبرز إليه واحد بعد واحد ، وكان أشدّهم آخرهم ، وهو سعد بن مالك العجلي ، وهو صاحب الحصن ، فقتلهم فانهزموا ، ودخل بعضهم في الحصن ، وبعضهم استأمنوا ، وبعضهم أسلموا ، وأتوه بمفاتيح الخزائن .
ص: 8
قالت أم سلمة : انتبه النبي صلى الله عليه و آله من القيلولة ، فقلت : اللّه جارك ما لك ؟ فقال : أخبرني جبرئيل بالفتح ، ونزلت « وَالْعادِياتِ ضَبْحاً » .
* * *
أبو منصور الكاتب :
أقسم بالعاديات ضبحا
حقّا وبالموريات قدحا
* * *
وقال المدني :
وقوله والعاديات ضبحا
يعني عليا ذا أغار صبحا
على سليم فشناها كفحا(1)
فأكثر القتل بها والجرحا
وأنتم في الفرش نايمونا
* * *
فبشر النبي صلى الله عليه و آله أصحابه بذلك ، وأمرهم باستقباله ، والنبي صلى الله عليه و آلهتقدّمهم .
فلمّا رأى علي عليه السلام النبي صلى الله عليه و آله ترجّل عن فرسه ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : اركب ، فإنّ اللّه ورسوله عنك راضيان ، فبكى علي عليه السلام فرحا .
فقال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، لولا أنّي أشفق أن تقول فيك طوائف من أمّتي ما قالت النصارى في المسيح(2) . . الخبر .
* * *
ص: 9
وقال العوني :
من ذا سواه إذا تشاجرت القنا
وأبى الكماة الكرّ والإقداما
وتصلصلت حلق الحديد وأظهرت
فرسانها التصجاج والإحجاما(1)
ورأيت من تحت العجاج لنقعهافوق المغافر والوجوه قتاما
كشف الإله بسيفه وبرأيهيظمى الجواد ويروي الصمصاما
ووزيره جبريل يقحمه الوغىطوعا وميكال الوغى إقحاما
* * *
وقال الحميري :
وفي ذات السلاسل من سليم
غداة أتاهم الموت المبين
وقد هزموا أبا حفص وعمرا
وصاحبه مرارا فاستطيروا
وقد قتلوا من الأنصار رهطا
فحلّ النذر أو وجبت نذور
أذاد الموت مشيخة ضخاما
جحاجحة يسدّ بها الثغور
* * *
ص: 10
ص: 12
قوله تعالى : « وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَْرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤمِنِينَ » يعني عليا عليه السلام ، وثمانية من بني هاشم .
ابن قتيبة في المعارف ، والثعلبي في الكشف : الذين ثبتوا مع النبي صلى الله عليه و آله يوم حنين بعد هزيمة الناس : علي عليه السلام ، والعباس والفضل ابنه ، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، ونوفل وربيعة أخواه ، وعبد اللّه بن الزبير بن عبد المطلب ، وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب ، وأيمن مولى النبي صلى الله عليه و آله .
وكان العباس عن يمينه ، والفضل عن يساره ، وأبو سفيان ممسك بسرجه عند نفر بغلته ، وسائرهم حوله ، وعلي عليه السلام يضرب بالسيف بين يديه .
وفيه يقول العباس :
نصرنا رسول اللّه في الحرب تسعة
وقد فرّ من قد فرّ عنه فاقشعوا
* * *
وقال مالك بن عباد الغافقي :
لم يواس النبي غير بني هاشم
عند السيوف يوم حنين
ص: 13
هرب الناس غير تسعة رهط
فهم يهتفون للناس أين
ثم قاموا مع النبي على الموت
فآبوا زينا لنا غير شين
* * *
وقال خطيب منبج :
وقد ضاقت فجاج الأرض جمعا
عليهم ثم ولّوا مدبرينا
وليس دون النبي سوى علي
يقارع دونه المتحاربينا
وعباس يصيح بهم أثيبوا
ليثبتهم وهم لا يثبتونا
فأومى جبرئيل إلى علي
وقد صار الثرى بالنقع طينا
فقال هو الوفي فهل رأيتم
وفيّا مثله في العالمينا
* * *
وقال المرزكي :
ويوم حنين إذ ولّوا هزيما
وقد نشرت من الشرك البنود(1)
فغادرهم لدى الفلوات صرعىولم تغن المغافر والحديد
فكم من غادر ألقاه شلواعفير الترب يلثمه العبيد
هم بخلوا بأنفسهم وولّواوحيدرة بمهجته يجود
* * *
فكانت الأنصار خاصة تنصرف إذ كمن أبو جرول على المسلمين ،
ص: 14
وكان على جمل أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام هوازن ، إذا أدرك أحدا طعنه برمحه ، وإذا فاته الناس دفع لمن وراه ، وجعل يقتلهم ، وهو يرتجز :
أنا أبو جرول لا براح
حتى يبيح القوم أو يباح
* * *
فنهد له أمير المؤمنين عليه السلام فضرب عجز بعيره فصرعه، ثم ضربه ففطره(1).
ثم قال :
قد علم القوم لدى الصباح
أنّي لدى الهيجاء ذو نطاح
* * *
فانهزموا .
وعدّ قتلى علي عليه السلام فكانوا أربعين(2) .
وقال
عليه السلام :
ألم تر أنّ اللّه أبلى رسوله
بلاء عزيزا ذا اقتدار وذا فضل
بما أنزل الكفار دار مذلّة
فذاقوا هوانا من إسار ومن قتل
فأمسى رسول اللّه قد عزّ نصره
وكان رسول اللّه أرسل بالعدل
فجاء بفرقان من اللّه منزل
مبيّنة آياته لذوي العقل
ص: 15
فأنكر أقوام فزاغت قلوبهم
فزادهم الرحمن خبلاً إلى خبل(1)
* * *
وقال سلامة :
أين كانوا في حنين ويلهم
وضرام الحرب تخبو وتهب
ضاقت الأرض على القوم بما
رحبت فاستحسن القوم الهرب
* * *
ص: 16
في غزوات شتى(1)
وفي غزاة الطائف كان النبي صلى الله عليه و آله حاصرهم أياما ، وأنفذ عليا عليه السلام في خيل ، وأمره أن يطأ ما وجد ، ويكسر كلّ صنم وجده .
فلقيته خيل خثعم وقت الصبوح في جموع ، فبرز فارسهم وقال : هل من مبارز ؟
فقال النبي صلى الله عليه و آله : من له ؟ فلم يقم أحد ، فقام إليه علي عليه السلام ، وهو يقول :
إنّ على كلّ رئيس حقّا
أن يروي الصعدة أو يدقّا(2)
* * *
ثم ضربه فقتله ، ومضى حتى كسر الأصنام ، فلمّا رآه النبي صلى الله عليه و آله كبر للفتح ، وأخذ بيده وناجاه طويلاً .
ثم خرج من الحصن نافع بن غيلان بن مغيث ، فلقيه علي عليه السلام ببطن « وج(3) » ، فقتله وانهزموا(4) .
ص: 17
وفي يوم الفتح برز أسد بن غويلم قاتل العرب ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : من خرج إلى هذا المشرك فقتله فله على اللّه الجنّة ، وله الإمامة بعدي ، فاحرنجم(1) الناس ، فبرز علي عليه السلام فقال :
ضربته بالسيف وسط الهامه
بضربة صارمة هدامه
فبتكت(2) من جسمه عظامه
وبيّنت من رأسه عظامه(3)
* * *
وقتل عليه السلام من بني النظير خلقا منهم « غرور » الرامي إلى خيمة النبي صلى الله عليه و آله .
فقال حسان :
للّه أيّ كريهة أبليتها
ببني قريظة والنفوس تطلع
أردى رئيسهم وآب بتسعة
طورا يشلّهم وطورا يدفع(4)
* * *
وقال السوسي :
فلمّا أتاهم حيدر قال ذا لذا
أتاكم مليك الأمر فالحذر الحذر
أتاكم فتى ما فرّ قطّ خلاف من
كمن زاركم يوما برايته وفرّ
فلاقاهم مولاي بالسيف ضاربا
كجمر الغضا لم يبق منه ولم يذر
ص: 18
وأنفذ النبي صلى الله عليه و آله عليا عليه السلام إلى بني قريظة وقال : سر على بركة اللّه .
فلمّا أشرفوا ورأوا عليا عليه السلام قالوا : أقبل إليكم قاتل عمرو .
وقال آخر :
قتل علي عمرو
صاد علي صقرا
قصم علي ظهرا
هتك علي سترا
* * *
فقال علي عليه السلام : الحمد للّه الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك ، فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فقتل علي عليه السلام منهم عشرة .
وقتل عليه السلام في بني المصطلق مالكا وابنه(1) .
قال شاعر :
إمامي الذي حسر الكرب
عن وجه أحمد حتى انحسر
ومن في حنين حنا سيفه
ظهورا من الشرك لمّا ظهر
ومن جزع الموت عمرو بن ودّ
كذلك عمرو بن معدي أسر
ويوم قريظة أخت النظير
لتقريظه فيه يوما أمر
* * *
ص: 19
تاريخ الطبري محمد بن إسحاق : لمّا انهزمت هوازن كانت رايتهم مع ذي الخمار ، فلمّا قتله علي عليه السلام أخذها عثمان بن عبد اللّه بن ربيعة ، فقاتل بها حتى قتل(1) .
قال المرزكي :
هذا الذي أردى الوليد وعتبة
والعامري وذا الخمار ومرحبا
* * *
ومن حديث عمرو بن معدي كرب : أنّه رأى أباه منهزما من خثعم على فرس له ، قال : انزل عنه فاليوم ظلم ، فقال له : إليك يا مائق(2) ، فقالوا : اعطه ، فركب ، ثم رمى خثعم بنفسه حتى خرج من بين أظهرهم ، ثم كرّ عليهم ، وفعل ذلك مرارا ، فحمل عليهم بنو زبيد ، فانهزمت خثعم ، فقيل له : « فارس اليمن » و« مائق بني زبيد »(3) .
وقال الشاعر :
إذا أنت ضاقت عليك الأمور
فناد بعمرو بن معدي كرب
* * *
ص: 20
الزمخشري في ربيع الأبرار : وكان إذا رأى عمر بن الخطاب عمرو بن معدي كرب قال : الحمد للّه الذي خلقنا وخلق عمروا(1) .
وكان كثيرا ما يسئل عن غاراته ، فيقول : قد محا سيف علي عليه السلام
الصنائع .
وقال العباس بن مرداس :
إذا مات عمرو قيل للخيل أوطئي
زبيدا فقد أودى بنجدتها عمرو
* * *
وقال العوني :
ومن منهم قدّ ابن ودّ بسيفه
وقاد ابن معدي بالعمامة خاضعا
وكان ابن معدي حين يلقاه واحد
يعدّ بألف منهم أن يدافعا
وكان أبو حفص يلذّ حديثه
بما كان من غاراته قبل شائعا
فنباه عنه إذ أتى بحديثه
علي فأضحى ساكنا متراجعا
فإن قيل حدّث قال قد جاء من محت
صنائعه بالسيف تلك الصنائعا
* * *
ومع مبارزته جذبه أمير المؤمنين عليه السلام والمنديل في عنقه حتى أسلم ، وكان أكثر فتوح العجم على يديه(2) .
ص: 21
قال ابن حماد :
وفي يوم سلع سقى العامري
عمرو بن ودّ كؤس السلع(1)
وجاء بعمرو بن معدي كربوهو للعتاة قديما قمع
* * *
وله أيضا :
والعنكبوت غداة جاء بجحفل
لجب الجوائب بالفوارس مزبد
فسقاه كأسا ظلّ بعد وروده
شرب المنيّة وهو عطشان صد
* * *
ص: 22
ص: 23
ص: 24
السدي : نزل قوله تعالى « وَاتَّقُوا فِتْنَةً » في أهل بدر خاصة ، فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا(1) .
الصادق عليه السلام في قوله تعالى : « وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ » قال : ما قوتل أهل هذه(2) ، يعني البصرة .
وقرأ أمير المؤمنين عليه السلام يوم البصرة : « وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ
ص: 25
وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ »
ثم قال : لقد عهد إليّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وقال : يا علي ، لتقاتلن الفئة الناكثة ، والفئة الباغية ، والفرقة المارقة « إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ »(1) .
الأعمش عن شقيق وزر بن حبيش عن حذيفة ، وذكر السمعاني في الفضائل ، والديلمي في الفردوس عن جابر الأنصاري ، وروي عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلام ، واللّفظ لهما في قوله تعالى « فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ » يا محمد من مكة إلى المدينة « فَإِنّا » رادّوك منها و« مُنْتَقِمُونَ » منهم [ بعلي بن أبي طالب عليهماالسلام (2)] .
تفسير الكلبي : يعني حرب الجمل .
عمار وحذيفة وابن عباس والباقر والصادق عليهماالسلام : أنّه نزلت في علي عليه السلام « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ . . » . . الآية .
ص: 26
وروي عن علي عليه السلام يوم البصرة : واللّه ما قوتل على هذه الآية حتى اليوم(1) ، وتلا هذه الآية .
ابن عباس : لمّا علم اللّه أنّه ستجري حرب الجمل قال لأزواج النبي صلى الله عليه و آله « وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأُْولى »(2) .
وقال تعالى « يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ » في حربها مع علي عليه السلام .
ص: 27
شعبة والشعبي والأعثم وابن مردويه وخطيب خوارزم في كتبهم بالأسانيد عن ابن عباس ومسعود وحذيفة وقتادة وقيس بن أبي حازم وأم سلمة وميمونة وسالم بن أبي الجعد ، واللّفظ له :
أنّه ذكر النبي صلى الله عليه و آله خروج بعض نسائه ، فضحكت عائشة ، فقال : انظري يا حميراء لا تكونين هي .
ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال : يا أبا الحسن ، إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها(1) .
فقال الزاهي :
كم نهيت عن تبرّج فعصت
وأصبحت للخلاف متّبعه
قال لها في البيوت قرّي
فخالفته العفيفة الورعه
* * *
وقال السوسي :
وما للنساء وحرب الرجال
فهل غلبت قطّ أنثى ذكر
ولو أنّها لزمت بيتها
ومغزلها لم ينلها ضرر
ص: 28
وقال الحميري :
جاءت مع الأشقين في هودج
تزجى إلى البصرة أجنادها
كأنّها في فعلها هرّة
تريد أن تأكل أولادها
* * *
وقال الأحنف بن قيس :
حجابك أخفى للذي تسترينه
وصدرك أوعى للذي لا أقولها
فلا تسلكنّ الوعر صعبا محاله
فتغبرّ من سحب الملاء ذيولها
* * *
بلغ عائشة قتل عثمان وبيعة علي عليه السلام ب-« سرف(1) » ، فانصرفت إلى مكة تنتظر الأمر ، فتوجّه طلحة والزبير وعبد اللّه بن عامر بن كريز ، فعزموا على قتال علي عليه السلام ، واختاروا عبد اللّه بن عمر للإمامة ! فقال : أتلقوني بين مخالب علي عليه السلام وأنيابه ؟ ثم أدركهم يعلى بن منبه من اليمن وأقرضهم ستين ألف دينار(2) .
والتمست عائشة من أمّ سلمة الخروج فأبت(3) .
ص: 29
وسألت حفصة فأجابت(1) .
ثم خرجت عائشة في أوّل نفر .
فكتب الوليد بن عتبة :
بني هاشم ردّوا سلاح ابن أختكم
ولا تهبوه لا تحلّ مواهبه(2)(3)
* * *
وأنشأ لمّا ظفر أمير المؤمنين عليه السلام :
ألا يا أيّها الناس عندي الخبر
بأنّ الزبير أخاكم غدر
وطلحة أيضا حذا فعله
ويعلى بن منبه فيمن نفر(4)
* * *
فأنشأ أمير المؤمنين عليه السلام أبياتا منها :
فتن تحلّ بهم وهنّ شوارع
يسقى أواخرها بكأس الأوّل
فتن إذا نزلت بساحة أمّة
أذنت بعدل بينهم متنفّل
* * *
فتقدّمت عائشة إلى الحوأب - وهو ماء نسب إلى الحوأب بنت كليب بن وبرة - فصاحت كلابها ، فقالت : إنا للّه وإنا إليه راجعون ردّوني .
ص: 30
ذكر الأعثم في الفتوح ، والماوردي في أعلام النبوة ، وشيرويه في الفردوس ، وأبو يعلى في المسند ، وابن مردويه في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، والموفق في الأربعين ، وشعبة والشعبي وسالم بن أبي الجعد في أحاديثهم ، والبلاذري والطبري في تاريخهما :
إنّ عائشة لمّا سمعت نباح الكلاب قالت : أيّ ماء هذا ؟ فقالوا : الحوأب ! قالت : إنا للّه وإنا إليه راجعون ، إنّي لهيته ، قد سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله وعنده نساؤه يقول : ليت شعري أيّتكنّ تنبحها كلاب الحوأب(1) ؟
وفي رواية الماوردي : أيّتكنّ صاحبة الجمل الأريب(2) تخرج فتنبحها كلاب الحوأب يقتل من يمينها ويسارها قتلى كثير ، وتنجو بعد ما كاد تقتل(3) .
قال الحميري :
تهوى من البلد الحرام فنبهت
بعد الهدوء كلاب أهل الحوأب
يحدو الزبير بها وطلحة عسكر
يا للرجال لرأي أم مشجب
ص: 31
ذئبان قادهما الشقاء وقادها
للخير فاقتحما بها في منشب
يا للرجال لرأي أمّ قادها
ذئبان يكتنفانها في أذؤب
أمّ تدبّ إلى ابنها ووليّها
بالمؤذيات له دبيب العقرب
* * *
وله أيضا :
أعائش ما دعاك إلى قتال
الوصي وما عليه تنقمينا
أ لم يعهد إليك اللّه ألاّ
تري أبدا من المتبرجينا
وأن ترخي الحجاب وأن تقرّي
ولا تتبرجي للناظرينا
وقال لك النبي أيا حميرا
سيبدي منك فعل الحاسدينا
وقال ستنبحين كلاب قوم
من الأعراب والمتعرّبينا
وقال ستركبين على خدب
وإنّني لعلي فيه ظالمة
ويا زبير أقيلاني أقيلاني
فأقسما قسما باللّه أنّهما
قد خلف الماء خلف المنزل الثاني
وطأطأت رأسها عمدا وقد علمت
بأنّ أحمد لم يخبر ببهتان
* * *
فلمّا نزلت الخريبة قصدهم عثمان بن حنيف وحاربهم ، فتداعوا إلى الصلح ، فكتبوا بينهم كتابا أنّ لعثمان دار الإمارة وبيت المال والمسجد إلى أن يصل إليهم علي عليه السلام .
فقال طلحة لأصحابه في السرّ : واللّه لئن قدم علي عليه السلام البصرة لنؤخذن بأعناقنا ، فأتوا على عثمان بياتا في ليلة ظلماء ، وهو يصلّي بالناس العشاء الآخرة ، وقتلوا منهم خمسين رجلاً ، واستأسروه ونتفوا شعره وحلقوا رأسه وحبسوه .
فبلغ ذلك سهل بن حنيف ، فكتب إليهما : أعطي اللّه عهدا لئن لم تخلّوا سبيله لأبلغن من أقرب الناس إليكما ، فأطلقوه .
ثم بعثا عبد اللّه بن الزبير في جماعة إلى بيت المال ، فقتل أبا سلمة الزطّي في خمسين رجلاً .
وبعثت عائشة إلى الأحنف تدعوه ، فأبى واعتزل بالجلحاء من البصرة في فرسخين ، وهو في ستّة آلاف .
ص: 33
فأمّر علي عليه السلام سهل بن حنيف على المدينة ، وقثم بن العباس على مكة ، وخرج في ستّة آلاف إلى الربذة ، ومنها إلى ذي قار(1) .
وأرسل الحسن عليه السلام وعمار إلى الكوفة ، وكتب : من عبد اللّه ووليّه علي أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة جبهة الأنصار وسنام العرب ، ثم ذكر فيه قتل عثمان ، وفعل طلحة والزبير وعائشة ، ثم قال : إنّ دار الهجرة قد قلعت بأهلها ، وقلعوا بها ، وجاشت جيش المرجل ، وقامت الفتنة على القطب ، فأسرعوا إلى أميركم ، وبادروا [ جهاد ]عدوّكم(2) .
فلمّا بلغا الكوفة ، قال أبو موسى الأشعري : يا أهل الكوفة ، اتقوا اللّه « وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً » « وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤمِناً مُتَعَمِّداً »
الآية ، فسكّته عمار ، فقال أبو موسى : هذا كتاب عائشة تأمرني أن تكفّ أهل الكوفة ، فلا تكونن لنا ولا علينا ، ليصل إليهم صلاحهم ، فقال عمار : إنّ اللّه - تعالى - أمرها بالجلوس فقامت ، وأمرنا بالقيام لندفع الفتنة فنجلس ؟
فقام زيد بن صوحان ومالك الأشتر في أصحابهما وتهدّدوه .
فلمّا أصبحوا قام زيد بن صوحان وقرأ : « الم أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ » الآية ، ثم قال : أيّها الناس ، سيروا إلى
أمير المؤمنين عليه السلام ، وانفروا إليه أجمعين ، تصيبوا الحقّ راشدين .
ص: 34
ثم قال عمار : هذا ابن عمّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله يستنفركم فأطيعوه . . في كلام له .
وقال الحسن بن علي عليهماالسلام : أجيبوا دعوتنا ، وأعيوننا على ما بلينا به . . في كلام له .
فخرج قعقاع بن عمر وهند بن عمر وهيثم بن شهاب وزيد بن صوحان والمسيب بن نجيبة ويزيد بن قيس وحجر بن عدي وابن مخدوج والأشتر يوم الثالث في تسعة آلاف ، فاستقبلهم علي عليه السلام على فرسخ وقال : مرحبا بكم أهل الكوفة ، وفئة الإسلام ، ومركز الدين . . في كلام له .
وخرج إلى علي عليه السلام من شيعته من أهل البصرة من ربيعة ثلاثة آلاف رجل .
وبعث الأحنف إليه : إن شئت أتيتك في مائتي فارس فكنت معك ، وإن شئت اعتزلت ببني سعد ، فكففت عنك ستّة آلاف سيف ، فاختار علي عليه السلام اعتزاله(1) .
الأعثم في الفتوح : أنّه كتب أمير المؤمنين عليه السلام إليهما : أمّا بعد : فإنّي لم أرد الناس حتى أرادوني ، ولم أبايعهم حتى أكرهوني ، وأنتما ممّن أراد بيعتي .
ص: 35
ثم قال عليه السلام بعد كلام : ورفعكما هذا الأمر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما(1) .
البلاذري : لمّا بلغ عليا عليه السلام قولهما : ما بايعناه إلاّ مكرهين تحت السيف ! قال : أبعدهما اللّه أقصى دارا وأحرّ نارا .
الأعثم : وكتب عليه السلام إلى عائشة : أمّا بعد : فإنّك خرجت من بيتك عاصية للّه - تعالى - ولرسوله محمد صلى الله عليه و آله تطلبين أمرا كان عنك موضوعا ، ثم تزعمين أنّك تريدين الإصلاح بين المسلمين ، فخبّريني ما للنساء وقود العساكر والإصلاح بين الناس ، وطلبت كما زعمت بدم عثمان ، وعثمان رجل من بني أمية ، وأنت امرأة من بني تيم بن مرّة ، ولعمري إنّ الذي عرّضك للبلاء ، وحملك على العصبية لأعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان ، وما غضبت حتى أغضبت ، ولا هجت حتى هيّجت ، فاتقي اللّه - يا عائشة - وارجعي إلى منزلك ، وأسبلي عليك سترك [ والسلام ] .
وقالت عائشة : قد جلّ الأمر عن الخطاب ، احكم كما تريد فلن ندخل في طاعتك(2) .
فأنشأ حبيب بن يساف الأنصاري :
أبا حسن أيقظت من كان نائما
وما كان من يدعى إلى الحقّ يتّبع
ص: 36
وإنّ رجالاً بايعوك وخالفوا
هواك وأجروا في الضلال وضيعوا
وطلحة فيها والزبير قرينه
وليس لما لا يدفع اللّه مدفع
وذكرهم قتل ابن عفان خدعة
هم قتلوه والمخادع يخدع(1)
* * *
وسأل ابن الكواء وقيس بن عباد أمير المؤمنين عليه السلام عن قتال طلحة والزبير ، فقال : إنّهما بايعاني بالحجاز وخلعاني بالعراق ، فاستحللت قتالهما لنكثهما بيعتي(2) .
تاريخ الطبري والبلاذري : أنّه ذكر مجيء طلحة والزبير إلى البصرة قبل الحسن عليه السلام ، فقال : يا سبحان اللّه ، ما كان للقوم عقول أن يقولوا : واللّه ما قتله غيركم(3) .
تاريخ الطبري : قال يونس النحوي : فكّرت في أمر علي عليه السلام وطلحة والزبير إن كانا صادقين أنّ عليا عليه السلام قتل عثمان ، فعثمان هالك ، وإن كذبا عليه فهما هالكان .
تاريخ الطبري : قال رجل من بني سعد :
صنتم حلائلكم وقدتم أمّكم
هذا لعمرك قلّة الإنصاف
ص: 37
أمرت بجرّ ذيولها في بيتها
فهوت تشقّ البيد بالإيجاف
عرضا يقاتل دونها أبناؤها
بالنبل والخطّي والأسياف(1)
* * *
وقال الحميري :
وبيعة ظاهر بايعتموها
على الإسلام ثم نقضتموها
وقد قال الإله لهنّ قرنا
فما قرّت ولا أقررتموها
يسوق لها البعير أبو حبيب
لحين أبيه إذ سيرتموها
* * *
وقال الناشي :
ألا يا خليفة خير الورى
لقد كفر القوم إذ خالفوكا
أدلّ الدليل على أنّهم
أتوك وقد سمعوا النصّ فيكا
خلافهم بعد دعواهم
ونكثهم بعد ما بايعوكا
طغوا بالخريبة واستنجدوا
بصفين والنهر إذ صالتوكا
أناس هم حاصروا نعثلاً
ونالوه بالقتل ما استأذنوكا
فيا عجبا منهم إذ جنوا
دما وبثاراته طالبوكا
* * *
وقال ابن حماد :
يبغون ثارا ما استحلّوا قتله
ورووا عليه الفسق والكفرانا
ص: 38
وأنفذ أمير المؤمنين عليه السلام زيد بن صوحان وعبد اللّه بن عباس ، فوعظاها وخوّفاها(1) .
وفي رامش أفزاي : أنّها قالت : لا طاقة لي بحجج علي عليه السلام(2) .
فقال ابن عباس : لا طاقة لك بحجج المخلوق ! فكيف طاقتك بحجج الخالق ؟!
جمل أنساب الأشراف : أنّه زحف علي عليه السلام بالناس غداة يوم الجمعة لعشر ليال خلون من جمادي الآخرة سنة ست وثلاثين :
وعلى ميمنته الأشتر وسعيد بن قيس .
وعلى ميسرته عمار وشريح بن هاني .
وعلى القلب محمد بن أبي بكر وعدي بن حاتم .
وعلى الجناح زياد بن كعب وحجر بن عدي .
وعلى الكمين عمرو بن الحمق وجندب بن زهير .
وعلى الرجالة أبو قتادة الأنصاري .
وأعطى رايته محمد بن الحنفية .
ص: 39
ثم أوقفهم من صلاة الغداة إلى صلاة الظهر يدعوهم ويناشدهم ، ويقول لعائشة : إنّ اللّه أمرك أن تقرّي في بيتك ، فاتقي اللّه وارجعي ، ويقول لطلحة والزبير : خبأتما نساءكما وأبرزتما زوجة رسول اللّه صلى الله عليه و آله واستنفرتماها ، فيقولان : إنّما جئنا للطلب بدم عثمان ، وأن يردّ الأمر شورى .
وألبست عائشة درعا ، وضربت على هودجها صفائح الحديد ، وألبس الهودج درعا(1) ، وكان الهودج لواء أهل البصرة ، وهو على جمل يدعى عسكرا(2) .
ابن مردويه في كتاب الفضائل من ثمانية طرق : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال للزبير : أما تذكر يوما كنت مقبلاً بالمدينة تحدّثني إذ خرج رسول اللّه صلى الله عليه و آله فرآك معي ، وأنت تبسم إليّ ، فقال لك : يا زبير ، أتحبّ عليا ؟ فقلت : وكيف لا أحبّه وبيني وبينه من النسب والمودّة في اللّه ما ليس لغيره ؟ فقال : إنّك ستقاتله وأنت ظالم عليه ، فقلت : أعوذ باللّه من ذلك(3) ؟
ص: 40
وقد تظاهرت الروايات أنّه قال عليه السلام : أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال لك : يا زبير تقاتله ظلما وضرب كتفك ، قال : اللّهم نعم ، قال : أفجئت تقاتلني ؟ فقال : أعوذ باللّه من ذلك(1) .
قال الصاحب :
أفي القول نصّا للزبير محذّرا
تحاربه بالظلم حين تحارب
* * *
ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام : دع هذا ، بايعتني طائعا ، ثم جئت محاربا ، فما عدا ممّا بدا ؟ فقال : لا جرم - واللّه - لا قاتلتك(2) .
حلية الأولياء : قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : فلقيه عبد اللّه ابنه فقال : جبنا جبنا ! فقال : يا بني قد علم الناس أنّي لست بجبان ، ولكنّي ذكرني علي عليه السلام شيئا سمعته من رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فحلفت أن لا أقاتله ، فقال : دونك غلامك فلان اعتقه كفارة ليمينك(3) .
نزهة الأبصار عن ابن مهدي أنّه قال همام الثقفي :
أيعتق مكحولاً ويعصي نبيه
لقد تاه عن قصد الهدى ثمّة عوق
لشتان ما بين الضلالة والهدى
وشتان من يعصي آله ويعتق(4)
* * *
ص: 41
وفي رواية قالت عائشة : لا - واللّه - بل خفت سيوف ابن أبي طالب ، أما أنّها طوال حداد تحملها سواعد أنجاد ، ولئن خفتها فلقد خافها الرجال من قبلك(1) .
فرجع إلى القتال ، فقيل لأمير المؤمنين عليه السلام : إنّه قد رجع ، فقال : دعوه ، فإنّ الشيخ محمول عليه .
ثم قال : أيّها الناس غضّوا أبصاركم ، وعضّوا نواجذكم ، وأكثروا من ذكر ربّكم ، وإياكم وكثرة الكلام ، فإنّه فشل(2) .
ونظرت عائشة إليه وهو يجول بين الصفين ، فقالت : انظروا إليه كأنّ فعله فعل رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوم بدر ! أما - واللّه - ما ينتظر بكم(3) إلاّ زوال الشمس ، فقال علي عليه السلام : يا عائشة ، عمّا قليل لتصبحنّ نادمين .
فجدّ الناس في القتال ، فنهاهم أمير المؤمنين عليه السلام وقال : اللّهم إنّي أعذرت وأنذرت ، فكن لي عليهم من الشاهدين .
ثم أخذ المصحف وطلب من يقرأ عليهم « وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤمِنِينَ
ص: 42
اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما » الآية ، فقال مسلم المجاشعي : ها أنا ذا ، فخوّفه بقطع يمينه وشماله وقتله ، فقال : لا عليك يا أمير المؤمنين ، فهذا قليل في ذات اللّه ، فأخذه ودعاهم إلى اللّه ، فقطعت يده اليمنى ، فأخذه بيده اليسرى فقطعت ، فأخذه بأسنانه فقتل .
فقالت أمّه :
يا ربّ إنّ مسلما أتاهم
بمحكم التنزيل إذ دعاهم
يتلو كتاب اللّه لا يخشاهم
فزمّلوه زمّلت لحاهم(1)
* * *
فقال عليه السلام : الآن طاب الضراب(2) .
وقال لمحمد بن الحنفية والراية في يده : يا بني تزول الجبال ولا تزل ، عضّ ناجذك ، أعر اللّه جمجمتك ، تد في الأرض قدميك ، ارم ببصرك أقصى القوم ، وغضّ بصرك ، واعلم أنّ النصر من اللّه (3) .
ثم صبر سويعة ، فصاح الناس من كلّ جانب من وقع النبال ، فقال عليه السلام : تقدّم يا بني ، فتقدّم ، وطعن طعنا منكرا . وقال عليه السلام :
ص: 43
إطعن بها طعن أبيك تحمد
لا خير في حرب(1) إذا لم توقد
بالمشرفي والقنا المسدّدوالضرب بالخطّي والمهنّد(2)
* * *
فأمر الأشتر أن يحمل ، فحمل وقتل هلال بن وكيع صاحب ميمنة الجمل(3) .
وكان زيد يرتجز ويقول :
ديني ديني
وبيعي بيعي
وجعل مخنف بن مسلم يقول :
قد عشت يا نفس وقد غنيت
دهرا وقبل اليوم ما عييت
وبعد ذا لا شكّ قد فنيت
أما مللت طول ما حييت(4)
فخرج عبد اللّه بن اليثربي(5) قائلاً :
يا ربّ إنّي طالب أبا الحسن
ذاك الذي يعرف حقّا بالفتن
ص: 44
فبرز إليه علي عليه السلام قائلاً :
إن كنت تبغي أن ترى أبا الحسن
فاليوم تلقاه ملبّا فاعلمن
وضربه ضربة مجوفة(1) .
فخرج بنو ضبّة ، وجعل يقول بعضهم :
نحن بنو ضبّة أصحاب الجمل
والموت أحلى عندنا من العسل
ردّوا علينا شيخنا بمرتحل
إنّ عليا بعد من شرّ النذل(2)
وقال آخر :
نحن بنو ضبّة أعداء علي
ذاك الذي يعرف فيهم بالوصي(3)
وكان عمرو بن اليثربي يقول :
إن تنكروني(4) فأنا ابن اليثربي
قاتل علباء وهند الجملي(5)
ثم ابن صوحان على دين علي(6)
ص: 45
فبرز إليه عمار قائلاً :
لاتبرح العرصة يا ابن اليثربي
اثبت أقاتلك على دين علي(1)
وأرداه عن فرسه ، وجرّ برجله إلى علي عليه السلام فقتله بيده ، فخرج أخوه قائلاً :
أضربكم ولو أرى عليا
عمّمته أبيض مشرفيا
وأسمر عنطنطا(2) خطّيا
أبكي عليه الولد والوليّا
فخرج علي عليه السلام متنكّرا ، وهو يقول :
يا طالبا في حربه عليّا
يمنحه أبيض مشرفيّا
اثبت ستلقاه بها مليّا
مهذّبا سميدعا(3) كميّا
فضربه فرمى نصف رأسه(4) .
فناداه عبد اللّه بن خلف الخزاعي - صاحب منزل عائشة بالبصرة - أتبارزني ؟ فقال عليه السلام : ما أكره ذلك ، ولكن - ويحك - يا ابن خلف ما راحتك في القتل وقد علمت من أنا ؟ فقال : ذرني من بذخك(5) يا ابن أبي طالب(6) .
ص: 46
ثم قال :
إن تدن منّي يا علي فترا
فإنّني دان إليك شبرا
بصارم يسقيك كأسا مرّا
ها إنّ في صدري عليك وترا
فبرز إليه علي عليه السلام قائلا :
يا ذا الذي يطلب منّي الوترا
إن كنت تبغي أن تزور القبرا
حقّا وتصلى بعد ذاك جمرا
فادن تجدني أسدا هزبرا
أصعطك(1) اليوم ذعافا صبرا
فضربه فطير جمجمته .
فخرج مازن الضبّي قائلاً :
لا تطمعوا في جمعنا المكلّل
الموت دون الجمل المجلّل(2)
فبرز إليه عبد اللّه بن نهشل قائلاً :
إن تنكروني فأنا ابن نهشل
فارس هيجاء وخطب فيصل
فقتله .
ص: 47
وكان طلحة يحثّ الناس ويقول : عباد اللّه الصبر الصبر . . في كلام له(1) .
البلاذري : إنّ مروان بن الحكم قال : واللّه ما أطلب ثاري بعثمان بعد اليوم أبدا ، فرمى طلحة بسهم فأصاب ركبته ، والتفت إلى أبان بن عثمان وقال : لقد كفيتك أحد قتلة أبيك(2) .
معارف القتيبي: إنّ مروان قتل طلحة يوم الجمل بسهم، فأصاب ساقه(3).
قال الحميري :
واختل من طلحة المزهو حبته
سهم بكفّ قديم الكفر غدّار
في كفّ مروان مروان اللعين أرى
رهط الملوك ملوكا غير أخيار
* * *
وله أيضا :
واغتر طلحة عند مختلف القنا
عبل الذراع شديد أصل المنكب
فاختل حبّة قلبه بمدلق(4)
ريان من دم جوفه المتصبّب
في مارقين من الجماعة فارقواباب الهدى وجبا الربيع المخضب
* * *
ص: 48
وحمل أمير المؤمنين عليه السلام في بني ضبّة ، فما رأيتهم إلاّ كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف .
فانصرف الزبير فتبعه عمرو بن جرموز ، وحزّ رأسه ، وأتى به إلى أمير المؤمنين(1) عليه السلام . . القصّة .
قال الحميري :
أمّا الزبير فحاص حين بدت له
جاؤوا ببرق في الحديد الأشهب
حتى إذا أمن الحتوف وتحته
عاري النواهق ذونجاء صهلب(2)
أثوى ابن جرموز عمير شلوهبالقاع منعفرا كشلو التولب(3)
* * *
وقال غيره :
طار الزبير على إحصار ذي خضل
عبل الشوى لاحق المتنين محصار
حتى أتى واديا لاقى الحمام به
من كفّ محتبس كالصيد مغوار
* * *
ص: 49
فقالوا : يا عائشة ، قتل طلحة والزبير ، وجرح عبد اللّه بن عامر من يدي علي عليه السلام ، فصالحي عليا عليه السلام ، فقالت : كبر عمرو عن الطوق ، وجلّ أمر عن العتاب ، ثم تقدّمت .
فحزن علي عليه السلام وقال : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ، فجعل يخرج واحد بعد واحد ، ويأخذ الزمام حتى قطع ثمان وتسعين رجلاً ، ثم تقدّمهم كعب بن سون(1) الأزدي ، وهو يقول :
يا معشر الناس عليكم أمّكم
فإنّها صلاتكم وصومكم
والحرمة العظمى التي تعمّكم
لا تفضحوا اليوم فداكم قومكم
فقتله الأشتر(2) .
فخرج ابن جفير الأزدي يقول :
قد وقع الأمر بما لم يحذر
والنبل يأخذن وراء العسكر
وأمّنا في خدرها المشهّر
فبرز إليه الأشتر قائلاً :
اسمع ولا تعجل جواب الأشتر
واقرب تلاقي كأس موت أحمر
ينسيك ذكر الجمل المشهّر
ص: 50
فقتله ، ثم قتل عمير الغنوي وعبد اللّه بن عتاب بن أسيد ، ثم جال في الميدان جولاً وهو يقول :
نحن بنو الموت به غذينا
فخرج إليه عبد اللّه بن الزبير ، فطعنه الأشتر وأرداه ، وجلس على صدره ليقتله ، فصاح عبد اللّه :
اقتلوني ومالكا
واقتلوا مالكا معي
فقصد إليه من كلّ جانب ، فخلاّه وركب فرسه ، فلمّا رأوه راكبا تفرّقوا عنه(1) .
وشدّ رجل من الأزد على محمد بن الحنفية ، وهو يقول :
يا معشر الأزد كرّوا
فضربه ابن الحنفية فقطع يده وقال :
يا معشر الأزد فرّوا(2)
فخرج الأسود بن البختري السلمي قائلاً :
ارحم إلهي الكلّ من سليم
وانظر إليه نطرة الرحيم
ص: 51
فقتله عمرو بن الحمق(1) .
فخرج جابر الأزدي قائلاً :
يا ليت أهلي من عمار حاضري
من سادة الأزد وكانوا ناصري
فقتله محمد بن أبي بكر(2) .
وخرج عوف القيني(3) قائلاً :
يا أمّ يا أمّ خلا منّي الوطن
لا أبتغي القبر ولا أبغي الكفن
فقتله محمد بن الحنفية(4) .
فخرج بشر الضبي قائلاً :
ضبّة أبدي للعراق عمعمه(5)
وأضرمي الحرب العوان(6) المضرمه
فقتله عمار(7) .
* * *
ص: 52
وكانت عائشة تنادي بأرفع صوت : أيّها الناس ! عليكم بالصبر ، فإنّما يصبر الأحرار .
فأجابها كوفي :
يا أمّ يا أمّ عققت فاعلموا
والأم تغذو ولدها وترحم
أما تراكم من شجاع يكلم
وتجتلي هامته والمعصم(1)
وقال آخر :
قلت لها وهي على مهوات
إنّ لنا سواك أمهات
في مسجد الرسول ثاويات(2)
فقال الحجاج بن عمر الأنصاري :
يا معشر الأنصار قد جاء الأجل
إنّي أرى الموت عيانا قد نزل
فبادروه نحو أصحاب الجمل
ما كان في الأنصار جبن وفشل
فكلّ شيء ما خلا اللّه جلل
وقال خزيمة بن ثابت :
لم يغضبوا للّه إلاّ للجمل
والموت خير من مقام في جمل
والموت أحرى من فرار وفشل
ص: 53
وقال شريح بن هاني :
لاعيش إلاّ ضرب أصحاب الجمل
والقول لا ينفع إلاّ بالعمل
ما إن لنا بعد علي من بدل(1)
وقال هاني بن عروة المذحجي :
يا لك حرب حثّها جمّالها
قائدة ينقصها ضلالها
هذا علي حوله أقيالها
وقال سعد بن قيس الهمداني :
قل للوصي اجتمعت قحطانها
إن يك حرب أضرمت نيرانها(2)
وقال عمار :
إنّي لعمار وشيخي ياسر
صاح كلانا مؤمن مهاجر
طلحة فيها والزبير غادر
والحقّ في كفّ علي ظاهر
وقال الأشتر :
هذا علي في الدجى مصباح
نحن بذا في فضله فصاح(3)
ص: 54
وقال عدي بن حاتم :
أنا عدي ونماني حاتم
هذا علي بالكتاب عالم
لم يعصه في الناس إلاّ ظالم
وقال عمرو بن الحمق :
هذا علي قائد نرضى به
أخو رسول اللّه في أصحابه
من عوده النامي ومن نصابه
وقال رفاعة بن شداد البجلي :
إنّ الذين قطعوا الوسيله
ونازعوا على علي الفضيله
في حربه كالنعجة الأكيله
وشكّت السهام الهودج حتى كأنّه جناح نسر أو شوك قنفذ ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ما أراه يقاتلكم غير هذا الهودج ، اعقروا الجمل .
وفي رواية : عرقبوه ، فإنّه شيطان .
وقال لمحمد بن أبي بكر : انظر إذا عرقب الجمل فأدرك أختك فوارها .
فعرقب رجل منه ، فدخل تحته رجل ضبّي ، ثم عرقب أخرى عبد
الرحمن فوقع على جنبه ، فقطع عمار نسعه ، فأتاه علي عليه السلام ودقّ رمحه على
ص: 55
الهودج وقال : يا عائشة ، أهكذا أمرك رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن تفعلي ؟ فقالت : يا أبا الحسن ، ظفرت فأحسن ، وملكت فاسجح(1)(2) ، فقال لمحمد بن أبي بكر : شأنك وأختك ، فلا يدن منها أحد سواك .
فقال : فقلت لها : ما فعلت بنفسك ؟ عصيت ربّك ، وهتكت سترك ، ثم أبحت حرمتك ، وتعرّضت للقتل(3) .
فذهب بها إلى دار عبد اللّه بن خلف الخزاعي ، فقالت : أقسمت عليك أن تطلب عبد اللّه بن الزبير جريحا كان أو قتيلاً ، فقال : إنّه كان هدفا للأشتر .
فانصرف محمد إلى العسكر فوجده ، فقال : اجلس يا مشؤوم أهل بيته ، فأتاها به ، فصاحت وبكت ، ثم قالت : يا أخي ، استأمن له من علي عليه السلام .
فأتى أمير المؤمنين عليه السلام فاستأمن له منه ، فقال عليه السلام : أمّنته ، وأمّنت جميع الناس(4) .
ص: 56
وكانت وقعة الجمل بالخريبة(1) ، ووقع القتال بعد الظهر وانقضى عند المساء .
فكان مع أمير المؤمنين عليه السلام عشرون ألف رجل ، منهم البدريون ثمانون رجلاً ، وممّن بايع تحت الشجرة مائتان وخمسون ، ومن الصحابة ألف وخمسمائة رجل .
وكانت عائشة في ثلاثين ألفا أو يزيدون ، منها(2) المكيون ستمائة رجل .
قال قتادة : قتل يوم الجمل عشرون ألفا(3) .
وقال الكلبي : قتل من أصحاب علي عليه السلام ألف راجل وسبعون فارسا(4) ، منهم : زيد بن صوحان ، وهند الجملي ، وأبو عبد اللّه العبدي ، وعبد اللّه بن رقبة(5) .
وقال أبو مخنف والكلبي : قتل من أصحاب الجمل من الأزد خاصّة أربعة آلاف رجل ، ومن بني عدي ، ومواليهم تسعون رجلاً ، ومن بني بكر بن وائل ثمانمائة رجل ، ومن بني حنظلة تسعمائة رجل ، ومن بني ناجية أربعمائة رجل ، والباقي من أخلاط الناس إلى تمام تسعة آلاف
ص: 57
إلاّ تسعين رجلاً(1) .
والقرشيون منهم : طلحة ، والزبير ، وعبد اللّه بن عتاب بن أسيد ، وعبد اللّه بن حكيم بن حزام ، وعبد اللّه بن شافع بن طلحة ، ومحمد بن طلحة ، وعبد اللّه بن أبي خلف الجمحي ، وعبد الرحمن بن معد ، وعبد اللّه بن معد .
وعرقب الجمل أولاً أمير المؤمنين عليه السلام ، ويقال : مسلم بن عدنان ، ويقال : رجل من الأنصار ، ويقال : رجل ذهلي .
وقيل لعبد الرحمن بن صرد التنوخي : لم عرقبت الجمل(2) ؟ فقال :
عقرت ولم أعقر بها لهوانها
عليّ ولكنّي رأيت المهالكا
وما زالت الحرب العوان تحثّها
بنوهاتها حتى هوى القود باركا
فأضجعته بعد البروك لجنبه
فخرّ صريعا كالثنية مالكا
فكانت شرارا إذ أطيقت بوقعه
فيا ليتني عرقبته قبل ذالكا
* * *
وقال عثمان بن حنيف :
شهدت الحروب فشيبنني
فلم أر يوما كيوم الجمل
أشدّ على مؤمن فتنة
وأقتل منهم لحرق بطل
فليت الظعينة في بيتها
ويا ليت عسكر لم يرتحل(3)
ص: 58
وقال ابن حماد :
كليم شمس رجعت
طوعا له في جحفل
مدحيّ باب خيبر
قتّال أهل الجمل
أنت مردي كلّ طاغ
في القرون الأول
سل به يوم صفين ويوم الجمل
* * *
وقال مهيار :
احتج قوم بعد ذاك بهم
بفاضحات ربّها يوم الجمل
فقيل فيهم من لوى ندامة
عنانه من المضاع فاعتزل
فأسرع العامل في قناته
فردّ بالكرّة كرّ وحمل
ومنهم من تاب بعد موته
وليس بعد الموت للمرء عمل
* * *
ص: 59
ص: 60
ص: 61
ص: 62
تفسير الحسن والسدي ووكيع والثعلبي ومسند أحمد : أنّه قال الزبير في قوله تعالى : « وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً » لقد لبثنا أزمانا ولا نرى من أهلها ، فإذا نحن المعنيون بها(1) .
قال السدي في قوله تعالى : « فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ » نزلت في حربين ، يوم صفين ويوم الجمل ، فسمّى اللّه أصحاب الجمل وصفين ظالمين ، ثم قال : « وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ » بالنصر والحقّ مع أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه .
قال بعض المفسرين في قوله تعالى : « قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَْعْرابِ
ص: 63
سَتُدْعَوْنَ » فيما بعد « إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ » إنّهم أهل صفين(1) ، وذلك أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال للأعراب الذين تخلّفوا عنه بالحديبية ، وعزموا على خيبر « قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللّهُ مِنْ قَبْلُ »(2) .
أبو سعيد الخدري وعبد اللّه بن عمر قالا في قوله تعالى : « ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ » كنّا نقول : ربّنا ونبيّنا واحد وديننا واحد ، فما هذه الخصومة ؟
فلمّا كان حرب صفين وشدّ بعضنا على بعض بالسيوف ، قلنا : نعم ، هو هذا(3) .
قال الباقر عليه السلام : قال أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقاتل معاوية : « فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ » الآية ، هم هؤلاء وربّ الكعبة(4) .
قال ابن مسعود : قال النبي صلى الله عليه و آله : أئمة الكفر معاوية وعمرو بن العاص(5) .
ص: 64
قال محمد بن منصور :
أكرم بقوم فيهم عمّارهم
وتصول منه على العدى كفان
وأويس القرني يقدم جمعهم
حسبي بهذا حجّة وكفاني
* * *
ص: 65
ولمّا فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من الجمل نزل في الرحبة ، السادس من رجب ، وخطب فقال : الحمد للّه الذي نصر وليّه وخذل عدوه ، وأعزّ الصادق المحقّ ، وأذلّ الناكث المبطل(1) .
ثم إنّه عليه السلام دعا الأشعث بن قيس من ثغر أذربيجان ، والأحنف بن قيس من البصرة ، وجرير بن عبد اللّه البجلي من همدان ، فأتوه إلى الكوفة(2) .
فوجّه جريرا إلى معاوية يدعوه إلى طاعته ، فلمّا بلّغها توقّف معاوية في ذلك حتى قدم شرحبيل الكندي ، ثم خطب فقال : أيّها الناس قد علمتم أنّي خليفة عمر وخليفة عثمان ، وقد قتل عثمان مظلوما ، وأنا وليّه وابن عمّه وأولى الناس بطلب دمه ، فماذا رأيكم ؟ فقالوا : نحن طالبون بدمه(3) .
ص: 66
فدعا عمرو بن العاص على أن يطعمه مصر ، فكان عمرو يأمر بالحمل والحط مرارا ، فقال له غلامه « وردان » : تفكّر أنّ الآخرة مع علي عليه السلام ، والدنيا مع معاوية ؟! فقال عمرو :
يا قاتل اللّه وردانا وفطنته
أبدى لعمري ما في الصدر وردان(1)
* * *
فلمّا ارتحل قال ابن عمرو له :
ألا يا عمرو ما أحرزت نصرا
ولا أنت الغداة إلى رشاد
أبعت الدين بالدنيا خسارا
وأنت بذاك من شرّ العباد
فانصرف جرير .
* * *
فكتب معاوية إلى أهل المدينة : إنّ عثمان قتل مظلوما ، وعلي آوى قتلته ، فإن دفعهم الينا كففنا عنه ، وجعلنا هذا الأمر شورى بين المسلمين ، كما جعله عمر عند وفاته ، فانهضوا - رحمكم اللّه - معنا إلى حربه .
ص: 67
فأجابوه بكتاب فيه :
معاوي إنّ الحقّ أبلج واضح
وليس كما ربّصت أنت ولا عمرو
نصبت لنا اليوم ابن عفان خدعة
كمانصب الشيخان إذ زخرف الأمر
رميتم عليا بالذي لم يضرّه
وليس له في ذاك نهي ولا أمر
وما ذنبه إن نال عثمان معشر
أتوه من الأحياء تجمعهم مصر
وكان علي لازما قعر بيته
وهمّته التسبيح والحمد والذكر
فما أنتما لا درّ درّ أبيكما
وذكركم الشورى وقد وضح الأمر
فما أنتما والنصر منّا وأنتما
طليق أسارى ما تبوح(1) بها الخمر(2)
* * *
ص: 68
وجاء أبو مسلم الخولاني بكتاب من عنده إلى أمير المؤمنين عليه السلاميذكر فيه : وكان أنصحهم للّه خليفته ! ثم خليفة خليفته ! ثم الخليفة الثالث المقتول ظلما ! فكلّهم حسدت ، وعلى كلّهم بغيت !! عرفنا ذلك ، ثم نظرك الشزر ، وقولك الهجر ، وتنفّسك الصعداء ، وإبطاؤك عن الخلفاء ، وفي كلّ ذلك تقاد كما يقاد الجمل المغشوش ، ولم تكن لأحد منهم أشدّ حسدا منك لابن عمّك ، وكان أحقّهم أن لا تفعل ذلك لقرابته وفضله ، فقطعت رحمه ، وقبّحت حسنه ، فأظهرت له العداوة ، وبطّنت له بالغشّ ، وألّبت الناس عليه ، فقتل معك في المحلّة ، وأنت تسمع الهائعة ، ولا تدرأ عنه بقول ولا فعل .
فلمّا وصل الخولاني وقرأ الكتاب على الناس ، قالوا : كلّنا قاتلون ، ولأفعاله منكرون .
فكان جواب أمير المؤمنين عليه السلام : وبعد ، فإنّي رأيت قد أكثرت في قتلة عثمان ، فادخل فيما دخل فيه المسلمون من بيعتي ، ثم حاكم القوم إليّ أحملك وإياهم على كتاب اللّه وسنة نبيه صلى الله عليه و آله ، وأمّا تلك التي تريدها ، فإنّها خدعة الصبي عن اللبن .
ولعمري لئن نظرت بعقلك دون هواك لعلمت أنّي من أبرأ الناس من دم عثمان ، وقد علمت أنّك من أبناء الطلقاء الذين لا تحلّ لهم الخلافة .
ص: 69
[ أمير المؤمنين عليه السلام يحضّ(1) الناس ]
وأجمع عليه السلام على المسير ، وحضّ الناس على ذلك(2) .
قال ابن مردويه : قال ابن أبي حازم التميمي وأبو وائل : قال أمير المؤمنين عليه السلام : انفروا إلى بقية الأحزاب أولياء الشيطان ، انفروا إلى من يقول : كذب اللّه ورسوله(3) .
وجاء رجل من عبس(4) إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسئل : ما الخبر ؟ فقال : إنّ في الشام يلعنون قاتلي عثمان ، ويبكون على قميصه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : ما قميص عثمان بقميص يوسف ، ولا بكاؤهم عليه إلاّ كبكاء أولاد يعقوب .
فلمّا فتح الكتاب وجده بياضا فحوقل(5) .
فقال قيس بن سعد :
ولست بناج من علي وصحبه
وإن تك في جابلق لم تك ناجيا
* * *
ص: 70
وكتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام : ليت القيامة قد قامت ، فترى المحقّ من المبطل .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : « يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِها » الآية .
الشاذكوني : رفع رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام كتابا في آخره :
فازجر حمارك لا يرتع بروضتنا
إذا تردّ وقيذ العين مكروبا
* * *
فقال لعبد اللّه بن أبي رافع اكتب : إنّ بيعتي شملت الخاصّ والعامّ ، وإنّما الشورى للمؤمنين من المهاجرين الأوّلين ، والسابقين بالإحسان من البدريّين ، وإنّما أنت طليق ابن طليق ، لعين ابن لعين ، وثني ابن وثني ، ليست لك هجرة ، ولا سابقة ، ولا منقبة ، ولا فضيلة ، وكان أبوك من الأحزاب الذين حاربوا اللّه ورسوله ، فنصر اللّه عبده ، وصدق وعده ، وهزم الأحزاب .
ثم وقع في آخر الكلام :
ألم تر قومي إذ دعاهم أخوهم
أجابوا وإن يغضب على القوم يغضب(1)
ص: 71
وكتب معاوية : اتق اللّه - يا علي - وذر الحسد !!! فلطالما لم ينتفع به أهله ، ولا تفسدنّ سابقة قدمك بشرّ من حديثك ، فإنّ الأعمال بخواتيمها ، ولا تعمدنّ بباطل في حقّ من لا حقّ له ، فإنّك إن تفعل ذلك فلا تضرّ إلاّ نفسك ، ولن تمحق إلاّ عملك .
فأجابه عليه السلام بعد كلام : عظتي لا تنفع من حقّت عليه كلمة العذاب ، ولم يخف العقاب ، ولا يرجو للّه وقارا ، ولم يخف حذارا ، فشأنك وما أنت عليه من الضلالة والحيرة والجهالة تجد اللّه - عزّ وجلّ - في ذلك بالمرصاد .
ثم قال في آخره : فأنا أبو الحسن ، قاتل جدّك عتبة ، وعمّك شيبة ، وأخيك حنظلة ، الذين سفك اللّه دماءهم على يدي في يوم بدر ، وذلك السيف معي ، وبذلك القلب ألقى عدوّي .
ومن كلامه : متى ألفيت بني عبد المطلب عن الأعداء ناكلين ، وبالسيوف مخوّفين « فالبث قليلاً يلحق الهيجا جمل » ، فسيطلبك من تطلب ، وتقرّب منك من تستبعد ، وأنا مرقل نحوك في جحفل من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان ، شديد زحامهم ، ساطع قتامهم ، متسربلين سرابيل الموت ، أحبّ اللقاء إليهم لقاء ربّهم ، قد صحبتهم ذريّة بدريّة ، وسيوف هاشميّة ، قد عرفت مواقع نصالها في أخيك وخالك وجدّك ، وما هي من الظالمين ببعيد .
ص: 72
فنهاه عمرو عن مكاتبته ، ولم يكتب إلاّ بيتا :
ليس بيني وبين قيس عتاب
غير طعن الكلى وضرب الرقاب(1)
* * *
قال أمير المؤمنين عليه السلام : قاتلت الناكثين ، وهؤلاء القاسطين ، وسأقاتل المارقين(2) .
ثم ركب فرس النبي صلى الله عليه و آله وقصده في تسعين ألفا .
قال سعيد بن جبير : منها تسعمائة رجل من الأنصار ، وثمانمائة من المهاجرين .
وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى : سبعون رجلاً من أهل بدر ، ويقال : مائة وثلاثون رجلاً .
وخرج معاوية في مائة وعشرين ألفا يتقدّمهم مروان ، وقد تقلّد بسيف عثمان(3) ، فنزل صفين في المحرم على شريعة الفرات ، وقال :
أتاكم الكاشر عن أنيابه
ليث العرين جاء في أصحابه(4)
ص: 73
ومنعوا عليا عليه السلام وأصحابه الماء(1) ، فأنفذ علي عليه السلام شبث بن ربعي الرياحي ! وصعصعة بن صوحان ، فقالا في ذلك لطفا وعنفا ، فقالوا : أنتم قتلتم عثمان عطشا .
فقال عليه السلام : ارووا السيوف من الدماء ترووا من الماء ، فالموت في حياتكم مقهورين ، والحياة في موتكم قاهرين(2)(3) .
فقال الشاعر :
أتحمون الفرات على رجال
وفي أيديهم الأسل الظباء
وفي الأعناق أسياف حداد
كأنّ القوم عندهم النساء
وقال الأشتر :
ميعادنا الآن بياض الصبح
لا يصلح الزاد بغير ملح
وقال الأشعث :
لأوردنّ خيلي الفراتا
شعث النواصي أو يقال فاتا
ص: 74
وحملا في سبعة عشر ألف رجل حملة رجل واحد ، ففرّق بعضهم ، وانهزم الباقون ، فأمر علي عليه السلام أن لا يمنعوهم الماء .
وكان نزوله عليه السلام بصفين لليالي بقين من ذي الحجّة سنة ستّ وثلاثين .
فأمر معاوية للنقّابين أن ينقّبوا تحت معسكر علي عليه السلام متفرّقين ، ونودوا أنّه يجري عليكم الماء ، فقال : هذه خدعة ، فصاحوا ثم انقلبوا ، فلمّا أصبحوا رأوا معاوية في معسكرهم ، فقال علي عليه السلام :
فلو أنّي أطعت عصيت قومي
إلى ركن اليمامة أو شئام
ولكنّي إذا أبرمت أمرا
يخالفني أقاويل الطغام
* * *
فتقدّم الأشتر وقتل صالح بن فيروز العتلي ، ومالك بن الأدهم ، وزياد بن عبيد الكناني، وزامل بن عبيد الخزاعي ، ومالك بن روضة الجمحي مبارزة.
وطعن الأشعث لشرحبيل بن السمط ولأبي الأعور السلمي .
فخرج حوشب ذو الظليم وذو الكلاع في نفر ، فقالوا : امهلونا هذه الليلة ، فقالوا : لا نبيت إلاّ في معسكرنا ، فانكشفوا .
ص: 75
ثم إنّ عليا عليه السلام أنفذ سعيد بن قيس الهمداني وبشر بن عمرو الأنصاري ليدعواه إلى الحقّ ، فانصرفا بعدما احتجّا عليه .
ثم أنفد شبث بن ربعي الرياحي وعدي بن حاتم الطائي وبريدة بن قيس الأرحبي وزياد بن حفص بمثل ذلك .
فكان معاوية يقول : سلّموا قتلة عثمان لأقتلهم به ، ثم نعتزل الأمر حتى يكون شورى .
فتقاتلوا في ذي الحجّة ، وأمسكوا في المحرم ، فلمّا استهل صفر سنة سبع وثلاثين أمر علي عليه السلام ، فنودي في أهل الشام بالإعذار(1) والإنذار ، ثم عبأ عسكره :
فجعل على ميمنته : الحسن والحسين وعبد اللّه بن جعفر ومسلم بن عقيل عليهم السلام .
وعلى ميسرته : محمد بن الحنفية ومحمد بن أبي بكر وهاشم بن عتبة المرقال .
وعلى القلب : عبد اللّه بن العباس والعباس بن ربيعة بن الحارث والأشتر والأشعث .
ص: 76
وعلى الجناح : سعد بن قيس الهمداني وعبد اللّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي ورفاعة بن شداد البجلي وعدي بن حاتم .
وعلى الكمين : عمار بن ياسر وعمرو بن الحمق وعامر بن واثلة الكناني وقبيصة بن جابر الأسدي(1) .
وجعل معاوية على ميمنته : ذا الكلاع الحميري وحوشب ذا الظليم .
وعلى الميسرة : عمرو بن العاص وحبيب بن مسلمة .
وعلى القلب: الضحاك بن قيس الفهري وعبدالرحمن بن خالد بن الوليد.
وعلى الساقة : بسر بن أرطأة الفهري .
وعلى الجناح : عبد اللّه بن مسعدة الفزاري ، وهمام بن قبيصة النمري .
وعلى الكمين : أبا الأعور السلمي ، وحابس بن سعد الطائي(2) .
فبعث علي عليه السلام إلى معاوية أن اخرج إليّ أبارزك ، فلم يفعل(3) .
وقد جرى بين العسكرين أربعون وقعة يغلبها أهل العراق :
أوّلها : يوم الأربعاء بين الأشتر وحبيب بن مسلمة .
ص: 77
والثاني : بين المرقال وأبي الأعور السلمي .
والثالث : بين عمار وعمرو بن العاص .
والرابع : بين ابن الحنفية وعبيد اللّه بن عمر .
والخامس : بين عبد اللّه بن العباس والوليد بن عقبة .
والسادس : بين سعد بن قيس وذي الكلاع ، إلى تمام الأربعين وقعة آخرها ليلة الهرير(1) .
ص: 78
خرج عون بن عوف الحارثي قائلاً :
إنّي أنا عون أخو الحروب
صاحبها ولست بالهروب
* * *
فبارزه علقمة قائلاً :
يا عون لو كنت امرءا حازما
لم تبرز الدهر إلى علقمه
لقيت ليثا أسدا باسلاً
يأخذ بالأنفاس والغلصمه(1)
* * *
وخرج أحمر مولى عثمان قائلاً :
إنّ الكتيبة عند كلّ تصادم
تبكي فوارسها على عثمان
* * *
فأجابه كيسان مولى علي عليه السلام :
عثمان ويحك قد مضى لسبيله
فاثبت لحدّ مهنّد وسنان
* * *
فقتله الأحمر .
ص: 79
فقال علي عليه السلام : قتلني اللّه إن لم أقتلك ، أخذ بجربان درعه ورفعه وضربه على الأرض ، وجعل يجول في الميدان ويقول :
لهف نفسي وقليل ما أسر
ما أصاب الناس من خير وشر
لم أرد في الدهر يوما حربهم
وهم الساعون في الشرّ الشمر
* * *
فحث معاوية غلامه حريثا أن يغتال عليا عليه السلام في قتله ، فطيّر أمير المؤمنين عليه السلام قحفه في الهواء ، وجعل يجول ويقول :
ألا احذروا في حربكم أبا الحسن
فلا تروموه فذا من الغبن
فإنّه يدقّكم دقّ الطحن
ولا يخاف في الهياج من ومن(1)
* * *
وخرج عمرو بن العاص مرتجزا يقول :
لا عيش إن لم ألق يوما هاشما
ذاك الذي جشّمني المجاشما
ذاك الذي يشتم عرضي ظالما
ذاك الذي لم ينج منّي سالما
* * *
ص: 80
فبرز هاشم مرتجزا :
ذاك الذي نذرت فيه النذرا
ذاك الذي أعذرت فيه العذرا
ذاك الذي ما زال ينوي الغدرا
أو يحدث اللّه لأمر أمرا
* * *
فضربه هاشم(1) .
وخرج عبد الرحمن بن خالد بن الوليد يقول :
قل لعلي هكذا الوعيد
أنا ابن سيف اللّه لا مزيد
وخالد ابن نبته الوليد
قد فتر الحرب فزيدوا زيدوا
* * *
فبرز الأشتر مرتجزا يقول :
بالضرب أوفي ميتة مؤخره
يا ربّ جنّبني سبيل الفجره
ولا تخيّبني ثواب البرره
واجعل وفاتي بأكفّ الكفره
* * *
فضربه الأشتر ، فانصرف قائلاً : أفنانا دم عثمان ، فقال معاوية : هذه قاشرة(2) الصباة في اللعب ، فاصبر فإنّ اللّه مع الصابرين(3) .
ص: 81
وخرج معاوية يشير إلى همدان وهو يقول :
لا عيش إلاّ فلق قحف الهام
من أرحب ويشكر شبام
قوم هم أعداء أهل الشام
كم من كريم بطل همام
وكم قتيل وجريح ذام
كذاك حرب السادة الكرام
* * *
فبرز سعيد بن قيس يرتجز ويقول :
لاهمّ ربّ الحلّ والحرام
لا تجعل الملك لأهل الشام
* * *
فحمل وهو مشرع رمحه ، فولّى معاوية هاربا ، ودخل في غمار القوم ، وجعل قيس يقول :
يا لهف نفسي فاتني معاويه
على طم(1) كالعقاب هاويه
والراقصات لا يعود ثانيهإلاّ هوى معفرا في الهاويه(2)
* * *
وبرز أبو الطفيل الكناني قائلاً :
تحامت كنانة في حربها
وحامت تميم وحامت أسد
ص: 82
وهامت هوازن من بعدها
فما حام منها ومنهم أحد
طحنّا الفوارس يوم العجاج
وسقنا الأراذل سوق النكد(1)
* * *
وجال علي عليه السلام في الميدان قائلاً :
أنا علي فسألوني تخبروا
ثم ابرزوا لي في الوغى وابدروا
سيفي حسام وسناني يزهر
منّا النبي الطاهر المطّهر
وحمزة الخير ومنّا جعفر
وفاطم عرسي وفيها مفخر
هذا لهذا وابن هند محجر
مذبذب مطرد مؤخر(2)
* * *
فاستخلفه عمرو بن الحصين السكوني على أن يطعنه ، فرآه سعيد بن قيس فطعنه ، وأنشد :
أقول له وفي رمحي حشاه
وقد قرّت بمصرعه العيون
ألا يا عمرو عمرو بني حصين
وكلّ فتى ستدركه المنون
أتدرك أن تنال أبا حسين
بمعضلة وذا ما لا يكون
* * *
وأنفذ معاوية ذا الكلاع إلى بني همدان ، فاشتبكت الحرب بينهم إلى الليل ، ثم انهزم أهل الشام .
ص: 83
ثم أنشأ أمير المؤمنين عليه السلام أبياتا منها :
فوارس من همدان ليسوا بعزّل
غداة الوغى من شاكر وشبام
يقودهم حامي الحقيقة ماجد
سعيد بن قيس والكريم محام
جزى اللّه همدان الجنان فإنّهم
سهام العدى في كلّ يوم حمام(1)
* * *
وبرز أبو أيوب الأنصاري فنكلوا عنه ، فحاذى معاوية حتى دخل فسطاطه ، فترفّع ابن منصور ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام :
وعلّمنا الحرب آباؤنا
وسوف نعلّم أيضا بنينا
* * *
وخرج رجل في براز رجل كوفي ، فصرعه الكوفي فإذا هو أخوه ، فقالوا : خلّه ، فأبى أن يطلقه إلاّ بأمر علي عليه السلام ، فأذن له بذلك(2) .
وبرز عبد اللّه بن خليفة الطائي في جماعة من طي وارتجز :
ص: 84
يا طي طي السهل والأجبال
ألا أثبتوا بالبيض والعوالي
فقاتلوا أئمة الضلال(1)
* * *
وخرج من العسكر زهاء ألف رجل ، فاقتتلوا حتى لم يبق منهم أحد .
وفيهم يقول شبث بن ربعي :
وقاتلت الأبطال منّا ومنهم
وقام نساء حولنا ونحيب(2)
* * *
وخرج بسر بن أرطأة مرتجزا :
أكرم بجند طيّب الأردان
جاؤوا يكونوا أوليا الرحمن
إنّي أتاني خبر شجاني
أنّ عليا نال من عثمان
* * *
فبرز إليه سعيد بن قيس قائلا :
بؤسن لجند ضائع الإيمان
أسلمهم بسر إلى الهوان
إلى سيوف لبني همدان
* * *
فانصرف بسر من طعنته مجروحا(3) .
ص: 85
وخرج أدهم بن لام القضاعي مرتجزا :
أثبت لوقع الصارم الصقيل
فأنت لا شكّ أخو قتيل
* * *
فقتله حجر بن عدي .
فخرج الحكم بن الأزهر قائلاً :
يا حجر حجر بني عدي الكندي
اثبت فإنّي ليس مثلي بعدي
* * *
فقتله حجر .
فخرج إليه مالك بن مسهر القضاعي يقول :
إنّي أنا ابن مالك بن مسهر
أنا ابن عمّ الحكم بن الأزهر(1)
* * *
فأجابه حجر :
إنّي حجر وأنا ابن مسعر
أقدم إذا شئت ولا تؤخر
ص: 86
وبرز علقمة ، فأصيب في رجله ، وقتل من أهل العراق : عمير بن عبيد المحاربي ، وبكر بن هوذة النخعي وابنه حيّان ، وسعيد بن نعيم ، وأبان بن قيس ، فحمل علي عليه السلام فهزمهم ، فقال معاوية : كنت أرجو اليوم ظفرا .
وبرز الأشتر ، وجعل يقتل واحدا بعد واحد ، فقال معاوية في ذلك ، فبرز عمرو بن العاص في أربعمائة فارس إليه ، وتبع الأشتر مائتا رجل من نخع ومذحج ، وحمل الأشتر عليه ، فوقعت الطعنة في القربوس فانكسر ، وخرّ عمرو صريعا وسقطت ثناياه ، فاستأمنه .
وبرز الأصبغ بن نباتة قائلاً :
حتى متى ترجو البقا يا أصبغ
إنّ الرجاء للقنوط يدمغ
* * *
وقاتل حتى حرّك معاوية من مقامه .
وخرج عوف المرادي قائلاً :
أنا المرادي واسمي عوف
هل من عراقي عصاه سيف
ص: 87
فبرز إليه كعبر الأسدي قائلاً :
الشام فيها لقوي مغور
أنا العراقي واسمي كعبر
* * *
فقتله .
ورأى معاوية على تلّ فقصد نحوه ، فلمّا قرب منه حمل عليه مرتجزا :
ويلي عليك يا بني هند
أنا الغلام الأسدي حمد
* * *
فأخذه أهل الشام بالطعان والضراب ، فانسل من بينهم قائلاً :
فلو نلته نلت الذي ليس بعدها
من الأمر شيء غير مين(1) مقالي
ولو متّ من يتلى له ألف ميتةلقلت لما قد نلت لست أبالي
* * *
وخرج عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فبرز إليه حارثة بن قدامة السعدي فقتله .
ص: 88
وخرج أبو الأعور السلمي فانصرف من طعنة زياد بن كعب الهمداني مجروحا .
وقتل بنو همدان خلقا كثيرا من أهل الشام ، فقال معاوية :
« بنو همدان أعداء عثمان »
وبرز عمير بن عطارد التميمي في قومه قائلاً :
قد صابرت في حربها تميم
لها حديث ولها قديم
دين قديم وهدى قديم
* * *
فقاتلوا إلى الليل .
وبرز قيس بن سعد وقال :
أنا ابن سعد وأبي عباده
والخزرجيون رجال ساده
حتى متى أنثني إلى الوساده
يا ذا الجلال لقّني الشهاده
ص: 89
فخرج بسر بن أرطأة الفهري وارتجز :
أنا ابن أرطأة الجليل القدر
في أسرة من غالب وفهر
إن أرجع اليوم بغير وتر
فقد قضيت في ابن سعد نذري
* * *
فانصرف مجروحا من ضربة قيس .
وخرج المخارق بن عبد الرحمن وقتل المرادي ومسلم الأزدي ورجلين آخرين .
فبرز إليه علي عليه السلام متنكّرا فقتله ، وقتل سبعة بعده .
وخرج كريب بن الصباح فقتل المبرقع الخولاني وشرحبيل البكري والحارث الحكيمي وعبد الرحمن الهمداني ، فقتله أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم قتل الحرث بن وداع والمطاع بن المطلب وعروة بن داود .
وخرج مولى لمعاوية مرتجزا :
أنا الحارث ما بي من حذر
مولى ابن صخر وبه انتصر
* * *
فقتله قنبر .
ص: 90
وخرج بريد الكلبي قائلاً :
لقد ضلّت معاشر من نزار
إذا انقادوا لمثل أبي تراب
* * *
فقتله الأشتر .
وخرج مشجع الجذامي فطعنه عدي بن حاتم .
ونادى خالد السدوسي : من يبايعني على الموت ؟ فأجابه تسعة آلاف ، فقاتلوا حتى بلغوا فسطاط معاوية ، فهرب معاوية ، فنهبوا فسطاطه .
وأنفذ معاوية إليه فقال : يا خالد ، لك عندي إمرة خراسان متى ظفرت ، فاقصر ويحك عن فعالك هذا ، فنكل عنها ، فتفل أصحابه في وجهه ، وحاربوا إلى الليل .
وفيه يقول النجاشي :
وفرّ ابن حرب غيّر اللّه وجهه
وذاك قليل من عقوبة قادر
* * *
ص: 91
وخرج حمزة بن مالك الهمداني قائلاً لهاشم المرقال :
يا أعور العين وما فينا عور
نبغي ابن عفان ونلحي من غدر
* * *
فقتله المرقال ، فهجموا على المرقال فقتلوه .
فأخذ سفيان بن ثور رايته فقاتل حتى قتل .
ثم أخذها عتبة بن المرقال فقاتل حتى قتل .
فأخذها أبو الطفيل الكناني مرتجزا :
يا هاشم الخير دخلت الجنّه
قتلت في اللّه عدوّ السنّه
* * *
فقاتل حتى جرح ، فرجع القهقرى .
وأخذها عبد اللّه بن بديل بن ورقاء الخزاعي مرتجزا :
أضربكم ولا أرى معاويه
الأبرج العين العظيم الهاويه
هوت به في النار أمّ هاويه
جاوره فيها كلاب عاويه
* * *
فهجموا عليه فقتلوه .
ص: 92
فأخذها عمرو بن الحمق قائلاً :
جزى اللّه فينا عصبة أيّ عصبة
حسان وجوه صرّعوا حول هاشم
* * *
وقاتل أشدّ قتال .
فخرج ذو الظليم قائلاً :
أهل العراق ناسبوا وانتسبوا
أنا اليماني واسمي حوشب
من ذي الظليم أين أين المهرب
* * *
فبرز إليه سلمان بن صرد الخزاعي قائلاً :
يا أيّها الحيّ الذي تذبذبا
لسنا نخاف ذا الظليم حوشبا
* * *
فحملت الأنصار حملة رجل واحد ، وقتلوا ذا الكلاع وذا الظليم ، وساروا إليهم وكاد يؤخذ معاوية ، فقال الأنصار :
معاوي ما أفلت إلاّ بجرعة
من الموت حتى تحسب الشمس كوكبا
فإن تفرحوا بابن البديل وهاشم
فإنّا قتلنا ذا الكلاع وحوشبا
ص: 93
وخرج عبيد اللّه بن عمر ودعا محمد بن الحنفية ، فنهض محمد ، فنهاه أبوه ، وكان يقول :
أنا عبيد اللّه ينميني عمر
خير قريش من مضى ومن غبر
* * *
فقتله عبد اللّه بن سوار ، ويقال : حريث بن خالد ، ويقال : هاني بن عمرو الينبوعي ، ويقال : محمد بن الصبيح .
فأمر معاوية بتقديم سبعين راية ، وبرز عمار في رايات ، فقتل من أصحاب معاوية سبعمائة رجل ، ومن أصحاب علي عليه السلام مائتا رجل .
وخرج علي عليه السلام في مقاتلة همدان ، وقال بعضهم : برك الجمل ، برك الجمل ، فبركوا وبركت أيضا همدان ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام :
قد حمل القوم فبركا فبركا
لا يدخل القوم على ما شكا
* * *
وخرج عمرو بن العاص يقول :
إنّي إذا الحرب تفرّت عن كثير
أحمل ما أحملت من خير وشر
ص: 94
فقصده الأشتر مرتجزا :
إنّي أنا الأشتر معروف السير
إنّي أنا الأفعى العراقي الذكر
* * *
فهزمهم وجرح عمرو .
فقال النجاشي :
عدوّ النبي خلال العجاج
وأفلت في حيرة خيله الأبتر
فردّ اللواء على عقبه
وفاز بخطوتها الأشتر
* * *
وخرج العراد بن الأدهم ، ودعا العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ، فقتله العباس ، فنهاه علي عليه السلام عن المبارزة ولعبد اللّه بن العباس ، فقال معاوية : من قتل العباس فله عندي ما يشاء ؟
فخرج رجلان لخميان ، فدعاه أحدهما ، فقال : إن أذن لي سيدي أبارزك ، وأتى عليا عليه السلام ، فبرز علي عليه السلام في سلاح العباس وفرسه متنكّرا ،
فقال الرجل : أذنك سيدك ؟
فقال عليه السلام : « أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا »فقتله ، وتقدّم الآخر فقتله .
ص: 95
وخرج قبيصة النميري وكان يشتم عليا عليه السلام ويرتجز :
أقدم إقدام الهزبر العالي
في نصر عثمان ولا أبالي
* * *
فبرز عدي بن حاتم قائلاً :
يا صاحب الصوت الرفيع العالي
يفدي عليا ولدي ومالي
* * *
وخرج حجل بن أثال العبسي ، فطلب البراز إليه ابنه أثال ، فلمّا رآه قال : انصرف إلى الشام فإنّ فيها أموالاً جمّة ، فقال ابنه : يا أبه انصرف إلينا وجنّة الخلد مع علي عليه السلام .
وعبأ معاوية أربعة صفوف ، فتقدّم أبو الأعور السلمي يحرّضهم ويقول : يا أهل الشام ، إيّاكم والفرار ، فإنّها سبّة وعار ، فدقّوا على أهل العراق ، فإنّهم أهل فتنة ونفاق .
فبرز سعيد بن قيس وعدي بن حاتم والأشتر والأشعث ، فقتلوا منهم ثلاثة آلاف ونيفا ، وانهزم الباقون .
ص: 96
وخرج كعب بن جعيل شاعر معاوية قائلاً :
ابرز إليّ الآن يا نجاشي
وإنّني ليث لدى الهراش
* * *
فأجابه النجاشي شاعر علي عليه السلام وبرز إليه :
أربع قليلاً فأنا النجاشي
لست أبيع الدين بالمعاشي
أنصر خير راكب وماش
ذاك علي بيّن الرياش
* * *
وبرز عبد اللّه بن جعفر في ألف رجل ، فقتل خلقا حتى استغاث عمرو بن العاص .
وأتى أويس القرني متقلّدا بسيفين ، ويقال : كان معه مرماة ومخلاة من الحصى ، فسلّم على أمير المؤمنين عليه السلام وودّعه مع رجالة ربيعة ، فقتل من يومه ، فصلّى عليه أمير المؤمنين عليه السلام ودفنه .
ثم إنّ عمار جعل يقاتل ويقول :
ص: 97
نحن ضربناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله
أو يرجع الحقّ إلى سبيله
* * *
فلم يزل يقاتل حتى قتل رحمه اللّه .
وبرز أمير المؤمنين عليه السلام ودعا معاوية وقال : أسألك أن تحقن الدماء وتبرز إليّ وأبرز إليك ، فيكون الأمر لمن غلب ، فبهت معاوية ولم ينطق بحرف .
فحمل أمير المؤمنين عليه السلام على الميمنة فأزالها ، ثم حمل على الميسرة فطحنها ، ثم حمل على القلب وقتل منهم جماعة ، وأنشد :
فهل لك في أبي الحسن علي
لعلّ اللّه يمكن من قفاكا
دعاك إلى البراز فكعت(1) عنه
ولو بارزته تربت يداكا
* * *
فانصرف أمير المؤمنين عليه السلام .
ثم برز عليه السلام متنكّرا ، فخرج عمرو بن العاص مرتجزا :
ص: 98
يا قادة الكوفة من أهل الفتن
يا قاتلي عثمان ذاك المؤتمن
كفى بهذا حزنا مع الحزن
أضربكم ولا أرى أبا الحسن
* * *
فتناكل عنه علي عليه السلام حتى تبعه عمرو ، ثم ارتجز :
أنا الغلام القرشي المؤتمن
الماجد الأبيض ليث كالشطن
يرضى به السادة من أهل اليمن
من ساكني نجد ومن أهل عدن
أبو الحسين فاعلمن أبو الحسن
* * *
فولّى عمرو هاربا ، فطعنه أمير المؤمنين عليه السلام ، فوقعت في ذيل درعه ، فاستلقى على قفاه وأبدى عورته ، فصفح عنه استحياء وتكرّما .
فقال معاوية :
الحمد للّه الذي عافاك
واحمد أستك الذي وقاك
* * *
وقال أبو نواس :
فلا خير في دفع الردى بمذلّة
كما ردّها يوما بسوءته عمرو
* * *
وقال حيص بيص :
قبّح مخازيك هازم شرفي
سوءة عمرو ثنت سنان علي
* * *
ص: 99
وبرز علي عليه السلام ودعا معاوية ، فنكل عنه .
فخرج بسر بن أرطأة يطمع في علي عليه السلام ، فضربه أمير المؤمنين عليه السلام ، فاستلقى على قفاه وكشف عن عورته ، فانصرف عنه علي عليه السلام ، فقال : ويلكم يا أهل الشام ، أما تستحون من معاملة المخانيث لقد علّمكم رأس المخانيث عمرو ، لقد روى هذه السيرة عن أبيه عن جدّه في كشف أستاه وسط عرصة الحروب .
فخرج غلامه لاحق ثم قال :
أرديت بسرا والغلام ثايره
وكلّ أب من عليه قادره
* * *
فطعنه الأشتر قائلاً :
في كلّ يوم رجل شيخ بادره
وعورة وسط العجاج ظاهره
أبرزها طعنة كفّ فاتره
عمرو وبسر رهبا بالقاهره
* * *
ص: 100
فلمّا رأى معاوية كثرة براز أمير المؤمنين عليه السلام أخذ في الخديعة ، فأنفذ عمرو إلى ربيعة - رجالاته - ، فوقعوا فيه ، فقال : اكتب إلى ابن عباس وغرّه ، فكان فيما كتب شعرا :
طال البلاء فما ندري له أسّ
بعد الإله سوى رفق ابن عباس
* * *
فكان جواب ابن عباس :
يا عمرو حسبك من خدع ووسواس
فاذهب فما لك في ترك الهدى آس
إلاّ بوادر طعن في نحوركم
تشجي النفوس له في نقع إفلاس
إن عادت الحرب عدنا والتمس هربا
في الأرض أو سلّما في الأفق يا قاسي
* * *
ثم كتب معاوية إليه يذكر فيه : إنّما بقي من قريش ستّة : أنا وعمرو بالشام ناصبان ، وسعد وابن عمر بالحجاز ، وعلي عليه السلام وأنت بالعراق على خطب عظيم ، ولو بويع لك بعد عثمان لأسرعنا فيه .
فأجابه ابن عباس بمسكة فيها :
دعوت ابن عباس إلى السلم خدعة
ولست له حتى تموت بخادع
ص: 101
وكتب إلى علي عليه السلام : أمّا بعد ، فإنّا لو علمنا أنّ الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يحنها بعضنا إلى بعض ، وإن كنّا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي لنا ما نرم به ما مضى ، ونصلح به ما بقي ، وقد كنت سألتك الشام على أن لا يلزمني لك طاعة ولا بيعة فأبيت عليّ !! وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس ، فإنّك لا ترجو من البقاء إلاّ ما أرجو ، ولا تخاف من الفناء إلاّ
أخاف ، وقد - واللّه - رقّت الأجساد ، وذهبت الرجال ، ونحن بنو عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض !! يستذلّ به عزيز ، ويسترقّ به حرّ .
فأجابه عليه السلام :
أمّا قولك : إنّ الحرب قد أكلت العرب إلاّ حشاشات أنفس بقيت ألا ومن أكله الحقّ فإلى النار .
وأمّا طلبتك إليّ الشام ، فإنّي لم أكن لأعطيك اليوم ما منعتك أمس .
وأمّا استواؤنا في الخوف والرضا ، فلست أمضى على الشكّ منّي على اليقين ، وليس أهل الشام على الدنيا بأحرص من أهل العراق على الآخرة .
وأمّا قولك : إنّا بنو عبد مناف ، فكذلك نحن ، وليس أمية كهاشم ،
ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا الطليق كالمهاجر ، ولا الصريح كاللصيق ، ولا المحقّ كالمبطل ، ولا المؤمن كالمدغل ، وفي أيدينا فضل النبوة الذي ذلّلنا بها العزيز ، ونعثنا(1) بها الذليل ، وبعنا به الحرّ .
ص: 102
وأمر معاوية لابن الخديج الكندي أن يكاتب الأشعث ، والنعمان بن بشير أن يكاتب قيس بن سعد في الصلح ، ثم أنفذ عمروا وعتبة وحبيب بن مسلمة والضحاك بن قيس إلى أمير المؤمنين عليه السلام .
فلمّا كلّموه قال : أدعوكم إلى كتاب اللّه وسنة نبيه ، فإن تجيبوا إلى ذلك فللرشد أصبتم ، وللخير وفّقتم ، وإن تأبوا لم تزدادوا من اللّه إلاّ بعدا .
فقالوا : قد رأينا أن تنصرف عنّا ، فنخلّي بينكم وبين عراقكم ، وتخلّون بيننا وبين شامنا ، فنحن نحقن دماء المسلمين .
فقال عليه السلام : لم أجد إلاّ القتال أو الكفر بما أنزل اللّه - عزّ وجلّ - على محمد صلى الله عليه و آله .
ثم برز الأشتر وقال : سوّوا صفوفكم ، وقال أمير المؤمنين عليه السلام : أيّها الناس من يبع يربح في هذا اليوم . . في كلام له عليه السلام . . ألا إنّ خضاب النساء الحناء ، وخضاب الرجال الدماء ، والصبر خير في عواقب الأمور ، ألا إنّها إحن بدرية ، وضغائن أحدية ، وأحقاد جاهلية ، وقرأ : « فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ » .
فتقدّم وهو يرتجز :
دبّوا دبيب النمل لا تفوتوا
وأصبحوا في حربكم وبيتوا
كيما تنالوا الدين أو تموتوا
أو لا فإنّي طال ما عُصيت
ص: 103
قد قلتم لو جئتنا فجيت
ليس لكم ما شئتم وشئت
بل ما يريد المحي المميت
* * *
فحمل في سبعة عشر ألف رجل، فكسروا الصفوف ، فقال معاوية لعمرو: اليوم صبر وغدا فخر ، فقال عمرو : صدقت - يا معاوية - ولكن الموت حقّ والحياة باطل ، ولو حمل علي عليه السلام في أصحابه حملة أخرى فهو البوار .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : فما انتظاركم إن كنتم تريدون الجنّة ؟
فبرز أبو الهيثم بن التيهان قائلاً :
أحمد ربّي فهو الحميد
ذاك الذي يفعل ما يريد
دين قويم وهو الرشيد
* * *
فقاتل حتى قتل .
وبرز خزيمة بن ثابت قائلاً :
كم ذا يرجّى أن يعيش الماكث
والناس موروث وفيهم وارث
هذا علي من عصاه ناكث
* * *
فقاتل حتى قتل .
ص: 104
وبرز عدي بن حاتم قائلاً :
أبعد عمار وبعد هاشم
وابن بديل صاحب الملاحم
ترجو البقا من بعد يا بن حاتم
* * *
فما زال يقاتل حتى فقيئت عينه .
وبرز الأشتر مرتجزا :
سيروا إلى اللّه ولا تعوجوا
دين قويم وسبيل منهج
* * *
وقتل جندب بن زهير .
فلم يزالوا يقاتلون حتى دخل وقعة الخميس ، وهي ليلة الهرير ، وكان أصحاب علي عليه السلام يضربون الطبول من أربع جوانب عسكر معاوية ويقولون : « علي عليه السلام المنصور » ، وهو يرفع رأسه إلى السماء ساعة بعد ساعة ويقول : اللّهم إليك نقلت الأقدام ، واليك أفضت القلوب ، ورفعت الأيدي ، ومدّت الأعناق ، وطلبت الحوائج ، وشخصت الأبصار ، اللّهم « افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ » وينشد :
ص: 105
الليل داج والكباش تنتطح
نطاح أسد ما أراها تصطلح
أسد عرين في اللقاء قد مرح
منها قيام وفريق منبطح
فمن نجا برأسه فقد ربح
* * *
وكان يحمل عليهم مرّة بعد مرّة ، ويدخل في غمارهم ويقول : اللّه اللّه في الحرم والذريّة ، فكانوا يقاتلون أصحابهم بالجهل .
فلمّا أصبح كان قتلى عسكره أربعة آلاف رجل ، وقتلى عسكر معاوية إثنين وثلاثين ألف رجل ، فصاحوا : يا معاوية ، هلكت العرب ، فاستغاث هو بعمرو ، فأمره برفع المصاحف(1) .
قال قتادة : قتلى يوم صفين ستون ألفا .
وقال ابن سيرين : سبعون ألفا ، وهو المذكور في أنساب الأشراف ، وضعوا على كلّ قتيل قصبة ، ثم عدّوا القصب(2) .
ص: 106
ص: 107
ص: 108
روي في معنى قوله تعالى : « وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ عَلى حَرْفٍ » أنّه كان أبو موسى وعمرو .
وروى ابن مردويه بأسانيده عن سويد بن غفلة أنّه قال : كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات ، فقال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : إنّ بني إسرائيل اختلفوا ، فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالّين ضلّ من اتبعهما ، ولا تنفك أموركم تختلف حتى تبعثوا حكمين يضلاّن ، ويضلّ من تبعهما .
فقلت : أعيذك باللّه أن تكون أحدهما ، قال : فخلع قميصه ، فقال : برأني اللّه من ذلك كما برأني من قميصي(1) .
يا عمرو ، نفرّ أو نستأمن ؟ قال : نرفع المصاحف على الرماح ونقرأ « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ »
فإن قبلوا حكم القرآن رفعنا الحرب ، ورافعنا بهم إلى أجل، وإن أبى بعضهم إلاّ القتال فللنا شوكتهم ، وتقع بينهم الفرقة .
وأمر بالنداء :
فلسنا ولستم من المشركين
ولا المجمعين على الردّة
فإن تقبلوها ففيها البقاء
للفرقتين وللبلدة
وإن تدفعوها ففيها الفناء
وكلّ بلاء إلى مدّة(1)
فقال عوف بن عبد اللّه :
رميناهم حتى أزلنا صفوفهم
فلم ير إلاّ بوجة وكابيا(2)
وحتى استغاثوا بالمصاحف والقنابها وقفات يختطفن المحاميا
وقال الجماني العلوي :
هبلت أم قريش حين تدعون الهبل
حين ناطوا بكتاب اللّه أطراف الأسل
* * *
ص: 110
فقال مسعر بن فدكي وزيد بن حصين الطائي والأشعث بن قيس الكندي : أجب القوم إلى كتاب اللّه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام :
ويحكم - واللّه - إنّهم ما رفعوا المصاحف إلاّ خديعة ومكيدة حين علوتموهم ، وقال خالد بن معمر السدوسي : يا أمير المؤمنين ، أحبّ الأمور إلينا ما كفينا مؤنته .
وأنشد رفاعة بن شداد البجلي :
وإن حكموا بالعدل كانت سلامة
وإلاّ أثرناها بيوم قماطر
* * *
فقصد إليه عشرون ألف رجل يقولون : يا علي ، أجب إلى كتاب اللّه إذا دعيت ، وإلاّ دفعناك برمّتك إلى القوم ، أو نفعل بك ما فعلنا بعثمان ، فقال : فاحفظوا عنّي مقالتي ، فإنّي آمركم بالقتال ، فإن تعصوني فافعلوا ما بدا لكم ، قالوا : فابعث إلى الأشتر ليأتينك .
فبعث يزيد بن هاني السبيعي يدعوه ، فقال الأشتر : إنّي قد رجوت أن يفتح اللّه لا تعجلني ، وشدّد في القتال .
فقالوا : حرّضته في الحرب ، فابعث إليه بعزيمتك ليأتيك وإلاّ - واللّه - اعتزلناك ، قال : يا يزيد عد إليه وقل له : أقبل إلينا ، فإنّ الفتنة قد وقعت .
فأقبل الأشتر يقول لأهل العراق : يا أهل الذلّ والوهن ، أحين علوتم القوم وعلموا أنّكم لهم قاهرون رفعوا لكم المصاحف خديعة ومكرا ؟ فقالوا : قاتلناهم في اللّه .
فقال : أمهلوني ساعة ، وأحسست بالفتح وأيقنت بالظفر ، قالوا : لا .
ص: 111
قال : أمهلوني عدوة فرسي ، قالوا : إنّا لسنا نطيعك ولا لصاحبك ، ونحن نرى المصاحف على رؤوس الرماح ندعى إليها !
فقال : خدعتم - واللّه - فانخدعتم ، ودعيتم إلى وضع الحرب فأجبتم .
فقام جماعة من بكر بن وائل ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن أجبت القوم أجبنا ، وإن أبيت أبينا ، فقال عليه السلام : نحن أحقّ من أجاب إلى كتاب اللّه ، وإنّ معاوية وعمروا وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح والضحاك بن قيس ليسوا بأصحاب دين وقرآن ، أنا أعرف بهم منكم ، قد صحبتهم أطفالاً ورجالاً . . في كلام له .
فقال أهل الشام : فإنّا قد اخترنا عمروا ، فقال الأشعث وابن الكواء ومسعر بن فدكي وزيد الطائي : نحن اخترنا أبا موسى ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : فإنّكم قد عصيتموني في أوّل الأمر فلا تعصوني الآن ، فقالوا : إنّه قد كان يحذّرنا ممّا قد وقعنا فيه ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : إنّه ليس بثقة ، قد فارقني وقد خذّل الناس ، ثم هرب منّي حتى أمّنته بعد شهر ، ولكن هذا ابن عباس أولّيه ذلك ، قالوا : واللّه ما نبالي أنت كنت أم ابن عباس !
قال : فالأشتر ، قال الأشعث : وهل سعّر الحرب غير الأشتر ؟ وهل نحن إلاّ في حكم الأشتر(1) ؟
ص: 112
قال الأعمش : حدّثني من رأى عليا عليه السلام يوم صفين يصفق بيديه ويقول : يا عجبا أعصى ويطاع معاوية(1) ؟
وقال : قد أبيتم إلاّ أبا موسى ؟ قالوا : نعم ، قال : فاصنعوا ما بدا لكم ، اللّهم إنّي أبرأ إليك من صنيعهم ، وقال الأحنف : إذا اخترتم أبا موسى فارقبوا ظهره(2) .
فقال خزيم بن فاتك الأسدي :
لو كان للقوم رأيا يرشدون(3) به
أهل العراق رموكم بابن عباس
لكن رموكم بشيخ من ذوي يمنلم يدر ما ضرب أسداس وأخماس(4)
* * *
فلمّا اجتمعوا كان كاتب علي عليه السلام عبيد اللّه بن أبي رافع ، وكاتب معاوية عمير بن عباد الكلبي .
ص: 113
فكتب عبيد اللّه : هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام ومعاوية بن أبي سفيان ، فقال عمرو : اكتبوا اسمه واسم أبيه ، هو أميركم ، فأمّا أميرنا فلا .
فقال الأحنف : لا تمح اسم امارة المؤمنين [ فإنّي أتخوّف إن محوتها ألاّ ترجع اليك أبدا ، لا تمحها ، وإن قتل الناس بعضهم بعضا ، فأبى ذلك علي عليه السلام مليّا من النهار .
ثم إنّ الأشعث بن قيس قال : ] امح [ هذا الاسم ] ترحه(1) اللّه ، فقال علي عليه السلام : اللّه أكبر ، سنّة بسنّة ، ومثل بمثل ، وإنّي لكاتب يوم الحديبية(2) .
روى أحمد في المسند : أنّ النبي صلى الله عليه و آله أمر أن يكتب :
بسم اللّه الرحمن الرحيم ، فقال سهيل بن عمرو : وهذا كتاب بيننا وبينك ، فافتحه بما نعرفه ، واكتب « باسمك اللّهم » ، فأمر بمحو ذلك ، وكتب : باسمك اللّهم ، هذا ما اصطلح عليه محمد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسهيل بن عمرو وأهل مكة ، فقال سهيل : لو أجبتك إلى هذا لأقررت لك بالنبوة ، فقال : امحها يا علي ، فجعل يتلكأ ويأبى ، فمحاها النبي صلى الله عليه و آله ، وكتب : هذا ما اصطلح به محمد بن عبد اللّه بن عبد المطلب عليهم السلام وأهل مكة(3) .
يقول اللّه في كتابه : « لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ » .
ص: 114
روى محمد بن إسحاق عن بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب : أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال لعلي عليه السلام : فإنّ لك مثلها تعطاها وأنت مضطهد(1) .
الماوردي في أعلام النبوة أنّه قال : ستسام(2) مثلها يوم الحكمين(3) .
وفي رواية : ستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض(4) .
وفي رواية : إنّ لك يوما - يا علي - بمثل هذا ، أنا أكتبها للآباء وأنت تكتبها للأبناء(5) .
سيدعى إلى مثلها صنوه
له قال والأمر مستجمع
وبين الرضا وبين ابن هند
كيوم الحديبية المسرع
سهيل محا ثمّ اسم الرسول
كاسم الأمير محا المبدع
ففي دومة الجندل الاقتداء
بيوم السقيفة إذ شنعوا
* * *
فقال عمرو : يا سبحان اللّه ! نشبّه بالكفار ونحن مؤمنون ! فقال علي عليه السلام : يا ابن النابغة ، أو لم تكن للمشركين وليّا وللمؤمنين عدوّا ؟ أو لم تكن في الضلالة رأسا وفي الإسلام ذنبا(6) ؟ في كلام له . .
ص: 115
فكتبوا أن يحكّموا بما في كتاب اللّه ، وينصرفوا والمدّة سنة واحدة كاملة ، ويكون مجتمع الحكمين بدومة الجندل(1) .
وقال الصاحب :
ودعا إلى التحكيم لمّا عضّه حدّ الرماح
فمضى أبو موسى وعمرو جالب الشرّ البراح
بابان قد فتحا إلى شرّ يدوم على انفتاح
* * *
فلمّا اجتمعا قال عمرو : يا أبا موسى ، أنت أولى أن تسمّي رجلاً يلي أمر هذه الأمّة ، فسمّ لي ، فإنّي أقدر أن أبايعك منك على أن تبايعني ، قال أبو موسى : أسمّي لك عبد اللّه بن عمر [ وكان ابن عمر ] فيمن اعتزله(2) ، فقال عمرو : فإنّي أسمّي لك معاوية بن أبي سفيان(3) .
وفي رواية قال عمرو : إنّهما ظالمان ، وإنّ عليا عليه السلام آوى قتلة عثمان ، وإنّ معاوية خاذله ، فنخلعهما ونبايع عبد اللّه بن عمر ، لزهادته واعتزاله عن الحرب ، فقال أبو موسى : نعم ما رأيت ، قال : فإنّي قد خلعت معاوية فاخلع عليا عليه السلام إن شئت ، وإن شئت فاخلعه غدا ، فإنّه يوم الإثنين .
ص: 116
قال : فلمّا أصبحا خرجا إلى الناس فقالا : قد اتفقنا ، فقال : أبو موسى لعمرو : تقدّم واخلع صاحبك بحضرة الناس ، فقال عمرو : سبحان اللّه ، أتقدّم عليك وأنت في موضعك وسنّك وفضلك ، مقدّم في الإسلام والهجرة ، ووفد رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى اليمن ، وصاحب مقاسم أبي بكر ، وعامل عمر ، وحاكم أهل العراق ، فتقدّم أنت ، فقدّمه .
فقال أبو موسى : إنّا - واللّه ، أيّها الناس - قد اجتهدنا رأينا ، لم نر أصلح للأمّة من خلع هذين الرجلين ، وقد خلعت عليا
عليه السلام ومعاوية كخلع خاتمي هذا .
فقال عمرو : ولكنّي خلعت صاحبه عليا عليه السلام كما خلع ، وأثبت معاوية كخاتمي هذا ، وجعله في شماله(1) .
فقال كوفي :
لعمرك ما ألقى يد الدهر خالعا
عليك بقول الأشعري ولا عمرو
* * *
فكتب عمرو إلى معاوية :
أتتك الخلافة من خدرها
هنيئا مريئا تقرّ العيونا(2)
* * *
ص: 117
وقال العوني :
فأعملوا الحيلة في التحكيم
بمكر شيطانهم الرجيم
ففي الرعاة حكّموا الرعيّا
فأصبح القوم على تخالف
إذ شكت الأرماح في المصاحف
وأخذ الانحدار والرقيا
فجاء أهل الشام بابن العاص
فاحتال فيها حيلة القناص
غرّ أبا موسى الأشعريا
قام أبو موسى فويق المنبر
فقال إنّي خالع لحيدر
كما اختلعت خاتمي من خنصري
يا عمرو قم أنت اخلع الشاميا
فقال عمرو أيّها الناس اشهدوا
جمعا فإنّي لابن هند أعقد
فاستشهدوه مذهبا عمريّا * * *
ولمّا عزل معاوية عمروا من مصر كتب إليه :
معاوية الخير لا تنسني
وعن مذهب الحقّ لا تعدل
أتنسى محاورة الأشعري
ونحن على دومة الجندل
ألين فيطمع في غرّتي
وقد غاب فصلي في المقتل
ألعقه عسلاً باردا
وأمرجه بجني الحنظل
ورقيتك المنبر المشمخر
بلا حدّ سيف ولا منصل
ونزعتهما منهم بالخداع
كخلع النعال من الأرجل
وثبّتها فيك لمّا يئست
كمثل الخواتيم في الأنمل
ص: 118
فأمّا ملكت ومات الهمام
وألقت عصاها يد الأفضل
منحت سواي بمثل الجبال
ونوّلتني حبّة الخردل
فإن تك فيها بلغت المنى
ففي عنقي يعلق الجلجل
وما دم عثمان منج لنا
من اللّه والحسب الأطول
وإنّ عليا غدا خصمنا
ويعتزّ باللّه والمرسل
يسايلنا عن أمور جرت
ونحن عن الحقّ في معزل(1)
* * *
ص: 119
تفسير القشيري وإبانة العكبري عن سفيان عن الأعمش عن سلمة عن كهيل عن أبي الطفيل : أنّه سأل ابن الكواء أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى « قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَْخْسَرِينَ أَعْمالاً » الآية ، فقال عليه السلام : إنّهم أهل حروراء(1) .
ثم قال : « الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً » في قتال علي بن أبي طالب عليهماالسلام(2) « أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً ذلِكَ جَزاؤهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا » بولاية علي عليه السلام « وَاتَّخَذُوا » آيات القرآن « وَرُسُلِي » يعني محمدا صلى الله عليه و آله(3) « هُزُواً » ، واستهزأوا بقوله : ألا من كنت مولاه فعلي مولاه .
ص: 120
وأنزل في أصحابه « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ » الآية ، فقال ابن عباس : نزلت في أصحاب الجمل .
تفسير الفلكي : أبو أمامة : قال النبي صلى الله عليه و آله في قوله تعالى : « يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ » الآية، هم الخوارج(1).
البخاري ومسلم والطبري والثعلبي في كتبهم : إنّ ذا الخويصرة التميمي قال للنبي صلى الله عليه و آله : اعدل بالسويّة ! فقال : ويحك ، إن أنا لم أعدل - قد خبت وخسرت - فمن يعدل ؟
فقال عمر : ائذن لي أضرب عنقه ، فقال : دعه ، فإنّ له أصحابا ، وذكر وصفه ، فنزل « وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ »(2) .
مسند أبي يعلى الموصلي ، وإبانة ابن بطّة العكبري ، وعقد ابن عبد ربّه
ص: 121
الأندلسي ، وحلية ابن أبي نعيم الأصفهاني، وزينة أبي حاتم الرازي، وكتاب أبي بكر الشيرازي :
أنّه ذكر بين يدي النبي صلى الله عليه و آله بكثرة العبادة ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : لا أعرفه ، فإذا هو قد طلع ، فقالوا : هو هذا ! فقال النبي صلى الله عليه و آله : أما أنّي أرى بين عينيه سفعة من الشيطان ، فلمّا رآه قال له : هل حدّثتك نفسك إذ طلعت علينا أنّه ليس في القوم أحد مثلك ؟ قال : نعم .
ثم دخل المسجد فوقف يصلّي ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : ألا رجل يقتله ؟ فحسر أبو بكر عن ذراعيه وصمد نحوه ، فرآه راكعا ، فقال : أقتل رجلاً يركع ويقول : لا إله إلاّ اللّه ؟!!
فقال صلى الله عليه و آله : اجلس ، فلست بصاحبه ، قم يا علي فإنّك أنت قاتله ، فمضى وانصرف ، وقال : ما رأيته ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : لو قتل لكان أوّل فتنة وآخرها .
وفي رواية : هذا أوّل قرن يطلع في أمّتي ، لو قتلتموه ما اختلف بعدي إثنان(1) .
وقال مالك بن أنس : فأنزل اللّه تعالى : « ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ » بقتال علي بن أبي طالب عليهماالسلام(2) .
ص: 122
ولمّا دخل أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة جاء إليه زرعة بن البزرج الطائي وحرقوص بن زهير التميمي ذو الثدية ، فقالا : لا حكم إلاّ للّه ، فقال عليه السلام : كلمة حقّ يراد بها باطل ، قال حرقوص : فتب من خطيئتك وارجع عن قصّتك ، واخرج بنا إلى عدوّنا نقاتلهم حتى نلقى ربّنا ، فقال علي عليه السلام : قد أردتكم على ذلك فعصيتموني ، وقد كتبنا بيننا وبين القوم كتابا وشروطا ، وأعطينا عليها عهودا ومواثيق ، وقد قال اللّه تعالى : « وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذا عاهَدْتُمْ » الآية .
فقال حرقوص : ذلك ذنب ينبغي أن تتوب عنه ، فقال علي عليه السلام : ما هو ذنب ، ولكنّه عجز من الرأي ، وضعف في العقل ، وقد تقدّمت فنهيتكم عنه .
فقال ابن الكواء : الآن صحّ عندنا أنّك لست بإمام ، ولو كنت إماما لما رجعت ، فقال علي عليه السلام : ويلكم قد رجع رسول اللّه صلى الله عليه و آله عام الحديبية عن قتال أهل مكة .
ففارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وقالوا : لا حكم إلاّ للّه ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وكانوا إثني عشر ألفا من أهل الكوفة والبصرة وغيرهما .
ونادى مناديهم : أنّ أمير المؤمنين شبث بن ربعي !!! وأمير الصلاة عبد اللّه بن الكواء ! والأمر شورى بعد الفتح ، والبيعة للّه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واستعرضوا الناس .
ص: 123
وقتلوا عبد اللّه بن خباب بن الأرت ، وكان عامله عليه السلام على النهروان ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا ابن عباس ، امض إلى هؤلاء القوم فانظر ما هم عليه ، ولماذا اجتمعوا ؟
فلمّا وصل إليهم قالوا : ويلك يا ابن عباس ، أكفرت بربّك كما كفر صاحبك علي بن أبي طالب ؟ وخرج خطيبهم عتاب بن الأعور الثعلبي ، فقال ابن عباس : من بنى الإسلام ؟ فقال : اللّه ورسوله ، فقال : النبي صلى الله عليه و آله أحكم أموره ودخل بين حدوده أم لا ؟ قال : بلى ، قال : فالنبي صلى الله عليه و آله بقي في دار الإسلام أم ارتحل ؟ قال : بل ارتحل ، قال : فأمور الشرع ارتحلت معه أم بقيت بعده ؟ قال : بل بقيت ، قال : وهل قام أحد بعده بعمارة ما بناه ؟ قال : نعم ، الذريّة والصحابة ، قال : أفعمّروها أو خرّبوها ؟ قال : بل عمّروها ، قال : فالآن هي معمورة أم خراب ؟ قال : بل خراب ، قال : خرّبها ذريّته أم أمّته ؟ قال : بل أمّته ، قال : وأنت من الذريّة أو من الأمّة ؟ قال : من الأمّة ، قال : أنت من الأمّة وخرّبت دار الإسلام ، فكيف ترجو الجنّة ؟ وجرى بينهم كلام كثير . .
فحضر أمير المؤمنين عليه السلام في مائة رجل ، فلمّا قابلهم خرج ابن الكواء في مائة رجل ، فقال عليه السلام : أنشدكم اللّه هل تعلمون حيث رفعوا المصاحف
ص: 124
فقلتم : نجيبهم إلى كتاب اللّه ، فقلت لكم : إنّي أعلم بالقوم منكم ؟ وذكر مقاله إلى أن قال :
فلمّا أبيتم إلاّ الكتاب أشرطت على الحكمين أن يحييا ما أحيى القرآن ، وأن يميتا ما أمات القرآن ، فإن حكما بحكم القرآن فليس لنا أن نخالف حكمه ، وإن أبيا فنحن منه برآء ؟ فقالوا له : أخبرنا أتراه عدلاً تحكيم الرجال في الدماء ؟ فقال : إنا لسنا الرجال حكّمنا ، وإنّما حكّمنا القرآن ، والقرآن إنّما هو خطّ مسطور بين دفتين لا ينطق إنّما يتكلّم به الرجال ، قالوا : فأخبرنا عن الأجل لم جعلته فيما بينك وبينهم ؟ قال : ليعلم الجاهل ، ويثبت العالم ، ولعل اللّه يصلح في هذه المدّة لهذه الأمّة .
وجرت بينهم مخاطبات ، فجعل بعضهم يرجع ، فأعطى أمير المؤمنين عليه السلام راية الأمان مع أبي أيوب الأنصاري ، فناداهم أبو أيوب : من جاء إلى هذه الراية أو خرج من بين الجماعة فهو آمن .
فرجع منهم ثمانية آلاف رجل ، فأمرهم أمير المؤمنين عليه السلام أن يتميّزوا منهم ، وأقام الباقون على الخلاف .
وقصدوا إلى النهروان ، فخطب أمير المؤمنين عليه السلام ، واستنفرهم فلم يجيبوه ، فتمثّل :
ص: 125
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى
فلم تستبينوا النصح إلاّ ضحى الغد
* * *
ثم استنفرهم ، فنفر ألفا رجل يقدمهم عدي بن حاتم ، وهو يقول :
إلى شرّ خلق من شراة تحزّبوا
وعادوا إله الناس ربّ المشارق
* * *
فوجه أمير المؤمنين عليه السلام نحوهم ، وكتب إليهم على يدي عبد اللّه بن أبي عقب ، وفيها : والسعيد من سعدت به رعيّته ، والشقيّ من شقيت به رعيّته ، وخير الناس خيرهم لنفسه ، وشرّ الناس شرّهم لنفسه ، وليس بين اللّه وبين أحد قرابة و« كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ » .
فلمّا أتاهم أمير المؤمنين عليه السلام فاستعطفهم ، فأبوا إلاّ قتاله ، وتنادوا : أن دعوا مخاطبة علي عليه السلام وأصحابه ، وبادروا الجنّة ، وصاحوا : الرواح الرواح إلى الجنّة ، وأمير المؤمنين عليه السلام يعبى ء أصحابه ، ونهاهم أن يتقدّم إليهم أحد .
ص: 126
فكان أوّل من خرج أخنس بن العيزار الطائي ، وجعل يقول :
ثمانون من حيي جديلة قتّلوا
على النهر كانوا يخضبون العواليا
ينادون لا حكم إلاّ لربّنا
حنانيك فاغفر حوبنا والمساويا
هم فارقوا من جار في اللّه حكمه
فكلّ على الرحمن أصبح ثاويا
* * *
فقتله أمير المؤمنين عليه السلام .
وخرج عبد اللّه بن وهب الراسبي يقول :
أنا ابن وهب الراسبي الشاري
أضرب في القوم لأخذ الثار
حتى تزول دولة الأشرار
ويرجع الحقّ إلى الأخيار
* * *
وخرج مالك بن الوضاح وقال :
إنّي لبائع ما يفنى بباقية
ولا يريد لدى الهيجاء تربيضا
ص: 127
وخرج إلى أمير المؤمنين عليه السلام الوضاح بن الوضاح من جانب وابن عمّه حرقوص من جانب ، فقتل الوضاح ، وضرب ضربة على رأس الحرقوص فقطعه ، ووقع رأس سيفه على الفرس ، فشرد وأرجله في الركاب حتى أوقعه في دولاب خراب ، فصارت الحرورية كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف .
فكان المقتولون من أصحاب علي عليه السلام : رؤبة بن وبر البجلي ، ورفاعة بن وائل الأرحبي ، والعياض بن خليل الأزدي ، وكيسوم بن سلمة الجهني ، وحبيب بن عاصم الأزدي . . إلى تمام تسعة ، وانفلت من الخوارج تسعة ، كما تقدّم ذكره .
وكان ذلك لتسع خلون من صفر سنة ثمان وثلاثين(1) .
وقال العوني :
ولم ينصرم عن ذلك الجيش ساعة
إلى أن غدا فلاًّ دم القوم ضائعا
وسدّ بقتلى كفّه دون غيره
من البصرة الغراء دون الشوارعا
فأودع في أبياتهم ودؤورهم
رماحا وأسيافا وبئست ودائعا
ص: 128
وقال الحميري :
خوارج فارقوه بنهروان
على تحكيمه الحسن الجميل
على تحكيمه فعموا وصمّوا
كتاب اللّه في فم جبرئيل
فمالوا جانبا وبغوا عليه
فما مالوا هناك إلى مميل
فتاه القوم في ظلم حيارى
عماة يعمهون بلا دليل
فضلّوا كالسوائم يوم عيد
تنحّر بالغداة وبالأصيل
كأنّ الطير حولهم نصارى
عكوفا حول صلبان الأبيل
* * *
أبو نعيم الأصفهاني عن الثوري : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام أمر أن يفتش عن المخدج بين القتلى ، فلم يجدوه ، فقال رجل : واللّه ما هو فيهم ، فقال عليه السلام : واللّه ما كذبت ولا كذبت(1) .
تاريخ الطبري ، وإبانة ابن بطّة ، وسنن أبي داود ، ومسند أحمد ، عن عبد اللّه بن أبي رافع ، وأبي موسى وجندب وأبي الوضا ، واللفظ له : قال علي عليهماالسلام : اطلبوا المخدج ، فقالوا : لم نجده ، فقال : واللّه ما كذبت ولا كذبت ، يا عجلان آتني ببغلة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فأتاه بالبغلة ، فركبها وجال في القتلى ، ثم قال : اطلبوه هاهنا .
ص: 129
قال : فاستخرجوه من تحت القتلى في نهر وطين(1) .
وفي رواية أبي نعيم عن سفيان : فقيل : قد أصبناه ، فسجد للّه تعالى(2) عليه السلام ، فنصبها .
وقال الوراق القمّي :
علي له في ذي الثدية آية
رواه رواة القوم من خير مقسم
* * *
وفي رواية أبي داود ، وابن بطّة : أنّه قال علي عليه السلام : من يعرف هذا ؟ فلم يعرفه أحد ، فقال رجل : أنا رأيت هذا بالحيرة(1) فقلت : إلى أين تريد ؟ فقال : إلى هذه - وأشار إلى الكوفة - ومالي بها معرفة ، فقال علي عليه السلام : صدق هو من الجان(2) .
وفي رواية : هو من الجنّ .
وفي رواية أحمد : قال أبو الوضي : [ قال علي عليه السلام : اللّه أكبر واللّه ] لا يأتينكم أحد يخبركم من أبوه ؟ قال : فجعل الناس يقولون : هذا ملك هذا ملك ، ويقول علي عليه السلام : ابن من(3) ؟
وفي مسند الموصلي في حديث : من قال من الناس أنّه رآه قبل مصرعه ، فإنّه كاذب(4) .
وفي مسند أحمد بإسناده عن أبي الوضي : أنّه قال علي عليه السلام : أما أنّ خليلي أخبرني بثلاثة إخوة من الجنّ هذا أكبرهم ، والثاني له جمع كثير ، والثالث فيه ضعف(5) .
إبانة ابن بطّة : أنّه ذكر المقتول بالنهروان ، فقال سعد بن أبي وقاص : هو شيطان الردهة(6) .
ص: 131
وزاد أبو يعلى في المسند : شيطان الردهة رجل من بجيلة يقال له « الأشهب » أو « ابن الأشهب » علامة في قوم ظلمة(1) .
وقال الحميري :
إنّي أدين بما دان الوصي به
يوم الخريبة من قتل المخلينا
وما به دان يوم النهر دنت به
وبايعت كفّه كفّي بصفينا
في سفك ماسفكت فيها إذا حضروا
وأبرز اللّه للقسط الموازينا
تلك الدماء معا يا ربّ في عنقي
ثم اسقني مثلها آمين آمينا
* * *
وله أيضا :
ومارقة في دينهم فارقوا الهدى
ولم يأتلوا بغيا عليه وحكّموا
سطوا بابن خباب وألقى بنفسه
وقتل ابن خباب عليهم محرم
فلمّا أبوا في الغي إلاّ تماديا
سما لهم عبل الذراعين ضيغم
فأضحوا كعاد أو ثمود كأنّما
تساقوا عقارا أسكرتهم فنوّموا
* * *
محمد بن عبد اللّه الرعيني بإسناده عن علي عليه السلام أنّه قال : لمّا انصرف الناس من صفين خاض الناس في أمر الحكمين ، فقال بعض الناس :
ص: 132
ما يمنع أمير المؤمنين عليه السلام من أن يأمر بعض أهل بيته فيتكلّم ؟ فقال للحسن عليه السلام : قم يا حسن فقل في هذين الرجلين عبد اللّه بن قيس وعمرو بن العاص .
فقام الحسن عليه السلام فقال : أيّها الناس إنّكم قد أكثرتم في أمر عبد اللّه بن قيس وعمرو بن العاص ، فإنّما بعثا ليحكما بكتاب اللّه ، فحكما بالهوى على الكتاب ، ومن كان هكذا لم يسمّ حكما ، ولكنّه محكوم عليه .
وقد أخطأ عبد اللّه بن قيس في أن أوصى إلى عبد اللّه بن عمر ، فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال : في أنّ أباه لم يرضه لها ، وفي أنّه لم يستأمره ، وفي أنّه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار الذين نفّذوها لمن بعده .
وإنّما الحكومة فرض من اللّه ، وقد حكّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله سعدا في بني قريظة ، فحكم فيهم بحكم اللّه لا شكّ فيه ، فنفّذ رسول اللّه صلى الله عليه و آله حكمه ، ولو خالف ذلك لم يجزه .
ثم جلس ، ثم قال علي عليه السلام لعبد اللّه بن العباس : قم فتكلّم ، فقام وقال : أيّها الناس ، إنّ للحقّ أهلاً أصابوه بالتوفيق ، والناس بين راض وراغب عنه ، وإنّما بعث عبد اللّه بن قيس لهدى إلى ضلالة ، وبعث عمرو بن العاص لضلالة إلى الهدى ، فلمّا التقيا رجع عبد اللّه عن هداه ، وثبت عمرو على ضلالته ، واللّه لئن حكما بالكتاب لقد حكما عليه ، وإن كانا حكما بما اجتمعا عليه معا ما اجتمعا على شيء ، وإن كانا حكما بما سارا إليه ،
ص: 133
لقد سار عبد اللّه وإمامه علي عليه السلام ، وسار عمرو وإمامه معاوية ، فما بعد هذا من عيب ينتظر ، ولكنّهم سئموا الحرب ، وأحبّوا البقاء ، ودفعوا البلاء ، ورجا كلّ قوم صاحبهم .
ثم جلس ، ثم قال عليه السلام لعبد اللّه بن جعفر : قم فتكلّم ، فقام عبد اللّه وقال : أيّها الناس ، إنّ هذا الأمر كان النظر فيه إلى علي عليه السلام ، والرضى فيه لغيره ، فجئتم بعبد اللّه بن قيس ، فقلتم : لا نرضى إلاّ بهذا ، فارض به فإنّه رضانا ، وأيم اللّه ما استفدناه علما ، ولا انتظرنا منه غائبا ، ولا أمّلنا ضعفه ، ولا رجونا به صاحبه ، ولا أفسدا بما عملا للعراق ، ولا أصلحا الشام ، ولا أماتا حقّ علي عليه السلام ، ولا أحييا باطل معاوية ، ولا يذهب الحقّ رقية راق ، ولا نفخة شيطان ، وأنا اليوم لعلي عليه السلام ما كنّا عليه بالأمس ، وجلس(1) .
وقال الحميري :
وأهوج لاحى(2) في علي وعابه
بسفك دماء من رجال تهوّدوا
وتلك دماء المارقين وسفكهامن اللّه ميثاق عليه مؤكد
هم نكثوا أيمانهم بنفاقهمكما أبرقوا من قبل ذاك وأرعدوا
أنلحى امرءا ما زال مذ هو يافعيصلّي ويرضي ربّه ويوحّد
وقد كانت الأوثان قبل صلاتهيطاف بها في كلّ يوم وتعبد
ص: 134
وقال ابن الحجاج :
مرّوا إلى النهروان يعدون
مثل حمار بلا مكاري
كانوا شراة فصبّحتهم
كفّ علي بذي الفقار
* * *
نوف البكالي عن أمير المؤمنين عليه السلام : أنّه نادى بعد الخطبة بأعلى صوته : الجهاد الجهاد عباد اللّه ، ألا وإنّي معسكر في يومي هذا ، فمن أراد الرواح إلى اللّه فليخرج .
قال نوف : وعقد للحسين عليه السلام في عشرة آلاف ، ولقيس بن سعد في عشرة آلاف ، ولأبي أيوب الأنصاري في عشرة آلاف ، ولغيرهم على أعداد أخر ، وهو يريد الرجعة إلى صفين ، فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم ، فتراجعت العساكر(1) .
ص: 135
أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال : جاء المهاجرون والأنصار وغيرهم بعد النبي صلى الله عليه و آله إلى علي عليه السلام ، فقالوا : أنت - واللّه - أمير المؤمنين ، وأنت - واللّه - أحقّ الناس وأولاهم بعد النبي صلى الله عليه و آله ، هلمّ يدك نبايعك ، فواللّه لنموتنّ قدّامك ! فقال علي عليه السلام : إن كنتم صادقين فاغدوا عليّ محلّقين .
فحلق علي عليه السلام ، وحلق سلمان ، وحلق المقداد ، وحلق أبو ذر ، ولم يحلق غيرهم ، ثم انصرفوا فجاؤوا مرّة أخرى ، بعد ذلك ، فقالوا له مثل قولهم الأوّل ، وأجابهم مثله ، وما حلق إلاّ هؤلاء الثلاثة(1) .
وكذلك ذكر أبو جعفر الطوسي في كتاب « اختيار الرجال » أنّه : قال أبو جعفر عليه السلام : كان الناس أهل ردّة بعد النبي صلى الله عليه و آله إلاّ ثلاثة : سلمان وأبو ذر والمقداد(2) .
وفي معرفة الرجال من الكشي في حديث عن الصادق عليه السلام : ثم حلق أبو سنان ، وعمار ، وشتير ، وأبو عمرو ، فصاروا سبعة(3) .
ص: 136
قال الحميري :
علي وأبو ذر ومقداد وسلمان
وعمار وعبد اللّه والعبسي إخوان
دعوا فاستودعوا علما فأدّوه وما خانوا
فصلّى ربّ جبريل عليهم معشرا بانوا
أدين اللّه بالدين الذي كانوا به دانوا
* * *
وقال ابن حماد :
فكفّ مولاي الإمام كفّه
إذ قلّ في حقوقه أعوانه
يتبعه مقداده وعبده
عماره وسلمه سلمانه
والصادق اللهجة أعني جندبا
فلم يزل لطوعه إتيانه
* * *
وفي جمل أنساب الأشراف : أنّه قال الشعبي في خبر : لمّا قتل عثمان أقبل الناس إلى علي عليه السلام ليبايعوه ، ومالوا إليه ، فمدّوا يده فكفّها ، وبسطوها فقبضها حتى بايعوه(1) .
وفي سائر التواريخ : أنّ أوّل من بايعه طلحة بن عبيد اللّه ، وكانت
ص: 137
أصبعه أصيبت يوم أحد فشلّت ، فبصر بها أعرابي حين بايع ، فقال : ابتداء هذا الأمر يد شلاء لا يتمّ ، ثم بايعه الناس في المسجد .
ويروى أنّ الرجل كان عبيد بن ذويب ، فقال : يد شلاء وبيعة لا تتمّ(1) .
وهذا عنى البرقي في بيته :
ولقد تيقّن من تيقّن غدرهم
إذ مدّ أوّلهم يدا شلاءا
* * *
جبلة بن سحيم عن أبيه أنّه قال : لمّا بويع علي عليه السلام جاء إليه المغيرة بن شعبة ، فقال : إنّ معاوية من قد علمت ، وقد ولاّه الشام من كان قبلك ، فولّه أنت كيما تتّسق عرى الإسلام ، ثم اعزله إن بدا لك ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أتضمن لي عمري - يا مغيرة - فيما بين توليته إلى خلعه ؟ قال : لا ، قال عليه السلام : لا يسألني اللّه عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا « وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً »(2) . . الخبر .
ص: 138
ولمّا بويع علي عليه السلام أنشأ خزيمة بن ثابت :
إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا
أبو حسن ممّا نخاف من الفتن
وجدناه أولى الناس بالناس أنّه
أطبّ قريش بالكتاب وبالسنن
وأنّ قريشا لا تشقّ غباره
إذا ما جرى يوما على ضمر البدن
ففيه الذي فيهم من الخير كلّه
وما فيهم مثل الذي فيه من حسن
وصي رسول اللّه من دون أهله
وفارسه قد كان في سالف الزمن
وأوّل من صلّى من الناس كلّهم
سوى خيرة النسوان واللّه ذو المنن
وصاحب كبش القوم في كلّ وقعة
يكون لها نفس الشجاع لذي الذقن
فذاك الذي تثنى الخناصر باسمه
إمامهم حتى أغيّب في الكفن(1)
ص: 139
وقال أبو العباس أحمد بن عطية :
رأيت عليا خير من وطأ الحصى
وأكرم خلق اللّه من بعد أحمد
وصيّ رسول المرتضى وابن عمّه
وفارسه المشهور في كلّ مشهد
تخيّره الرحمن من خير أسرة
لأطهر مولود وأطيب مولد
إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا
ببيعته بعد النبي محمد
* * *
ص: 140
قصد عليه السلام دار أم هاني متقنّعا بالحديد يوم الفتح ، وقد بلغه أنّها آوت الحارث بن هشام وقيس بن السائب وناسا من بني مخزوم ، فنادى : أخرجوا من آويتم ، فجعلوا يذرقون كما تذرق الحبارى خوفا منه .
وخرجت إليه أم هاني وهي لا تعرفه ، فقالت : يا عبد اللّه ، أنا أم هاني بنت عمّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وأخت أمير المؤمنين عليه السلام انصرف عن داري ، فقال عليه السلام : أخرجوهم .
فقالت : واللّه لأشكونك إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
فنزع المغفر عن رأسه فعرفته ، فجاءت تشتدّ حتى ألزمته ، فقالت : فديتك ، حلفت لأشكونّك إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال لها : اذهبي فبرّي قسمك ، فإنّه بأعلى الوادي .
فأتت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال لها : إنّما جئت - يا أم هاني - تشكين عليا ، فإنّه أخاف أعداء اللّه وأعداء رسوله ، شكر اللّه لعلي سعيه ، وأجرت من أجارت أم هاني ، لمكانها من علي بن أبي طالب(1) .
ص: 141
وسئل عليه السلام عن رجل ؟ فقال : توفي البارحة .
فلمّا رأى جزع السائل قرأ : « اللّهُ يَتَوَفَّى الأَْنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها »(1) .
وقال عليه السلام : حين استقبله رجل مع تيس وقلّده عمامته : إنّ أحد الثلاثة لأحمق ، فقال : أمّا أنا وتيسي فلا(2) .
وقال لجاريته وقد وضأته ، فلمّا نهض اعتمد عليها ، فقال : انظري لا تضرطي .
وقال له رجل : إنّه احتلم على أمّي ، فقال : أقيموه في الشمس واضربوا ظلّه الحدّ(3) .
ص: 142
وقال عليه السلام : حين علا المنبر ، والناس ضجّوا بالدعاء له : حبقة حبقة تموت عنّي بقة ، يعني بكيرا(1) .
وقال عليه السلام : لرجل من بكر بن وائل ، وقد قال له : ما قسمت بالسويّة ، ولا عدلت في الرعيّة ، [ فقال : ولم ويحك ؟ قال : لأنّك ] قسمت ما في العسكر وتركت الأموال والنساء والذريّة ، فقال عليه السلام أيّها الناس : من كانت به جرحة فليداوها بالسمن(2) .
ص: 144
ص: 145
ص: 146
ص: 147
ص: 148
قوله تعالى : « وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤمِنِينَ وَلِيجَةً » في أمير المؤمنين(1) عليه السلام .
تفسير الثعلبي عن أبي مالك عن ابن عباس في قوله « وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً » قال : المودّة لآل محمد(2) عليهم السلام .
الحسن بن علي عليه السلام قال : الحسنة حبّ أهل البيت(3) عليهم السلام .
أبو تراب في الحدائق والخوارزمي في الأربعين بإسنادهما عن أنس ،
ص: 149
والديلمي في الفردوس عن معاذ ، وجماعة عن ابن عمر قال : النبي صلى الله عليه و آله : حبّ علي بن أبي طالب حسنة لا تضرّ معها سيئة ، وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة(1) .
قال الشاعر :
وقد أتت الرواية في حديث
صحيح عن ثقات محدّثينا
بأنّ محبّة الهادي علي
أجلّ تجارة للتاجرينا
وليس تضرّ سيئة بخلق
يكون بها من المتخلّقينا
* * *
كتاب ابن مردويه ، بالإسناد عن زيد بن علي عن أبيه عن جدّه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه و آله قال : يا علي ، لو أنّ عبدا عبد اللّه مثل ما دام(2) نوح عليه السلام في قومه ، وكان له مثل جبل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل اللّه ، ومدّ عمره حتى حجّ ألف عام على قدميه ، ثم قتل بين الصفا والمروة مظلوما ، ثم لم يوالك - يا علي - لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها(3) .
وفي تاريخ النسائي ، وشرف المصطفى ، واللفظ له : قال النبي صلى الله عليه و آله : لو أنّ
ص: 150
عبدا عَبد اللّه - تعالى - بين الركن والمقام ألف عام ، ثم ألف عام ، ولم يكن يحبّنا أهل البيت ، لأكبّه اللّه على منخره في النار(1) .
مقصورة العبدي :
لو أنّ عبدا لقى اللّه بأعمال
جميع الخلق برّا وتقى
ولم يكن والى عليا حبطت
أعماله وكبّ في نار لظى
* * *
قال الشاعر :
بغضه يدخل الجحيم ويمحى
بولاه كبائر الأوزار
هكذا المنذر التهامي عنه
قال فوق الأعواد غير مرار
لو وفود الحجيج بالسعي فازوا
ألف عام بالحجّ والأعمار
وحنتهم صلاتهم كالحنايا(2)
وبقوا بالصيام كالأوتار
ولقوا اللّه مبغضين عليالأكبّت وجوههم في النار
* * *
وتنحّل البحتري هذا المعنى لغيرهم ، فقال :
مخالف أمركم للّه عاص
ومنكم حقّكم لاق أثاما
وليس بمسلم من لم يقدّم
ولايتكم ولو صلّى وصاما
* * *
ص: 151
حسان بن سدير عن الباقر عليه السلام قال : ما ثبّت اللّه حبّ علي عليه السلام في قلب أحد فزلّت له قدم إلاّ ثبّتها اللّه ، وثبّت له قدم أخرى(1) .
الفردوس والرسالة القواميّة : أبو صالح عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : حبّ علي بن أبي طالب يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب(2) .
كتاب الخطيب الخوارزمي وشيرويه الديلمي عن جابر بن عبد اللّه قال النبي صلى الله عليه و آله :
جاءني جبرئيل عليه السلام من عند اللّه بورقة آس خضراء مكتوب فيها ببياض : « إنّي افترضت محبّة علي بن أبي طالب على خلقي ، فبلّغ ذلك عنّي »(3) .
ص: 152
معجم الطبراني بإسناده إلى فاطمة عليهاالسلام قالت : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه - تعالى - باهى بكم وغفر لكم عامّة ، ولعلي خاصّة ، وإنّي رسول اللّه إليكم غير هائب لقومي ، ولا محاب(1) لقرابتي ، هذا جبرئيل عليه السلام يخبرني :
أنّ السعيد كلّ السعيد من أحبّ عليا عليه السلام في حياته وبعد موته ، وأنّ الشقيّ كلّ الشقيّ من أبغض عليا عليه السلام في حياته وبعد موته(2) .
قال الشاعر :
إن كنت تطمع في الجنان وطيبها
فاثبت على دين النبي محمد
وامنح ودادك للإمام المرتضى
أسد الإله الهاشمي السيّد
* * *
حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه و آله في خبر : أنّ اللّه فرض على الخلق خمسة ، فأخذوا أربعة وتركوا واحدا ، فسئل عن ذلك ، قال : الصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والحجّ .
قالوا : فما الواحد الذي تركوا ؟ قال : ولاية علي بن أبي طالب عليهماالسلام .
ص: 153
قالوا : هي واجبة من اللّه ؟ قال : نعم ، قال اللّه تعالى : « فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً »(1)) . . الآيات .
لائمي في محبّتي لعلي
كفّ عنّي الملام لا تعذلني
حبّه كالصلاة فرض فهل لي
إن تركت الصلاة من يجز عنّي
* * *
روضة الواعظين في خبر : أنّ النبي صلى الله عليه و آله قال يوما لأصحابه : أيّكم يصوم الدهر ويحيي الليل ويختم القرآن ؟ فقال سلمان : أنا يا رسول اللّه .
فغضب بعضهم ، فقال : إنّ سلمان رجل من الفرس يريد أن يفتخر علينا معاشر قريش ، وهو يكذب في جميع ذلك !!
فقال النبي صلى الله عليه و آله : مه يا فلان ، أنّى لك بمثل لقمان الحكيم ، سله فإنّه ينبئك .
فقال : رأيتك في أكثر أيامك تأكل ، وأكثر لياليك نائما ، وأكثر أيامك صامتا ، فقال : ليس حيث تذهب إنّي أصوم الثلاثة في الشهر ، وقال اللّه : « مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها » ، وأوصل رجب وشعبان بشهر رمضان ، فذلك صوم الدهر ، وسمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : من بات على طهر فكأنّما أحيى الليل ، وأنا أبيت على طهر ، وسمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول لعلي عليه السلام : يا أبا الحسن ، مثلك في أمّتي مثل « قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ » ، فمن قرأها
ص: 154
مرّة فقد قرأ ثلث القرآن، ومن قرأها مرّتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومن قرأها ثلاث مرّات فقد ختم القرآن كلّه ، فمن أحبّك بلسانه فقد كمل له ثلث الإيمان ، ومن أحبّك بلسانه وقلبه فقد كمل له ثلثا الإيمان ، ومن أحبّك بلسانه وقلبه ونصرك بيده فقد استكمل الإيمان ، والذي بعثني بالحقّ نبيا - يا علي - لو أحبّك أهل الأرض كمحبّة أهل السماء لما عذّب أحد بالنار ، وأنا أقرء « قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ » كلّ يوم ثلاث مرّات، فقام كأنّه ألقم حجرا(1).
وقال ابن عباس : كان يهودي يحبّ عليا عليه السلام حبّا شديدا ، فمات ولم يسلم .
قال ابن عباس : فيقول الجبار - تبارك وتعالى - : أمّا جنّتي فليس له فيها نصيب ، ولكن يا نار لا تهدّيه - أي لا تزعجيه - .
فضائل أحمد وفردوس الديلمي : قال عمر بن الخطاب : قال النبي صلى الله عليه و آله : حبّ علي براءة من النار(2) .
ص: 155
وأنشد :
حبّ علي جنّة للورى
احطط به يا ربّ أوزاري
لو أنّ ذميّا نوى حبّه
حصّن في النار من النار
* * *
وفي فردوس الديلمي : قال أبو صالح : لمّا حضرت عبد اللّه بن عباس الوفاة قال : اللّهم إنّي أتقرّب إليك بولاية علي بن أبي طالب(1) .
حلية الأولياء : قال يحيى بن كثير الضرير : رأيت زبيد بن الحارث النامي في النوم ، فقلت له : إلى مَ صرت يا أبا عبد الرحمن ؟
قال : إلى رحمة اللّه ، قلت : فأيّ العمل وجدت أفضل ؟ قال : الصلاة ، وحبّ علي بن أبي طالب عليهماالسلام(2) .
ونزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه و آله وقال : يا محمد ، اللّه العلي الأعلى يقرأ
ص: 156
عليك السلام وقال : محمد نبي رحمتي ، وعلي مقيم حجّتي ، لا أعذّب من والاه وإن عصاني ، ولا أرحم من عاداه وإن أطاعني(1) .
حبّه فرض على كلّ امرء
عرف الحقّ على غير جدال
وبه ينجو مواليه غدا
إذ ولاه عدّة للمتوال
* * *
حلية الأولياء وفضائل أحمد وخصائص النطنزي : روى زيد بن أرقم عن النبي صلى الله عليه و آله قال : من أحبّ أن يحيى حياتي ، ويموت موتتي ، ويسكن جنّة الخلد التي وعدني ربّي - عزّ وجلّ - غرس قضبانها بيده ، فليتول علي بن أبي طالب ، فإنّه لم يخرجكم من هدى ، ولن يدخلكم في ضلالة(2) .
وفي رواية ابن عباس وأبي هريرة : من سرّه أنّ يحيا حياتي ويموت ميتتي ، ويدخل جنّة عدن منزلي ، [ ويمسك قضيبا ] منها غرسه ربّى ، ثم قال له : كن فيه ، فكان ، فليتولّ علي بن أبي طالب وليّا ، ثم الأوصياء من ولده ، فإنّهم عترتي خلقوا من طينتي(3) . . الخبر .
ص: 157
وقال عبد اللّه بن موسى : تشاجر رجلان في الإمامة ، فتراضيا بشريك بن عبد اللّه ، فجاءا إليه ، فقال شريك : حدّثني الأعمش عن شقيق عن سلمة عن حذيفة اليمان : قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه - عزّ وجلّ - خلق عليا قضيبا من الجنّة ، فمن تمسّك به كان من أهل الجنّة .
فاستعظم ذلك الرجل وقال : هذا حديث ما سمعناه ، نأتي ابن دراج ، فأتياه فأخبراه بقصّتهما ، فقال : أتعجبان من هذا ! حدّثني الأعمش عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه خلق قضيبا من نور ، فعلّقه ببطنان عرشه ، لا يناله إلاّ علي عليه السلام ومن تولاّه من شيعته .
فقال الرجل : هذه أخت تلك ، نمضي إلى وكيع .
فمضيا إليه فأخبراه بالقصّة ، فقال وكيع : أتعجبان من هذا ! حدّثني الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ أركان العرش لا ينالها إلاّ علي عليه السلام ومن تولاه من شيعته .
قال : فاعترف الرجل بولاية علي(1) عليه السلام .
ابن بطّة في الإبانة والخطيب في الأربعين بإسنادهما عن السدي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعن زيد ابن أرقم ، وبإسنادهما عن شريك عن الأعمش عن حبيب بن ثابت عن زيد بن أرقم ، والثعلبي في ربيع المذكرين بإسناده عن أبي هريرة ، واللفظ لزيد :
ص: 158
قال النبي صلى الله عليه و آله : من أحبّ أن يتمسّك بالقضيب الأحمر الذي غرسه اللّه في جنّة عدن بيمينه ، فليتمسك بحبّ علي بن أبي طالب(1) .
قال خطيب منبج :
لقد غرس الإله بدار عدن
قضيبا وهو خير الغارسينا
من الياقوت يستعلي وينمو
على قضبانها حسنا ولينا
فإن شئتم تمسّكتم فكونوا
بحبل أخي من المتمسّكينا
* * *
وقال البصري :
يروى بأنّ أبا هريرة قال لي
إنّي ملأت من النبي مسامعا
من رام أن يتمسّك الغصن الذي
من أحمر الياقوت أصبح لامعا
من غرس ربّ العالمين وزرعه
من جنّتي عدن تبارك زارعا
فليلقين(2) لولاية الهادي أبي
حسن علي ذي المناقب تابعا
* * *
الخطيب في الأربعين عن عمران بن الحصين ، والزمخشري في ربيع الأبرار عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ،
ص: 159
والسمعاني في الرسالة القواميّة عن عمر بن الخطاب عن الخدري ، ويوسف بن موسى القطان عن وكيع عن مالك بن أنس عن الزهري عن أنس عن عمر بن الخطاب ، واللفظ لعائشة قالت :
كان أبو بكر يديم النظر إلى علي عليه السلام ، فقيل له في ذلك ، فقال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : النظر إلى علي عليه السلام عبادة(1) .
الإبانة عن ابن بطّة روى أبو صالح عن أبي هريرة قال : رأيت معاذا يديم النظر إلى وجه علي عليه السلام ، فقلت له : إنّك تديم النظر إليه ، كأنّك لم تره ! فقال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : النظر إلى وجه علي بن أبي طالب عبادة(2) . وهو أكثر في الروايات .
وفي رواية عمار ومعاذ وعائشة عن النبي صلى الله عليه و آله : النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة ، وذكره عبادة ، ولا يقبل إيمان إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه(3) .
شيرويه في الفردوس : قالت عائشة : قال النبي صلى الله عليه و آله : ذكر علي عبادة(4) .
ص: 160
الخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله : أنّه كان الناس يصلّون وأبو ذر ينظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقيل له في ذلك ، فقال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آلهيقول : النظر إلى علي بن أبي طالب عبادة ، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة ، والنظر في المصحف عبادة ، والنظر إلى الكعبة عبادة(1) .
أبو ذر : قال النبي صلى الله عليه و آله : مثل علي عليه السلام فيكم - أو قال : في هذه الأمّة - كمثل الكعبة المستورة ، النظر إليها عبادة ، والحجّ إليها فريضة(2) .
قال البشنوي :
خير الوصيّين من خير البيوت ومن
خير القبائل معصوم من الزلل
إذا نظرت إلى وجه الوصيّ فقد
عبدت ربّك في قول وفي عمل
* * *
ص: 161
ص: 162
ص: 163
ص: 164
زياد بن المنذر عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » قال : ولاية علي(1) عليه السلام .
أبان بن عثمان عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : « ذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ » الآية ، قال : هو وعيد توعّد اللّه - عزّ وجلّ - به من كذّب بولاية علي أمير المؤمنين عليه السلام .
مجاهد قال أبو ذر : قال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، من أطاعك فقد أطاعني ، ومن أطاعني فقد أطاع اللّه ، ومن عصاك فقد عصاني ، ومن عصاني فقد عصى اللّه (2) .
ص: 165
السمعاني في فضائل الصحابة : قال أبو ذر : قال النبي صلى الله عليه و آله : لا تضادّوا عليا فتكفروا ، ولا تفضلّوا عليه فترتدّوا .
أبو ذر وابن عمر : قال النبي صلى الله عليه و آله : من فارق عليا فقد فارقني ، ومن فارقني فقد فارق اللّه (1) .
وفي رواية ابن عمر : يا علي ، من خالفك فقد خالفني ، ومن خالفني فقد خالف اللّه (2) .
إمام الزيدية أبو طالب الهروي بإسناده عن علقمة ، وأبو أيوب : أنّه لمّا نزلت «الم أَحَسِبَ النّاسُ » الآيات ، قال النبي صلى الله عليه و آله لعمار : إنّه سيكون بعدي هناة(3) حتى يختلف السيف فيما بينهم ، وحتى يقتل بعضهم بعضا ، وحتى يتبرء بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب ، فإن سلك الناس كلّهم واديا فاسلك وادي علي عليه السلام وخلّ عن الناس .
يا عمار ، إنّ عليا لا يردّك عن هدى ، ولا يردّك إلى ردى .
ص: 166
يا عمار ، طاعة علي طاعتي ، وطاعتي طاعة اللّه (1) .
وفي رواية الناصر بإسناده عن جابر الأنصاري ، وطريف العبدي ، وأبى عبد الرحمن : قال علي عليه السلام : واللّه نزلت هذه الآيات فيّ وفى شيعتي ، وفي عدوّي وفي أشياعهم(2) .
الحسين بن علي عن أبيه عليه السلام قال : لمّا نزلت «الم أَحَسِبَ النّاسُ »
الآيات ، قلت : يا رسول اللّه ، ما هذه الفتنة ؟ قال : يا علي ، إنّك مبتلى ومبتلى بك ، وإنّك مخاصم فأعدّ للخصومة(3) .
جابر عن أبي جعفر عن أبيه عليه السلام قال النبي صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : كيف بك - يا علي - إذا ولّوها من بعدي فلانا ؟ قال : هذا سيفي أحول بينهم وبينها ، قال النبي صلى الله عليه و آله : وتكون صابرا محتسبا فهو خير لك منها ، قال علي عليه السلام : فإذا كان خيرا لي فأصبر وأحتسب .
ثم ذكر فلانا وفلانا كذلك ، ثم قال : كيف بك إذا بويعت ثم خلفت(4) ، فأمسك علي عليه السلام ، فقال : اختر - يا علي - السيف أو النار .
ص: 167
قال علي عليه السلام : فما زلت أضرب أمري ظهر لبطن فما يسعني إلاّ جهاد القوم وقتالهم .
* * *
ويروى قوله تعالى : « وَعَلَى الأَْعْرافِ رِجالٌ » علي وعبيدة وحمزة عليهم السلام ، لقوله تعالى : « هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا » فإنّهم قاتلوا شيبة وعتبة والوليد(1) .
البخاري ومسلم بالإسناد : قال قيس بن سعد : قال علي عليه السلام : أنا أوّل من يجثو(2) للحكومة بين يدي اللّه (3) .
كتاب أحمد بن عبد اللّه المؤذّن عن أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة وابن عباس ، وفى تفسير ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله : « أَلَيْسَ اللّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ » ، وقد دخلت الروايات بعضها في بعض :
ص: 168
إنّ النبي صلى الله عليه و آله انتبه من نومة في بيت أمّ هاني فزعا ، فسألته عن ذلك ، فقال : يا أمّ هاني ، إنّ اللّه - عزّ وجلّ - عرض عليّ في منامي القيامة وأهوالها ، والجنّة ونعيمها ، والنار وما فيها وعذابها ، فاطلعت في النار فإذا أنا بمعاوية وعمرو بن العاص قائمين في حرّ جهنم ترضخ(1) رؤوسها الزبانية بحجارة من جمر جهنم يقولون لهما : هل آمنتما بولاية علي بن أبي طالب .
قال ابن عباس : فيخرج علي عليه السلام من حجاب العظمة ضاحكا مستبشرا ، وينادي : حكم لي وربّ الكعبة ، فذلك قوله : « أَلَيْسَ اللّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ » ، فيبعث الخبيث إلى النار ، ويقوم علي عليه السلام في الموقف يشفع في أصحابه وأهل بيته وشيعته .
فهذه الأخبار توجب طاعة علي عليه السلام ، والنهي عن مخالفته ، وقال اللّه تعالى : « أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ » .
قال الحميري :
إنّ امرءا خصمه أبو حسن
لعازب الرأي داحض الحجج(2)
لا يقبل اللّه منه معذرةولا تلاقيه حجّة الفلج(3)
* * *
ص: 169
وقال العوني :
أيا أمّة السوء التي ما تيقّظت
لما قد خلت فيها من المثلات
وقد وترت آل النبي ورهطه
على قدم الأيام أيّ ترات
بني المصطفى والمرتضى علم الهدى
إمام الهدى والكاشف الكربات
ببدر وأحد والنضير وخيبر
ويوم حنين ساعة الهبوات(1)
وصاحب خمّ والفراش وفضلهومن خصّ بالتبليغ عند براة(2)
* * *
ص: 170
ص: 171
ص: 172
ابن عقدة وابن جرير بالإسناد عن الخدري وجابر الأنصاري ، وجماعة من المفسّرين في قوله تعالى « وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ » ببغضهم علي بن أبي طالب عليهماالسلام(1) .
قال الربيع بن سليمان : كنت بالكوفة ، فمررت بمجنون فقرأت عليه : « آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ » فقال : ما على اللّه يفتري ، ولكن يبغض علي بن أبي طالب عليهماالسلام .
جابر سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى : « فَالَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ بِالآْخِرَةِ
ص: 173
قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ » فقال عليه السلام : فإنّهم عن ولاية علي عليه السلام
مستكبرون ، فقال اللّه لمن فعل ذلك وعيدا منه « لا جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ »(1) .
الباقر عليه السلام : « إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ » أعداؤه وأولياؤه ، ومن كان يهزأ بأمير المؤمنين عليه السلام ، وهم الذين قالوا : هذا صفيّ محمد من بين أهله ، وكانوا يتغامزون بأمير المؤمنين عليه السلام ، فأنزل اللّه تعالى : « وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ » .
الباقر عليه السلام في قوله : « قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ »
الآية نزلت فيهم ، وذلك حين اجتمعوا فقالوا : لئن مات محمد صلى الله عليه و آله لم نسمع لعلي عليه السلام ولا لأحد من أهل بيته ذكر .
ابن بطّة في الإبانة بإسناده عن جابر : قال النبي صلى الله عليه و آله : لو أنّ أمّتي أبغضوك لأكبّهم اللّه على مناخرهم في النار(2) .
ص: 174
عطية بن أبي سعيد قال النبي صلى الله عليه و آله : من أبغضنا أهل البيت فهو منافق(1) .
ابن مسعود قال النبي صلى الله عليه و آله : من زعم أنّه آمن بما جئت وهو مبغض عليا ، فهو كاذب ليس بمؤمن(2) .
النبي صلى الله عليه و آله : من لقى اللّه - عزّ وجلّ - وفي قلبه بغض علي بن أبي طالب عليهماالسلام لقى اللّه وهو يهودي .
تاريخ الخطيب ، وكتاب ابن المؤذن ، واللفظ له : أنّه رآه يزيد بن هارون في المنام ، فقيل : ما فعل بك ؟
فقال : عاتبني فقال : أتحدّث عن حريز بن عثمان ؟ قال : قلت : يا ربّ ما علمت إلاّ خيرا ، قال : يا يزيد ، إنّه كان يبغض علي بن أبي طالب(1) .
قال ابن رزيك :
بحبّ علي ارتقي منكب العلى
وأسحب ذيلي فوق هام السحائب(2)
إمامي الذي لمّا تلفّظت باسمهغلبت به من كان بالكثر غالبي
* * *
قال الحماني :
الفاضل الخطب الذي باسمه
يمتحن الإيمان والكفر
* * *
الباقر عليه السلام في قوله تعالى :
« أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ» بموالاة علي عليه السلام « فَفَرِيقاً »
ص: 176
من آل محمد صلى الله عليه و آله « كَذَّبْتُمْ » « وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ »(1) .
الصادق عليه السلام سئل عن قوله تعالى «قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا
رَشَداً »فقال : إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله دعا الناس إلى ولاية علي عليه السلام فكره ذلك قوم ، وقالوا فيه ، فأنزل اللّه «قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللّهِ أَحَدٌ » إن عصيته فيما أمرني به(2) . . الآيات .
هلقام عن أبي جعفر في قوله : « فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ » قال : دفعهم ولاية أمير المؤمنين(3) عليه السلام .
ابن بطّة من ستّة طرق ، وابن ماجة ، والترمذي ، ومسلم ، والبخاري ، وأحمد ، وابن البيع ، وأبو القاسم الأصفهاني ، وأبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع ، وابن معاوية عن الأعمش بأسانيدهم عن زر بن حبيش :
قال علي عليه السلام : والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، إنّه لعهد النبي الأمّي صلى الله عليه و آله
أنّه لا يحبّني إلاّ مؤمن ، ولا يبغضني إلاّ منافق(4) .
ص: 177
الحلية ، وفضائل السمعاني ، والعكبري ، وشرح الألكاني ، وتاريخ بغداد عن زر بن حبيش قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : عهد إليّ النبي صلى الله عليه و آله أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق(1) .
وقد رواه كثير النوا وسالم بن أبي حفصة .
جامع الترمذي ، ومسند الموصلي ، وفضائل أحمد عن أم سلمة : قال النبي صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : لا يحبّك منافق ولا يبغضك مؤمن(2) .
أحمد في مسند النساء الصحابيات عن أمّ سلمة ، وكتاب إبراهيم الثقفي عن أنس :
ص: 178
قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أبشر ، فإنّه لا يبغضك مؤمن ولا يحبّك منافق ، ولولا أنت لم يعرف حزب اللّه (1) .
وفي الخبر : يا علي ، حبّك تقوى وإيمان ، وبغضك كفر ونفاق(2) .
الصادق عليه السلام «وَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا » يعني بولاية علي عليه السلام « وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ » يعني الذين أنكروا ولايته(3) .
ربيع المذكرين : قال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، لولاك لما عرف المؤمنون بعدي(4) .
البلاذري والترمذي والسمعاني عن أبي هارون العبدي قال أبو سعيد الخدري : كنّا لنعرف المنافقين نحن معاشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب عليهماالسلام(5) .
إبانة العكبري وكتاب ابن عقدة وفضائل أحمد بأسانيدهم : أنّ جابرا
ص: 179
والخدري قالا : كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ببغضهم عليا(1) .
إبانة العكبري وشرح الألكاني : قال جابر وزيد بن أرقم : ما كنّا نعرف المنافقين ونحن مع النبي صلى الله عليه و آله إلاّ ببغضهم عليا(2) .
وقال أنس : ما خفي منافق على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله بعد هذه الآية(3)(4) .
قال الحميري :
وجاء عن ابن عبد اللّه إنّا
به كنّا نميز مؤمنينا
فنعرفهم بحبّهم عليا
وإنّ ذوي النفاق ليعرفونا
ببغضهم الوصيّ ألا فبعدا
لهم ماذا عليه ينقمونا
وممّا قالت الأنصار كانت
مقالة عارفين مجرّبينا
ببغضهم على الهادي عرفنا
وحقّقنا نفاق منافقينا
* * *
ص: 180
ولغيره أيضا :
فرض اللّه والنبي على الخلق
موالاته بخمّ ونصّا
وبه يعرف النفاق من الإيمان
فاعرف ما قلت سرّا ومحصا
* * *
الباقر عليه السلام في قوله : « وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » قال : لا تعدلوا عن ولايتنا فتهلكوا في الدنيا والآخرة(1) .
أبو بكر مردويه عن أحمد بن محمد بن الصباح النيسابوري عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أحمد قال : سمعت الشافعي يقول : سمعت مالك بن أنس يقول :
قال أنس بن مالك : ما كنّا نعرف الرجل لغير أبيه إلاّ ببغض علي بن أبي طالب عليهماالسلام(2) .
أنس في خبر طويل : كان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه ، ثم يقف على طريق علي عليه السلام ، فإذا نظر إليه أومى ء بأصبعه : يا بني
ص: 181
تحبّ هذا الرجل ؟ فإن قال : نعم قبله ، وإن قال : لا ، خرق به الأرض ، وقال له : الحق بأمّك(1) .
الهروي في الغريبين : قال عبادة بن الصامت : كنّا نسبر(2) أولادنا بحبّ علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، فإذا رأينا أحدهم لا يحبّه علمنا أنّه لغير رشدة(3) .
الطبري في الولاية بإسناده له عن الأصبغ بن نباتة قال علي عليه السلام : لا يحبّني ثلاثة : ولد زنا ، ومنافق ، ورجل حملت به أمّه في بعض حيضها(4) .
قال الصاحب :
حبّ علي بن أبي طالب
فرض على الشاهد والغائب
وأمّ من نابذه عاهر
تبذل للنازل والراكب
* * *
وله أيضا :
حبّ علي بن أبي طالب
يميّز الحرّ من النغل(5)
.................................
يصفر وجه السفلة النذل(6)
لا تعذلوه واعذلوا أمّهإذ آثرت جارا على البعل
ص: 182
وله أيضا :
حبّ الوصي علامة
في من على الإسلام ينشو
فإذا رأيت مناصبا
فاعلم بأنّ أباه كبش
* * *
وله أيضا :
بحبّ علي تزول الشكوك
وتصفوالنفوس ويزكوالنجار(1)
فمهما رأيت محبّا له
فثمّ العلاء وثمّ الفخار
ومهما رأيت بغيضا له
ففي أصله نسب مستعار
فمهّد على نصبه عذره
فحيطان دار أبيه قصار
* * *
ولغيره :
بغض الوصي علامة معروفة
كتبت على جبهات أولاد الزنا
من لم يوال من الأنام وليّه
سيّان عند اللّه صلّى أم زنا
* * *
وقال آخر :
من كان ذا علم وذا فطنة
وبغض أهل البيت من شانه
فإنّما الذنب على أمّه
إذ حملت من بعض جيرانه
* * *
ص: 183
وقال آخر :
أحبّ النبي وآل النبي
لأنّي ولدت على الفطره
إذا شكّ في ولد والد
فآيته البغض للعتره
* * *
وقال آخر :
حبّ النبي محمد ووصيّه
ينبئك عن أصلي وطيب المولد
من طاب مولده وصحّ ولادة
صحّت ولايته لآل محمد
* * *
وقال آخر :
يا ذا الذي هجر الوصيّ وآله
أظهرت حقّا أنّ أمّك فاعله
وقفت بضاعتها على جيرانها
والسائلين من الورى والسائله
* * *
وقال آخر :
بعلي المرتضى خير الورى
يعرف الفاجر من ولد الحلال
* * *
أبو الحسين فادشاه :
من لم يعاد كلّ من عاداه
لا شكّ خانت أمّه أباه
* * *
ص: 184
روى عبادة بن يعقوب بإسناده عن يعلى بن مرّة : أنّه كان جالسا عند النبي صلى الله عليه و آله إذ دخل أمير المؤمنين عليه السلام قال : كذب من زعم أنّه يتولاّني
ويحبّني وهو يعادي هذا ويبغضه ، واللّه لا يبغضه ويعاديه إلاّ كافر أو منافق أو ولد زانية(1)(2) .
قال الصاحب :
أشهد باللّه وآلائه
شهادة خالصة صادقه
أنّ علي بن أبي طالب
زوجة من يبغضه طالقه
ثلاثة ليس لها رجعة
طالقة طالقة طالقه
* * *
وقال ابن المدلل :
ولقد روينا في حديث مسند
عمّا رواه حذيفة بن يمان
أنّي سألت المرتضى لم لم يكن
عقد الولاء يصيب كلّ جنان
فأجابني بإجابة طابت لها
نفسي وأطربني لها استحساني
اللّه فضّلني وميّز شيعتي
من نسل أرجاس البعول زواني
ورواية أخرى إذا حشر الورى
يوم المعاد روين عن سلمان
للناصبين يقال يا بن فلانة
ويقال للشيعي يا بن فلان
كتموا أبا هذا الخبيث ولادة
ولطيب ذا يدعى بلا كتمان
* * *
ص: 185
ص: 186
ص: 187
ص: 188
الواحدي في أسباب النزول ، ومقاتل بن سليمان وأبو القاسم القشيري في تفسيرهما :
أنّه نزل قوله تعالى : «وَالَّذِينَ يُؤذُونَ الْمُؤمِنِينَ وَالْمُؤمِناتِ » الآية في علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، وذلك أنّ نفرا من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه ويكذبون عليه(1) .
وفي رواية مقاتل : «وَالَّذِينَ يُؤذُونَ الْمُؤمِنِينَ وَالْمُؤمِناتِ » يعني عليا وفاطمة عليهماالسلام « فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً »(2) .
قال ابن عباس : وذلك أنّ اللّه - تعالى - أرسل عليهم الجرب في جهنم فلا يزالون يحكّون حتى تقطع أظفارهم ، ثم يحكّون حتى تنسلخ جلودهم ، ثم يحكّون حتى تظهر عظامهم ، ويقولون : ما هذا العذاب الذي نزل بنا ؟ فيقولون لهم : معاشر الأشقياء هذه عقوبة لكم ببغضكم أهل بيت محمد صلى الله عليه و آله .
ص: 189
تفسير الضحاك ومقاتل : قال ابن عباس في قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ » ، وذلك حين قال المنافقون :
إنّ محمدا صلى الله عليه و آله ما يريد منّا إلاّ أن نعبد أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله بألسنتهم ، فقال : « لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ » بالنار «وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً » في جهنم .
وفي تفاسير كثيرة : أنّه نزل في حقّه : « لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاّ قَلِيلاً » يعني يهلكهم .
ثم قال : « مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا » يعني بعدك يا محمد « أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً » ، فواللّه لقد قتلهم أمير المؤمنين عليه السلام ، ثم قال : « سُنَّةَ اللّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ » الآية .
محمد بن هارون رفعه إليهم عليهم السلام : لا تؤذوا رسول اللّه في علي عليه السلام
والأئمة عليهم السلام « كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللّهُ مِمّا قالُوا »(1) .
ص: 190
كتاب ابن مردويه بالإسناد عن محمد بن عبد اللّه الأنصاري وجابر الأنصاري ، وفي الفضائل عن أبي النضر بالإسناد عن محمد بن عبد اللّه عن جابر الأنصاري ، وفي الخصائص عن النطنزي بإسناده عن جابر ، كلّهم عن عمر بن الخطاب قال :
أعوذ باللّه ممّن آذى رسوله صلى الله عليه و آله ، قال : كنت أجفو عليا عليه السلام فلقيني رسول اللّه صلى الله عليه و آله فقال : إنّك آذيتني يا عمر ، فقلت : أعوذ باللّه ممّن آذى رسوله صلى الله عليه و آله ، قال : إنّك قد آذيت عليا ، ومن آذى عليا فقد آذاني(1) .
العكبري في الإبانة : مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال : كنت أنا ورجلان في المسجد فنلنا من علي عليه السلام ، فأقبل النبي صلى الله عليه و آلهمغضبا
فقال : ما لكم ولي ؟! من آذى عليا عليه السلام فقد آذاني(2) .
الحاكم الحافظ في أماليه ، وأبو سعيد الواعظ في شرف المصطفى ، وأبو عبد اللّه النطنزي في الخصائص بأسانيدهم :
أنّه حدّث زيد بن علي وهو آخذ بشعره ، قال : حدّثني علي بن الحسين عليهماالسلام وهو آخذ بشعره ، قال : حدّثني الحسين بن علي عليهماالسلام وهو آخذ بشعره ، قال : حدّثني علي بن أبي طالب عليهماالسلام وهو آخذ بشعره ، قال : حدّثني رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو آخذ بشعره ، فقال : من آذى أبا حسن فقد آذاني حقّا ، ومن آذاني فقد آذى اللّه ، ومن آذى اللّه فعليه لعنة اللّه .
ص: 191
وفي رواية : من آذى اللّه لعنه اللّه مل ء السماوات ومل ء الأرض(1) .
قال الصوري :
سيسئل من آذى النبي وآله
بماذا خلفتم لا خلفتم محمدا
بماذا ينال الفاسقون شفاعة
لأحمد لمّا حاربوا آل أحمدا
أترجون عند اللّه لا بل تبوّؤا
من النار إذ خالفتم اللّه مقعدا
ستجمعكم والطيّبين مواقف
وتلقون ما قدّمتموه مؤكّدا
* * *
وقال آخر :
ولمن يقول سوى علي كلّ من
آذى أبا حسن فقد آذاني
حقّا ومن آذى النبي فإنّه
مؤذ بخالقي الذي أنشاني
حقّا ومن آذى المليك فإنّه
في النار يرسف أيّما رسفان(2)
* * *
الترمذي في الجامع ، وأبو نعيم في الحلية ، والبخاري في الصحيح ، والموصلي في المسند ، وأحمد في الفضائل ، والخطيب في الأربعين عن عمران بن الحصين وابن عباس وبريدة :
أنّه رغب علي عليه السلام من الغنائم في جارية ، فزايده حاطب بن أبي بلتعة وبريدة الأسلمي ، فلمّا بلغ قيمتها قيمة عدل في يومها أخذها بذلك .
ص: 192
فلمّا رجعوا وقف بريدة قدّام الرسول صلى الله عليه و آله وشكا من علي عليه السلام ، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه و آله ، ثم جاء عن يمينه وعن شماله ومن خلفه يشكو فأعرض عنه ، ثم قام بين يديه فقالها .
فغضب النبي صلى الله عليه و آله وتغيّر لونه ، وتربّد(1) وجهه ، وانتفخت أوداجه ، فقال :
ما لك - يا بريدة - ما آذيت رسول اللّه منذ اليوم ، أما سمعت أنّ اللّه يقول : « إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللّهُ فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً » .
أما علمت أنّ عليا منّي وأنا منه ، وأنّ من آذى عليا فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى اللّه ، ومن آذى اللّه فحقّ على اللّه أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم .
يا بريدة ، أنت أعلم أم اللّه أعلم ؟ أم قرّاء اللوح المحفوظ أعلم ؟ أنت أعلم أم ملك الأرحام أعلم ؟ أنت أعلم - يا بريدة - أم حفظة علي بن أبي طالب ؟
قال : بل حفظته .
قال : وهذا جبرئيل أخبرني عن حفظة علي عليه السلام أنّهم ما كتبوا قطّ عليه خطيئة منذ ولد ، ثم حكى عن ملك الأرحام ، وقرّاء اللوح المحفوظ ، وفيها : ما تريدون من علي ؟ ثلاث مرات .
ص: 193
ثم قال : علي منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي(1) .
وفي رواية أحمد : دعوا عليا(2) .
قال الحميري :
فقال له مه يا بريدة لا تقل
فإنّ ابن عمّي في على تتبع
فمنّي علي يا بريدة لم يزل
وإنّي كذا منه على الحقّ نتبع
وليّكم بعدي علي فأيقنوا
وقائعه بعد الوقيعة تسرع
بتوبته مستعجلاً خاب أنّه
بسبّ علي في لظى يتدرّع(3)
* * *
ص: 194
ص: 195
ص: 196
الباقر عليه السلام في قوله : «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ » يعني إنكارهم ولاية أمير المؤمنين(1) عليه السلام .
وعنه في قوله : « كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ » إذا عاينوا عند الموت ما أعدّ لهم من العذاب الأليم ، وهم أصحاب الصحيفة الذين كتبوا على مخالفة علي عليه السلام « وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النّارِ » .
وعنه عليه السلام في قوله تعالى « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً »
وأعلمهم بما في قلوبهم ، وهم أصحاب الصحيفة .
ص: 197
الباقر والصادق عليه السلام في قوله :
« فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً » نزلت في علي عليه السلام ، وذلك لمّا رأوا عليا عليه السلام يوم القيامة اسودّت « وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا » لمّا رأوا منزلته ومكانه من اللّه أكلوا
أكفّهم على ما فرّطوا في ولاية علي عليه السلام(1) .
وحدّثني أبو الفتوح الرازي في روض الجنان بما ذكره أبو عبد اللّه المرزباني بإسناده عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله :
« أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ » نزلت في رسول اللّه صلى الله عليه و آله وفي علي عليه السلام(2) .
وحدّثني أبو علي الطبرسي في مجمع البيان : المراد بالناس النبي وآله عليهم السلام(3) .
وقال أبو جعفر عليه السلام : المراد بالفضل فيه النبوة ، وفى علي عليه السلام(4) الإمامة(5) .
ص: 198
وكثرهم هدى ، فحسدوه ، والناس إلى أمثالهم وأشكالهم أميل(1) .
وفي رواية : [ لم ] هجر الناس عليا عليه السلام وقرباه من رسول اللّه صلى الله عليه و آله قرباه ، وموضعه من المسلمين موضعه ، وعناؤه في الإسلام عناؤه ؟
فقال : بهر - واللّه - نوره على أنوارهم ، وغلبهم على صفو كلّ منهل ، والناس إلى أشكالهم أميل ، أما سمعت الأوّل حيث قال :
وكلّ شكل لشكله ألف
أما ترى الفيل يألف الفيلا
* * *
وقال العباس بن الأحنف(2) :
وقائل كيف تهاجرتما
فقلت قولاً فيه انصاف
لم يك من شكلي فهاجرته
والناس أشكال وآلاف(3)
* * *
وقيل لمسلمة بن نميل : ما لعلي عليه السلام رفضه العامّة ، وله في كلّ خير ضرس قاطع ؟
فقال : لأنّ ضوء عيونهم قصر عن نوره ، والناس إلى أشكالهم أميل(4) .
لا يعشق الهدهد قمرية
ولا غراب البين خطافا
ص: 200
وقال آخر :
« فلن ترى الشمس أبصار الخفافيش »
* * *
وقال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام يوم صفين : لم دفعكم قومكم عن هذا الأمر وكنتم أعلم الناس بالكتاب والسنة ؟
فقال عليه السلام : كانت إمرة شحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، ولنعم الحكم اللّه ، والزعيم محمد صلى الله عليه و آله .
« فدع عنك نهبا صيح في حجراته »
* * *
ثم تكلّم في معاوية وأصحابه(1) .
عن الباقرين عليهماالسلام في قوله تعالى : « أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ » علي عليه السلام « كَمَنْ هُوَ أَعْمى » أعداؤه « إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَْلْبابِ » الأئمة عليهم السلام الذين غرس في قلوبهم العلم من ولد آدم عليه السلام .
وعنهما عليه السلام قال النبي صلى الله عليه و آله : من قبل منكم وصيّتي ويؤازرني على أمري ويقضي ديني وينجز عداتي من بعدي ويقوم مقامي(2) .
ص: 201
وفي كلام له : فقال رجلان لسلمان : ماذا يقول آنفا محمد صلى الله عليه و آله ؟ فقام إليه أمير المؤمنين عليه السلام فضمّه إلى صدره وقال : أنت لها يا علي ، فأنزل اللّه : « وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ » إلى قوله : « طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ » .
موسى بن جعفر عليه السلام في قوله : « أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ » قال : إذا كان نزلت الآية في علي عليه السلام ثنى أحدهم صدره لئلا يسمعها ، ويستخفى من النبي صلى الله عليه و آله .
الباقر عليه السلام في قوله : « يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ » أنّ رسول صلى الله عليه و آله كان إذا حدّث بشيء من فضائل علي عليه السلام أو تلا عليهم ما أنزل فيه نفضوا ثيابهم وقاموا ، يقول اللّه : « يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ »(1) .
جابر عن أبي جعفر
عليه السلام في قوله : «إِلاّ أَصْحابَ الَْيمِينِ فِي جَنّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الُْمجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ » قال لعلي عليه السلام - أي النبي صلى الله عليه و آله - : المجرمون - يا علي - المكذّبون بولايتك(2) .
قال الشعبي : ما ندري ما نصنع بعلي بن أبي طالب عليهماالسلام إن أحببناه افتقرنا ، وإن أبغضناه كفرنا(3) .
وقال النظام : علي بن أبي طالب عليهماالسلام محنة على المتكلّم ، إن وفى حقّه
غلا ، وإن بخسه حقّه أساء ، والمنزلة دقيقة الوزن ، حادة الشأن ، صعبة الترقي إلاّ على الحاذق الديّن(4)(5) .
ص: 202
وقال أبو العيناء لعلي بن الجهم : إنّما تبغض عليا عليه السلام لأنّه كان يقتل الفاعل والمفعول ، وأنت أحدهما ، فقال له : يا مخنّث ، فقال أبو العيناء : « وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ » .
قال ابن حماد :
ولبغض الوصيّ علّة سوء
عندما وقت يولد المولود
وبذا جاءنا ابن عباس في التفسير
في الحقّ ماله مردود
* * *
وقال غيره :
الحمد للّه أنّي لا أرى أحدا
يثني عليه ولم يسترخ مفصله
فإن تشكّكت يوما في عقيدته
فلا تناكره وانظر كيف أسفله
* * *
شيرويه في الفردوس : قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّما رفع اللّه القطر عن بني إسرائيل بسوء رأيهم في أنبيائهم ، وإنّ اللّه يرفع القطر عن هذه ببغضهم علي بن أبي طالب(1) .
وفي رواية : فقام رجل فقال : يا رسول اللّه ، وهل يبغض عليا أحد ؟ قال : نعم ، القعود عن(2) نصرته بغض(3) .
ص: 203
استسقى القاضي سوار لأهل البصرة ، فقال السيد الحميري :
ابتلعي يا أرض أقدامهم
ثم ارمهم يا مزن بالجلمد
لا تسقهم من وابل قطرة
فإنّهم حرب بني أحمد
* * *
ص: 204
ص: 205
ص: 206
الشوهاني بإسناده : سأل عبد اللّه بن عطاء المكي الباقر عليه السلام عن قوله : « رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ » قال : ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق : ألا إنّه لا يدخل الجنّة إلاّ مسلم(1) ، فيومئذٍ « يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ » لولاية أمير المؤمنين عليه السلام .
وقال عليه السلام : نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه و آله هكذا « وَقالَ الظّالِمُونَ » آل محمد حقّهم « لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ » وعلي عليه السلام هو العذاب « هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ »(2) ، فيقولون : نردّ فنتولّى عليا عليه السلام .
قال اللّه «وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها » يعني أرواحهم تعرض على النار
ص: 207
«خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ » إلى علي عليه السلام « مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا »بآل محمد عليهم السلام « إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظّالِمِينَ » لآل محمد عليهم السلام حقّهم « فِي عَذابٍ مُقِيمٍ »(1)(2) .
الحسكاني في شواهد التنزيل بإسناده عن ابن المسيب عن ابن عباس : أنّه لمّا نزلت « وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً » قال النبي صلى الله عليه و آله : من ظلم عليا مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنّما جحد نبوتي ونبوة الأنبياء قبلي(3) .
كتاب أبي عبد اللّه محمد بن السراج عن النبي صلى الله عليه و آله في خبر : من ظلم عليا مجلسي هذا كمن جحد نبوتي ونبوة من كان قبلي(4) .
عمران بن حصين في خبر : أنّه عاد النبي صلى الله عليه و آله عليا عليه السلام ، فقال عمر :
يا رسول اللّه ، ما علي إلاّ لما به ! فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : لا - والذي نفسي
ص: 208
بيده - يا عمر لا يموت علي حتى يملأ غيظا ، ويوسع غدرا ، ويوجد(1) من بعدي صابرا(2) .
تاريخ بغداد وكتاب إبراهيم الثقفي : روى عمرو بن الوليد الكرابيسي بإسناده عن أبي إدريس عن علي عليه السلام قال : عهد إلى النبي عليهماالسلام أنّ الأمّة ستغدر بك(3) .
وفي حديث سلمان : قال صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : إنّ الأمّة ستغدر بك فاصبر لغدرها(4) .
الحارث بن حصين : قال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، إنّك لاق بعدي كذا وكذا ، فقال : يا رسول اللّه ، إنّ السيف لذو شفرتين ، وما أنا بالعتل ولا الذليل ، قال : فاصبر يا علي ، قال علي : أصبر يا رسول اللّه .
قال أشجع بن عمر في ممدوحه :
وعلى عدوّك يا بن عمّ محمد
رصدان ضوء الصبح والإظلام
وإذا تنبّه رعته وإذا غفا
سلّت عليه سيوفك الأحلام
ص: 209
واختلفوا في محاربة علي عليه السلام .
فقال الزيدية ، ومن المعتزلة النظام وبشر بن المعتمر ، ومن المرجئة أبو حنيفة وأبو يوسف وبشر المريشي ، ومن قال بقولهم :
إنّه كان مصيبا في حروبه بعد النبي صلى الله عليه و آله ، وأنّ من قاتله عليه السلام كان على خطأ .
وقال أبو بكر الباقلاني وابن إدريس : من نازع عليا عليه السلام في خلافته فهو باغ .
وفي تلخيص الشافي : أنّه قالت الإمامية : من حارب أمير المؤمنين عليه السلام كان كافرا ، يدلّ عليه :
إجماع الفرقة .
وأنّ من حاربه كان منكرا لإمامته ، دافعا لها ، ودفع الإمامة كفر ، كما أنّ دفع النبوة كفر ، لأنّ الجهل بهما على حدّ واحد .
وقوله عليه السلام : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ، وميتة الجاهلية لا تكون إلاّ على كفر .
وقوله صلى الله عليه و آله : اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ، ولا تجب عداوة أحد بالإطلاق دون الفساق .
ومن حاربه كان يستحلّ دمه ويتقرّب إلى اللّه بذلك ، واستحلال دم
ص: 210
المؤمن كفر بالإجماع ، وهو أعظم من استحلال جرعة من الخمر الذي هو كفر بالإتفاق ، فكيف استحلال دم الإمام .
وروى عنه صلى الله عليه و آله المخالف والمؤالف : يا علي ، حربك حربي وسلمك سلمي ، ومعلوم أنّه صلى الله عليه و آله إنّما أراد أنّ أحكام حربك تماثل أحكام حربي ، ولم يرد أنّ أحد الحربين هو الآخر ، لأنّ المعلوم خلاف ذلك ، وإذا كان حرب النبي صلى الله عليه و آله كفرا وجب مثل ذلك حربه .
يا أخي يا علي سلمك سلمي
في جميع الورى وحربك حربي
* * *
أبو موسى في جامعه ، والسمعاني في كتابه ، وابن ماجة في سننه ، وأحمد في المسند والفضائل ، وابن بطّة في الإبانة ، وشيرويه في الفردوس ، والسدي في التفسير ، والقاضي المحاملي ، كلّهم عن زيد بن أرقم ، وروى الثعلبي في تفسيره عن أبي هريرة وأبو الجحاف عن مسلم بن صبيح ، كلّهم عن النبي صلى الله عليه و آله :
أنّه نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال : أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم(1) .
ص: 211
تاريخ الطبري وأربعين ابن المؤذن : أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و آله : أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم(1) .
ابن مسعود : قال
صلى الله عليه و آله : عاديت من عاداك ، وسالمت من سالمك(2) .
الخركوشي في اللوامع : وقال النبي صلى الله عليه و آله : من قاتلني في الأولى ، وقاتل أهل بيتي في الثانية ، فأولئك شيعة الدجّال(3) .
أبو يعلى الموصلي والخطيب التاريخي وأبو بكر مردويه بطرق كثيرة عن علي عليه السلام : أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين(4) .
وكثر أصحاب الحديث على شريك وطالبوه بأنّه يحدّثهم بقول النبي صلى الله عليه و آله : تقتلك الفئة الباغية ، فغضب وقال : أتدرون أن لا فخر لعلي عليه السلام
أن يقتل معه عمار ، إنّما الفخر لعمار أن يقتل مع علي عليه السلام .
وروى ابن مردويه بخمسة عشر طريقا : أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال
ص: 212
في حرب صفين : واللّه ما وجدت من القتال بدّا أو الكفر بما أنزل على محمد(1) صلى الله عليه و آله .
وروينا عن أبي جعفر عليه السلام أنّه ذكر الذين حاربهم علي عليه السلام فقال : أما إنّهم أعظم جرما ممّن حارب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، قيل له : وكيف ذلك يا ابن رسول اللّه ؟ قال : أولئك كانوا جاهلية ، وهؤلاء قرأوا القرآن ، وعرفوا أهل الفضل ، فأتوا ما أتوا بعد البصيرة(2) .
عبدوس بن عبد اللّه الهمداني ، وأبو بكر بن فورك الأصفهاني ، وشيرويه الديلمي ، والموفق الخوارزمي ، وأبو بكر مردويه في كتبهم عن الخدري في خبر قال : فقال عليه السلام : يا رسول اللّه ، على ما أقاتل القوم ؟ قال : على الإحداث في الدين(3) .
وفي رواية أنّه قال : فأين الحقّ يومئذٍ ؟ قال : يا علي ، الحقّ معك وأنت معه ، قال : لا أبالي ما أصابني .
شيرويه في الفردوس عن وهب بن صيفي، وروى غيره عن زيد بن أرقم قالا : قال النبي صلى الله عليه و آله : أنا أقاتل على التنزيل ، وعلي يقاتل على التأويل(4) .
علي على التأويل لا شكّ قاتل
كقتلي على تنزيله كلّ مجرم
ص: 213
وممّا يمكن أن يستدل به من القرآن قوله تعالى : « وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الأُْخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللّهِ » والباغي من خرج على الإمام ، فافترض قتال أهل البغي كما افترض قتال المشركين .
وأمّا اسم الإيمان عليهم كقوله « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ »أي الذين أظهروا الإيمان بألسنتهم آمنوا بقلوبكم .
وقيل لزين العابدين عليه السلام : إنّ جدّك كان يقول : إخواننا بغوا علينا ! فقال : أما تقرأ كتاب اللّه « وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً » فهم مثلهم ، أنجاه اللّه والذين معه وأهلك عادا بالريح العقيم(1) .
وقد ثبت أنّه نزل فيه : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ »
الآية .
وفي حديث الأصبغ بن نباتة : قال رجل لأمير المؤمنين عليه السلام : هؤلاء القوم الذين نقاتلهم الدعوة واحدة والرسول واحد والصلاة واحدة والحجّ واحد فبم نسمّيهم ؟
قال : سمّهم بما سمّاهم اللّه في كتابه : « تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شاءَ اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ
ص: 214
مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ » ، فلمّا وقع الاختلاف كنّا أولى باللّه وبالنبي صلى الله عليه و آله وبالكتاب وبالحقّ(1) .
الباقرين عليه السلام في قوله « فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ » يا محمد من مكة إلى المدينة ، فإنّا رادّوك منها ومنتقمون منهم بعلي عليه السلام(2) .
أورده النطنزي في الخصائص والصفواني في الإحن والمحن عن السدى والكلبي وعطاء وابن عباس والأعمش وجابر بن عبد اللّه الأنصاري : أنّها نزلت في علي(3) عليه السلام .
ابن جريح عن مجاهد عن ابن عباس ، وعن سلمة بن كهيل عن عبد خير ، وعن جابر بن عبد اللّه الأنصاري ، بل رووا ذلك على اتفاق واجتماع :
أنّ النبي صلى الله عليه و آله خطب في حجّة الوداع ، فقال : لأقتلنّ العمالقة في كتيبة ، فقال له جبرئيل عليه السلام : أو علي بن أبي طالب(4) عليه السلام .
ص: 215
وفي رواية جابر وابن عباس : ألا لا ألفينّكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، أما - واللّه - لئن فعلتم ذلك لتعرفنّني في كتيبة فأضرب وجوهكم فيها بالسيف ، فكأنّه غمز من خلفه ، فالتفت ، ثم أقبل علينا ، فقال : أو علي عليه السلام ، فنزل « فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ »
لعلي بن أبي طالب(1) .
ثم نزل « قُلْ رَبِّ إِمّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ » إلى قوله « هِيَ أَحْسَنُ »(2) .
ثم نزل « فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ » من أمر علي بن أبي طالب « إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » وأنّ عليا « لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ » عن محبّة علي عليه السلام(3) .
أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و آله
قال : لمّا نزلت هذه الآية « فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ » قال : أو بعلي بن أبي طالب عليهماالسلام ، ثم قال : بذلك حدّثني جبرئيل عليه السلام .
قال الحميري :
كان من قوله ألا لا تعودوا
بعد موتي في ردّة وعنود
تلحقوا الحرب بينكم فتصيروا
في فريقين قائد ومقود
ولئن أنتم فتنتم وحلتم
في عمى حائل وفي ترديد
لتروني وفي يدي السيف صلتا
أو عليا في فليق(4) كالأسود
ص: 216
تحته بغلتي ودرعي عليه
وحسامي في كفّه وعمودي
فوقه رايتي تطير بها الريح
عليكم في يوم نحس مبيد
* * *
وليلة الهرير لم تكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت كلّ صلاة إلاّ التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء ، وكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادتها(1) .
وكان عليه السلام لا يتّبع مولّيهم ، ولا يجهز على جريحهم ، ولم يسب ذراريهم ، وكان لا يمنع من مناكحتهم وموارثتهم(2) .
أبو علي الجبائي في كتاب الحكمين الذي روى أنّه عليه السلام سبى قوما من الخوارج أنّهم كانوا قد ارتدّوا وتنصّروا .
وكان عليّان المجنون مقيما بالكوفة ، وكان قد ألف دكان طحان ، فإذا اجتمع الصبيان عليه وآذوه يقول :
ص: 217
قد حمي الوطيس ، وطاب اللقاء ، وأنا على بصيرة من أمري ، ثم يثب ويحمحم وينشد :
أريني سلاحي لا أبا لك إنّني
أرى الحرب لا تزداد إلاّ تماديا
* * *
ثم يتناول قصبته ليركبها ، فإذا تناولها يقول :
أشدّ على الكتيبة لا أبالي
أحتفي كان فيها أو سواها
* * *
قال : فينهزم الصبيان بين يديه ، فإذا لحق بعضهم يرمى الصبي بنفسه إلى الأرض ، فيقف عليه ويقول : عورة مسلم وحمى مؤمن ، ولولا ذلك لتلفت نفس عمرو بن العاص يوم صفين .
ثم يقول : لأسيرن فيكم سيرة أمير المؤمنين عليه السلام ، لا أتبع مولّيا ، ولا أجهز على جريج ، ثم يعود إلى مكانه ويقول :
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه
خشاش(1) كرأس(2) الحيّة المتوقّد
* * *
ص: 218
في سبب بغضهم له(1) سلام اللّه عليه
قال ابن عمر لعلي عليه السلام : كيف تحبّك قريش وقد قتلت في يوم بدر وأحد من ساداتهم سبعين سيّدا تشرب أنوفهم الماء قبل شفاهم .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام :
ما تركت بدر لنا صديقا(2)
ولا لنا من خلقنا طريقا(3)
* * *
وسئل زين العابدين عليه السلام وابن عباس أيضا : لم أبغضت قريش عليا عليه السلام ؟ قال : لأنّه أورد أوّلهم النار ، وقلّد آخرهم العار(4) .
معرفة الرجال عن الكشي : أنّه كانت عداوة أحمد بن حنبل لأمير المؤمنين عليه السلام أنّ جدّه ذا الثدية قتله أمير المؤمنين عليه السلام يوم النهروان(5) .
ص: 219
كامل المبرّد : أنّه كان أصمع بن مظهر - جدّ الأصمعي - قطع علي عليه السلام يده في السرقة ، فكان الأصمعي يبغضه .
قيل له : من أشعر الناس ؟ قال من قال :
كأنّ أكفّهم والهام تهوي
عن الأعناق تلعب بالكرينا(1)
* * *
فقالوا : السيّد الحميري ، فقال : هو - واللّه - أبغضهم إليّ .
ص: 220
في سبّهم إياه صلوات اللّه عليه(1)
تفسير القشيري نزل قوله تعالى : « قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ » أي تهذون من الهذيان في ملأ من قريش سبّوا علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، وسبّوا النبي صلى الله عليه و آله ، وقالوا في المسلمين هجرا .
الحلية كعب بن عجزة عن أبيه قال النبي صلى الله عليه و آله : لا تسبّوا عليا ، فإنّه ممسوس في ذات اللّه (2) .
مسند الموصلي : قالت أم سلمة : أيسبّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأنتم أحياء ! قلت : وأنّى ذلك ؟
ص: 221
قالت : أليس يسبّ عليا ومن يحبّ عليا ؟ وقد كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يحبّه(1) .
الطبري في الولاية والعكبري في الإبانة : أنّه مرّ ابن عباس بنفر يسبّون عليا عليه السلام ، فقال : أيّكم السابّ للّه ؟ فأنكروا .
قال : فأيّكم السابّ لرسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ فأنكروا .
قال : فأيّكم السابّ عليا ؟ قالوا : فهذا نعم .
فقال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : من سبّ عليا فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ اللّه ، ومن سبّ اللّه فقد كفر ، ثم التفت إلى ابنه ، فقال : قل فيهم ، فقال :
نظروا إليه بأعين محمرّة
نظر التيوس(2) إلى شفار الجازر
خزر(3)الحواجب خاضعي أعناقهمنظر الذليل إلى العزيز القاهر
* * *
فقال ابن عباس :
سبّوا الإله وكذّبوا بمحمد
والمرتضى ذاك الوصيّ الطاهر
أحياؤهم خزي على أمواتهم
والميّتون فضيحة للغابر(4)
ص: 222
قال العبدي :
وقد روى عكرمة في خبر
ما شكّ فيه أحد ولا امترى
مرّ ابن عباس على قوم وقد
سبّوا عليا فاستراع وبكى
وقال مغتاظا لهم أيّكم
سبّ إله الخلق جلّ وعلا
قالوا معاذ اللّه قال أيّكم
سبّ رسول اللّه ظلما واجترى
قالوا معاذ اللّه قال أيّكم
سبّ عليا خير من وطى الحصى
قالوا نعم قد كان ذا فقال قد
سمعت واللّه النبي المجتبى
يقول من سبّ عليا سبّني
وسبّني سبّ الإله واكتفى
* * *
وقال الحميري :
قد قال أحمد أنّ شتم وصيّه
أو شتمه أبدا هما سيّان
وكذاك قد شتم الإله لشتمه
والذلّ يغشاهم بكلّ مكان
* * *
وقال أبو الفضل :
لعنوا أمير المؤمنين
بمثل إعلان القيامه
يا لعنة صارت على
أعناقهم طوق الحمامه
* * *
ص: 223
وقال الحكاك :
يدينون بالسبّ الصراح لحيدر
ألا لعن الرحمن من دينه السبّ
* * *
والأصل في سبّه ما صحّ عند أهل العلم أنّ معاوية أمر بلعنه على المنابر ، فتكلّم فيه ابن عباس ، فقال : هيهات ، هذا أمر دين ليس إلى تركه سبيل ، أليس الغاش لرسول اللّه صلى الله عليه و آله الشتام لأبي بكر ، المعيّر عمر ، الخاذل عثمان ؟!!!
قال : أتسبّه على المنابر وهو بناها بسيفه ، قال : لا أدع ذلك حتى يموت فيه الكبير ، ويشبّ عليه الصغير .
وقال الموصلي :
أعلى المنابر تعلنون بسبّه
وبسيفه قامت لكم أعوادها
* * *
فبقي ذلك إلى أن ولي عمر بن عبد العزيز ، فجعل بدل اللعنة في الخطبة قوله : « إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِْحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى » الآية .
فقال عمرو بن شعيب : ويل للأمّة ، رفعت الجمعة ، وتركت اللعنة ، وذهبت السنّة !!
وقال كثيرة عزّة :
ولّيت فلم تشتم عليا ولم تخف
بريّا ولم تتبع سجيّة مجرم
ص: 224
وقلت فصدّقت الذي قلت بالذي
فعلت فأضحى راضيا كلّ مسلم
تكلّمت بالحقّ المبين وإنّما
تبين آيات الهدى بالتكلّم
وعاقبت فيما قد تقدّمت قبله
وأعرضت عمّا كان قبل التقدّم(1)
* * *
وكان قد قال قبله :
لعن اللّه من يسبّ عليا
وبنيه من سوقة وإمام
أوليس المطيّبون جدودا
والكرام الأخوال والأعمام(2)
* * *
وقال السيد الرضي :
يا بن عبد العزيز لو بكت العين
فتى من أمية لبكيتك
غير أنّى أقول أنّك قد طبت
وإن لم تطب ولم يزك بيتك(1)
أنت نزّهتنا عن السبّ والقذففلو أمكن الجزا لجزيتك
* * *
ص: 226
ص: 227
ص: 228
زريق عن الصادق عليه السلام في قوله : « لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا » قال : هو أن يبشّراه بالجنّة عند الموت(1) ، يعني محمدا وعليا عليه السلام .
الفضل بن يسار عن الباقرين عليه السلام قالا : حرام على روح أن تفارق جسدها حتى ترى محمدا وعليا وحسنا وحسينا عليهم السلام بحيث تقرّ عينها(2) .
الحافظ أبو نعيم بالإسناد عن هند الجملي عن أمير المؤمنين عليه السلام ، وروى الشعبي وجماعة من أصحابنا عن الحارث الأعور عنه عليه السلام :
لا يموت عبد يحبّني إلاّ رآني حيث يحبّ ، ولا يموت عبد يبغضني إلاّ رآني حيث يكره(3) .
سئل الصادق عليه السلام عن الميّت تدمع عينه عند الموت ؟ فقال عليه السلام : ذاك معاينة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فيرى ما يسرّه .
ولمّا احتضر السيّد الحميري وبدت في وجهه نكتة سوداء ، فجعلت
ص: 229
تنمى حتى طبّقت وجهه ، فاغتم لذلك من حضره من الشيعة ، وظهرت من الناصبة شماتة ، ثم بدت في ذلك المكان لمعة بيضاء حتى أسفر وجهه وأشرق ، وأفتر ضاحكا ، وأنشأ يقول :
كذب الزاعمون أنّ عليا
لم ينج محبّه من هنات
كذبوا قد دخلت جنّة عدن
وعفاني الإله عن سيئاتي
فابشروا اليوم أولياء علي
وتوالوا الوصيّ حتى الممات
ثم من بعده توالوا بنيه
واحدا بعد واحد بالصفات
* * *
ثم قال :
أحبّ الذي من مات من أهل ودّه
تلقّاه بالبشرى لدى الموت يضحك
ومن كان يهوى غيره من عدوّه
فليس له إلاّ إلى النار مسلك
* * *
ثم قال : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه حقّا حقّا ، وأشهد أنّ محمدا رسول اللّه صدقا صدقا ، وأشهد أنّ عليا ولي اللّه رفقا رفقا ، ثم غمّض عينيه لنفسه ، فكأنما كانت روحه ذبالة(1) طفئت ، أو حصاة سقطت(2) .
ص: 230
وللخالديين :
يا حبّ آل محمد لك رحمة
من ربّهم نزلت وعدن منزل
* * *
وقال غيره :
أعددت للّحد وأطباق الثرى
حبّي للستّة أصحاب العبا
* * *
قال المرتضى : إنّ الأنبياء والأوصياء أجسام ، فكيف يشاهدون كلّ محتضر ، والجسم لا يكون في الحالة الواحدة في جهات مختلفة ، فمعناها أنّه يعلم في تلك الحال ثمرة ولايتهم وانحرافه عنهم ، لأنّ المحبّ لهم يرى في تلك الحال ما يدلّه على أنّه من أهل الجنّة(1) .
ص: 231
كتاب الشيرازي وسفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة في قوله : «يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ » يعني بقول « لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه صلى الله عليه و آله » « فِي الْحَياةِ الدُّنْيا » .
ثم قال : « وَفِي الآْخِرَةِ » قال : هذا في القبر ، يدخلان عليه ملكان فظّان غليظان يحفران القبر بأنيابهما ، وأصواتهما كالرعد العاصف ، وأعينهما كالبرق الخاطف ، ومع كلّ واحد منهما مرزبة(1) فيها ثلاثمائة وستّون عقدة ، في كلّ عقدة ثلاثمائة وستّون حلقة ، وزن كلّ حلقة كوزن حديد الدنيا ، لو اجتمع عليها أهل السماء والأرض أن يقلّوها ما أقلّوها ، هي في أيديهم أخفّ من جناح بعوضة .
فيدخلان القبر على الميّت ، ويجلسانه في قبره ، ويسألانه من ربّك ؟ فيقول المؤمن : اللّه ربّي ، ثم يقولان : فمن نبيّك ؟ فيقول المؤمن : محمد صلى الله عليه و آله نبيّي ، فيقولان : ما قبلتك ؟ فيقول المؤمن : الكعبة قبلتي ، فيقولان له : من إمامك ؟ فيقول المؤمن : علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، فيقولان له : صدقت .
ثم قال : « وَيُضِلُّ اللّهُ الظّالِمِينَ »(2) يعني عن ولاية علي عليه السلام في القبر ، واللّه ليسئلنّ عن ولايته على الصراط ، واللّه ليسئلنّ عن ولايته يوم الحساب .
ص: 232
ثم قال سفيان بن عيينة : ومن روى عن ابن عباس : أنّ المؤمن يقول : القرآن إمامي ، فقد أصاب أيضا ، وذلك أنّ اللّه - تعالى - بيّن إمامة علي عليه السلام في القرآن .
قال الخليل بن أحمد :
اللّه ربّي والنبي محمد
حييا الرسالة بيّن الأسباب
ثم الوصيّ وصيّ أحمد بعده
كهف العلوم بحكمة وصواب
فاق النظير ولا نظير لقدره
وعلا عن الخلاّن والأصحاب
بمناقب ومآثر ما مثلها
في العالمين لعابد توّاب
وبنوه أولاد النبي المرتضى
أكرم بهم من شيخة وشباب
ولفاطم صلّى عليهم ربّنا
لقديم أحمد ذيالنهى الأواب
* * *
عبد الرزاق عن معمر بن قتادة عن أنس قال : سألت النبي صلى الله عليه و آله عن قوله تعالى : « مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ »
قال لي : يا أنس ، أنا أوّل من تنشقّ الأرض عنه عند يوم القيامة وأخرج ، ويكسوني جبرئيل عليه السلام سبع حلل من حلل الجنّة ، طول كلّ حلّة ما بين المشرق إلى المغرب ، ويضع على رأسي تاج الكرامة ، ورداء الجمال ، ويجلسني على البراق ، ويعطيني لواء الحمد ، طوله مسيرة مائة عام ، فيه ثلاثمائة وستّون حلّة من الحرير الأبيض ، مكتوب عليه : « لا إله
ص: 233
إلاّ اللّه محمد رسول اللّه علي بن أبي طالب ولي اللّه » ، فآخذه بيدي ، وأنظر يمنة ويسرة ، فلا أرى أحدا ، فأبكي وأقول : يا جبرئيل ، ما فعل أهل بيتي وأصحابي ؟ فيقول : يا محمد ، إنّ اللّه - تعالى - أوّل من أحيى اليوم من أهل الأرض أنت ، فانظر كيف يحيي اللّه بعدك أهل بيتك وأصحابك .
فأوّل من يقوم من قبره أمير المؤمنين عليه السلام ، ويكسوه جبرئيل عليه السلام حللاً من الجنّة ، ويضع على رأسه تاج الوقار ، ورداء الكرامة ، ويجلسه على ناقتي العضباء ، وأعطيه لواء الحمد ، فيحمله بين يدي ، ونأتي جميعا ونقوم تحت العرش ، ومنه الحديث : أنت أوّل من تنشقّ عنه الأرض بعدي(1)(2) .
أبو بكر ابن أبي شيبة عن ابن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : « وَأَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ »قال : لعلي بن أبي طالب عليهماالسلام(3) .
أمالي ابن خشيش التميمي ، وتاريخ الخطيب ، وإبانة العكبري بأسانيدهم عن عليم الكندي عن سليمان ، وفي فردوس شيرويه عن ابن عباس ، وفي رواية جماعة عن إسماعيل بن كهيل عن أبيه عن أبي صادق وعن سلمان ، واللفظ له قال :
ص: 234
أوّل هذه الأمّة ورودا على نبيّها يوم القيامة أوّلهم إسلاما علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، سمعت ذلك من نبيّكم(1) .
تاريخ بغداد بالإسناد عن ابن عباس : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله وهو آخذ بيد علي عليه السلام يقول : هذا أوّل من يصافحني يوم القيامة(2) .
قال السيد الحميري :
وإنّك خير أهل الأرض طرّا
وأفضلهم معا حسبا ودينا
وأوّل من يصافحني بكفّ
إذا برز الخلائق ناشرينا
* * *
ص: 235
وروي أنّ النبي صلى الله عليه و آله يأتي يوم القيامة متّكئا على علي عليه السلام .
حلية الأولياء : سلمان بن عبد اللّه التتري بإسناده عن الخدري قال النبي صلى الله عليه و آله : أعطيت في علي عليه السلام خمسا :
أمّا إحداها : فيواري عورتي ، والثانية : يقضي ديني ، وأمّا الثالثة : فإنّه متّكاي في طول القيامة ، والرابعة : فإنّه عوني على حوضي ، والخامسة : فإنّي لا أخاف عليه أن يرجع كافرا بعد إيمان ، ولا زانيا بعد إحصان(1) .
قال العوني :
ألا يا أمير المؤمنين ومن رقى
إلى كلّ باب في السماوات سلّما
صرفت الهوى صرفا إليك وإنّني
أحبّك حبّا ما حييت مسلما
وإنّى لأرجو منك نظرة راحم
إذا كان يوم الحشر يوما عرمرما(2)
ألست توالي من تولاّك مخلصاومن قبل عادى علج تيم وأدلما
* * *
ص: 236
ص: 237
ص: 238
قوله تعالى : « عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ » .
الطبري التاريخي بإسناده عن ابن عباس قال النبي صلى الله عليه و آله : أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام بخلّته ، وأنا بصفوتي ، وعلي بن أبي طالب يزفّ بيني وبين إبراهيم زفا إلى الجنّة(1) .
سعيد بن جبير عن ابن عباس : أوّل من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام
بخلّته من اللّه ، ثم محمد صلى الله عليه و آله لأنّه صفوة اللّه ، ثم علي عليه السلام يزفّ بينهما إلى الجنّة ، ثم قرأ ابن عباس : « يَوْمَ لا يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ » قال : علي عليه السلاموأصحابه(2) .
شرف المصطفى عن الخركوشي : زاذان عن علي بن أبي طالب عليه السلامقال
رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أما ترضى أنّ إبراهيم خليل اللّه يدعى يوم القيامة فيقام عن يمين العرش فيكسى ، ثم ادعى فأكسى ، ثم تدعى فتكسى(3) .
ومنه الحديث : إنّه(4) أوّل من يكسى معي(5) .
ص: 239
قال الحميري :
يدعو النبي فيكسوه ويكرمه
ربّ العباد إذا ما أحضر الأمما
ثم الوصيّ فيكسى مثل حلّته
خضر أيرغم منها أنف من رغما
* * *
وله أيضا :
علي غدا يدعى ويكسوه ربّه
ويدنوه منه في رفيع مكرم
فإن كنت منه حيث يكسوه راغما
وتبدي الرضى كرها من الآن فارغم
* * *
وقال الوراق القمّي :
علي غدا يكسوه ذو العرش حلّة
إذا كسي المختار من غير جرثم
* * *
وقال أعرابي :
إنّ رسول اللّه يعطي لوا
ء الحمد عليا حين يلقاه
يدعى فيعطى كسوة المصطفى
وعن يمين العرش مثواه
* * *
ص: 240
مقاتل والضحاك وعطاء وابن عباس في قوله تعالى : «وَمِنْهُمْ » أي من المنافقين « مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ » وأنت تخطب على منبرك تقول : إنّ حامل لواء الحمد يوم القيامة علي بن أبي طالب « حَتّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ » تفرّقوا عنك ، وقالوا « ما ذا قالَ آنِفاً » على المنبر استهزاءا بذلك ، كأنّهم لم يسمعوا ، ثم قال : « أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ » .
أبو الفتح الحفار بالإسناد عن جابر وابن عباس : أنّه سئل النبي صلى الله عليه و آله عن قوله تعالى : « وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً » قال : إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض ، ونادى مناد : ليقم سيّد المؤمنين ومعه الذين آمنوا بعد بعث محمد صلى الله عليه و آله .
فيقوم علي عليه السلام ، فيعطى لواء من النور الأبيض بيده تحته جميع السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار ، لا يخالطهم غيرهم ، حتى يجلس على منبر من نور ربّ العزّة(1) . . الخبر .
المنتهى في الكمال عن ابن طباطبا قال النبي صلى الله عليه و آله : آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة(2) ، فإذا حكم اللّه بين العباد أخذ أمير المؤمنين عليه السلام اللواء ، وهو على ناقة من نوق الجنّة ينادي : لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، والخلق تحت اللواء إلى أن يدخلوا الجنّة(3) .
ص: 241
اعتقاد أهل السنة : جابر بن سمرة قال : يا رسول اللّه ، من يحمل رأيتك يوم القيامة ؟ قال : ومن عسى يحملها يوم القيامة إلاّ من كان يحملها في الدنيا علي بن أبي طالب(1) .
الأربعين عن الخطيب والفضائل عن أحمد في خبر : قال النبي صلى الله عليه و آله : آدم عليه السلام وجميع خلق اللّه يستظلّون بظلّ لوائي يوم القيامة ، طوله ألف سنة ، سنانه ياقوتة حمراء ، قضيبه فضّة بيضاء ، زجّه درّة خضراء ، له ثلاث ذوائب من درّ ، ذؤابة في المشرق ، وذؤابة في المغرب ، والثالثة وسط الدنيا ، مكتوب عليه ثلاثة أسطر :
الأول : « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » .
والثاني : « الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » .
والثالث : « لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه » .
طول كلّ سطر مسيرة ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة، وتسير بلوائي - يعني عليا عليه السلام - والحسن عليه السلام عن يمينك ، والحسين عليه السلام
عن يسارك ، ثم تقف بيني وبين إبراهيم عليه السلام في ظلّ العرش ، ثم تكسى حلّة خضراء من الجنّة ،
ص: 242
ثم ينادي مناد من تحت العرش : نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك علي(1) .
وأخبرني أبو الرضى الحسيني الراوندي بإسناده عن النبي صلى الله عليه و آله : إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل عليه السلام ومعه لواء الحمد ، وهو سبعون شقّة ، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر ، وأنا على كرسي من كراسي الرضوان ، فوق منبر من منابر القدس ، فآخذه وأدفعه إلى علي بن أبي طالب عليهماالسلام .
فوثب عمر فقال : يا رسول اللّه ، وكيف يطيق علي حمل اللواء ؟
فقال صلى الله عليه و آله : إذا كان يوم القيامة يعطى اللّه - تعالى - عليا عليه السلام من القوّة مثل قوّة جبرئيل ، ومن النور مثل نور آدم ، ومن الحلم مثل حلم رضوان ، ومن الجمال مثل جمال يوسف(2) . . الخبر .
ونبأني أبو العلاء الهمداني بالإسناد عن جابر بن عبد اللّه قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : أوّل من يدخل الجنّة بين يدي النبيّين والصدّيقين علي بن أبي طالب ، فقام إليه أبو دجانة فقال له : ألم تخبرنا أنّ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتى تدخلها أنت ، وعلى الأمم حتى تدخلها أمّتك ؟
قال : بلى ، ولكن أما علمت أنّ حامل لواء الحمد أمامهم ، وعلي بن أبي طالب حامل لواء الحمد يوم القيامة بين يدي يدخل به الجنّة ، وأنا على أثره(3) . . الخبر .
ص: 243
أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و آله قال : يقبل علي بن أبي طالب عليهماالسلام يوم القيامة على ناقة من نوق الجنّة بيده لواء الحمد ، فيقول أهل الموقف : هذا ملك مقرّب أو نبي مرسل ؟ فينادي مناد : هذا الصدّيق الأكبر علي بن أبي طالب(1) .
وجاء فيما نزل من القرآن في أعداء آل محمد عليهم السلام عن أبي عبد اللّه عليه السلام : إذا رأى أبو فلان وفلان منزل علي عليه السلام يوم القيامة إذا دفع اللّه لواء الحمد إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله تحته كلّ ملك مقرّب ، وكلّ نبي مرسل ، حتى يدفعه إلى علي عليه السلام « سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ »
أي باسمه تسمّون « أمير المؤمنين »(2) .
قال الوراق القمّي :
علي لواء الحمد يعطى بكفّه
يقول له الهادي النبي ألا أقدم
* * *
وقال الناشئ :
فما لابن أبي طالب
المفضال من ندّ
هو الحامل في الحشر
بكفّيه لوا الحمد
قسيم النار والجنّة
بين الندّ والضدّ
* * *
ص: 244
وقال ابن الحجاج :
أنا مولى لمن لواء الحمد
على عاتقه يوم النشور
* * *
وقال العوني :
وقد رويتم لواء الحمد في يده
والحقّ تحت لواء الحمد موقفه
* * *
وله أيضا :
يأتي غدا ولواء الحمد في يده
والناس قد سفروا من أرجه قطب(1)
حتى إذا اصطكت الأقدم زائلةعن الصراط فويق النار مضطرب
* * *
ص: 245
ص: 246
ص: 247
ص: 248
قوله تعالى : « وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ » قال النبي صلى الله عليه و آله : إذا كان يوم القيامة يؤتى بك - يا علي - على نجيب من نور ، وعلى رأسك تاج قد أضاء نوره ، وكاد يخطف أبصار أهل الموقف ، فيأتي النداء من عند اللّه : أين خليفة محمد رسول اللّه ؟
فتقول : ها أنا ذا ، فينادي المنادي : أدخل من أحبّك الجنّة ، ومن عاداك النار ، وأنت قسيم الجنّة ، وأنت قسيم النار(1) .
وفي خبر عن جعفر الصادق عليه السلام فيأتي النداء من قبل اللّه : يا معشر الخلائق ، هذا علي بن أبي طالب خليفة اللّه في أرضه ، وحجّته على عباده ، فمن تعلّق بحبله في دار الدنيا فليتعلّق بحبله هذا اليوم ، يستضيء بنوره ، وليتبعه في الدرجات العلى من الجنان(2) . . الخبر .
قال العوني :
وعلي عليه تاج من النور
زها في كليله المستدير
ص: 249
قد زهت من أنواره عرصة الحشر
فيا حسن ذاك من منظور
ولتاج الوصيّ سبعون ركنا
كلّ ركن كالكوكب المستنير
* * *
الفلكي المفسّر قال علي عليه السلام في قوله تعالى : « إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ » : فينا - واللّه - نزلت أهل بدر(1) .
ونزلت فيه قوله : « مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الأَْرائِكِ »(2) .
الطبري والخركوشي في كتابيهما بالإسناد عن سلمان قال النبي صلى الله عليه و آله : إذا كان يوم القيامة ضربت لي قبّة من ياقوتة حمراء على يمين العرش ، وضرب لإبراهيم قبّة خضراء على يسار العرش ، وضربت فيما بينهما لعلي بن أبي طالب قبّة من لؤلؤة بيضاء ، فما ظنّكم بحبيب من(3) خليلين(4) .
أبو الحسن الدارقطني ، وأبو نعيم الأصفهاني في الصحيح والحلية بالإسناد عن سفيان بن عيينة عن أنس : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا كان يوم
ص: 250
القيامة نصب لي منبر طوله ثلاثون ميلاً ، ثم ينادي مناد من بطنان العرش : أين محمد ؟ فأجيب ، فيقال لي : ارق ، فأكون في أعلاه ، ثم ينادي الثانية : أين علي بن أبي طالب ؟ فيكون دوني بمرقاة ، فيعلم جميع الخلائق بأنّ محمدا سيّد المرسلين ، وأنّ عليا سيّد الوصيين .
فقام إليه رجل فقال : يا رسول اللّه ، فمن يبغض عليا بعد هذا ؟ فقال : يا أخا الأنصار ، لا يبغضه من قريش إلاّ سفحي ، ولا من الأنصار إلاّ يهودي ، ولا من العرب إلاّ دعي ، ولا من سائر الناس إلاّ شقي(1) .
وفي رواية ابن مسعود : ومن النساء إلاّ سلقلقية(2)(3) .
قوله تعالى : « فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً » .
عبد اللّه بن حكيم بن جبير عن علي عليه السلام أنّه قال للنبي صلى الله عليه و آله : هل نقدر على رؤيتك في الجنّة كما أردنا ؟
فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إنّ لكلّ نبي رفيقا ، وهو أوّل من يؤمن به من أمّته ، فنزلت هذه الآية(4) .
ص: 251
عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه عن النبي صلى الله عليه و آلهفي خبر : قيل : يا رسول اللّه ، فكم بينك وبين علي عليه السلام في الفردوس الأعلى ؟ قال : فتر(1) ، أو أقلّ من فتر ، أنا على سرير من نور عرش ربّنا ، وعلي على كرسي من نور كرسي ربّنا ، لا يدرى أيّنا أقرب من ربّه - عزّ وجلّ .
السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى : « فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ » نزلت في علي عليه السلام وأصحابه(2) .
قال في المحبرة :
أمن له قال النبي فإنّني
وأخي بدار الخلد مجتمعان
نرعى ونرتع في مكان واحدا
فوق العباد كأنّنا شمسان
* * *
وروى الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وروى الخطيب في تاريخه بالإسناد عن ابن أبي لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن ابن عباس ، وروى الرضا عن آبائه عليهم السلام ، واللفظ له ، كلّهم عن النبي صلى الله عليه و آله قال :
ص: 252
ليس في القيامة راكب غيرنا ، ونحن أربعة : أنا على دابة اللّه البراق ، وأخي صالح على ناقة اللّه التي عقرت ، وعمّي حمزة على ناقتي العضباء ، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنّة ، بيده لواء الحمد ، واقف بين يدي العرش ينادي : لا إله إلاّ اللّه محمد رسول .
قال : فيقول الآدميون : ما هذا إلاّ ملك مقرّب أو نبي مرسل أو حامل عرش ربّ العالمين ، قال : فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش : ما هذا ملك مقرّب ، ولا نبي مرسل ، ولا حامل عرش ، هذا الصدّيق الأكبر ، هذا علي بن أبي طالب .
وقد رواه الخطيب في تاريخه بإسناده عن أبي هريرة ، وأبو جعفر الطوسي في أماليه بإسناده إلى هارون الرشيد عن المهدي عن المنصور عن محمد بن علي عن عبد اللّه بن عباس ، إلاّ أنّهما لم يذكرا حمزة ، وقالا في موضعه : « فاطمة »(1) عليه السلام .
قال العوني :
أنا منهم على البراق مغذ
وابنتي فاطم تباري مسيري
تحتها يوم ذاك ناقتي العضباء
تطوي الفجاج طيّ المغير
ص: 253
وأخي صالح على ناقة اللّه
أمامي في العالم المحشور
وعلي على ذلول من الجنّة
ما خطب نعتها باليسير
* * *
قوله تعالى : « إِنَّ الأَْبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللّهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً » .
وقوله تعالى: « وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ » إلى قوله: « سَلْسَبِيلاً ».
النبي صلى الله عليه و آله في خبر : أنّ عليا عليه السلام أوّل من يشرب السلسبيل والزنجبيل ، وأنّ لعلي عليه السلام وشيعته من اللّه مكانا يغبطه الأوّلون والآخرون(1) .
جابر الجعفي عن الباقر عليه السلام : قال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، إنّ على يمين العرش
لمنابر من نور، وموائد من نور، فإذا كان يوم القيامة جئت وشيعتك يجلسون على تلك المنابر ، يأكلون ويشربون ، والناس في الموقف يحاسبون(2) .
قال العوني :
وأستغفر اللّه الكريم فطالما
تماديت في بحر الضلالة والريب
ولولا اعتصامي بالولاية موقنا
بأنّ موالي الطهر في الحشر لم يخب
ص: 254
وأنّ الولا للعبد لا شكّ منقذ
ومنج له في الحشر من قبح ما احتقب
ويبدل إحسانا ويمحو إساءة
ويغفر حقّا ما اجتناه وما اكتسب
* * *
تفسير أبي صالح : قال ابن عباس في قوله تعالى : « إِنَّ الأَْبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الأَْرائِكِ يَنْظُرُونَ » إلى قوله : « الْمُقَرَّبُونَ » نزل في علي وفاطمة والحسن والحسين وحمزة وجعفر عليهم السلام ، وفضلهم فيها باهر .
الزجاج ومقاتل والكلبي والضحاك والسدي والقشيري والثعلبي : أنّ عليا عليه السلام جاء في نفر من المسلمين نحو سلمان وأبي ذر والمقداد وبلال وخباب وصهيب إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فسخر بهم أبو جهل والمنافقون ، وضحكوا وتغمزوا ، ثم قالوا لأصحابهم : رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه .
فأنزل اللّه تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ »السورة ، « فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا » يعني عليا عليه السلام وأصحابه « مِنَ الْكُفّارِ يَضْحَكُونَ » يعني أبا جهل وأصحابه ، إذا رأوهم في النار
وهم « عَلَى الأَْرائِكِ يَنْظُرُونَ » .
كتاب أبي عبد اللّه المرزباني : قال ابن عباس : فالذين آمنوا علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، والذين كفروا منافقوا قريش(1) .
ص: 255
الأصبغ بن نباتة وزيد بن علي : أنّه سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله : « وَعَلَى الأَْعْرافِ رِجالٌ » ، وسئل الصادق عليه السلام ، واللفظ له ، فقال : نحن أولئك الرجال على الصراط ما بين الجنّة والنار ، فمن عرفنا وعرفناه دخل الجنّة ، ومن لم يعرفنا ولم نعرفه أدخل النار(1) .
إبانة العكبري ، وكشف الثعلبي ، وتفسير الفلكي بالإسناد عن أبي إسحاق عاصم بن سليمان المفسر عن جوير بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال :
الأعراف موضع عالٍ من الصراط عليه العباس وحمزة وعلي بن أبي طالب وجعفر ذو الجناحين عليهم السلام يعرفون محبّيهم ببياض الوجوه ، ومبغضيهم بسواد الوجوه(2) .
وروينا عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال لعلي عليه السلام : أنت - يا علي - والأوصياء من ولدك أعراف اللّه بين الجنّة والنار ، لا يدخل الجنّة إلاّ من عرفكم وعرفتموه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكركم وأنكرتموه(3) .
ص: 256
وسأل سفيان بن مصعب العبدي الصادق عليه السلام عنها فقال : هم الأوصياء من آل محمد صلى الله عليه و آله الإثنا عشر ، لا يعرف اللّه إلاّ من عرفهم .
قال : فما الأعراف جعلت فداك ؟ قال : كثائب(1) من مسك عليها رسول اللّه صلى الله عليه و آله والأوصياء عليهم السلام يعرفون كلاّ بسيماهم .
فأنشأ سفيان يقول :
وأنتم ولاة الحشر والنشر والجزا
وأنتم ليوم المفزع الهول مفزع
وأنتم على الأعراف وهي كتائب
من المسك رياها بكم يتضوّع(2)
ثمانية بالعرش إذ يحملونهومن بعدهم في الأرض هادون أربع(3)
* * *
وأمّا قول العامّة : أنّ أصحاب الأعراف « من لا يستحقّ الجنّة ولا النار » محال ، وما جعل اللّه في الآخرة غير منزلتين : أمّا للثواب ، وأمّا للعقاب ، فكيف يكون أصحاب الأعراف بهذه الحالة ، وقد أخبر اللّه أنّهم
ص: 257
يعرفون الناس - يومئذٍ - بسيماهم ، وأنّهم يوقفون أهل النار على ذنوبهم ويقولون « ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ »الآية ، وينادون « أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ »(1) الآية .
قال ابن حماد :
وأنّك صادق الأعراف تدعو
رجالاً فائزين وهالكينا
فتقسم منهم قسمين بعضا
شمالاً ثم بعضهم يمينا
* * *
وقال غيره :
وهو على الأعراف قد عرفه الر
حمن من أحسن منّا وأساء
* * *
وقال آخر :
فالرجال المعرفون على الأعراف
حقّا إذ هم عليها قعود
* * *
أبان بن عياش عن أنس ، والكلبي عن أبي صالح ، وشعبة عن قتادة ، والحسن عن جابر ، والثعلبي عن ابن عباس وأبو بصير وعبد الصمد عن الصادق عليه السلام قال :
ص: 258
سئل النبي صلى الله عليه و آله عن قوله تعالى : « طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ » قال : نزلت في علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، وطوبى شجرة أصلها في دار علي عليه السلام في الجنّة ، وليس من الجنّة شيء إلاّ وهو فيها .
وعن ابن عباس : وفي دار كلّ مؤمن منها غصن(1) .
وفي الكشف عن الثعلبي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام ، وعن الحاكم الحسكاني بالإسناد عن موسى بن جعفر عليه السلام قال :
سئل النبي صلى الله عليه و آله عن طوبى ، فقال : شجرة في الجنّة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنّة .
ثم سألوه عنها ثانية ، فقال : شجرة أصلها في دار علي عليه السلام وفرعها على أهل الجنّة .
فقيل له في ذلك ، فقال : : إنّ داري ودار علي غدا واحدة(2) .
سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوما لعمر بن الخطاب : يا عمر ، إنّ في الجنّة لشجرة ما في الجنّة قصر ولا دار ولا منزل ولا مجلس إلاّ وفيه غصن من أغصان تلك الشجرة ، وأصل تلك الشجرة في داري .
ثم مضى على ذلك ثلاثة أيام ، ثم قال : يا عمر ، إنّ في الجنّة لشجرة ما في الجنّة قصر ولا دار ولا منزل ولا مجلس إلاّ وفيه غصن من أغصان
ص: 259
تلك الشجرة ، وأصل تلك الشجرة في دار علي بن أبي طالب .
فقال عمر في ذلك ، فقال صلى الله عليه و آله : يا عمر ، أما علمت أنّ منزلي ومنزل علي بن أبي طالب في الجنّة واحد(1) .
الفلكي المفسّر : قال ابن سيرين : طوبى شجرة في الجنّة ، أصلها في دار علي عليه السلام وسائر أغصانها في سائر الجنّة(2) .
السمعاني في فضائل الصحابة عن الفضل بن المرزوق عن عطية عن أبي سعيد : قال النبي صلى الله عليه و آله : أوّل من يأكل من شجرة طوبى علي(3) عليه السلام .
أم أيمن قال النبي صلى الله عليه و آله : ولقد نحل اللّه طوبى في مهر فاطمة عليه السلام ، فجعلها في منزل علي(4) عليه السلام .
قال الحميري :
وكفاه بأنّ طوبى له في
داره أصلها بدار الخلود
أيكة(5) كلّ منزل لسعيد
فيه غصن منها برغم الحسود
تتدلّى عليه منها ثمارمن جنى لينة وطلح نضيد(6)
ص: 260
وله أيضا :
ومن ذا داره في أصل طوبى
وتلقّاه الكرام مصافحينا
وأنهار تفجّر جاريات
تفيض الخمر والماء المعينا
وأنهار من العسل المصفّى
ومحض غير محض الخافتينا(1)
* * *
وله أيضا :
وقال طوبى أيكة ظلّها
صاح ظليل ذات أغصان
أغصانها ناعمة جمّة
من ذهب أحمر عقيان(2)
وحملها من عبقر مونق
صاف وياقوت ومرجان
لها جنى من كلّ ما يشتهى
من فاقع أصفر أو قان(3)
تنشقّ أكمام لها عن كسى
من حلل تبرق ألوان
من سندس منها وإستبرق
ومن ضروب الثمر الآني(4)
وأصلها من أمّة المصطفى
أحمد في منزل إنسان
فقلت من قال علي وما
من منزل ناء ولا دان
لمؤمن إلاّ ومنها بها
غصن ومنها ما به اثنان
* * *
ص: 261
وقال خطيب خوارزم :
فطوبى لمن ظلّ طوبى لهم
وطوباهم ثم طوباهم
* * *
ص: 262
ص: 263
ص: 264
تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن محمد بن فضيل عن الرضا عليه السلام في قوله تعالى « وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ » الآية ، قال : المؤذّن أمير المؤمنين(1) عليه السلام .
أبو القاسم بإسناده عن محمد بن الحنيفة عن علي عليه السلام قال : أنا ذلك المؤذّن(2) .
وبإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس : إنّ لعلي عليه السلام آية في كتاب اللّه لا يعرفها الناس قوله : « فَأَذَّنَ مُؤذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى » الذين كذبوا بولايتي ، واستخفّوا بحقّي(3) .
أبو جعفر عليه السلام « وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ » الآية ، قال : المؤذّن أمير المؤمنين(4) عليه السلام .
ص: 265
في خطبة الافتخار : وأنا أذان اللّه في الدنيا ، ومؤذّنه في الآخرة(1) ، يعني قوله تعالى : « وَأَذانٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ » في حديث براءة ، وقوله : « فَأَذَّنَ مُؤذِّنٌ » .
وأنّه لمّا صار في الدنيا منادي رسول اللّه صلى الله عليه و آله على أعدائه صار منادي اللّه في الآخرة على أعدائه .
قال الحماني :
وإذ بيتي على رغم الملاحي
هو البيت المقابل للصراح
ووالدي المشار به إذا ما
دعا الداعي بحيّ على الفلاح
* * *
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : « فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا » الآية ، هذه نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه الذين عملوا ما عملوا يرون أمير المؤمنين عليه السلام في أغبط الأماكن لهم ، فيسوء وجوههم ، ويقال لهم : « هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ » الذي انتحلتم اسمه(2) .
وفي رواية عنهم عليهم السلام : « هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ » يعني أمير المؤمنين(3) عليه السلام .
ص: 266
أبو حمزة الثمالي عنه عليه السلام عن النبي صلى الله عليه و آله في قوله : « لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَْكْبَرُ » الآيات ، قال : فيعطى ناقة فيقال : اذهب في القيامة حيث ما شئت ، فإن شاء وقع في الحساب ، وإن شاء وقف على شفير جهنم ، وإن شاء دخل الجنّة ، وإنّ خازن النار يقول : يا هذا ، من أنت أنبيّ أو وصيّ ؟ فيقول : أنا من شيعة محمد وأهل بيته فيقول ذلك لك(1) .
الصادق عليه السلام قال النبي صلى الله عليه و آله : من أحبّني وأحبّ ذرّيتي أتاه جبرئيل عليه السلام إذا خرج من قبره ، فلا يمرّ بهول إلاّ أجازه إياه . . الخبر .
تاريخ بغداد : سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن جدّته عن عائشة قال النبي صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : حسبك ما لمحبّك حسرة عند موته ، ولا وحشة في قبره ، ولا فزع يوم القيامة(2) .
أمالي الطوسي : الحارث الأعور عن أمير المؤمنين عليه السلام قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا كان يوم القيامة أخذت بحجزة(3) من ذي العرش ، وأخذت أنت - يا علي - بحجزتي ، وأخذت ذريّتك بحجزتك ، وأخذت شيعتكم
ص: 267
بحجزتكم ، فماذا يصنع اللّه بنبيّه ؟ وما يصنع نبيّه بوصيّه ؟ خذها إليك - يا حار(1) - قصيرة من طويلة ، أنت ومن أحببت ، ولك ما اكتسبت(2) .
قال الحميري :
قول علي لحارث عجب
كم ثمّ أعجوبة له حملا
يا حار همدان من يمت يرني
من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني طرفه وأعرفه
بعينه واسمه وما فعلا
وأنت عند الصراط تعرفني
فلا تخف عثرة ولا زللا
أسقيك من بارد على ظمأ
تخاله في الحلاوة العسلا
أقول للنار حين توقف للعرض
على جسرها ذري الرجلا
ذريه لا تقربيه إنّ له
حبلاً بحبل الوصيّ متّصلا
هذا لنا شيعة وشيعتنا
أعطاني اللّه فيهم الأملا
* * *
قوله تعالى : « فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً » .
زيد بن علي وجعفر الصادق عليه السلام : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : إذا كان يوم القيامة وحشر الناس في المحشر وجدتم علي بن أبي طالب يتلألأ نورا كالكوكب الدرّي .
ص: 268
شيرويه في الفردوس ، ويحيى بن الحسين بإسناده عن أنس : قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ علي بن أبي طالب ليزهر في الجنّة ككوكب الصبح لأهل الدنيا(1) .
الفردوس : طاوس عن ابن عباس قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ الناس لو اجتمعوا على حبّ علي بن أبي طالب لما خلق اللّه النار(2) .
أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى : « هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا » بولاية علي بن أبي طالب عليهماالسلام « قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ »(3) .
النبي صلى الله عليه و آله في خبر : يا بن عباس ، والذي بعثني بالحقّ نبيا ، إنّ النار لأشدّ غضبا على مبغضي علي عليه السلام منها على من زعم أنّ للّه ولدا(4) .
ص: 269
قال الصنوبري :
فمضمر الحبّ في نور يخصّ به
ومضمر البغض مخصوص بنيران
هذا غدا مالك في النار يملكه
وذاك رضوان يلقاه برضوان
* * *
وقال الناشي :
إذا ما قصد الجنّة
ربّ الغلّ والحقد
يناديه التمس نورا
به ذو الدين يستهدي
* * *
ص: 270
ص: 271
ص: 272
ص: 274
قال اللّه تعالى لنفسه : « وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ » ، وفيه « وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » .
وقال لنفسه : « وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ » ، وفيه « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ » .
وقال لنفسه : « لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ » ، وفيه « أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ » .
وقال لنفسه : « هُوَ اللّهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ » ، وفيه « قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ » ، قال الرضا عليه السلام قال النبي صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : بك وعظت قريش .
وقال لنفسه : « قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ » ، وفيه « وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً » .
وقال لنفسه : « يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ » ، وفيه « عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً »
وقوله صلى الله عليه و آله : يحبّ اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّه ورسوله .
وقال لنفسه : « يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ » ، وفيه « إِنّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا » .
وقال لنفسه : « اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا » ، وفيه : من كنت مولاه .
وقد سمّاه بكذا وكذا اسم من أسمائه ، منها :
ص: 275
الوارث ، والنور ، والهادي ، والهدى ، والشاهد ، والشهيد ، والعزيز ، والودود ، والعليّ ، والوليّ ، والفاضل ، والعالم ، والحقّ ، والعدل ، والصادق ، والمبين ، والمؤمن ، والعظيم ، وغير ذلك .
وقد تقدّم بيانها في مواضعه .
ثم إنّه جعل عليا عليه السلام ثاني نبيّه وثالث نفسه في خمسة وعشرين موضعا :
[ 1 ] العزّة : « وَلِلّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤمِنِينَ » .
[ 2 ] والولاية : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا » الآية .
[ 3 ] والرؤية: « وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤمِنُونَ ».
[ 4 ] والصلاة : « إِنَّ اللّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً » .
[ 5 ] والأذى : « إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ . . . وَالَّذِينَ يُؤذُونَ
الْمُؤمِنِينَ » .
[ 6 ] والطاعة : « أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ مِنْكُمْ » .
[ 7 ] والعصيان : « وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ » .
[ 8 ] والإيمان : « فَآمِنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا » .
[ 9 ] والموالاة : « فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤمِنِينَ » .
[ 10 ] والشهادة : « شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ » .
ص: 276
[ 11 ] وقال لنفسه : « وَإِنَّ اللّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » ، وله عليه السلام : « وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ » .
[ 12 ] وقال لنفسه : « وَكَفى بِاللّهِ شَهِيداً » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤلاءِ شَهِيداً » ، وله صلى الله عليه و آله : « وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ » .
[ 13 ] وقال لنفسه : « وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ » ، وله عليه السلام : قد « جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ » بولاية علي عليه السلام إلى قوله « تَسْلِيماً »(1) .
[ 14 ] وقال لنفسه : « صَدَقَ اللّهُ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله « وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ » ، وله عليه السلام : « رِجالٌ صَدَقُوا » .
[ 15 ] وقال لنفسه : و« أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « قُلْ جاءَ الْحَقُّ » ، وله عليه السلام : « وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ » .
[ 16 ] وقال لنفسه : و« أَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ » ، وله عليه السلام : « وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ » .
[ 17 ] وقال لنفسه : « فَاللّهُ أَوْلى بِهِما » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » ، وله عليه السلام : « إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ
اتَّبَعُوهُ » الآية .
[ 18 ] وقال لنفسه : « السَّلامُ الْمُؤمِنُ الْمُهَيْمِنُ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « آمَنَ الرَّسُولُ » ، وله عليه السلام : « وَصالِحُ الْمُؤمِنِينَ » .
ص: 277
[ 19 ] وقال لنفسه : « إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « أَشَدُّ حُبًّا لِلّهِ » ، وله عليه السلام : « أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ » .
[ 20 ] وقال لنفسه « بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : «وَما
أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً » ، وله عليه السلام : «قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ » .
[ 21 ] وقال لنفسه : « مِنَ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : « لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ » ، وله عليه السلام : « تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ » .
[ 22 ] وقال لنفسه : « وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ » ، ولنبيّه : « وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ » ، وله : « عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ » .
[ 23 ] وقال لنفسه : « اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ » ، ولنبيّه صلى الله عليه و آله : «قَدْ
جاءَكُمْ مِنَ اللّهِ نُورٌ » ، وله عليه السلام : « وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ »(1) .
ثم إنّ اللّه - تعالى- سمّى عليا عليه السلام مثل ما سمّى به كتبه :
قال : « إِنّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً » ، ولعلي عليه السلام : « وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ » .
وقال : « فِيها هُدىً وَنُورٌ » ، وللقرآن : « وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ
مَعَهُ » ، ولعلي عليه السلام : « وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ » .
وقال : « يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ » ، ولعلي عليه السلام : « لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ » .
ص: 278
وقال : « صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى » ولعلي عليه السلام : « ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ »والكتاب أكبر .
وقال في القرآن : « وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ » ، وله عليه السلام : « يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ » .
وفي القرآن : « هذا بَصائِرُ لِلنّاسِ » ، وله عليه السلام : « قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللّهِ عَلى بَصِيرَةٍ » .
وفي القرآن : « يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ » ، وله عليه السلام : « وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ » .
وفي القرآن : « هذا بَيانٌ لِلنّاسِ » ، وله عليه السلام : « أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ » .
وفي القرآن : « هُدىً وَبُشْرى » ، وله عليه السلام : « لَهُمُ الْبُشْرى » .
وفي القرآن : « سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً » ، وله عليه السلام : إنّي تارك فيكم الثقلين . . الخبر .
وفي القرآن : « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ » ، وله عليه السلام : « أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ » .
وفي القرآن : « فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ » ، وله : قال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا حجّة اللّه ، أنا خليفة اللّه .
وفي القرآن : « نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ » ، وله : « وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ » .
في القرآن : « وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ » ، وله : « قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » .
وفي القرآن : « جاءَ بِالصِّدْقِ » ، وله : « كانَ مِنَ الصّادِقِينَ » .
وفي القرآن : « تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ » ، وله : « إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ » .
ص: 279
وفي القرآن : « وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً » ، وله : « ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ » .
وفي القرآن : « اللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ » ، وله : « مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ » .
وفي القرآن : « قالُوا خَيْراً » ، وله : « أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ » .
وفي القرآن : « ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ » ، وله « وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً » .
وفي القرآن : « هُدىً لِلْمُتَّقِينَ » ، وله : « قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى » .
وفي القرآن : « يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ » ، وله : « وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا
لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ » أي عال في البلاغة ، وعلا على كلّ كتاب لكونه معجزا وناسخا ومنسوخا ، وكذلك علي بن أبي طالب عليه السلام ، ثم قال : « حَكِيمٌ » : أي مظهر للحكمة البالغة بمنزلة حكيم ينطق بالصواب ، وهكذا في علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، وهاتان الصفتان له خليقة ، لأنّهما من صفات الحيّ ، وفي القرآن على سبيل التوسّع .
ثم قال للقرآن: « أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ »، وله: « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ».
وفي القرآن : « وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ » ، وعلم هذا الكتاب عنده ، لقوله : « وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » .
وقال النبي صلى الله عليه و آله : الإسلام(1) يعلو ولا يعلى(2) ، وقال تعالى : « وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيا » ، بيانه : « وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ » .
ص: 280
قال العوني :
عدل القرآن وصنو المصطفى وأبو
السبطين أكرم به من والد وأب
بعل المطهّرة الزهراء والنسب
الطهر الذي ضمّه حقّا إلى نسب
* * *
ص: 281
ص: 282
ص: 283
ص: 284
ساواه مع آدم عليه السلام في أشياء :
في العلم « وَعَلَّمَ آدَمَ الأَْسْماءَ كُلَّها » ، وله : وأنا مدينة العلم وعلي بابها .
والتزويج ، لأنّه جرى تزويجها(1) في الجنّة .
وأنزل الحديد على آدم عليه السلام ، وأنزل على علي عليه السلام ذا الفقار .
وآدم عليه السلام أبو الآدميين ، وعلي عليه السلام أبو العلويين .
واعتذر عن آدم عليه السلام : « فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً » ، وشكر عن علي عليه السلام : « يُوفُونَ بِالنَّذْرِ » .
وآمن آدم عليه السلام في قوله : « ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ » ، وكذلك لعلي عليه السلام : « فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ » .
وكان آدم عليه السلام خليفة اللّه « إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَْرْضِ خَلِيفَةً » ، وعلي عليه السلام خليفة اللّه ، قوله عليه السلام : من لم يقل : أنّي رابع الخلفاء . . الخبر .
خلق آدم عليه السلام من التراب ، فكان ترابيا « فَإِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ » ، وسمّى النبي صلى الله عليه و آله عليا عليه السلام « أبا تراب » .
وقال آدم عليه السلام وقت خلقته وقد عطس : « الْحَمْدُ لِلّهِ » ، فقال : رحمك
ص: 285
اللّه ، ولهذا خلقتك ، سبقت رحمتي غضبي ، فهو أوّل كلمة قالها ، وعلي عليه السلام لمّا ولد سجد للّه على الأرض وحمده .
وآدم عليه السلام خلق بين مكة والطائف ، وعلي عليه السلام ولد في الكعبة .
واصطفى اللّه آدم عليه السلام ، ولعلي عليه السلام « وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ » .
والأنبياء كلّهم من صلب آدم عليه السلام ، وأوصياء النبي صلى الله عليه و آله من صلب علي عليه السلام .
رفع آدم عليه السلام على مناكب الملائكة ، ورفعت جنازة علي عليه السلام على مناكبهم أيضا .
نسب أولاد آدم عليه السلام إليه ، فقالوا : آدمي ، ونسب أولاد النبي صلى الله عليه و آله إليه ، فقالوا : علوي .
أمر اللّه الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام ، وعلي عليه السلام أمر بأن يؤتى إليه .
روى العباس بن بكار عن شريك عن سلمة بن كهيل عن علي عليه السلام قال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتى(1) .
آدم عليه السلام باع الجنّة بحبات حنطة ، فأمر بالخروج منها « قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً » ، وعلي عليه السلام اشترى الجنّة بقرص ، فأذن له بالدخول فيها « وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً » .
« وَعَلَّمَ آدَمَ الأَْسْماءَ كُلَّها » ، وكان اسم علي عليه السلام وأسماء أولاده عليهم السلام فعلم اللّه آدم عليه السلام أسماءهم .
ص: 286
أخبرني محمود بن عبد اللّه بن عبيد اللّه الحافظ بإسناده عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : يفتخر يوم القيامة آدم بابنه شيث ، وأفتخر أنا بعلي بن أبي طالب(1) .
قال المفجع :
كان في علمه كآدم إذ علّم
شرح الأسماء والمكنيات
* * *
وساواه مع إدريس عليه السلام بأشياء :
أطعم إدريس بعد وفاته من طعام الجنّة ، وأطعم علي عليه السلام في حياته من طعامها مرارا .
وسمّي إدريس ، لأنّه درس الكتب كلّها ، وقوله تعالى في علي عليه السلام
« وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » .
وإدريس أوّل من وضع الخطّ ، وعلي عليه السلام أوّل من وضع النحو والكلام .
وساواه مع نوح عليه السلام في خمسة عشر موضعا :
[ 1 ] في الميثاق : « وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ » ، ولعلي عليه السلام ما روي أنّ اللّه - تعالى - أخذ ميثاقي على النبوة ، وميثاق إثني عشر بعدي .
ص: 287
[ 2 ] وخصّ بطول العمر « فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ » ، وطول عمر ولده القائم عليه السلام « وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا » الآية .
[ 3 ] ونوح عليه السلام شيخ المرسلين ، وعلي عليه السلام شيخ الأئمة .
[ 4 ] وقيل لنوح عليه السلام : « يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا » ، ولعلي عليه السلام « فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ » .
[ 5 ] ونبع الماء لنوح عليه السلام من بين النار « وَفارَ التَّنُّورُ » ، وهوى النجم لعلي عليه السلام من بئر الدار « وَالنَّجْمِ إِذا هَوى » .
[ 6 ] أجيبت دعوة نوح عليه السلام فهطلت له السماء بالعقوبة ، وأجيبت لعلي عليه السلام بالرحمة ، فنبعت له الأرض في أرض بلقع(1) ويمنى السواد وغيرهما .
[ 7 ] ذكر اللّه نوحا عليه السلام في كتابه إثنين وأربعين موضعا ، أوّله : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً » وآخره : « وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ » ، وذكر عليا عليه السلام في تسع وثمانين موضعا أنّه أمير المؤمنين عليه السلام .
[ 8 ] وسمّي نوحا عليه السلام لكثرة نوحه وزهادته ، وقال لعلي عليه السلام : « أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ » .
[ 9 ] وسمّاه شكورا « إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً » ، وسمّى عليا عليه السلام باسمه « وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » .
[ 10 ] وأهلك جميع الخلائق بالطوفان سوى قومه « فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ » ، وأهلك أعداء علي عليه السلام في طوفان النصب ، فيلقى في جهنم ، ويفوز أحباؤه « إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً » .
ص: 288
[ 11 ] نوح عليه السلام أبّ ثان ، وعلي عليه السلام أبو الأئمة عليهم السلام والسادات .
[ 12 ] واشتق لنوح عليه السلام اسمه من صفته لمّا ناح ، واشتق اسم علي عليه السلاممن صفته ، لأنّه علا .
[ 13 ] وقيل : « يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنّا » ، وقيل لعلي عليه السلام : « سَلامٌ عَلى آِل ياسِينَ » .
[ 14 ] وحمل على السفينة عند طوفان الماء « وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ
وَدُسُرٍ » ، وقيل لعلي عليه السلام : مثل أهل بيتي كسفينة نوح . . الخبر ، فسفينة علي عليه السلام نجاة من النار .
قال المفجع :
وكنوح نجا من الفلك من سيّر
في الفلك إذ علا الجوديّا
* * *
ص: 289
ص: 290
ص: 291
ص: 292
ساوى عليا عليه السلام مع إبراهيم عليهماالسلام في ثلاثين خصلة :
[ 1 ] الاجتباء : « وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ »(1) ، ولعلي عليه السلام : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ . . » .
[ 2 ] وفي الهدى : « وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ »(2) ، ولعلي عليه السلام : « وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ » .
[ 3 ] وفي الحسنة : « وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً » ، ولعلي عليه السلام : « مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ » .
[ 4 ] وفي البركة : « وَبارَكْنا عَلَيْهِ » ، ولعلي عليه السلام : « وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ » .
[ 5 ] وفي البشارة : « وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ » ، ولعلي عليه السلام : « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً » .
[ 6 ] وفي السلام : « سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ » ، ولعلي عليه السلام : « سَلامٌ عَلى آِل ياسِينَ » .
ص: 293
[ 7 ] وفي الخلّة : « وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً » ، ولعلي عليه السلام : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ » .
[ 8 ] وفي الثناء الحسن : « وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » ، ولعلي عليه السلام : « وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ » .
[ 9 ] وفي المقام : « وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى » ، ولعلي عليه السلام : هو أوّل من صلّى مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
[ 10 ] وفي الإمامة : « إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً » ، ولعلي عليه السلام : « وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ » .
[ 11 ] وجعل مثابته قبلة للخلق « وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً » ولعلي عليه السلام : حبّ علي عليه السلام إيمان .
[ 12 ] وبناه طواف المؤمنين « وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ » ولعلي عليه السلام : « إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ » .
[ 13 ] وأمر إبراهيم عليه السلام بتطهير البيت « وَطَهِّرْ بَيْتِيَ » ، واللّه - تعالى - طهر بيت علي عليه السلام « وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً » .
[ 14 ] وملوك الروم من نسل إبراهيم عليه السلام ، والأئمة عليهم السلام الإثنا عشر من صلب علي عليه السلام .
[ 15 ] وأثنى اللّه عليه « إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً » ، لأنّه كان وحيدا في زمانه بالتوحيد ، وعلي عليه السلام أوّل من أسلم .
[ 16 ] وقال : « إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ » ، ولعلي
عليه السلام : « أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ » .
ص: 294
[ 17 ] وقال له : « كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً » ، ولعلي عليه السلام : على ملّة إبراهيم عليه السلام ، ودين محمد صلى الله عليه و آله ، ومنهاج علي عليه السلام حنيفا مسلما .
[ 18 ] وقال له : « شاكِراً لأَِنْعُمِهِ » ، ولعلي عليه السلام : « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ » .
[ 19 ] وقال في إبراهيم عليه السلام : « الَّذِي وَفّى » ، ولعلي عليه السلام : « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ » .
[ 20 ] وقال في إبراهيم عليه السلام : « الَّذِي وَفّى » ، ولعلي عليه السلام « يُوفُونَ بِالنَّذْرِ » .
[ 21 ] وقال : « وَإِنَّهُ فِي الآْخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ » ، ولعلي عليه السلام « وَصالِحُ الْمُؤمِنِينَ » .
[ 22 ] وقال : « إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّاهٌ مُنِيبٌ » ولعلي عليه السلام : « يَحْذَرُ الآْخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ » .
[ 23 ] وكان إبراهيم عليه السلام مؤذّنا للحجّ « وَأَذِّنْ فِي النّاسِ » وعلي عليه السلام
مؤذّن اللّه « وَأَذانٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ » .
[ 24 ] وإبراهيم عليه السلام فارق قومه « وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ
اللّهِ »فأخرج من نسله سبعين ألف نبي « وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ » ، وعلي عليه السلامفارق قريشا فجعله اللّه في أفضلها ، وهم بنو هاشم ، وأعطاه النسل الطيب .
[ 25 ] وعادى إبراهيم عليه السلام قومه « فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاّ رَبَّ الْعالَمِينَ » ، وعادت قريش عليا عليه السلام فأبادهم بالسيف .
[ 26 ] وقال إبراهيم عليه السلام : « إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ » ، وقال النبي صلى الله عليه و آله : أنا ابن الذبيحين ، يعني إسماعيل وعبد اللّه عليهماالسلام ، وابتلي علي عليه السلام أكثر .
ص: 295
[ 27 ] ورمي إبراهيم عليه السلام مشدودا عن المنجنيق وهو مكره ، ورمي علي عليه السلام عن المنجنيق في ذات السلاسل وهو مختار .
[ 28 ] وقال في حقّ إبراهيم عليه السلام « فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ » ، وألقى علي عليه السلام
نفسه في وادي الجنّ وحاربهم .
[ 29 ] وصارت نار الدنيا على إبراهيم عليه السلام بردا وسلاما « قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً » ، وتصير نار الآخرة على محبّي علي عليه السلام « بَرْداً وَسَلاماً »حتى تنادي الجحيم : جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي .
[ 30 ] ادعى في محبّة إبراهيم عليه السلام خلق ، فقال « فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي » ، وادعى في محبّة علي عليه السلام خلق ، فقال اللّه : « إِنَّ أَوْلَى النّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ » الآية .
[ 31 ] وإبراهيم عليه السلام أوجس في نفسه خيفة من الملائكة ، وتكلّم علي عليه السلام معهم .
قال العوني :
علي كليم الجنّ في يوم دجنة
ومن قلتما من مثلها خرسان
* * *
[ 32 ] وسائر الأنبياء بعد إبراهيم عليه السلام من نسله « مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ » ، وسائر الأوصياء من ولد علي عليه السلام « وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ » .
[ 33 ] إبراهيم عليه السلام أسّس الكعبة « أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ » ، وعلي عليه السلام
أظهر الإسلام ، وطهّر الكعبة من الأزلام .
ص: 296
[ 34 ] وإبراهيم عليه السلام كسر أصناما « قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا » « قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا » ، يعني آفلون ، وعلي عليه السلام كسر ثلاثمائة وستين صنما أكبرها هبل .
[ 35 ] ابتلى اللّه إبراهيم عليه السلام بقربان الولد « إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ » ، وأبات أبو طالب عليا عليهماالسلام على فراش رسول اللّه صلى الله عليه و آله كلّ ليلة في الشعب ، وأباته النبي صلى الله عليه و آله ليلة الهجرة .
وبين الفدائين فروق ، وربما يشفق الوالد على ولده فلا يذبحه ، وعلي صلى الله عليه و آله كان على يقين من الكفار ، ويقوى في ظنّ والده أنّ أباه يمتحنه في طاعته ، فيزول كثير من الخوف ويرجو السلامة ، وعلي صلى الله عليه و آلهخائف بلا رجاء ، وأمره مسند إلى الوحي فيجب الانقياد ، وعلي عليه السلامعلى غير ذلك .
[ 36 ] وأثنى اللّه على إبراهيم عليه السلام في خمسة وستين موضعا : أوّله « ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ » ، وآخره « صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى » ، وأنزل اللّه ربع القرآن في علي عليه السلام .
إسماعيل وإسحاق عليهماالسلام .
قال المفجع البصري :
وله من صفات إسحاق حال
صار في فضلها لإسحاق سيّا(1)
صبره إذ يتلّ للذبح حتى
ظلّ بالكبش عندها مفديّا
ص: 297
وكذا استسلم الوصيّ لأسياف
قريش إذ بيّتوه عشيّا
فوقى ليلة الفراش أخاه
بأبي ذاك واقيا ووليّا
* * *
وله أيضا :
من أبيه ذي الأيدي إسما
عيل شبهٌ ما كان عنّي خفيّا
إنّه عاون الخليل على الكعبة
إذ شاد ركنها المبنيّا
ولقد عاون الوصيّ حبيب
اللّه أن يغسلان منه الصفيّا
كان مثل الذبيح في الصبر والتس
ليم سمحا بالنفس ثم سخيّا
* * *
ص: 298
ص: 299
ص: 300
كان ليعقوب عليه السلام إثنا عشر ابنا أحبّهم إليه يوسف وبنيامين ، وكان لعلي عليه السلام سبعة عشر ابنا أحبّهم إليه الحسن والحسين عليهماالسلام .
وكان أصغر أولاده لاوي ، فصارت النبوة له ولأولاده .
ألقي له يوسف عليه السلام في غيابة الجبّ ، وذبح لعلي عليه السلام ابنه الحسين عليه السلام .
وابتلي يعقوب بفراق يوسف عليهماالسلام ، وابتلى علي عليه السلام بذبح الحسين عليه السلام .
لم يقع يوسف من يعقوب عليهماالسلام وإن بعد عنه ، ولم تقع الخلافة عن علي عليه السلام وإن بعدت عنه أياما .
كان ليعقوب عليه السلام بيت الأحزان ، ولآل النبي عليهم السلام كربلاء .
ويعقوب عليه السلام ارتد بصيرا بقميص ابنه ، وكان لعلي عليه السلام قميص من غزل فاطمة عليه السلام يتّقي به نفسه في الحروب .
وكلّم ذئب يعقوب عليه السلام وقال : لحوم الأنبياء حرام علينا(1) ، وكلّم ثعبان عليا عليه السلام على المنبر ، وكلّمه ذئب وأسد أيضا .
قال المرزكي :
وكيعقوب كلّم الذئب لمّا
حلّ في الجبّ يوسف الصديق
ص: 301
سمّي يعقوب عليه السلام ، لأنّه أخذ بعقب أخيه عيص ، وسمّي عليا عليه السلام ، لأنّه علا في حسبه ونسبه وعلمه وزهده ، وغير ذلك .
وكان ليعقوب عليه السلام إثنا عشر ولدا ، منهم مطيع ومنهم عاص ، ولعلي عليه السلام إثنا عشر ولدا كلّهم معصومون مطهّرون .
قال المفجع :
وله من نعوت يعقوب نعت
لم أكن فيه ذا شكوك عتيّا
كان أسباطه كأسباط يعقوب
وإن كان نجرهم(1) نبويّا
أشبهوهم في الباس والعدّة والعلمفافهم إن كنت ندبا(2) ذكيّا
كلّهم فاضل وحاز حسينوأخوه بالسبق فضلاً سنيّا
* * *
وساواه مع يوسف عليه السلام في أشياء :
قال يوسف عليه السلام : « رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ » ، وقال في علي عليه السلام : « وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً » .
ولمّا رأى إخوته زيادة النعمة وكمال الشفقة حسدوه ، وكذلك حال علي عليه السلام « أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ » ، فزادهما علوا وشرفا « وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ » .
ص: 302
وقال إخوة يوسف عليه السلام في الظاهر : « وَإِنّا لَهُ لَناصِحُونَ » « وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ » وعادوه في الباطن ، فقال اللّه تعالى : « إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ » « إِنّا إِذاً لَظالِمُونَ » ، وكذلك حال علي عليه السلام نصحوه ظاهرا ومقتوه باطنا .
وقال ليوسف عليه السلام : « أَيُّهَا الصِّدِّيقُ » ، وقال علي عليه السلام : أنا الصدّيق الأكبر .
إخوة يوسف عليه السلام وافقوه باللسان وخالفوه بالجنان « أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً » ، وكذلك حال المنافقين مع النبي صلى الله عليه و آله « فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ » .
وقالوا عند أبيه : « وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ » وهم مضيّعوه ، وقال المنافقون : علي عليه السلام مولانا ، وظلموه بعد وفاته « أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ » .
سلّم يعقوب إليهم يوسف عليهماالسلام بالأمانة « إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ » ، والمصطفى صلى الله عليه و آله قال : إنّي تارك فيكم الثقلين .
وقال يعقوب : « يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ » ، وقال المصطفى صلى الله عليه و آله : ما أوذي نبي مثل ما أوذيت .
وقال اللّه تعالى ، « وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً » ، وأوتي علي عليه السلام
حكمه في صغره بأشياء ، كما تقدّم .
أطعم يوسف عليه السلام لأهل مصر ، وأطعم علي عليه السلام الملائكة « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ » .
الجائع كان يشبع بلقاء يوسف عليه السلام ، والمؤمن ينجو بلقاء علي عليه السلام« أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ » .
ص: 303
مدح يوسف عليه السلام نفسه ، فقال : « إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ » ، وقوله تعالى : « أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ » ، وقد مدح عليا عليه السلام : « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ »
« يُوفُونَ بِالنَّذْرِ » .
وجد يعقوب رائحة قميص يوسف عليهماالسلام من مسيرة شهر ، وستجد شيعة علي عليه السلام رائحة الجنّة من فوق سبع سماوات « فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ » .
ادعوا في يوسف عليه السلام أربعة دعاوى :
قال يعقوب عليه السلام : « يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤياكَ » ، وقال العزيز : « عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً » ، واسترقّه إخوته « وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ » ، وأخذته زليخا معشوقا « قَدْ شَغَفَها حُبًّا » .
وقال اللّه - تعالى - في علي عليه السلام : « إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ » ، وقال المصطفى : علي أخي ، وأنكره جماعة « يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤا نُورَ اللّهِ » ، واعتقدت الشيعة إمامته « رِجالٌ صَدَقُوا » .
وسمّوا يوسف عليه السلام ولدا وأخا وعبدا ومعشوقا ، كذلك علي عليه السلام قالت الغلاة : هو اللّه ، وقالت الخوارج : هو كافر ، وقالت المرجئة : هو المؤخّر ، وقال الشيعة : هو معصوم مطهّر .
نظر في يوسف عليه السلام ثمانية :
نظر يعقوب عليه السلام بالمحبّة ، فحرم لقاه « يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ » .
ومالك بن الزعر بالحرمة ، فصار ملكا « أَكْرِمِي مَثْواهُ » .
والعزيز بالفتوة ، فوجد منه الصيانة « وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللّهِ » .
وزليخا بالشهوة ، فسخر منها « وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ » .
ص: 304
والمؤمنون بالنبوة « يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ »(1) .
وكذلك نظر في علي عليه السلام ثمانية :
نظر الكفّار بالعداوة ، فالنار مأواهم « ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ » .
والمنافقون بالحسد ، فخسروا « قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَْخْسَرِينَ أَعْمالاً » .
والمصطفى بالوصيّة والإمامة ، فصار ختنه وصاحب جيشه « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً » .
وسلمان والمقداد بالشفقة ، فصاروا خواصّ الصحابة وسرور الشيعة « وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ » .
والنواصب بالحقارة ، فضلّوا « إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا » .
والغلاة بالمحال ، فصاروا من الضلال « وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِْسْلامِ دِيناً » .
والملاحدة بالكذب ، فصاروا مبتدعين « إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا » .
والشيعة بالديانة ، فصاروا مقرّبين « انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ » .
قال المفجع :
كابن راحيل يوسف وأخيه
فضلا القوم ناشيا وفتيّا
ومقال النبي في ابنيه يحكي
في ابن راحيل قوله المرويّا
كان ذاك الكريم وابنيه سادا
كلّ من حلّ في الجنان نجيّا
* * *
ص: 305
ص: 306
ص: 307
ص: 308
ربّي موسى عليه السلام في حجر عدو اللّه فرعون ، وربّي علي عليه السلام في حجر حبيب اللّه محمد صلى الله عليه و آله .
هو موسى بن عمران ، وعلي عليه السلام آل عمران ، وقالوا : إنّ اسم أبي طالب عليه السلام « عمران » .
وحفظ اللّه موسى عليه السلام في صغره من فرعون ، وفي كبره من البحر ، وحفظ عليا عليه السلام في صغره من الحيّة حين قتلها ، وفي كبره من الفرات حين أغارها .
وكان لموسى عليه السلام انفلاق البحر ، وهو نيل مصر ، « اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ » ، انشق نهروان بإشارة علي عليه السلام حين يبس .
ضرب موسى عليه السلام بعصاه على البحر وقال : اخرجي أيّتها الضفادع ، فخرجت ، وأطاعت الحيّة والثعبان عليا عليه السلام ، وذلك أهول .
وسخّر لموسى عليه السلام الجراد والقمل ، وسخّر لعلي عليه السلام حيتان نهروان إذ نطقت معه وسلّمت عليه .
وسخّر لموسى عليه السلام الدم مفصّلات ، وعلي عليه السلام أراق دماء الكفار حتى سمّوه الموت الأحمر .
وكان موسى عليه السلام صاحب تسع آيات بينات ، وعلي عليه السلام صاحب كذا وكذا معجزات .
ص: 309
وأحيى اللّه بدعاء موسى عليه السلام قوما « ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ » ، وأحيى بدعاء علي عليه السلام سام بن نوح ، وأصحاب الكهف ، وبوادي صرصر، وغيرها .
وذكر اللّه موسى عليه السلام في كتابه في مائة وثلاثين موضعا ، وسمّى عليا عليه السلام في
كتابه في ثلاثمائة موضع .
وقيل لموسى عليه السلام : « وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا » ، وقيل لعلي عليه السلام : « وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » .
« وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً » ، وعلي عليه السلام علّمه اللّه تعليما « الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِْنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ » .
قال المرزكي :
وعلي ناجاه بالطائف اللّه
ففيما ينافس الزنديق
* * *
وسخّرت الأرض لموسى عليه السلام حتى خسف بقارون ، ودمّر علي عليه السلامعلى
أعداء النبي صلى الله عليه و آله « فَإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ » .
وقال موسى عليه السلام : « وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي » ، وفي آية أخرى : « اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي » ، فقال اللّه : « قَدْ أُوتِيتَ سُؤلَكَ يا مُوسى » ، وقال اللّه ليلة المعراج : اخلف عليا عليه السلام ، وقال صلى الله عليه و آله : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى .
وسقى اللّه موسى عليه السلام من الحجر « فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً » ، وعلي عليه السلام « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً » إثنا عشر إماما .
ص: 310
قال المفجع :
وأخو المصطفى الذي قلب الصخرة
عن مشرب هناك رويّا
بعد أن رام قلبها الجيش جمعا
فرأوا قلبها عليهم أبيّا
* * *
وأنزل اللّه على موسى عليه السلام المنّ والسلوى ، وعلي عليه السلام أعطاه النبي صلى الله عليه و آلهمن تفّاح الجنّة ورمّانها وعنبها ، وغير ذلك .
خاصم موسى وهارون عليهماالسلام مع فرعون في كثرة خيله ، قال الطبري : كان الذهلي والبرقي أربعة آلاف رجل وظفرا بهم ، وإنّ محمدا وعليا عليهماالسلام خاصما اليهود والنصارى والمجوس والمشركين والزنادقة وقد ظفرا عليهم « هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ » .
وكان خصم موسى وهارون عليهماالسلام فرعون وهامان وقارون وجنودهم ، وخصماء محمد وعلي عليهماالسلام عدد النحل والرمل من الأوّلين والآخرين .
وغرّق اللّه أعداءهما في البحر « ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآْخَرِينَ » « وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ » ، وسيلقي اللّه أعداء محمد وعلي عليهماالسلام في جهنم : « أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ » وينجّيهما وأحباءهما « ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا » .
وعدوّ موسى عليه السلام برص ، ومن عادى عليا عليه السلام برص ، قال أنس : هذه دعوة علي عليه السلام .
ص: 311
خاف موسى عليه السلام من الحيّة في كبره ، فقيل : « خُذْها وَلا تَخَفْ » ، ومزّق علي عليه السلام الحيّة في صغره ، وتقول العامّة من هذا الوجه : حيدر .
خاف موسى وهارون عليهماالسلام من الاستهزاء فقال : « لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما » ، ولم يخف محمد وعلي عليهماالسلام منه « اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ » .
خاف موسى عليه السلام من عصاه « خُذْها وَلا تَخَفْ » ، ولم يخف علي عليه السلام من الثعبان وكلّمه .
كان لموسى عليه السلام عصا ، ولعلي عليه السلام سيف .
وكان في عصى موسى عليه السلام عجائب عجزت السحرة عنها ، وفي سيف
علي عليه السلام عجائب عجزت الكفرة عنها .
وفي عصى موسى عليه السلام أربعة أحوال : « هِيَ عَصايَ » ، ثم تحركت « حَيَّةٌ تَسْعى » ، ثم كبرت « فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ » ، ثم التقفت « فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ » ، وفي سيف علي عليه السلام أربعة أحوال مذكور في بابه .
نزل جبرئيل عليه السلام بعصا موسى عليه السلام فأعطاها شعيبا ، وأعطاها شعيب موسى عليهماالسلام ، ثم أنزل ذا الفقار ، فأعطي محمد صلى الله عليه و آله ، وأعطاه محمد عليا عليهماالسلام .
وكان عصا موسى عليه السلام من اللوز المرّ ، وشجرة طوبى في دار فاطمة وعلي عليهماالسلام .
وكان رأسها ذا شعبتين ، وكان ذو الفقار ذا شعبتين ، وعين اسم علي عليه السلام ذو شعبتين .
موسى عليه السلام قذفته أمّه في تنوّر مسجور ، وقذف علي عليه السلام من منجنيق .
إن ابتلي موسى عليه السلام بفرعون ، فقد ابتلي علي عليه السلام بفراعنة .
ص: 312
وكان لموسى عليه السلام إثنا عشر سبطا ، ولعلي عليه السلام اثنا عشر إماما .
وقيل لموسى عليه السلام : « فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ » ، وأمر علي عليه السلام أن يضع رجله على كتف محمد صلى الله عليه و آله .
وكان موطئ موسى عليه السلام حجر ، وموطئ علي عليه السلام منكب محمد صلى الله عليه و آله .
ارتفع موسى عليه السلام على الطور ، وارتفع علي عليه السلام على كتف محمد صلى الله عليه و آله الرسول .
وقال لموسى عليه السلام : « وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي » ، فكان كلّ من رآه أحبّه ، وفرض حبّ علي عليه السلام على الخلق ، وحبّه يميّز بين الحقّ والباطل ، ولا يحبّك إلاّ مؤمن تقي . . الخبر .
وقال لموسى عليه السلام : « وَأَنَا اخْتَرْتُكَ » ، ولعلي عليه السلام : « وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ » .
وقال لموسى عليه السلام : « وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي » ، ولعلي عليه السلام : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ »الآية .
وقال لموسى عليه السلام « إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً » ، ولعلي عليه السلام : « إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ » .
« وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ » ، وكان فتى موسى يوشع عليهماالسلام ، وفتى محمد علي عليهماالسلام ، ولا فتى إلاّ علي عليه السلام .
وكان لموسى عليه السلام شبر وشبير ، ولعلي حسن وحسين
عليهم السلام .
وكان ولاية موسى عليه السلام في أولاد هارون عليه السلام ، وولاية محمد صلى الله عليه و آله في أولاد علي عليه السلام .
ص: 313
تركوا هارون وعبدوا العجل « عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ » ، وتركوا عليا عليه السلاموعبدوا بني أمية « إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ » .
موسى عليه السلام ساقي بنات شعيب « وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ » ، وعلي عليه السلام ساقي المؤمنين في القيامة ، والولدان سقاة أهل الجنّة ، والمولى ساقي علي عليه السلام ، « وَسَقاهُمْ » ، « وَوَقاهُمْ » ، « وَلَقّاهُمْ » ، « وَجَزاهُمْ » ، « وَسَقاهُمْ » ، فسقاه ، ورواه ، فريّاه ، وأطعمه ، فأطعمه .
وجرّ موسى عليه السلام الحجر من رأس البئر ، وكان يجرّونه أربعون رجلاً « وَلَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ » ، وعلي عليه السلام جرّ الحجر من عين زحوما ، وكان مائة رجل عجزوا عن قلعه .
قال المفجع :
كان فيه من الكليم جلال
لم يكن عنك علمها مطويّا
كلّم اللّه ليلة الطور موسى
واصطفاه على الأنام نجيّا
وأبان النبي في ليلة الطائف
أنّ الإله ناجى عليّا
وله منه عفّة عن أناس
عكفوا يعبدون عجلاً خليّا
حرق العجل ثم منّ عليهم
إذ أنابوا وأمهل السامريّا
وعلي فقد عفا عن أناس
شرعوا نحوه القنا الزاعبيّا(1)
* * *
ص: 314
ص: 315
ص: 316
قول النبي صلى الله عليه و آله يوم بيعة العشيرة ، ويوم أحد ، ويوم تبوك وغيرها : يا علي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، فالمؤمنون أحبّوا عليا عليه السلام كما أحبّ أصحاب هارون هارون ، ولم يكن لأحد منزلة عند موسى كمنزلة هارون ، ولا أحد عند النبي صلى الله عليه و آله كمنزلة علي عليه السلام .
وكان هارون خليفة موسى عليهماالسلام ، وعلي عليه السلام خليفة محمد صلى الله عليه و آله .
ولمّا دخل موسى عليه السلام على فرعون ودعاه إلى اللّه قال : ومن يشهد لك بذلك ؟ قال : هذا القائم على رأسك - يعني هارون - فسأله عن ذلك ، قال : أشهد اللّه أنّه صادق ، وأنّه رسول اللّه إليك ، قال : أما إنّي لا أعاقبه إلاّ بإخراجه من تكرمتي ، وإلحاقه بدرجتك ، فدعا له بجبّة صوف وألبسه إياها ، وجاء بعصا فوضعها في يده ، فعوّضه اللّه من ذلك أن ألبسه قميص الحياة ، فكان هارون عليه السلام آمنا في سربه ما دام عليه ذلك .
وكذلك ألبس اللّه عليا عليه السلام قميص الأمن بقول النبي صلى الله عليه و آله : إنّ المحتوم أن لا تموت إلاّ بعد ثلاثين سنة بعد أن تؤمر وتقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، ثم تخضب لحيتك من دم رأسك وقت كذا .
فكان هارون عليه السلام إذا نزع القميص مخوفا ، وكان علي عليه السلام آمنا على كلّ حال .
ص: 317
وكان أوّل من صدّق بموسى هارون عليهماالسلام ، وهكذا أوّل من صدّق بالنبي علي عليهماالسلام .
ولمّا ولد الحسن عليه السلام سمّاه علي عليه السلام حربا(1) !!! فقال النبي صلى الله عليه و آله : سمّه حسنا ، فلمّا ولد الحسين عليه السلام سمّاه أيضا حربا !!! فقال صلى الله عليه و آله : لا ، هو الحسين ، كأولاد هارون شبر وشبير ومشبر .
قال المفجع :
إنّ هارون كان يخلف موسى
وكذا استخلف النبي الوصيّا
ص: 318
وكذا استضعف القبائل هارون
وراموا له الحمام الوحيّا(1)
نصبوا للوصيّ كي يقتلوهولقد كان ذا محال قويّا
وأخو المصطفى كما كان هارونأخا لابن أمّه لا دعيّا
* * *
وساواه مع يوشع بن نون ، علي بن مجاهد في تاريخه مسندا قال النبي صلى الله عليه و آله عند وفاته : أنت منّي بمنزلة يوشع بن نون من موسى عليه السلام .
قال المفجع :
وله من صفات يوشع عندي
رتب لم أكن لهن نسيّا
كان هذا لمّا دعى الناس موسى
سابقا قادحا زنادا وريّا(2)
وعلي قبل البريّة صلّىخائفا حيث لا يعاين ريّا
كان سبقا مع النبي يصلّيثاني إثنين ليس يخشى ثويّا(3)
* * *
وساواه مع لوط عليه السلام ، وقد ذكره اللّه في كتابه في ستّة وعشرين موضعا ، وذكر عليا عليه السلام في كذا موضعا .
ص: 319
قال المفجع :
ودعا قومه فآمن لوط
أقرب الناس منه رحما وريّا
وعلي لمّا دعاه أخوه
سبق الحاضرين والبدويّا
* * *
ص: 320
ص: 321
ص: 322
وساواه مع أيوب عليه السلام ، فأيوب أصبر الأنبياء ، وعلي عليه السلام أصبر الأوصياء.
صبر أيوب عليه السلام ثلاث سنين في البلايا ، وعلي عليه السلام صبر في الشعب مع النبي صلى الله عليه و آله ثلاث سنين ، ثم صبر بعده ثلاثين سنة .
وقد وصف اللّه صبر أيوب عليه السلام « إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً » ، وقال لعلي عليه السلام : « الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ » وقال : « وَالصّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرّاءِ
وَحِينَ الْبَأْسِ » .
قال في أيوب عليه السلام : « مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ » ، ولعلي عليه السلام : نصب من نواصب وعداوة شياطين الإنس .
وقال لأيوب عليه السلام : « ارْكُضْ بِرِجْلِكَ » ، ولعلي عليه السلام بوادي بلقع وغيره .
ولأيوب عليه السلام : « إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً » ، ولعلي عليه السلام : « وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا » .
وقال أيوب عليه السلام : « إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ » ، وقال علي عليه السلام : إلى كم أغضي الجفون على القذي .
قال المفجع :
وله من عزاء أيوب والصبر
نصيب ما كان بردا نديّا
* * *
ص: 323
جرجيس عليه السلام صبر في المحن ، وعلي عليه السلام صبر في المحن والفتن .
ولم يقبل قوله الحقّ ، وقتل في الحقّ ، وعلي عليه السلام كان على الحقّ ، وقتل في الحقّ للحقّ .
وعذّب جرجيس بأنواع العذاب ، وعذّب علي عليه السلام بأنواع الحروب .
كسر جرجيس عليه السلام صنما ، وكسر علي عليه السلام ثلاثمائة وسبعين في الكعبة سوى ما كسره في غيرها .
أهلك اللّه أعداء جرجيس بالنار ، وسيهلك أعداء علي عليه السلام بنار جهنم « أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ » .
يونس عليه السلام ، « إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً » ، فذهب علي عليه السلام مجاهدا محاربا .
« فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ » ، وسلّمت الحيتان على علي عليه السلام ، وشتّان بين الغالب والمغلوب .
وسمّاه اللّه « ذَا النُّونِ » ، وسمّى النبي صلى الله عليه و آله عليا عليه السلام « ذا الريحانتين » .
وقال في يونس عليه السلام : « إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ » ، وعلي عليه السلام فلك مشحون من العلم « أنا مدينة العلم » .
وقيل ليونس عليه السلام : « لَنُبِذَ بِالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ » وفي موضع : « وَهُوَ مُلِيمٌ » ، وعلي عليه السلام تركوه وخذلوه ولعنوه ألف شهر .
ص: 324
وفي يونس عليه السلام : « وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ » ، وأطعم علي عليه السلام من فواكه الجنّة .
وقال : « وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ » ، وعلي عليه السلام إمام الإنس والجنّ .
وإنّه عبَدَ اللّه في مكان ما عبد فيه بشر ، وعلي عليه السلام ولد في موضع ما ولد فيه قبله ولا بعده أحد .
زكريا عليه السلام ، بشّر زكريا بيحيى في المحراب ، وعلي عليه السلام بشّر بالحسن والحسين عليهماالسلام .
وسأل زكريا عليه السلام « رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً » ، وقيل للنبي صلى الله عليه و آله بلا سؤال : « ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ » .
وقالت امرأة عمران : « إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً » ، وقال للمرتضى عليه السلام « يُوفُونَ بِالنَّذْرِ » .
وقالت : « رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى » ، وقال اللّه - تعالى - في زوجة
علي عليهماالسلام« وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ » .
أجاب اللّه دعاء زكريا عليه السلام : « رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً » الآية ، وأجاب عليا عليه السلام من غير سؤال : « فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ » .
نشر زكريا عليه السلام في الشجر ، وجزّ رأس يحيى عليه السلام في الطشت ، قتل علي عليه السلام في المحراب ، وذبح حسين عليه السلام بكربلاء .
ص: 325
وذكره في كتابه في سبعة عشر موضعا ، أوّلها البقرة ، وآخرها في صاد ، وذكر عليا عليه السلام في كذا موضعا ، أوّله : « صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ » ، وآخره « وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ » .
وقالت : « وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها » ، وقال المصطفى للحسن والحسين عليهم السلام : أعيذكما من شرّ السامّة والهامّة ، ومن شرّ كلّ عين لامّة .
وزكريا عليه السلام كان واعظ بني إسرائيل ، وكافل مريم ، وعلي عليه السلام كان مفتي الأمّة ، وكافل فاطمة عليه السلام .
قال المفجع :
وله خلّتان من زكريّا
وهما غاظتا الحسود الغويّا
كفّل اللّه ذاك مريم إذ كان
تقيّا وكان برّا حفيّا
فرأى عندها وقد دخل المحراب
من ذي الجلال رزقا هنيّا
وكذا كفّل الإله عليا
خيرة اللّه وارتضاه كفيّا
خيرة بنت خير رضي
اللّه لها الخير والإمام الرضيّا
ورأى جفنة(1) تفور لديها
من طعام الجنان لحما طريّا
* * *
يحيى عليه السلام ، قال في مهده يوم ولد : « إِنِّي عَبْدُ اللّهِ آتانِيَ الْكِتابَ » ، وعلي عليه السلام آمن في صغره .
ص: 326
وقال يحيى عليه السلام : « وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ » ، وسمّت ظئر علي عليه السلام له « ميمونا » و« مباركا » .
وقال : « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ » ، وعلي عليه السلام صلّى وزكّى في حالة واحدة « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ » الآية .
وقال يحيى عليه السلام : « وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ » ، وقال لعلي عليه السلام : « سَلامٌ عَلى آِل ياسِينَ » .
وقال ليحيى عليه السلام : « وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ » ، ولعلي عليه السلام : « إِنَّ الأَْبْرارَ يَشْرَبُونَ » .
وكانت أمّه بتولاً ، وزوجة علي عليهماالسلام بتول .
يحيى عليه السلام قدّم إقراره بالعبودية ليبطل قول من يدّعي فيه الربوبيّة ، وكان اللّه - تعالى - قد أنطقه بذلك لعلمه بما يتقوّله الغالون فيه ، وكذا حكم علي عليه السلام لمّا ولد في الكعبة شهد الشهادتين ليتبرّأ من قول الغلاة فيه .
قال السيد الحميري :
ألم يؤت الهدى والحكم طفلاً
كيحيى يوم أوتيه صبيّا
* * *
وقال المفجع :
وله من صفات يحيى محلّ
لم أغادره مهملاً منسيّا
إنّ رجسا من النساء بغيّا
كفلت قتله كفورا شقيّا
وكذاك ابن ملجم فرض اللّه
له اللعن بكرة وعشيّا
* * *
ص: 327
ذو القرنين ، قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّك لذو قرنيها ، وقد شرحناه .
وأنّه قد سدّ على يأجوج ومأجوج ، وسدّ اللّه على الشيعة كيد الشياطين .
وأنّه كان يعرف لغات الخلق ، وعلي عليه السلام علّم منطق الطير والدواب والوحش والجنّ والإنس والملائكة .
طلب ذو القرنين عين الحياة ، من أحبّه لم يمت قلبه قطّ .
ولقمان ظهرت الحكمة منه ، علي عليه السلام استفاضت العلوم كلّها منه .
وقال اللّه تعالى : « وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ » ، وقال لعلي عليه السلام : « الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ » .
نظير الخضر في العلماء فينا
وذاك له بلا كذب نظير
وهو فينا كذي القرنين فيهم
برجعته له لون تصير
* * *
شعيب عليه السلام .
قال المفجع :
وكما آجر الكليم شعيبا
نفسه فاصطفى فتى عبقريّا
وكذاك النبي كان مدى الأ
يام مستأجرا أخاه التقيّا
ص: 328
فوفى في سنين عشر بما
عاهد عفوا ولم يجده عصيّا
فحباه بخيرة اللّه في النسوان
عرسا وحبّة وصفيّا
وشعيبا كان الخطيب إذا ما
حضر القوم محفلاً ونديّا
وعلي خطيب فيهم إذا المنط-
-ق أعيى المفوّه اللوذعيّا(1)
* * *
ص: 329
ص: 330
ص: 331
ص: 332
قال اللّه تعالى : « يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الأَْرْضِ » ، وعلي عليه السلام
قال : من لم يقل أنّي رابع الخلفاء . . الخبر .
وقال : « وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ » ، وقتل علي عليه السلام عمروا ومرحبا .
وكان له حجر سبب قتل جالوت ، ولعلي عليه السلام سيف(1) يدمّر الكفار .
وقال لداود عليه السلام : « وَبَقِيَّةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ » ، ولعلي عليه السلام وولده : « بَقِيَّتُ اللّهِ خَيْرٌ لَكُمْ » ، وبقية اللّه خير من بقية موسى عليه السلام .
ولداود عليه السلام سلسلة الحكومة ، وعلي عليه السلام فلاّق الأغلاق : أقضاكم علي عليه السلام .
وقال داود عليه السلام : « الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى » العالمين ، وهذا دعوى ، وقال اللّه لعلي عليه السلام : « وَفَضَّلَ اللّهُ الُْمجاهِدِينَ » وهذا دليل .
وقال اللّه لداود عليه السلام : « وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوّابٌ » ، وقوله : « يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ » ، وكان علي عليه السلام يسبّح بالحصى ويسبّحن معه .
وقال اللّه لداود عليه السلام : « عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ » ، وكان لعلي عليه السلام صوت يميت الشجعان ، وتكلّمه مع الطير في الهواء .
ص: 333
وقال لداود عليه السلام : « وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ » ، وقال لعلي عليه السلام : « قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » .
وقال : « وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الأَْيْدِ إِنَّهُ أَوّابٌ » ، وقال في علي عليه السلام :
« أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤمِنِينَ » .
وداود عليه السلام خطيب الأنبياء ، وعلي عليه السلام أوتي فصل الخطاب ، فقال : « فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ » ، وعلي عليه السلام هزم جنود الكفر والبغي .
كان داود سيف طالوت حتى
هزم الخيل واستباح العديّا
وعلي سيف النبي بسلع(1)
يوم أهوى بعمرو المشرفيّا
فتولّى الأحزاب عنه وخلّوا
كبشهم ساقطا بحال كديّا
أنبأوا الوحي أنّ داود قد
كان بكفّيه صانعا هالكيّا
وعلي من كسب كفّيه قد
أعتق ألفا بذاك كان جزيّا
* * *
وقال داود عليه السلام : « إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ » ، ولمّا أقام النبي صلى الله عليه و آلهعليا عليه السلام مقامه قالوا نحوه ، فقال النبي صلى الله عليه و آله : علي مع الحقّ والحقّ مع علي .
ص: 334
وقال في الطالوت : « وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ » ، وكان علي عليه السلام أعلم الأمّة وأشجعهم .
وقال في طالوت : « إِنَّ اللّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ » ، وقال في علي عليه السلام : « وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ » ، وقال : « وَاللّهُ يُؤتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ »
ويختار .
عطش بنو إسرائيل في غزاة جالوت ، فقال طالوت : « إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ » ، وهو نهر فلسطين ، « فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي » ، « فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاّ قَلِيلاً مِنْهُمْ » وكانوا أربعمائة رجل ، وقيل : ثلاثمائة وثلاثة عشر من جملة ثلاثين ألفا ، فقال لهم : لم تطيعوني في شربة ماء ، فكيف تطيعوني في الحرب ، فخلّفهم .
وعلي عليه السلام أتوه فقالوا : امدد يدك نبايعك ، فقال : إن كنتم صادقين فاغدوا عليّ غدا محلّقين . . الخبر .
قصد جالوت إلى قلع بيت داود عليه السلام ، فقتل داود جالوت ، واستقر الملك عليه ، وطلب أعداء علي عليه السلام قهره فقتلهم ، وماتوا قبله ، وبقيت الإمامة له ولأولاده « يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤا نُورَ اللّهِ » .
قال ابن علوية :
في قصّة الملا الذين نبيّهم
سألوا له ملكا أخا أركان
قال النبي فإنّ ربّي باعث
طالوت يقدمكم أخا أقران
قالوا وكيف يكون ذاك وليس ذا
سعة ونحن أحقّ بالسلطان
قال اصطفاه عليكم بمزيدة
من بسطة في العلم والجسمان
ص: 335
واللّه يؤتي من يشاء ولم يكن
من نال منه كرامة بمهان
وكذاك كان وصيّ أحمد بعده
متبسّطا في الجسم والعرفان
لمّا تولّى الأمر شذّ عصابة
عنه شذود توافر الثيران
بكم وهم لا يعقلون ولا هم
يتصفّحون عمون كالصمان
قال النبي فإنّ آية ملكه
إتيان تابوت له تيان
إتيان تابوت سيأتيكم به
أملاك ربّي أيّما إتيان
فيه سكينة ربّكم وبقية
يا قوم ممّا ورّث الآلان
* * *
سليمان عليه السلام ، سأل خاتم الملك « رَبِّ . . هَبْ لِي مُلْكاً » ، وعلي عليه السلامأعطي
خاتم الملك « يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، فكان سليمان سائلاً وعلي عليه السلام معطيا .
سليمان عليه السلام قال : « رَبِّ . . هَبْ لِي مُلْكاً » ، وعلي عليه السلام قال : يا صفراء يا بيضاء غرّي غيري .
سليمان عليه السلام سأل ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، فأعطي وكان فانيا ، وأعطي عليا عليه السلام ملكا باقيا بلا سؤال « نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً » .
سليمان عليه السلام لمّا سأل خاتم الملك أعطي « غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ » ، وحبا المرتضى عليه السلام خاتمة الملك ، فأعطي السيادة في الدنيا « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ » الآية ، والملك في العقبى ( « وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ » .
ص: 336
وقال عن سليمان عليه السلام : « عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ » كما أخبر عن الهدهد وعن النملة ، وروى جابر لعلي عليه السلام أنّه قال للطير : أحسنت أيّها الطير .
وقال لسليمان عليه السلام : « إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصّافِناتُ الْجِيادُ » ، وكانت من غنيمة دمشق ألف فرس ، فلمّا رأى اللّه - تعالى - صلابته ردّ الشمس عليه ، فصلّى أداء ، وقد ردّت الشمس لعلي عليه السلام غير مرّة .
وقال لسليمان عليه السلام : « فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ » ، وعلي عليه السلام غلب الريح في بئر ذا ت العلم ، وأطاعته وقت خروجه إلى أصحاب الكهف .
وقال في سليمان عليه السلام : « وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِْنْسِ وَالطَّيْرِ » ، وسخّر علي عليه السلام الجن والإنس بسيفه ، وقال له رسول من الجنّ : لو أنّ الإنس أحبّوك كحبّنا . . الخبر .
وقال في سليمان عليه السلام : « عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ » ، وقال في علي عليه السلام : « وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ » .
وأضاف الناس سليمان عليه السلام فعجز عن ضيافتهم ، وعلي عليه السلام قد وقعت ضيافته موقع القبول « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ » .
وتزوج سليمان عليه السلام من بلقيس بالعنف ، وزوج اللّه عليا عليه السلام من فاطمة عليهاالسلام باللطف .
وقال في سليمان عليه السلام : « وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا » الآية ، وقال في علي عليه السلام : « وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِْيمانِ فَقَدْ حَبِطَ » الآية .
وقال في سليمان عليه السلام : « فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ » ، وكان يحكم بالغرائب ، وعلي عليه السلام : « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ » .
ص: 337
صالح عليه السلام ، سمّاه الخلق صالحا ، وسمّى الخالق عليا عليه السلام « . .صالِحُ الْمُؤمِنِينَ » .
وأخرج صالح « ناقَةَ اللّهِ وَسُقْياها » من الجبل ، وأخرج علي عليه السلام من الجبل مائة ناقة وقضى دين النبي صلى الله عليه و آله .
ص: 338
ص: 339
ص: 340
خلقه اللّه روحانيا « فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا » ، وخلق عليا عليه السلام من نور .
وعيسى عليه السلام خرجت أمّه وقت الولادة « فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا » ، ودخلت أم علي عليه السلام في الكعبة في وقت ولادته .
وعيسى عليه السلام قرأ التوراة والإنجيل في بطن أمّه حتى سمعته أمّه ، وكان علي عليه السلام يتكلّم في بطن أمّه وتخرّ له الأصنام .
وقال في عيسى عليه السلام : « وَيُكَلِّمُ النّاسَ فِي الْمَهْدِ » ، وعلي عليه السلام تكلّم في صغره مع النبي صلى الله عليه و آله .
وقال عيسى عليه السلام « إِنِّي عَبْدُ اللّهِ » ، وهو أوّل من تكلّم بهذا ، وقال علي عليه السلام : وأنا عبد اللّه وأخو رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وأنزل اللّه عليه الوحي في ثلاثين سنة ، وكانت إمامة علي عليه السلام ثلاثين سنة .
وقال عيسى عليه السلام : « رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً » ، ولعلي عليه السلام أنزل موائد .
ولعيسى عليه السلام : « وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ » ، ولعلي عليه السلام : « وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » .
وخصّ عيسى عليه السلام بالخطّ حتى قالوا : الخطّ عشرة أجزاء ، فتسعة لعيسى عليه السلام وجزء لجميع الخلق ، ولعلي عليه السلام كانت علوم الكتب والصحف .
ص: 341
وقال لعيسى عليه السلام : « وَتُبْرِئُ الأَْكْمَهَ وَالأَْبْرَصَ » ، وعلي عليه السلام طبيب القلوب في الدنيا والعقبى « إِلاّ مَنْ أَتَى اللّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ » .
وقال عيسى عليه السلام : « وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللّهِ » ، وعلي عليه السلام أحيى بإذن اللّه ساما وأصحاب الكهف .
وقال لعيسى عليه السلام : « بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ » ، ولعلي عليه السلام « وَيُحِقُّ اللّهُ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ » .
ولعيسى عليه السلام : « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ » ، ولعلي عليه السلام : « سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ » .
وقال عيسى عليه السلام : « وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا » ، ولم تكن الزكاة عليه واجبة ، ولعلي عليه السلام : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ » الآية ، ولم تكن الزكاة عليه واجبة .
وقال عيسى عليه السلام : « وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ » ، وعلي عليه السلامناصره ووصيّه وختنه وابن عمّه وأخوه .
وتكلّم الأموات مع عيسى عليه السلام ، وكلّم علي عليه السلام جماعة من الموتى .
وإنّ اللّه - تعالى - حفظه من اليهود ، وقال : « وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ » ، وحفظ عليا عليه السلام على فراش رسول اللّه صلى الله عليه و آله من المشركين « وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ » .
وقال لعيسى عليه السلام : « وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ » ، وقال لمحمد وعلي عليهماالسلام : « وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها » .
وعيسى عليه السلام ولد لستّة أشهر ، وعلي عليه السلام ولد له الحسن والحسين عليه السلاممثله .
ص: 342
وسلّمته أمّه إلى المعلّم يقرأ التوراة عليه ، وقال علي عليه السلام : لو ثنيت لي الوسادة . . الخبر .
وأحيى اللّه الموتى بدعاء عيسى عليه السلام ، والقلب الميّت يحيى بذكر علي عليه السلام
« أَوَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ » .
وقال له المعلّم : أبجد ، فقال : ما معناه ؟ فزجره ، فقال عيسى عليه السلام : أنا أفسّر لك تفسيره ، وعلي عليه السلام استكتب من بعض أهل الأنبار ، فوجده أكتب منه .
وكان عيسى عليه السلام ينبئ الصبيان بالمدّخر في بيوتهم ، والصبيان يطالبون أمّهاتهم به ، وعلي عليه السلام أخبر بالغيب ، كما تقدّم .
وسلّمته أمّه إلى صبّاغ ، فقال الصبّاغ : هذا للأحمر ، وهذا للأصفر ، وهذا للأسود ، فجعلها عيسى عليه السلام في حبّ ، فصرخ الصبّاغ ، فقال : لا بأس ، اخرج منه كما تريد ، فأخرج كما أراد ، فقال الصبّاغ : أنا لا أصلح أن تكون تلميذي ، وعلي عليه السلام قد عجزت قريش عن أفعاله وأقواله .
وكان عيسى عليه السلام زاهدا فقيرا ، وسئل النبي صلى الله عليه و آله : من أزهد الناس وأفقرهم ؟ فقال : علي وصيي وابن عمّي وأخي وحيدري وكراري وصمصامي وأسدي وأسد اللّه .
واختلفوا في عيسى عليه السلام ، قالت اليعقوبية : هو اللّه ، وقالت النسطورية : هو ابن اللّه ، وقالت الإسرائيلية : هو ثالث ثلاثة ، وقالت اليهود : هو كذّاب ساحر ، وقال المسلمون : هو من عند اللّه ، كما قال عيسى عليه السلام : « إِنِّي عَبْدُ اللّهِ » .
ص: 343
واختلفت الأمّة في علي عليه السلام ، فقالت الغلاة : أنّه المعبود ، وقالت الخوارج : أنّه كافر ، وقالت المرجئة : أنّه المؤخّر ، وقالت الشيعة : أنّه المقدّم ، وقال النبي صلى الله عليه و آله : يدخل من هذا الباب رجل أشبه الخلق بعيسى عليه السلام ، فدخل علي عليه السلام ، فضحكوا من هذا القول ، فنزل : « وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ » الآيات .
مسند الموصلي : قال النبي لعلي عليهماالسلام : فيك مثل من عيسى بن مريم ، أبغضه اليهود حتى بهتوا أمّه ، وأحبّته النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليست له(1) .
قال ابن حماد :
وشبهه هارون إذ غاب صنوه
ونابذه قوم أضلّهم العجل
* * *
وقال المفجع :
وله من مراتب الروح عيسى
رتب زادت الوصيّ مزيّا
مثل ما ضلّ في ابن مريم ضربا
ن من المسرفين جهلاً وغيّا
* * *
وفي الألفية :
أم من لهم ضرب النبي بحبّه
مثل ابن مريم إنّ ذاك لشأن
إذ قال يهلك في هواك وفي القلى
لك يا علي جلالة جيلان
ص: 344
كعصابة قالوا المسيح إلهنا
فرد وليس لأمّه من ثان
وعصابة قالوا كذوب ساحر
حشي الوقوف به على بهتان
فكذاك فرد ليس عيسى كالذي
جهلاً عليه تخرّص القولان
وكذا علي قد دعاه إلههم
قوم فأحرقهم ولم يستان(1)
وأتاه قوم آخرون قلى لهمن بين منتكث(2) وذي خذلان
* * *
ص: 345
ص: 346
ص: 347
ص: 348
النبي صلى الله عليه و آله له الكتاب ، ولعلي عليه السلام السيف والقلم .
وللنبي صلى الله عليه و آله معجزان عظيمان : كلام اللّه ، وسيف علي عليه السلام .
وللنبي صلى الله عليه و آله انشقاق القمر ، ولعلي عليه السلام انشقاق نهروان .
أوجب اللّه على جميع الأنبياء الإقرار به « وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ » ، وقال في علي عليه السلام : « وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا » .
جعله اللّه إمام الأنبياء ليلة المعراج ، وجعل عليا عليه السلام إمام الأوصياء ليلة الفراش ويوم الغدير وغيرهما .
ركب النبي صلى الله عليه و آله على البراق ، وركب علي عليه السلام عاتق النبي صلى الله عليه و آله .
وقال فيه : « بِالْمُؤمِنِينَ رَؤفٌ رَحِيمٌ » ، وقال في علي عليه السلام : « وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا » .
قال للنبي صلى الله عليه و آله : « لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ » ، وقال لعلي عليه السلام : « فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ » .
وأقسم بنفسه : « وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى » ، وأقسم بعلي عليه السلام : « وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ » .
سمّاه : « وَالنَّجْمِ إِذا هَوى » ، ولعلي عليه السلام : « وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ » .
ص: 349
وقال فيه : « أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ » ، وفي علي عليه السلام : « وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ » .
وقال فيه : « يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها » ، وفي علي عليه السلام : « وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي » .
وقال فيه : « اللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ » ، وفي علي عليه السلام : « يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤا نُورَ اللّهِ » .
وقال فيه : «وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً » ، وقال فيه : « ذِكْراً رَسُولاً » ، وفي علي عليه السلام : « وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ » .
وقال فيه : « عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ » ، وفي علي عليه السلام : « رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ » .
وقال فيه : « ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى » ، وكان صلى الله عليه و آله يجد شبه علي عليه السلام في معراجه .
وكانت علامة النبوة بين كتفيه ، وعلامة الشجاعة في ساعدي علي عليه السلام .
نزلت الملائكة يوم بدر بنصرته « يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ » ، وكان جبرئيل عليه السلام يقاتل عن يمين علي عليه السلام ، وميكائيل عليه السلام عن يساره ، وملك الموت عليه السلام قدّامه .
أرسله اللّه إلى الناس كافة ، وعلي عليه السلام إمام الخلق كلّهم .
كان النبي صلى الله عليه و آله أكرم العناصر « الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ وَتَقَلُّبَكَ فِي السّاجِدِينَ » ، وعلي عليه السلام منه « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً » .
وقال فيه : إنّ « الَّذِينَ يُؤذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ » ، وقال لعلي عليه السلام : « وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ » .
ص: 350
وقال النبي صلى الله عليه و آله : نصرت بالرعب ، وقال : يا علي الرعب معك يقدمك أينما كنت .
سهل بن عبد اللّه عن محمد بن سوار عن مالك بن دينار عن الحسن البصري عن أنس في حديث طويل : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : أنا خاتم الأنبياء ، وأنت - يا علي - خاتم الأولياء(1) .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : ختم محمد صلى الله عليه و آله ألف نبيّ ، وإنّي ختمت ألف وصيّ ، وإنّي كلّفت ما لم يكلّفوا(2) .
قال ابن حماد :
ختم الأنبياء هذا وهذا
ختم الأوصياء في كلّ باب
* * *
ابن عباس : سمعت النبي صلى الله عليه و آله يقول : أعطاني اللّه خمسا ، وأعطى عليا خمسا ، أعطاني جوامع الكلم ، وأعطى عليا جوامع الكلام ، وجعلني نبيا ، وجعله وصيّا ، وأعطاني الكوثر ، وأعطاه السلسبيل ، وأعطاني الوحي ، وأعطاه الالهام ، وأسرى بي إليه ، وفتح له أبواب السماوات والحجب(3) .
عبد الرحمن الأنصاري : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أعطيت في علي عليه السلامتسعا : ثلاثة في الدنيا ، وثلاثة في الآخرة ، واثنتان أرجوهما له ، وواحدة أخافها عليه :
ص: 351
فأمّا الثلاثة في الدنيا : فساتر عورتي ، والقائم بأمر أهلي ، ووصيّي فيهم .
وأمّا الثلاثة التي في الآخرة : فإنّي أعطى يوم القيامة لواء الحمد ، فأدفعه إلى علي بن أبي طالب ، فيحمله عنّي ، وأعتمد عليه في مقام الشفاعة ، ويعينني على مفاتيح الجنّة .
وأمّا اللتان أرجوهما له : فإنّه لا يرجع من بعدي ضالاًّ ، ولا كافرا .
وأمّا التي أخافها عليه : فغدر قريش به من بعدي(1) .
الخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه و آله ، وأبو الحسن بن مهرويه القزويني ، واللفظ له : عن الرضا عليه السلام قال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، أعطيت ثلاثا لم أعطها : أعطيت صهرا مثلي ، وأعطيت مثل زوجتك فاطمة عليهاالسلام ، وأعطيت مثل ولديك الحسن والحسين(2) عليهماالسلام .
قال المفجع البصري :
كان مثل النبي زهدا وعلما
وسريعا إلى الوغى أحوذيّا(3)
* * *
ص: 352
ص: 353
ص: 354
سمّى اللّه - تعالى - سبعة نفر ملكا :
[ 1 ] ملك التدبير ليوسف عليه السلام « رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ » .
[ 2 ] وملك الحكم والنبوة لإبراهيم
عليه السلام « فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ
وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً » .
[ 3 ] وملك العزّة والقدرة والقوّة لداود عليه السلام « وَشَدَدْنا مُلْكَهُ » ، وقوله : « وَأَلَنّا لَهُ الْحَدِيدَ » .
[ 4 ] وملك الرياسة لطالوت « إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً » .
[ 5 ] وملك الكنوز لذي القرنين : « إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الأَْرْضِ » .
[ 6 ] وملك الدنيا لسليمان عليه السلام : « رَبِّ . . هَبْ لِي مُلْكاً » .
[ 7 ] وملك الآخرة لعلي عليه السلام : « وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً » .
وقد سمّى اللّه - تعالى - خمسة نفر صديقين :
[ 1 ] « يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ » .
[ 2 ] « وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً » .
ص: 355
[ 3 ] « وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ » .
[ 4 ] « وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ » يعني مريم عليهاالسلام .
[ 5 ] « وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ » يعني عليا عليه السلام ، وكذلك قوله تعالى : « وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ » .
فإخوة يوسف عليه السلام عادوه فصاروا له منقادين ، وأحبّه أبوه فبشّر به « فَلَمّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ » .
وعادى إدريس عليه السلام قومه ف-« رَفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ » .
وإبراهيم عليه السلام عاداه نمرود فهلك ، وأحبّته سارة فبشّرت « وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ » .
وعادت اليهود مريم عليهاالسلام فلعنت ، وأحبّها زكريا « إِنّا نُبَشِّرُكَ » .
وعادت النواصب عليا عليه السلام فلعنهم اللّه في الدنيا والآخرة ، وأحبّته الشيعة فبشّرهم بالجنّة « يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ » .
وخمسة نفر فارقوا قومهم في اللّه :
[ 1 ] قال نوح عليه السلام : « يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي » .
[ 2 ] وقال هود عليه السلام حين قالوا : « إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا
بِسُوءٍ » : « إِنِّي أُشْهِدُ اللّهَ » .
ص: 356
[ 3 ] وقال إبراهيم عليه السلام « وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ »الآيات.
[ 4 ] وقال محمد صلى الله عليه و آله : « نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ » .
[ 5 ] وقال علي عليه السلام : فأغضيت على القذى ، وشربت على الشجى ، وصبرت على أخذ الكظم ، وعلى أمرّ من العلقم(1) .
وخمسة من الأنبياء وجدوا خمسه أشياء في المحراب :
[ 1 ] وجد سليمان عليه السلام ملك سنة بعد موته « ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاّ دَابَّةُ
الأَْرْضِ » .
[ 2 ] ووجد داود عليه السلام العفو « فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ » .
[ 3 ] ووجدت مريم عليهاالسلام طعام الجنّة « كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الِْمحْرابَ
وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً » .
[ 4 ] ووجد زكريا عليه السلام بشارة يحيى عليه السلام « فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ
يُصَلِّي فِي الِْمحْرابِ » .
[ 5 ] ووجد علي عليه السلام الإمامة « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ » الآية .
وقد ساواه اللّه تعالى :
ص: 357
مع نوح عليه السلام في الشكر : « إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً » ، وقال لعلي عليه السلام : « لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً » .
وبالصبر مع أيوب عليه السلام : « إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً » ، وفي علي عليه السلام : « وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا » .
وبالملك مع سليمان عليه السلام : « رَبِّ . . هَبْ لِي مُلْكاً » ، وقال في علي عليه السلام : « وَمُلْكاً كَبِيراً » .
وبالبرّ مع يحيى عليه السلام : « وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ » ، وقال في علي عليه السلام « إِنَّ الأَْبْرارَ يَشْرَبُونَ » .
وبالوفاء مع إبراهيم عليه السلام : « وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى » ، وقال في علي عليه السلام
« يُوفُونَ بِالنَّذْرِ » .
وبالاخلاص مع موسى عليه السلام : « إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً » ، وقال في علي عليه السلام : « إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ » الآية .
وبالزكاة مع عيسى عليه السلام : « وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ » ، وقال في علي عليه السلام : « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ » الآية .
وبالأمن مع محمد صلى الله عليه و آله : « لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ » ، وقال في علي عليه السلام : « فَوَقاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ » .
وبالخوف مع الملائكة : « يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ » ، وقال في علي عليه السلام : « إِنّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا » .
وبالجود مع نفسه : « وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ » ، وقال فيه عليه السلام : « إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ » .
ص: 358
وخمس فضائل في خمسة من الأنبياء ، وقد استجمع في علي عليه السلامكلّها :
« هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ » .
« وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً » .
« ما هذا بَشَراً » يعني يوسف عليه السلام .
« وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ » يعني زكريا ويحيى عليهماالسلام .
« فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ » يعني محمدا صلى الله عليه و آله .
وقال في علي عليه السلام : « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ » ، وقد كلّمه الجانّ والشمس والأسد والذئب والطير ، « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً » ، وقتل في المحراب ، وسمّ الحسن عليه السلام ، وذبح الحسين عليه السلام .
* * *
وكان يونس عليه السلام في بطن الحوت محبوسا « فَنادى فِي الظُّلُماتِ » .
ويوسف عليه السلام في الجبّ مطروحا : « وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ » .
وموسى عليه السلام في التابوت مقذوفا : « فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ » .
ونوح عليه السلام في السفينة راكبا : « أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ » .
وعلي عليه السلام في السقيفة مظلوما : « الم أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا » ، فظفر اللّه جميعهم ، وأهلك عدوّهم .
أربعة أشياء يخافها كلّ أحد حتى الأنبياء : الشيطان ، والحيّة ، والقتل ، والجوع .
ص: 359
بيانه :
« وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ » .
« فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً » .
« إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً » .
« قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا » .
وعلي عليه السلام حارب الشيطان ، وكلّم الثعبان ، وقاتل الكفّار ، وأطعم المسكين واليتيم والأسير .
وقد وضع اللّه خمسة أنوار في خمسة مواضع فأثمرت خمسة أشياء :
في عارض إبراهيم عليه السلام فأثمر الرحمة .
وفي وجه يوسف عليه السلام فأثمر المحبّة .
وفي يد موسى عليه السلام فأثمر المعجز .
وفي جبين محمد صلى الله عليه و آله فأثمر الهيبة ، قوله صلى الله عليه و آله : نصرت بالرعب .
وفي ساعد علي عليه السلام فأثمر الإسلام « هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤمِنِينَ » .
أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن المعمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة ، وابن بطّة في الإبانة ، عن ابن عباس كلاهما عن النبي صلى الله عليه و آله قال :
ص: 360
من أراد أن ينظر إلى آدم عليه السلام في حلمه(1) ، وإلى نوح عليه السلام في فهمه ، وإلى موسى عليه السلام في مناجاته ، وإلى إدريس عليه السلام في تمامه وكماله وجماله ، فلينظر
إلى هذا الرجل المقبل .
قال : فتطاول الناس ، فإذا هم بعلي عليه السلام كأنّما ينقلب في صبب(2) ، وينحط
من جبل .
تابعهما أنس إلاّ أنّه قال : وإلى إبراهيم عليه السلام في خلّته ، وإلى يحيى عليه السلامفي زهده ، وإلى موسى عليه السلام في بطشه ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب(3) عليهماالسلام .
وروي أنّه نظر ذات يوم إلى علي عليه السلام قال : من أحبّ أن ينظر إلى يوسف عليه السلام في جماله ، وإلى إبراهيم عليه السلام في سخائه ، وإلى سليمان عليه السلام في بهجته ، وإلى داود عليه السلام في قوّته ، فلينظر إلى هذا(4) .
وفي خبر عنه صلى الله عليه و آله : شبّهت لينه بلين لوط عليه السلام ، وخلقه بخلق يحيى عليه السلام ، وزهده بزهد أيوب عليه السلام ، وسخاءه بسخاء إبراهيم عليه السلام ، وبهجته ببهجة سليمان عليه السلام ، وقوّته بقوة داود(5) عليه السلام .
قال القمّي :
علي حكى في العلم آدم واحتوى
مناجاة موسى والمسيح بن مريم
ص: 361
قال النطنزي في الخصائص : قال : أخبرني أبو علي الحداد ، قال : حدّثني أبو نعيم الأصفهاني بإسناده عن الأشج ، قال : سمعت علي بن أبي طالب عليهماالسلام يقول :
سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : إنّ اسمك في ديوان الأنبياء الذين لم يوح إليهم ، وقال اللّه تعالى : علي كسائر الأنبياء(1) « إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً »الآية .
لعلي عليه السلام خاصّة : « اللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ » .
وقال في قصّة موسى عليه السلام « وَكَتَبْنا لَهُ فِي الأَْلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ » ومن للتبعيض .
وقال في قصّة عيسى عليه السلام : « وَلأُِبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ »
بلفظة البعض .
وقال في قصّة علي عليه السلام : « وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ » .
قال ابن مكي :
فان يكن آدم من قبل الورى
نبي وفي جنّة عدن داره
فإنّ مولاي علي ذو العلى
من قبله ساطعة أنواره
تاب على آدم من ذنوبه
بخمسة وهو بهم أجاره
وإن يكن نوح بنى سفينة
تنجيه من سيل طمى(2) تيّاره
ص: 362
فإنّ مولاي علي ذو العلى
سفينة ينجي بها أنصاره
وإن يكن ذوالنون ناجى حوته
في اليمّ لمّا كضّه(1) حضاره(2)
ففي جلندى(3) للأنام عبرة
يعرفها من دلّه اختياره
ردّت له الشمس بأرض بابل
والليل قد تجلّلت أستاره
وإن يكن موسى رعى مجتهدا
عشرا إلى أن شفّه انتظاره
وسار بعد ضرّه بأهله
حتى علت بالواديين ناره
فإنّ مولاي علي ذو العلى
زوّجه واختار من يختاره
وإن يكن عيسى له فضيلة
تدهش من أدهشه انبهاره
من حملته أمّه ما سجدت
للاّت بل شغلها استغفاره
* * *
وقال ابن الرومي :
رأيتك عند اللّه أعظم زلفة
من الأنبياء المصطفين ذوي الرشد
* * *
وقال اللّه - تعالى - في حقّ الملائكة : « يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ » ، وفي حقّ علي عليه السلام : « إِنّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا » .
ص: 363
سأل جبرئيل عليه السلام الخاتم ، فحباه « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ » .
وسأل ميكائيل عليه السلام الطعام ، فأعطاه « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً » .
وسأل المصطفى صلى الله عليه و آله الروح ، ففداه « وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ » .
وسأل اللّه السرّ والعلانية ، فأتاه « الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ » .
فردوس الديلمي : جابر قال النبي صلى الله عليه و آله : إنّ اللّه - تعالى - يباهي بعلي بن أبي طالب عليهماالسلام كلّ يوم الملائكة المقرّبين حتى يقولوا : بخ بخ هنيئا لك يا علي(1) .
قال جبرئيل عليه السلام : أنا منكما يا محمد(2) .
والنبي صلى الله عليه و آله قال : « وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ » .
وقال جبرئيل عليه السلام : « وَما مِنّا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ » ، ومقام علي عليه السلام أشرف ، وهو منكب النبي صلى الله عليه و آله .
وجبرئيل عليه السلام جاوز بلحظة واحدة سبع سماوات وسبع حجب حتى وصل إلى النبي صلى الله عليه و آله من عند العرش ما كان لم يقطع في خمسين ألف سنة ، وعلي عليه السلام رآه النبي صلى الله عليه و آله في معراجه في أعلى مكان .
ص: 364
وعلي عليه السلام في المكانة والأمانة عند النبي صلى الله عليه و آله كجبرئيل وميكائيل عليهماالسلامفي المكانة والأمانة عند اللّه تعالى .
وقد يتقارب الوصفان حدّا
وموصوفا هما متباعدان
* * *
ص: 365
ص: 366
ص: 367
ص: 368
علي أوّل هاشمي ولد من هاشميين .
وأوّل من ولد في الكعبة .
وأوّل من آمن .
وأوّل من صلّى .
وأوّل من بايع .
وأوّل من جاهد .
وأوّل من تعلّم من النبي صلى الله عليه و آله .
وأوّل من صنف .
وأوّل من ركب البغلة في الإسلام بعد النبي صلى الله عليه و آله .
وكذلك(1) آخرات كثيرة :
وعلي عليه السلام آخر الأوصياء .
وآخر من آخى النبي صلى الله عليه و آله .
ص: 369
وآخر من فارقه عند موته .
وآخر من وسّده في قبره وخرج .
ومن نوادر الدنيا :
هاروت وماروت في الملائكة .
وعزير في بني آدم .
وولادة سارة في الكبر .
وكون عيسى عليه السلام بلا أب .
ونطق يحيى وعيسى عليهماالسلام في صغرهما .
والقرآن في الكلام .
وشجاعة علي عليه السلام بين الناس .
ومن العجائب :
كلب أصحاب الكهف .
وحمار عزير .
وعجل السامري .
وناقة صالح عليه السلام .
وكبش إسماعيل عليه السلام .
ص: 370
وسمك يونس عليه السلام .
وهدهد سليمان عليه السلام ونملته .
وغراب نوح عليه السلام .
وذئب أوس بن اهنان .
وسيف علي عليه السلام .
وقد مَنّ اللّه على المؤمنين بثلاثة :
بنفسه « يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا » .
وبالنبي صلى الله عليه و آله : « لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً » الآية .
وبعلي عليه السلام : «قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ » .
وقد سمّى اللّه ستة أشياء رحمة :
« فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللّهِ » : المطر .
« وَلَوْلا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ » : التوفيق .
« يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ » : الإسلام .
« وَآتانِي مِنْهُ رَحْمَةً » : الإيمان .
«وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً » : النبي صلى الله عليه و آله .
«قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ » : علي عليه السلام .
ص: 371
وقد مدح اللّه حركاته وسكناته :
فقال لصلاته : « إِلاَّ الْمُصَلِّينَ » .
ولقنوته : « أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ » .
ولصومه : « وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا » .
ولزكاته : « وَيُؤتُونَ الزَّكاةَ » .
ولصدقاته : « الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ » .
ولحجّه : « وَأَذانٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ » .
ولجهاده : « أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ » .
ولصبره : « الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ » .
ولدعائه : « الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ » .
ولوفائه : « يُوفُونَ بِالنَّذْرِ » .
ولضيافته : « إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ » .
ولتواضعه : « إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ » .
ولصدقه : « وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِينَ » .
ولآبائه : « وَتَقَلُّبَكَ فِي السّاجِدِينَ » .
ولأولاده : « إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ » .
ولإيمانه : « وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ » .
ولعلمه : « وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ » .
ص: 372
قال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، ما عرف اللّه حقّ معرفته غيري وغيرك ، وما عرفك حقّ معرفتك غير اللّه وغيري .
قال ابن حماد :
جلّ العلي علا
عن مشبه ونظير
إمام كلّ إمام
أمير كلّ أمير
حجاب كلّ حجاب
سفير كلّ سفير
باب إلى كلّ رشد
نور على كلّ نور
وحجّة اللّه ربّي
على الجحود الكفور
* * *
وقال النبي صلى الله عليه و آله : علي في السماء كالشمس في النهار في الأرض ، وفي السماء الدنيا كالقمر بالليل في الأرض .
وقال النبي صلى الله عليه و آله : مثله كمثل بيت اللّه الحرام يزار ولا يزور ، ومثله كمثل القمر إذا طلع أضاء الظلمة ، ومثله كمثل الشمس إذا طلعت أنارت .
قال دعبل :
علي كعين الشمس عمّ ضياؤها
بذاك أشار المؤمنون إلى علي
* * *
ص: 373
وكان للنبي صلى الله عليه و آله خليفتان ، في الخبر : أنّ النبي صلى الله عليه و آله بكى عند موته ، فجاء جبرئيل عليه السلام وقال : لم تبكي ؟ قال : لأمّتي(1) ! من لهم بعدي ؟ فرجع ثم قال : إنّ اللّه تعالى يقول : أنا خليفتك في أمّتك ، وقال صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : أنت تبلّغ عنّي رسالاتي ، قال : يا رسول اللّه ، أما بلّغت ؟ قال : بلى ، ولكن تبلّغ عنّي تأويل الكتاب .
خلّفه ليلة الفراش ، ويوم تبوك لحفظ الأولياء وتخويف الأعداء ، فكانت دلالة على إمامته : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، أقامه مقامه بالنهار ، وأنامه منامه بالليل .
قال أبو الحسن فادشاه :
كأنّكم لم تعرفوا من نومه
على الفراش إذ تواعدتم دمه
* * *
وقال السوسي :
كهارون من موسى تخلّف بعده
غداة تبوك إذ غدا عنه غائبا
* * *
وقدّمه للإخاء والمباهلة والغدير وغيرها : من كنت مولاه فعلي مولاه ، قوله تعالى « وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ » .
ص: 374
كان النبي صلى الله عليه و آله مقدّما في الخلق مؤخّرا في البعث ، ومنه قوله : نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، وقوله : خلقت أنا وعلي من نور واحد . . الخبر . فكنّا مقدّمين في الابتداء مؤخّرين في الانتهاء ، فلم يزد محمد صلى الله عليه و آله إلاّ حمدا ولا علي عليه السلام إلاّ علوّا .
الفائق : إنّ أسماء بنت عميس جاء ابنها من جعفر وابنها من أبي بكر يختصمان إليها ، كلّ واحد يقول أبي خير من أبيك ، فقال علي عليه السلام : عزمت عليك لتقضين بينهما ، فقالت لابن جعفر : كان أبوك خير شباب الناس ، وقالت لابن أبي بكر : كان أبوك خير كهول الناس ، ثم التفتت إلى علي عليه السلام فقالت : إنّ ثلاثة أنت آخرهم لخيار ، فقال علي عليه السلام لأولادها منه : قد فسكلتني أمّكم ، أي أخّرتني وجعلتني كالفسكل ، وهو آخر خيل السباق(1)(2) .
قال صقر :
يا من به امتحن الإله عبيده
من كان منهم عاصيا أو طائعا
ص: 375
إنّي لأعجب من معاشر عصبة
جعلوك في عدد الخلافة رابعا
* * *
[ قال العوني : ]
ولاح لحاني(1) في علي زجرته
وسددت بالسبّابتين المسامعا
وباع عليا واشترى غيره به
شراءا وبيعا أعقبا وصنائعا
فقلت له لم قد ضللت عن الهدى
وظلت عم في مربع الكفر راتعا
أصيّرت مفضولاً كمن هو فاضلاً
وصيّرت متبوعا كمن هو تابعا
فكان علي أولاً فجعلته
بجهلك ظلما لا أبا لك رابعا
ولو لم تخف يوما وملكت طاعة
لصيّرته من فرط بغضك تاسعا
* * *
العرب تبدأ بالأدنى فتقول : ربيعة ومضر ، وعلى هذا قوله : « فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤمِنٌ » ، « يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ » ، « التّائِبُونَ الْعابِدُونَ » ، فتقديمه تأخيره « لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ » .
قال أبو منصور :
لا تلحني في هوى الأخير وقد
جاءت به البيّنات والرسل
هذا نبي الهدى أخيرهم
مفضل عندنا على الأول
* * *
وقال غيره :
وإنّي وإن كنت الأخير فإنّني
أعدّ إذا ما أحجم القوم أولا
ص: 376
وقال آخر :
لاستعملن السيف في كلّ مارق
يقول علي آخر وهو أوّل
* * *
منعوا حقّه ، فعوّضه اللّه الجنّة « وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً » .
عزلوه عن الملك ، فملّكه اللّه الآخرة « وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً » .
أطعم قرصه ، فأتى اللّه عليهم بثمان عشر آية ، قوله : « إِنَّ الأَْبْرارَ يَشْرَبُونَ » إلى قوله « مَشْكُوراً » ، وأنزل في شأن المتكلّفين : « وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ » .
أطعم الطعام على حبّه ، فأوجب حبّه على الناس .
وبذل النفس على رضاه ، فجعل اللّه رضاه في رضائه .
قال الشيخ : ولّيتكم ولست بخيركم ، وقال اللّه في علي عليه السلام : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ » .
الماء على ضربين : طاهر ونجس ، فعلي عليه السلام طاهر لقوله : « وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً » ، وعدوّه نجس : « إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ » .
الطهور : طاهر ومطهّر ، والنجس : نجس عينه كيف يطهّر غيره .
ص: 377
« فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا » ، فمحمد صلى الله عليه و آله الطهور ، وعلي عليه السلام الصعيد ، لأنّ محمد صلى الله عليه و آله أبو الطاهر ، وعلي عليه السلام أبو التراب .
قوله تعالى : « أَ وَ مَنْ » ، « أَ فَمَنِ » ، « أَمْ مَنْ » ، في القرآن في عشرة مواضع ، وكلّها في أمير المؤمنين عليه السلام وفي أعدائه :
« أَفَمَنْ كانَ مُؤمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً » ، « أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ » ، « أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ » ، « أَفَمَنْ شَرَحَ اللّهُ صَدْرَهُ لِلإِْسْلامِ » ، « أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ » ، « أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ » ، « أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ » ، وقد تقدّم شرح جميعها .
قال الصادق عليه السلام : « أَوَ مَنْ كانَ مَيْتاً » عنّا« فَأَحْيَيْناهُ » بنا(1) .
أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت قوله : « أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً » في حمزة وجعفر وعلي(2) عليهم السلام .
ومجاهد وابن عباس في قوله : « أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ » يعني الوليد بن المغيرة ، « أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ » من غضب اللّه ، وهو أمير المؤمنين عليه السلام .
ثم أوعد أعداءه ، فقال : « اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ »(3) الآية .
الأغاني : كان إبراهيم بن المهدي شديد الانحراف عن أمير المؤمنين عليه السلام ،
ص: 378
فحدّث المأمون يوما قال : رأيت عليا عليه السلام في النوم ، فمشيت معه حتى جئنا قنطرة ، فذهب يتقدّمني لعبورها ، فأمسكته وقلت له : إنّما أنت رجل تدّعي هذا الأمر بامرأة ، ونحن أحقّ به منك ! فما رأيته بليغا في الجواب .
قال : وأيّ شيء قال لك ؟ قال : ما زادني على أن قال : سلاما سلاما ، فقال المأمون : قد - واللّه - أجابك أبلغ جواب ، قال : كيف ؟ قال : عرّفك أنّك جاهل لا تجاب ، قال اللّه - عزّ وجلّ - « وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا
سَلاماً »(1) .
أبو منصور الثعالبي في كتاب الاقتباس من كلام ربّ الناس : أنّه رأى المتوكّل في منامه عليا عليه السلام بين نار موقدة ، ففرح بذلك لنصبه ، فاستفتى معبّرا .
فقال المعبّر : ينبغي أن يكون هذا الذي رآه أمير المؤمنين نبيّا أو وصيّا ، قال : من أين ؟ قلت : هذا من قوله تعالى « أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَها » .
الحريري في درّة الغوّاص : أنّه ذكر شريك بن عبد اللّه النخعي فضائل
ص: 379
علي عليه السلام ، فقال أموي : نعم الرجل علي عليه السلام ، فغضب وقال : ألعلي يقال « نعم الرجل » !
فقال : يا عبد اللّه ، ألم يقل اللّه في الإخبار عن نفسه « فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ » ، وقال في أيوب : « إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ » ، وقال في سليمان عليه السلام : « وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ » أفلا ترضى لعلي عليه السلام ما يرضى اللّه لنفسه ولأنبيائه ، فاستحسن منه(1) .
وقال بعض النحاة : هذا الجواب ليس بصواب ، وذلك أنّ « نعم » اللّه - تعالى - ثناء على حقيقة الوصف له تقريبا على فهم السامعين ، لمكان إنعامه عليهم ، وفي حقّ أنبيائه تشريفا لهم ، فأمّا من الآدمي في حقّ الأعلى فهو يقرب من الذمّ ، وإن كان مدحا في اللفظ ، كما يقال في حقّ النبي صلى الله عليه و آله : محمد صلى الله عليه و آله فيه خير ، فهو صادق إلاّ أنّه مقصّر .
وكان أبو بكر الهروي يلعب بالشطرنج ، فسأله جبلي عن الإمام بعد النبي ، فوضع الهروي شاه وأربع بيادق ، فقال : هذا نبي وهذه الأربعة خلفاؤه .
فقال الجبلي : الذي في جنبه ابنه ؟ فقال : لا ، ولم يبق له سوى بنت .
قال : فهذا ختنه ؟ قال : لا ، وإنّما هو ذاك الأخير .
ص: 380
قال : هذا أقربهم إليه أو أشجعهم أو أزهدهم ، قال : لا ، إنّما ذلك هو الأخير ، قال : فما يصنع هذا بجنبه ؟!
العين واللام مائة ، والياء عشرة ، وفي عقد الأصابع المائة بالشمال ، والعشرة باليمين يتساويان ، فإذا نظرت فيهما وجدت لفظة اللّه مرّتين .
موازين السماء والأرض محمد وعلي عليهماالسلام ، وذلك بعد ما ألقيت من كلّ كلمة تسعة تسعة ، فيدلّ الباقي على أنّهما خلقتا لهما .
الحاء والعين من حروف الحلق ، فإذا قلت : محمد وعلي عليهماالسلام ، ملأت فاك وقلبك .
قولهم : محمد وعلي عليهماالسلام كلاهما أملي .
وقال الميمية والعينية : إنّ محمدا وعليا عليهماالسلام قبالة جميع الناس ، فالرأس منهم بمنزلة الميم من محمد صلى الله عليه و آله ، والحاء بمنزلة اليدين ، والميم بمنزلة البطن ، والدال بمنزلة الرجلين !
وقد كتب اللّه على جميع وجوه الناس : عليا ، في موضعين : كلّ عين من الوجه بمنزلة عين من علي عليه السلام وبعده ، فالباصرة تسمّى عينا ، والأنف بمنزلة اللام ، وكلّ حاجب بمنزلة ياء مقلوب .
قال ابن حماد :
وإذا اختار كلّ قوم إماما
فاختياري عين ولام وياء
* * *
ص: 381
كلام منظوم(1) اتفقت تفاصيل حروفه ومقاطع ألفاظه في المعنى ، وهو وجوب الإمامة 35 العلّة 135(2) أن اه- مفردا 13 النبي 3 وأوجبت
الإمامية 4 العليّ ه- 4 ه- 51 مفردا .
ص: 382
ص: 384
إنّ اللّه - تعالى - ذكر الجوارح في كتابه وعنى به عليا عليه السلام ، نحو قوله : « وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ » ، قال الرضا عليه السلام : علي عليه السلام خوّفهم به .
قوله « وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ » ، قال الصادق عليه السلام : نحن وجه اللّه (1) ، ونحن الآيات ، ونحن البيّنات(2) ، ونحن حدود اللّه .
أبو المضارب عن الرضا عليه السلام قال في قوله : « فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ » قال : علي عليه السلام .
قال العبدي :
وإنّك وجهه الباقي وعين
له ترعى الخلائق أجمعينا
* * *
ص: 385
وله أيضا :
وهو عين اللّه والوجه الذي
نوره نور الذي لا ينطفي
* * *
وله أيضا :
فسمّاه في القرآن ذو العرش جنبه
وعروته والوجه والعين والأذنا
فشدّ به ركن النبي محمد
فكان له من كلّ نائبة حصنا
وأفرده بالعلم والبأس والندى
فمن قدره يسمى ومن فعله يكنى
* * *
قوله تعالى : « تَجْرِي بِأَعْيُنِنا » .
الأعمش : جاء رجل مشجوج الرأس يستعدي عمرا على علي عليه السلام ، فقال علي عليه السلام : مررت بهذا وهو مقاوم امرأة ، فسمعت ما كرهت ، فقال عمر : إنّ للّه عيونا ، وإنّ عليا عليه السلام من عيون اللّه في الأرض .
وفي رواية الأصمعي : أنّه قال عليه السلام : رأيته ينظر في حرم اللّه إلى حريم اللّه .
فقال عمر : اذهب وقعت عليك عين من عيون اللّه ، وحجاب من حجب اللّه ، تلك يد اللّه اليمنى يضعها حيث يشاء(1) .
ص: 386
قال العوني
إمامي عين اللّه في الأرض تطرف
العيون لها من كلّ ناظرة كلّ
* * *
وقال العبدي :
أنت عين الإله والجنب من فرّ
ط فيه يصلى لظى مذموما
أنت فلك النجاة فينا وما زلت
صراطا إلى الهدى مستقيما
وعليك الورود تسقى من الحوض
ومن شئت ينثني محروما
واليك الجواز تدخل من شئت
جنانا ومن تشاء جحيما
* * *
وقال ابن الصباح :
قال فما العين وفيما صوّرت
قلت هو العين علي فابتسم
قال وما أذن وعت عن ربّها
قلت وعى بالأذن من غير صمم
قال وما الجنب وما فضلهم
قلت هو الجنب وحبل المعتصم
قال فما الفلك المنجّي أهلها
قلت هو الفلك وأسباب النعم
قال فما الشهر الحرام يا فتى
قلت هو الشهر الحلال والحرم
قال فما الحجّ وما الحجر أبن
قلت فلولاه فما كان حرم
* * *
أبو ذر في خبر عن النبي صلى الله عليه و آله : يا أبا ذر ، يؤتى بجاحد علي عليه السلام يوم
ص: 387
القيامة أعمى أبكم يتكبكب(1) في ظلمات القيامة ، ينادي : « يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ » ، وفي عنقه طوق من النار(2) .
الصادق والباقر والسجاد وزيد بن علي عليهم السلام في هذه الآية قالوا : « جَنْبِ اللّهِ » علي عليه السلام ، وهو حجّة اللّه على الخلق يوم القيامة(3) .
الرضا عليه السلام في : « جَنْبِ اللّهِ » قال : في ولاية علي(4) عليه السلام .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : أنا صراط اللّه (5) ، أنا جنب اللّه (6) .
قال السوسي :
علي على رغم العدى أكرم البشر
وخيرهم من يأب ذاك فقد كفر
هو الجنب جنب اللّه هالك كلّ من
يفرّط فيه هكذا جاء في الخبر
* * *
[ العوني : ]
أنت الصراط السويّ فينا
للّه والجنب والبقيه
يا سيّدي يا علي يا من
أعلامه ليس بالخفية
* * *
ص: 388
وقال ابن حماد :
وجنب اللّه فرّط فيه قوم
فأضحوا في القيامة نادمينا
* * *
وقال العوني :
إمامي يد اللّه البسيطة في الورى
بها يقبض الأرواح إن شاء والبدل
* * *
وقال العبدي :
يا علي بن أبي طالب يا بن الأول
يا حجاب اللّه والباب القديم الأزلي
أنت أنت العروة الوثقى التي لم تفصل
أنت باب اللّه من يأتيك منه يصل
* * *
وقال العوني :
وهو الحجاب القديم قدما
وحجّة اللّه والسفير
* * *
وله أيضا :
أبان من الفرقان ما كان مشكلاً
وأثبت في الأحكام ما كان قد ذهب
وزلزل بالأرجاس كلّ مزلزل
وأوهى عماد الكفر بالسمر والقضب(1)
ص: 389
هو العين عين اللّه والجنب جنبه
وميثاقه المأخوذ في الذرّ إذ نصب
هو النور نور اللّه في الذكر مثبت
فلم يخف من عين الوليّ ولم يغب
هو المثل الأعلى كفاك باسمه
علي علا في الاسم والبأس والحسب
فيا زينة الدنيا ونور سمائها
ويا صاحب الآيات دائرة القطب
ويا نهر طالوت المحرم شربه
سوى غرفة يروى بها المرء إن شرب
* * *
وقال الزاهي :
مفقّه الأمّة والقاضي الذي
أحاط من علم الهدى ما لم يحط
والنبأ الأعظم والحجّة والمصباح
والمحنة في الخطب الورط
حبل إلى اللّه وباب الحطّة ال-
-فاتح بالرشد مغاليق الخطط
والقدم والصدوق الذي سيط به
قلب امرئ بالخطوات لم يسط
ونهر طالوت وجنب اللّه وال-
-عين التي بنورها العقل خلط
والأذن الواعية الصماء عن
كلّ خنا يغلط فيه من غلط
حسن مآب عند ذي العرش ومن
لولا أياديه لكنّا نختبط
* * *
ص: 390
وقال العبدي :
هو البحر يعلو العنبر المحض متنه
كما الدر والمرجان من قعره يجنى
إذا عدّ أقران الكريهة لم نجد
لحيدرة في القوم كفوا ولا قرنا
* * *
وقال الناشي :
هو البحر يغني من غدا في جواره
ولا سيما إن أظهر الدرّ ساحله
هو الفخر لا أولائكم إن ندبته
فلا عجب إن يندب الفخر ناكله
حجاب إله الخلق أحكم رتقه
وستر على الإسلام ذو الطول سائله
وباب غدا فينا لكلّ مدينة
وحبل ينال الرشد في البعث واصله
* * *
ص: 391
ص: 392
ص: 393
ص: 394
قال صاحب كتاب الأنوار : إنّ له في كتاب اللّه ثلاثمائة اسم(1) ، فأمّا في الأخبار ، فاللّه أعلم بذلك .
قال ابن حماد :
اللّه سمّاه أسماء تردّد في ال-
-قرآن نقرؤها في محكم السور
في الحجر والنمل والأنفال قبلهما
والصافات وفي صاد وفي الزمر
وقيل سمّاه في التوراة ثمّة في
الإنجيل يعرفه التالون في الزبر
واختاره وارتضاه للنبي أخا
وللبتولة بعلاً خيرة الخير
* * *
وله أيضا :
وكم قد حوى القرآن من ذكر فضله
فما سورة منه ومن فضله تخلو
ألم تكفك الأنعام في غير موضع
ويونس إن فتّشت والحجر والنحل
وسورة إبراهيم والكهف فيهما
وطاها ففي تلك العجائب والنمل
ص: 395
ويسمّونه أهل السماء : « شمساطيل » .
وفي الأرض : « جمحائيل » .
وفي اللوح : « قنسوم » .
وعلى القلم : « منصوم » .
وعلى العرش : « المعين » .
وعند رضوان : « أمين » .
وعند الحور العين : « أصب » .
وفي صحف إبراهيم عليه السلام : « حزبيل » .
وفي العبرانية : « بلقياطيس » .
وفي السريانية : « شروحيل » .
وفي التوراة : « إيليا » .
وفي الزبور : « أريا » .
وفي الإنجيل : « بريا » .
وفي الصحف : « حجر العين » .
وفي القرآن : « عليا » .
وعند النبي صلى الله عليه و آله : « ناصرا » .
وعند العرب : « مليّا » .
وعند الهند : « كبكرا » ، ويقال : « لنكرا » .
وعند الروم : « بطريس » .
ص: 396
وعند الأرمن : « فريق » ، وقيل : « اطفاروس » .
وعند الصقلاب : « فيروق » .
وعند الفرس : « خير » ، وقيل : « فيروز » .
وعند الترك : « تبتر » أو « عنيل » ، وقيل : « راج » .
وعند الخزر : « برين » .
وعند النبط : « كريا » .
وعند الديلم : « بنى » .
وعند الزنج : « حنين » .
وعند الحبشة : « تبريك » ، وقالوا : « كرقنا » .
وعند الفلاسقة : « يوشع » .
وعند الكهنة : « بوي » .
وعند الجنّ : « حبين » .
وعند الشياطين : « مدمر » .
وعند المشركين : « الموت الأحمر » .
وعند المؤمنين : « السحابة البيضاء » .
وعند والده : « حرب » ، وقيل : « ظهير » .
وعند أمّه : « حيدرة » ، وقيل : « أسد » .
وعند ظئره : « ميمون » .
وعند اللّه : « علي »(1) .
ص: 397
قال العوني :
من اسمه يعرف في الإنجيل
برتبة الأعظم والتبجيل
يدعو عليا أهله إليّا
وهو الذي سمّي في التوراة
عند الأولى هاد من الهداة
من كلّ عيب في الورى بريّا
وهو الذي يعرف عند الكهنة
وهم لأسماء الجليل الخزنة
مبوئ الحقّ الورى بويّا
وهو الذي يعرف في الزبور
باسم الهزبر العنبس الهصور
ليث الورى ضرغامها أريّا
وهو الذي يدعونه بكبكرا
في كتب الهند العظيم القدرا
حقّا وعند الروم بطريسيّا
وبطرسي قابض الأرواح
وفي كتاب الفرس رغم اللاحي
خير وخير عند ذي الإفصاح
حين يسمّي فرسنا الباريا
وهو تبير بلسان الترك
معنى تبير نمر ذو محك
إذا عرفت منطق التركيّا
والزنج تدعوه لعمري حنينا
قطّاع أوصال إذا ما إن دنى
فاسأل بمعنى حنينا الزنجيّا
وقد دعاه الحبشي المجبر
تبريك وهو الملك المدمّر
إن شئته فاسأل به الحبشيّا
ص: 398
وأمّه قالت هو ابني حيدره
ضرغام آجام وليث قسوره
وحيدر ما كان باطنيّا
وقد دعته طئره ميمونا
وفي أخي رضاعه الميمونا
وهو رضيع حبّذا غذيّا
واسم أخيه في بني هلال
معلّق الميمون ذو المعالي
موهبة خصّ بها صبيّا
وهو فريق بلسان الأرمن
فاروقه الحقّ لكلّ مؤمن
فاسأل به من كان أرمنيّا * * *
وسأل المتوكّل زيد بن حارثة البصري المجنون عن علي عليه السلام ، فقال : على حرف الهجاء : علي عليه السلام هو :
الآمر عن اللّه بالعدل والإحسان .
الباقر علوم الأديان .
التالي سور القرآن .
الثاقب لحجاب الشيطان .
الجامع أحكام القرآن .
الحاكم بين الإنس والجانّ .
الخلي من كلّ زور وبهتان .
ص: 399
الدليل لمن طلب البيان .
الذاكر ربّه في السرّ والإعلان .
الراهب ربّه في الليالي إذا اشتدّ الظلام .
الزائد الراجح بلا نقصان .
الساتر لعورات النسوان .
الشاكر لما أولى الواحد المنّان .
الصابر يوم الضرب والطعان .
الضارب بحسامه رؤوس الأقران .
الطالب بحقّ اللّه غير متوان ولا خوّان .
الظاهر على أهل الكفر والطغيان .
العالي علمه على أهل الزمان .
الغالب بنصر اللّه للشجعان .
الفالق للرؤوس والأبدان .
القويّ الشديد الأركان .
الكامل الراجح بلا نقصان .
اللازم لأوامر الرحمن .
المزوّج بخير النسوان .
النامي ذكره في القرآن .
الوليّ لمن والاه بالإيمان .
الهادي إلى الحقّ لمن طلب البيان .
اليسير السهل لمن طلبه بالإحسان .
ص: 400
ص: 401
ص: 402
الهمزة
سيّد النجباء ، ونور الأصفياء ، وهادي الأولياء ، وقبلة الرحماء ، وقدوة الأوصياء ، وإمام الأتقياء ، وأمير الأمراء ، وأمين الأمناء ، وثمال الضعفاء ، وغصّة الأعداء .
ومرشد العلماء ، ومفقّه الفقهاء ، وأعلم القرّاء ، وأقضى ذوي القضاء .
وأبلغ البلغاء ، وأخطب الخطباء ، وأنطق الفصحاء ، ومجيز الشعراء .
وأشهر أهل البطحاء، والشهيد أبو الشهداء، وزوج فاطمة الزهراء عليهاالسلام.
وصاحب الراية واللواء ، ودافع الكرب واللاواء ، ومعزّ الأولياء ، ومذلّ الأعداء .
السابق بالوفاء ، ثاني أهل الكساء ، مضمخ مردة الحروب بالدماء .
الخارج عن بيت المال صفر اليد عن الصفراء والحمراء والبيضاء ، أعلم من فوق رقعة الغبراء ، وتحت أديم السماء ، المستأنس بالمناجاة في ظلمة الليلة الليلاء .
حجّة سيّد الأنبياء ، مقدّم الوصيّين والنقباء ، خليفة ربّ الأرض والسماء .
ما غرّته سمراء ولا بيضاء ، وما استبته صفراء ولا حمراء ، وما أعجبته عين ولا حوراء ، ولا مزرعة خضراء ، ولا مدرعة دكناء، ولا بريدة رفضاء.
ص: 403
الألف
المطهّر المجتبى ، المنذر المرتضى ، المأمون المقتدى ، الخطّة الكبرى ، العروة الوثقى ، الآية الكبرى ، الحجّة العظمى ، المحنة للورى ، المسبّب الأعلى .
المستقيم على الهدى ، إمام أهل الدنيا ، شقيق النبي صلى الله عليه و آله المصطفى .
ليث الشرى ، غيث الندى ، حتف العدى ، مفتاح الهدى ، قطب رحى الهدى ، مصباح الدجى ، جوهر النهى ، بحر اللهى(1) .
سعّار الوغى ، قطّاع الطلى(2) ، شمس الضحى ، أبو القرى في أمّ القرى .
المبشّر بأعظم البشرى ، المطلّق للدنيا ، مؤثر الآخرة على الأولى .
ربّ الحجى ، بعيد المدى ، مشيّد الفتوى .
نظير هارون من موسى ، مولى لمن له رسول اللّه صلى الله عليه و آله مولى .
كثير الجدوى ، شديد القوى ، سالك الطريقة المثلى ، المعتصم بالعروة الوثقى ، الفتى الذي أنزل فيه « هَلْ أَتى » .
أكرم من ارتدى ، وأشرف من احتذى ، أعلم من ابتدى ، أحبى من احتبى ، أفضل من راح واغتدى ، وأشجع من ركب ومشى .
أهدى من صام وصلّى ، مكافح من عصى ، وشقّ في دين اللّه العصا ، ومراقب حقّ اللّه أين أمر ونهى ، الذي ما صبا في الصبى ، وسيفه عن قرنه ما نبا ، أقام الحجّة الزهرا ، وجلا ظلم الشرك وجلى .
ص: 404
شمس الضحى ، بدر الدجى ، نجم أهل العبا ، علم الهدى ، ابن عمّ المصطفى ، الملقّب بالمرتضى .
الباء
كشاف الكرب، مضاف السبب إلى النسب ، معطوف السبب على النسب، المخصوص بأشرف الأصل والحسب ، الهاشمي الأمّ والأب .
المفترع أبكار الخطب ، الآمر بالأدب ، مسعّر حرب ، ومزهر خطب ، سيّد العرب ، رجل الكثيبة والكثب ، والحراب والمحراب ، والطعان والضراب ، والخير والحساب بلا حساب .
مطعم السغاب ، بجفان كالجواب ، رادّ المعضلات بالجواب الصواب ، مضيّف النسور والذئاب ، بالبتّار الماضي الذباب .
هازم الأحزاب ، وقاصم الأصلاب ، وقاسم الأسباب ، حزّاز الرقاب بابن القراب ، مفتوح الباب إلى المحراب عند سدّ أبواب سائر الأصحاب .
جديد الرغبات في الطاعات والثواب ، بالي الجلباب ، رثّ الثياب ، روّاض الصعاب ، معسول الخطاب ، عديم الحجّاب والحجاب ، ثابت اللبّ في مدحض الألباب ، عديم أشباه وأضراب ، ومرشد عجم وأعراب ، ذو إعراب وذو أغراب ، من جمع بين عتلّ ونضاب وأسل ونصّاب ، وأجمل الصبر على كلّ مصاب ، وعلى كلّ أوجاع وأوصاب .
الذي يزهر به كلّ محراب ، يوما محرّر رقاب ، ويوما مضرب رقاب ، ومقدّم جفان غراب ، مجدّل الأتراب معفّرين بالتراب ، المكنّى بأبي تراب .
ص: 405
الإمام المحارب ، ليس بجبان ولا هارب ، ختن الرسول صلى الله عليه و آله ، والأخ والصاحب ، وليّ الملك الغالب ، خوّاض المواكب ، بذال الرغائب ، المكرم للقرائب والأقارب ، والحلاّل المشكلات الغرائب .
الذي لم يخرج بعد الأنبياء مثله فيما بين الصلب والترائب ، مخاصم الخلائق ولرضى اللّه طالب ، كثير المناقب ، رفيع المراتب ، غالب كلّ غالب ، علي بن أبي طالب عليهماالسلام .
المعصوم من العيوب ، المحبوب إلى القلوب ، المنبّأ ممّا نبّأه اللّه ورسوله من الغيوب من العلم المكنون المحجوب ، المشعوب لقبائل الكفر والشعوب ، حبيب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وربيب نبيّ اللّه صلى الله عليه و آله ، صاحب القرابة والقربة ، وكاسر أصنام الكعبة ، ليث الغابة ، وأفضل الصحابة .
الذي من صفاته : البنيان ، والبيت ، والباب ، والبحر ، والبنيّة ، والبشرى ، والبشير ، والبرّ ، والبأس ، والبلاغ ، والبقيّة ، والبلوى .
التاء
منجز العدات ، قاصم العداة ، المفتاح والنجاة ، المفرّج للمشكلات ، السابق بالخيرات ، التالي للآيات ، القبلة للسادات .
وليّ الخيرات ، كاشف الكربات ، مبيّن المشكلات ، دافع المعضلات ، صاحب المعجزات ، عين الحياة ، سفينة النجاة .
خوّاض الغمرات ، حامل الألوية والرايات ، ومولى الأعمال والولايات ، منكّس العزّى واللاّت .
ص: 406
كان للنبي صلى الله عليه و آله حسنة من حسناته ، مشتقّة من كرم عنصره وذاته ، يتأذّى بأذاته ، ويتألّم لشكاته وشدّاته ، وتتقذّى عينه بقذاته ، دعا اللّه بموالاة ذي موالاته ، ومعاداة ذي معاداته .
كان لرسول اللّه صلى الله عليه و آله عضدا غير مفتوتة ، ويدا غير مكفوته ، أثلته(1) غير منحوته ، وأوراقها غير محتوتة .
الذي من أسمائه : التائب ، والتسنيم ، والتذكرة ، والتابع ، والتالي .
الثاء
ومن أسمائه : الثقل ، والثواب ، والثلّة .
الجيم
الجاثي ، والجامع ، والجار ، والجوار .
الحاء
الحطّة ، والحجاب ، والحيدر ، والحاكم ، والحامد ، والحميد ، والحبر ، والحقّ ، والحبل ، والحسنة ، والحافظ ، والحليم ، والحكيم ، وحامل لواء الحمد .
ص: 407
الخاء
خير البشر ، خير البريّة ، وخير الأمّة ، وخير الناس ، والخليفة ، والخاصف ،
والخازن ، والخاشع ، والخصم .
الدال
السيّد المرشد ، والمنعم المؤيّد ، والعالم الزاهد ، والمتّقي العابد ، والداعي الشاهد ، والمثل القائد ، والمفلح المشاهد ، المحمود في المواقف والمشاهد ، عصرة المنجود ، ومن الذين أحيوا أموات الآمال بحياة الجود ، ومن الذين سيماهم في وجوههم من أثر السجود .
خليفة الرسول في مهاده ، وموضع سرّه في إصداره وإيراده ، ومليّن عرائك أضداده ، وأبو أولاده ، منجز وعده ، والموفي بعهده ، جعل اللّه ولد هذا أولاده ، وكبد هذا أكباده .
هو الذي كان لجنود الحقّ سيّدا ، ولكؤوس العطاء يدا وعضدا ومددا .
الذي كان من أسمائه : يدا ، وودّا ، وهاديا ، ومؤيدا ، وأسدا ، وساجدا ، وسيّدا ، وأبا ، ووالدا ، وولدا ، وبيضة البلد .
الذال
ومن أسمائه : الذكر ، والذاكر ، والذائد ، والذريّة ، ذو القربى ، وذو المحن ، وذو النورين .
ص: 408
الراء
الإمام الطاهر ، القمر الباهر ، الماء الطاهر ، الفرات الزاخر ، الأسد الخادر(1) ، الربيع الباكر ، الخير والذكر ، الصدّيق الأكبر ، الشفيع في المحشر .
الموت الأحمر ، والعذاب الأكبر ، أبو شبير وأبو شبر ، المسمّى بحيدر ، وما أدراك ما حيدر .
هو الكوكب الأزهر ، والقمر الأنور ، والطود الأكبر ، والضرغام المصدر ، الطاهر المخيّر ، والصمصام المذكّر ، وصاحب براءة وغدير خمّ وراية خيبر ، كميّ أحد وحنين والخندق وبدر الأكبر ، ساقي وراد الكوثر يوم المحشر ، ومن أعطي رسول اللّه صلى الله عليه و آله بنسله الكوثر .
الإيمان المنير ، والليل الستير ، والحجر المستنير ، الإمام والوصي والختن وابن العم والأخ والوزير .
الذي كان لضعفاء المسلمين ، ولأقوياء الكافرين مبيرا ، ولجيش اللّه مبارزا وأميرا ، ولكؤوس العطاء على الفقراء مديرا ، حتى نزل فيه وفي أهل بيته الذي طهّرهم اللّه تطهيرا ، « وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً » .
الإمام المختار ، المعروف بلا إنكار ، الواعظ بالنصح والإنذار ، قاتل المنافقين والكفار ، مقعص(2) الجيش الجرار ، صاحب ذي الفقار ، وقاتل عمرو ومرحب وذى الخمار .
ص: 409
كهف الأخيار ، وملجأ الأبرار ، ومنجي الأخيار ، قمر الأقمار ، ورغم الفجار ، وقسيم الجنّة والنار .
سيّد المهاجرين والأنصار ، صنو جعفر الطيار ، وابن عمّ النبي صلى الله عليه و آله المختار ، الكرار غير فرار .
أمير البررة ، وقاتل الكفرة ، ودامغ(1) الفجرة ، وفاقئ عيون السحرة ، وثمرة بيعة الشجرة ، الذي لم يخالف اللّه طرفة عين فيما أمره ، المسمّي نفسه يوم الغبرة بحيدرة .
أخو رسول اللّه صلى الله عليه و آله ووزيره ووصيّه ومشيره ، عين بالكرم خرارة(2) ، ومعدن العلم وفوّاره ، لم يطلب في الدنيا إمارة ، ولا لها عمارة .
شقيق الخير ، رفيق الطير ، الذي قلع باب خيبر ، وقرع عود منبر .
ومن ألقابه : الآمر بالمعروف ، والآمر بالعدل ، والأوّل والآخر ، والطاهر ، والظاهر ، والظهير ، والصابر ، والبشير ، والشاكر .
ومن صفاته : ربّاني الرعيّة ، الداعي إلى الرضا ، الرضوان ، الرجل ، الرجال ، والراسخ ، الراكع ، الرحمة ، الرشيد .
الزاي
حلاحل(3) الحجاز ، أسد البراز(4) ، المنفق على الإعواز ، الذي لا يتعاظمه
ص: 410
جبل الأهواز ، ولا ينخدع بعادي(1) الركاز(2) .
ومن أسمائه : الزعيم ، والزاهد ، والزلفى ، والزيتون ، وزيد .
السين
شمس الشموس ، وأنس النفوس ، وقامع الكفرة والمجوس ، ومختار الملك القدوّس ، ومن قال فيه الرسول صلى الله عليه و آله : لا تسبّوا عليا فإنّه في ذات اللّه ممسوس .
كليم الشمس ، ومحيي النفس ، الثاني من الخمس ، البرئ من كلّ دنس .
الحبيب عند الوحشة إلى كلّ أنس ، يبغض إلى الناس ، بقتل البغاة الناكثة الأرجاس ، ونفى المبتدعة القاسطة الأدناس ، وطرد المحكّمة المارقة الأنكاس ، أولو القوّة والشوكة والبأس .
خير البشر وخير الأمّة وخير الناس ، سمّاه نفسه ، وجعل البتول عرسه ، وأبقى في أمّته حتى القيامة غرسه .
الذي من أسمائه : السفينة ، والسابح ، والسابق ، والساعة ، والساجد والسبيل ، والسلم ، والسنّة ، والسيّد .
الشين
أصلع قريش ، وليث الجيش ، لم يعتنق أمر اللّه بخفّة وطيش ، راش
ص: 411
ضعف الإسلام أحسن ريش(1) ، ولم يثبطه عن صلاح الأمّة رقّة خدّ ولا نداوة خيش(2) .
الصاد
الذي من أسمائه : الصادق ، الصدّيق ، والصابر ، والصفيّ .
ومن صفاته : الصهر ، والصاحب ، والصالح ، والصفوة ، والصوم ، والصف .
الضاد
الذائد عن الحوض ، الواصل إلى الروض .
الذي من أسمائه : الدين ، والدليل ، والدال ، والداعي ، ودابّة الأرض .
لم يكتنز ذهبا ولا فضّة ، ولم يعشق غضّة ولا بضّة(3) ، بل كانت دموع عينيه من خوف ربّه منفضة .
الطاء
الميزان بالقسط ، والجواز على الصراط .
ص: 412
الظاء
الذاكر إذا نسيت الحفاظ ، المصقع(1) إذا تقاصرت الوعاظ ، والكاظم إذا طاش بالغيظ المغتاظ .
ذو الأذن الواعية ، واليد الباسطة ، والقلب الحفّاظ .
العين
السيّد الأورع ، والملجأ والمفزع ، والمنهل والمكرع(2) ، والسجّاد الأنزع ، والبطين الأصلع ، عبل الذراع ، طويل الباع ، حفوظ النزاع .
المبلّغ المسارع ، المصدّق المشفّع ، السبيل الشارع .
أطول بني هاشم باعا ، وأمضاهم زماعا(3) ، وأرحبهم ذراعا ، وأغزرهم سماعا ، وأكثرهم أشياعا ، وأشهرهم قراعا ، وأشدّهم ضراعا ، وأعزّهم امتناعا .
ومن أسمائه : علي ، العالم ، العلم ، العدل ، العبّاد ، العابد ، العذاب ، العادل ، العصر ، العزيز ، العروة ، عين اللّه ، عنوان صحيفة المؤمنين .
الغين
السهم النافذ ، والسيف القاطع ، والحجر الدامغ ، والمتّبع المبلّغ .
ص: 413
الفاء
السيّد الشريف ، الكريم الغطريف ، السامي المنيف ، المعصوم الحنيف ، الديّان العفيف ، طروق الكهف ، ذو الرجف ، منافش(1) الخوف .
قتال الألوف ، مخرق الصفوف ، الناهي عن المنكر والآمر بالمعروف .
ومن صفاته : الفائز ، والفتى ، والفارق ، والفطرة ، والفصل ، [ والفاصل ] والفاضل ، والفخر ، والفاخر .
القاف
الإمام الصدق ، الحنيف الحقّ ، المائل إلى الحقّ ، القائل بالصدق .
وفتى فتيان الآفاق ، سيّد المهاجرين على الإطلاق ، وسابق المسلمين بالإتفاق ، لم تعقه خشية الإطلاق عن مواصلة الاتفاق ، ساد أنفاق النفاق ، شاقّ جماجم ذي الشقاق ، كبش أهل الشام والحجاز والعراق ، وشجى حلوق الأبطال عند التلاق .
الذي صدّق رسول اللّه صلى الله عليه و آله فصدق ، وبخاتمه في ركوعه تصدّق ، الذي اعتصب بالسماحة وبالحماسة تطوّق ، ودقّق في علومه وحقّق ، ودبر بقتل الوليد في بدر وإهلاك عمرو في الخندق ، ومزّق من أبناء الحروب ما مزّق ، وغرق في لجّة سيفه من أسود المعارك من غرق ، وحرق بشهاب صارمه من شياطين الهياج من مرق ، حتى استوسق الإسلام واتّسق ، الإمام حقّا ، الهمام صدقا .
ص: 414
ومن أسمائه : القسيم ، والقسم ، والقانت ، وقاضي الدين ، والقاضي ، والقصم ، والقائم ، والقبلة ، والقوي ، والقيّم ، والقليل ، والقول ، والقصر المشيد ، والقدم .
الكاف
من جعل اللّه ببأسه ومراسه(1) قموص حصن خيبر دكّا ، وقمّصه شجاعة ونسكا ، المشيّد بطيب ذكره حيث أجرى عنبرا ومسكا ، وخلق على صورته في حملة عرشه ملكا .
الذي من أسمائه : الكافي ، والكلمة ، والكتاب ، والكواكب ، والكرار ، والكوثر ، والكهف ، والكاشف .
اللام
الإمام العادل ، المرابط المقاتل ، أمير النحل ، وغيث المحل ، وخاصف النعل ، الزكي الأصل ، ذخر الذخر ليوم الفصل .
الإمام الأوّل ، والوصيّ الأفضل ، والآخر والأوّل ، فحل الشول(2) يوم الفزع والهول ، وصاحب الإنعام والطول ، والقوّة والحول ، والمحقّق بالفعل ضمان القول .
ص: 415
ضرغام يوم الجمل ، المردود له الشمس عند الطفل(1) ، ترّاك السلب ، ضرّاب القلل ، حليف البيض والأسل ، شجاع السهل والجبل .
نفس رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوم المباهلة ، وساعده المساعد يوم المساولة ، وخطيبه المصقع يوم المقاولة .
زوج البتول عليهاالسلام ، أخو الرسول صلى الله عليه و آله ، سيف اللّه المسلول ، وجواد الخلق
المأمول ، الحجّاج البهلول ، العالم المسؤول ، محقّ الباطل ، والملبس الحليّ للدين العاطل .
عليه في التأويل تعويل ، وله في التنزيل تفصيل ، وله في كلّ محل فضيلة التفضيل ، رأيه أصيل ، ووراه تحصيل ، نور اللّه الجليل ، ووجهه الجميل .
الذي هو محارب الكفرة والفجرة بالتنزيل والتأويل ، الذي مثله مذكور في التوراة والزبور والإنجيل ، جعل اللّه من ذريّته آله ، فوصل بحبله حباله ، جسمه وليّ ، رسمه جليّ ، اسمه علي عليه السلام .
الميم
الإمام المعصوم ، الشهيد المظلوم ، النفيس المرحوم ، المحسود المحروم .
باب العلوم ، وجميع العلوم له معلوم ، وسرّ النبي صلى الله عليه و آله له مفهوم ، وقلبه من خوف اللّه مغموم ، ولأجل دين اللّه مهموم .
باب المقام ، حجّة الخصام ، إمام الأنام ، مزيّن الأيام ، أبو الأعلام ، بسيفه ظهر الإسلام وهو يومئذٍ غلام .
ص: 416
ساد الأنام ، وكسر الأصنام ، وأطال القيام ، وأكثر الصيام ، وأقلّ المنام ، وكسا الأيتام ، ونفى الأعلام ، وأفشى السلام ، وأطعم الطعام ، وعلّم الكرم اللئام ، واستعمل الإقدام ، واهتجر الإحجام ، وأعمل إلى قضاء الحقوق الأقدام .
الهادي إلى دار السلام ، الداعي إلى دين الإسلام ، الصدّيق الأكبر في الأنام ، والفاروق الأعظم بين الحلال والحرام ، لم يشرب المدام ، ولم يقرب الآثام .
الدين القويم ، والقرآن العظيم ، المولى الرحيم ، النبأ العظيم ، الصراط المستقيم ، الفاروق الأعظم ، والإمام المحترم ، ما عبد صنما ، ولا استحلّ محرّما .
بحر علم ، ووعاء حكمة وحكم ، بطين من العلم ، منبع العلم ، ومستقرّ الحلم ، وقد جنيت ثمار النصر من علمه ، والتقطت جواهر الكلم من قلمه ، ومدحه جبرئيل عليه السلام من قرنه إلى قدمه ، وتحرّم أهل الحرمين بحرمه .
أفصح العالمين بعد نبي اللّه كلاما ، والدّهم في كلّ مقام خصاما ، وأكرمهم للضيف إكراما ، وأقدم القرابة والصحابة إسلاما .
ومن أسمائه : المفلح ، والمثل ، والمقدّم ، والمؤمن ، والمتوسّم ، والميمون ،
والمبارك ، والمخاصم .
النون
أمير المؤمنين ، وإمام المسلمين ، وسيّد الوصيّين ، وفارس المسلمين ، وإمام العالمين ، ونور المطيعين ، وراية المهتدين ، وقائد الغرّ المحجّلين ،
ص: 417
وحجّة اللّه على العالمين ، وقاتل الناكثين والقاسطين ، وزوج سيّدة نساء العالمين ، ومبيد الشرك والمشركين ، وغيظ المنافقين ، وصالح المؤمنين .
وأوّل السابقين ، وأفضل المجاهدين ، وخير الوصيّين ، وأحسن المجتهدين ، وزين العابدين ، ويعسوب المؤمنين والدين ، ونفس اليقين ، والحصن الحصين ، والخليفة الأمين ، والعين المعين ، والروح المكين .
ووارث علم النيّين ، وحبل اللّه المتين ، ولسانه الناطق بالحقّ المبين ، وأفضل الناس بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أجمعين .
المخبت المتين ، المتنافس المبين ، المؤتمن الأمين ، المنصور المكين ، غرّة المهاجرين ، وصفوة الهاشميين ، الأنزع البطين ، أنزع من الشرك ، بطين من العلم واليقين ، عنوان صحيفة المؤمنين .
كان - واللّه - أبا لليتيم وعون الضعيف ومعمار الدين ، وكنز المساكين .
انهزم من ظلّه جند الشياطين ، واعتضد بنصرته خاتم النبيّين ، وأنزل اللّه في شأنه « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤمِنِينَ » .
ومن أسمائه : هارون ، والزيتون ، واليمين ، واليقين .
ما سجد للوثن ، وما حكم بالظنّ ، وزاده اللّه بسطة في العلم والجسم ، فللّه درّ أبو الحسن عليه السلام .
أجلّ الثقلين ، السابق بالشهادتين ، المتجمّل بالبسطين ، ومن ردّت له الشمس مرّتين ، من جرّد السيف كرّتين في حياة النبي صلى الله عليه و آله وبعده في الحالين .
ص: 418
في علمه وعمله ذو الشرفين ، وفي سيفه وجهاده ذو الفضلين ، وفي صهره وصهرته ذو الحسبين ، وفي أبيه وأمّه ذو النسبين ، لأنّه أوّل من ولد من هاشميين ، وفي نفسه وزوجته ذو الريحانتين ، وفي ولديه ذو النورين ، والد السبطين ، وأبو الحسن والحسين عليهماالسلام .
مهاجر الهجرتين ، مبايع البيعتين ، المصلّي في القبلتين ، الحامل على فرسين ، الضارب بالسيفين ، الطاعن بالرمحين ، أسمح كلّ ذي كفّين ، وأفصح كلّ ذي شفتين ، وأبصر ذي عينين ، وأسمع ذي أذنين ، وأبطش ذي يدين ، وأقوى ذي عضدين ، وأرمى ذي ساعدين ، وأطعن ذي زندين ، وأفرس ذي فخذين ، وأقوى ذي رجلين ، وأهدى كلّ من تأمل النجدين ، وأعلم من في الحرمين ، قاضي الدين ، صاحب بدر وأحد وحنين ، راسخ القدمين بين العسكرين ، قائد أفراس العراقين ، فارس منبري الحرمين .
الذي لم يعص اللّه طرفة عين ، السابق بالإيمان ، المشهود بالإيقان ، المعروف بالإحسان ، المشهور في القرآن ، ففي القرآن له التبيان ، وفي التوراة له البرهان ، وفي الإنجيل له البيان ، وفي الصحف له الذكران .
الكليم مع الجنّ والثعبان ، والمقاتل مع الإنس والجانّ .
زهى به الحرمان ، وأذعن بالفضل له العمران ، وسلّم لنور وجهه القرآن ، ومن صلبه استهلّ الثمران ، وبأبوته يتشارك في الفضل الحسنان .
الذي أوصى إليه النبي صلى الله عليه و آله فأقرّ حيّا عينه ، وقضى منه ميّتا دينه ، ولم يفرق النبي صلى الله عليه و آله بين نفسه وبينه ، صاحب المدينة ، وموضع السكينة ، المشبّه بالسفينة .
ص: 419
مميت البدعة ، ومحيي السنّة ، القائد إلى الجنّة ، والقائم بالفرض والسنّة ، والمهيب في الإنس والجنّة ، والمصرف في الجهاد الأعنّة ، ذو البأس والمنّة ، والإحسان بلا منّة ، كاتب جواز أهل الجنّة .
الحقّ عن بيانه ، والسكينة على لسانه .
فقأ عيون الفتن ، وتحمل في ذات اللّه أنواع المحن ، أقدمهم إجابة وإيمانا ، وأقومهم قضيّة وإيقانا ، وأعظمهم حلما وعلما وبيانا .
ومن أسمائه : النفس ، والناس ، والنسب ، والنور ، والنجم ، والناصر ، والنصرة ، والنعمة والنعم .
الواو
واسطة قلادة الفتوة ، ونقطة دائرة المروّة ، وملتقى شرفي الأبوّة والنبوّة ، وحائز ميراث النبوّة .
سيف النبوّة ، وألف الفتوة ، سيف اللّه الذي لا ينبو ، ونوره الذي لا يخبو ، وذو الحلم الذي لا يصبو .
ومن ألقابه : أولو العلم ، أولو اللبّ ، أولو الأمر ، أولو الأرحام .
ومن أسمائه : الوزير ، والوسيلة ، والولد ، والوارث .
الهاء
أخو رسول اللّه صلى الله عليه و آله وابن عمّه ، والخصيص به كابن أمّه ، والذابّ عنه
ص: 420
كسيفه وسهمه ، وكشّاف كربه وغمّه ، ومساهمه في طمّه ورمّه(1) ، مسيط(2) لحمه بلحمه ودمه بدمه ، والمحيط بعلمه .
أبو الأئمة ، مقتدى الأمّة ، مزيل النعمة ، خليفته في أمّته ، وختنه على ابنته .
اللام ألف
ومن أسمائه : الأمير ، والأمين ، والإيمان ، والأمّة ، والأمانة ، والأولى ،
والأفضل ، والإحسان ، والآية ، والأذن ، والأذان .
ومن نعوته : الإسلام ، والأخ ، والإنسان ، والإيقان .
الياء
هو علي العليّ ، الوصيّ ، الوليّ ، الهاشميّ ، المكيّ ، المدنيّ ، الأبطحيّ ، الطالبيّ ، الرضيّ ، المرضيّ ، المنافيّ ، العصاميّ ، الأجوديّ ، القويّ ، الحريّ ،
اللوذعيّ ، الأربحيّ ، المولويّ ، الصفيّ ، الوفيّ ، المهديّ ، السخيّ ، الزكيّ ، التقيّ ، النقيّ .
الذي كان للمؤمنين وليّا حفيّا ، وللنبي وصيّا ، ومن آمن به صبيّا ، هارونه في البريّة ، وأمينه في الوصيّة ، وأعلم الناس في القضيّة ، وأفضلهم عند اللّه مزيّة ، وليّ اللّه ، ووصيّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
ص: 421
سديد الرأي ، كثير اللاي ، المتقيّ ، والمصدّق المهتديّ ، والمحسن المنادي ، والمصباح المهديّ ، والخير الرضيّ ، والأرض الزكيّ ، المسمّى بعلي عليه السلام .
عروة اللّه الوثقى ، وأمينه الأعلى ، ووصيّ رسوله المصطفى صلى الله عليه و آله ، الملقّب بالمرتضى عليه السلام .
ومن أسمائه : المهاجر والمؤتى ، والمجاهد والمشترى ، والوليّ المولى ، والمتوسّم والمصلّي ، والمؤثر والمزكّي ، والمستغفر والمتّقي ، والرعيّة والراعي ، والمؤذّن والداعي ، والمنفق والمناجي ، والمؤيد والملتقي .
ص: 422
ص: 423
ص: 424
قال السيد الحميري :
علي أمير المؤمنين عزّهم
إذا الناس خافوا مهلكات العواقب
علي هو الحامي المرجّى فعاله
لدى كلّ يوم باسل الشرّ غاصب
علي هو المرهوب والذائد الذي
يذود عن الإسلام كلّ مناصب
علي هو الغيث الربيع مع الحيا
إذا نزلت بالناس إحدى المصائب
علي هو العدل الموفّق والرضا
وفارج لبس المبهمات الغرائب
علي هو المأوى لكلّ مطرّد
شريد ومنحوب من الشرّ هارب
على هو المهدي والمقتدى به
إذ الناس حاروا في فنون المذاهب
علي هو القاضي الخطيب بقوله
يجئ بما يعيى به كلّ خاطب
علي هو الخصم القؤول بحجّة
يردّ بها قول العدوّ المشاغب
علي هو البدر المنير ضياؤه
يضئ سناه في ظلام الغياهب
علي أعزّ الناس جارا وحاميا
وأقتلهم للقرن يوم الكتائب
علي أعلم الناس حلما ونائلاً
وأجودهم بالمال حقّا لطالب
علي أكفّ الناس عن كلّ محرّم
وأبقاهم للّه في كلّ جانب
* * *
وقال العوني :
من شارك الطاهر في يوم العبا
في نفسه من شكّ في ذاك كفر
ص: 425
من جاد بالنفس وما ظنّ بها
في ليلة عند الفراش المشتهر
من صاحب الدار الذي انقض بها
نجم من الجوّ نهارا فانكدر
من صاحب الراية لمّا ردّها
بالأمس بالذلّ قبيع وزفر
من خصّ بالتبليغ في براءة
فتلك للعاقل من إحدى العبر
من كان في المسجد طلقا بابه
حلاّ وأبواب أناس لم تذر
من حاز في خمّ بأمر اللّه ذاك ال-
-فضل واستولى عليهم واقتدر
من فاز بالدعوة يوم الطائر
المشوي من خصّ بذاك المفتخر
من ذا الذي أسري به حتى رأى
القدرة في حندس ليل معتكر(1)
من خير خلق اللّه أعني أحمدا
لمّا دعا اللّه سرارا وجهر
من خاصف النعل ومن خبّركم
عنه رسول اللّه أنواع الخبر
سائل به يوم حنين عارفا
من صدّق الحرب ومن ولّى الدبر
كليم شمس اللّه والراجعها
من بعد ما انجاب ضياها واستتر
كليم أهل الكهف إذ كلّمهم
في ليلة المسح فشا عنها خبر
وقصّة الثعبان إذ كلّمه
وهو على المنبر والقوم زمر
والأسد العابس إذ كلّمه
معترما بالفضل منه وأقر
بأنّه مستخلف اللّه على
الأمّة والرحمن ما شاء قدر
عيبة علم اللّه والباب الذي
يوفى رسول اللّه منه المشتهر
لم يلج في شئ إلى القوم وكلّ
القوم محتاج إليه إن حضر
ص: 426
طبّ حكيم ما احتبى في جمعهم
إلاّ أبان الفضل فيهم والخطر
صديقنا الأكبر والفاروق بي-
ن الحقّ والباطل بالسيف الذكر
* * *
وقال ابن الصباح :
قال فبعد المصطفى الأمر لمن
كان فقلت الأمر للطهر العلم
قال فمن خير الورى من بعده
قلت علي خيرهم أب وأم
قال فمن أقربهم لأحمد
قلت شقيق الروح أولى والرحم
قال فصحب المصطفى قلت فهل
يبلغ للمختار صهرا وابن عم
قال فمن أدينهم قلت الذي
لم يتّخذ من دون ذي العرش صنم
قال فمن أكرمهم قلت الذي
صدّق بالخاتم في يوم العدم
قال فمن أفتكهم قلت الذي
تعرفه الحرب إذا فيها هجم
قال فمن أقدمهم قلت الذي
كان له المختار آخى يوم خم
قال فمن أعلمهم قلت الذي
كان له العلم ومذ كان علم
قال وأحد قلت ما زال بها
مثابتا حتى له الجمع انهزم
قال فسل عمرو بن ودّ ماله
قلت سقى عمروا بكأس لم يرم
قال وفي خيبر من نازل
قلت له من لم يكن منه سلم
قال فباب الحصن من دكدكه
قلت الذي أومى إليه فانهدم
قال فبالبصرة ماذا نالها
قلت ملا الغدران بالبصرة دم
قال بصفين أبن لي أمرها
قلت علا بالسيف أولاد التهم
قال ومن خاطب ثعبانا ومن
كلّمه الذئب إذ الذئب ظلم
ص: 427
قال فمن ردّت له الشمس الضحى
وخاطبته بلسان منعجم
قال فعند الحوض من يسقى الورى
قلت علي فهو يسقى من قدم
قال فمن هذا فدتك مهجتي
قلت له ذاك الإمام المحترم
قال فما في عبد شمس مثله
قلت ولا في الخلق شبه يا بن عم
* * *
وقال الصاحب :
قالت فمن بعده تصفى الولاء له
قلت الوصيّ الذي أربى على رجل
قالت فهل أحد في الفضل يقدمه
فقلت هل هضبة توفى على جبل
قالت فمن أوّل الأقوام صدّقه
فقلت من لم يصر يوما إلى هبل
قالت فمن بات من فوق الفراش فدى
فقلت أثبت خلق اللّه في الوهل(1)
قالت فمن ذا الذي آخاه عن مقة(2)فقلت من حاز ردّ الشمس في الطفل(3)
قالت فمن زوّج الزهراء فاطمةفقلت أفضل من حاف ومنتعل
ص: 428
قالت فمن والد السبطين إذ فزعا
فقلت سابق أهل السبق في مهل
قالت فمن فاز في بدر بمعجزها
فقلت أضرب خلق اللّه في القلل
قالت فمن ساد يوم الروع في أحد
فقلت من نالهم بأسا ولم يهل
قالت فمن أسد الأحزاب يفرسها
فقلت قاتل عمرو الضيغم البطل
قالت فخيبر من ذا هدّ معقلها
فقلت سائق أهل الكفر في غفل
قالت فيوم حنين من قرا وبرا
فقلت حاصد أهل الشرك في عجل
قالت براءة من أدّى قوارعها
فقلت من صين عن ختل وعن دغل
قالت فمن صاحب الرايات يحملها
فقلت من حيط عن عمش وعن نعل
قالت فمن ذا دعي للطير يأكله
فقلت أقرب مرضي ومنتحل
قالت فمن تلوه يوم الكساء أجب
فقلت أفضل مكسّو ومشتمل
ص: 429
قالت فمن سادني يوم الغدير أبن
فقلت من كان للإسلام خير ولي
قالت ففي من أتى في هل أتى شرف
فقلت أبذل أهل الأرض للنفل
قالت فمن راكع زكّى بخاتمه
فقلت أطعنهم مذ كان بالأسل
قالت فمن ذا قسيم النار يسهمها
فقلت من رأيه أزكى من الشعل
قالت فمن باهل الطهر النبي به
فقلت تاليه في حلّ ومرتحل
قالت فمن شبه هارون لنعرفه
فقلت من لم يحل يوما ولم يزل
قالت فمن ذا غدا باب المدينة قل
فقلت من سألوه وهو لم يسل
قالت فمن قاتل الأقوام إذ نكثوا
فقلت تفسيره في وقعة الجمل
قال فمن حارب الأرجاس إذ قسطوا
فقلت صفين تبدي صفحة العمل
قالت فمن قارع الأنجاس إذ مرقوا
فقلت معناه يوم النهروان جلي
ص: 430
قالت فمن صاحب الحوض الشريف غدا
فقلت من بيته في أشرف الحلل
قالت فمن ذا لواء الحمد يحمله
فقلت من لم يكن في الروع بالوجل
قالت أكلّ الذي قد قلت في رجل
فقلت كلّ الذي قد قلت في رجل
قالت فمن هو هذا الفرد سمّ لنا
فقلت ذاك أمير المؤمنين علي
* * *
وقال آخر :
علي الوصي علي التقي
علي الزكي الرضى الأورع
علي السفين علي الأمين
علي البطين الفتى الأنزع
علي القسيم علي الكليم
علي العليم الهدى الأبرع
علي الوزير علي السفير
علي الأمير لمن يخشع
علي الفلاح علي النجاح
علي الصباح إذ يلمع
علي الجمال علي الكمال
علي الهلال إذا يطلع
* * *
ص: 431
ص: 432
ص: 433
ص: 434
ص: 435
ص: 436
تفسير السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى : « أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ » قال : أنزل اللّه آدم عليه السلام من الجنّة معه ذو الفقار خلق من ورق آس الجنّة .
ثم قال : « فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ » ، وكان به يحارب آدم عليه السلام أعداءه من الجنّ والشياطين ، وكان عليه مكتوبا : « لا يزال أنبيائي يحاربون به نبيّ بعد نبيّ ، وصدّيق بعد صدّيق ، حتى يرثه أمير المؤمنين ، فيحارب به عن النبيّ الأمّي صلى الله عليه و آله » .
« وَمَنافِعُ لِلنّاسِ » لمحمد وعلي عليهماالسلام « إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ » منيع من النقمة بالكفّار بعلي بن أبي طالب عليهماالسلام .
وقد روى كافّة أصحابنا : أنّ المراد بهذه الآية « ذو الفقار » أنزل به من السماء على النبي صلى الله عليه و آله فأعطاه عليا عليه السلام .
وسئل الرضا عليه السلام : من أين هو ؟ فقال : هبط به جبرئيل عليه السلام من السماء ، وكان حليه من فضّة ، وهو عندي(1) .
ص: 437
وقيل : أمر جبرئيل عليه السلام أن يتّخذ من صنم حديد في اليمن ، فذهب علي عليه السلام وكسره ، واتّخذ منه سيفين : « مخدم » و« ذا الفقار » ، وطبعهما عمير الصيقل(1) .
وقيل : صار إليه يوم بدر ، أخذه من العاص بن منبه السهمي وقد قتله(2) .
وقيل : كان من هدايا بلقيس إلى سليمان(3) عليه السلام .
وقيل : أخذه من منبه بن الحجاج السهمي في غزاه بني المصطلق بعد أن قتله(4) .
وقيل : كان سعف نخل نفث فيه النبي صلى الله عليه و آله فصار سيفا .
ص: 438
وقيل : صار إلى النبي صلى الله عليه و آله يوم بدر فأعطاه عليا عليه السلام ، ثم كان مع الحسن عليه السلام ثم مع الحسين عليه السلام إلى أن بلغ المهدى عليه السلام .
سئل الصادق عليه السلام : لم سمّي ذا الفقار ؟ فقال : إنّما سمّي « ذو الفقار » ، لأنّه ما ضرب به أمير المؤمنين عليه السلام أحدا إلاّ افتقر في الدنيا من الحياة ، وفي الآخرة من الجنّة(1) .
علان الكليني رفعه إلى أبي عبد اللّه عليه السلام قال : إنّما سمّي سيف أمير المؤمنين عليه السلام « ذو الفقار » ، لأنّه كان في وسطه خطّة في طوله مشبهة بفقار الظهر(2) .
وزعم الأصمعي : أنّه كان فيه ثماني عشرة فقرة .
تاريخ أبي يعقوب : كان طوله سبعة أشبار ، وعرضه شبر ، وفي وسطه كالفقار(3) .
قال ابن حماد :
فأنزل اللّه ذا الفقار له
مع جبرئيل الأمين منتجبا
ص: 439
وقيل إنّ النبي ناوله
جريدة رطبة لها اجتلبا
فانقلبت ذا الفقار في يده
كرامة من إلهه وحبا
سيف يكون الإله طابعه
فكيف ينبو أو أن لن يقال نبا
* * *
وقال نضر بن المنتصر :
من هزّ في يوم الوغى جريدة
فكان منها ذو الفقار المنتضى
* * *
وقال الزاهي :
من هزم الجيش يوم خيبره
وهزّ باب القموص واقتلعه
من هزّ سيف الإله بينكم
سيف من النور ذوالعلى طبعه
* * *
وقال ابن الحجاج :
أبيض لكنّه فرندا
أخضر والموت فيه أحمر
كأنّه ذو الفقار يمشي
به أمام الأنام قنبر
* * *
أبو عبد اللّه عليه السلام : نظر النبي صلى الله عليه و آله إلى جبرئيل عليه السلام بين السماء والأرض على كرسيّ من ذهب ، وهو يقول : لا سيف إلاّ ذو الفقار ، ولا فتى إلاّ علي(1) .
ص: 440
القاضي أبو بكر الجعاني بإسناده عن الصادق عليه السلام : نادى ملك من السماء يوم أحد يقال له « رضوان » : لا سيف إلاّ ذو الفقار ، ولا فتى إلاّ علي(1) .
ومثله في إرشاد المفيد ، وأمالي الطوسي عن عكرمة وأبي رافع ، وقد رواه السمعاني في فضائل الصحابة ، وابن بطّة في الإبانة إلاّ أنّهما قالا : يوم بدر(2) .
قال أحمد بن علوية :
لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى
إلاّ أبو حسن فتى الفتيان
قال النبي أما علمت بأنّه
منّي ومنه أنا وقد أبلاني
جبريل قال له وإنّي منكما
فمضى بفضل خلاصة الخلان
* * *
وقال أبو مقاتل بن الداعي العلوي :
ومن مشى جبريل مع ميكاله
عن جانبيه في الحروب إذ مشى
ومن ينادي جبرئيل معلنا
والحرب قد قامت على ساق الردى
ص: 441
لا سيف إلاّ ذو الفقار فاعلموا
ولا فتى إلاّ علي في الورى
* * *
وقال الزاهي :
لا فتى في الحروب غير علي
لا ولا صارم سوى ذي الفقار
* * *
وقال العوني :
من صاح جبريل بالصوت العلي به
دون الخلائق عند الجحفل اللجب(1)
فخرا ولا سيف إلاّ ذو الفقار ولاغير الوصيّ فتى في هفوة الكرب
* * *
وقال منصور الفقيه :
من قال جبرئيل والأرماح شارعة
والبيض لامعة والحرب تشتعل
لا سيف يذكر إلاّ ذو الفقار ولا
غير الوصيّ إمام أيّها الملل
* * *
وقال آخر :
جبريل نادى في الوغى
والنقع ليس بمنجل
ص: 442
والمسلمون بأسرهم
حول النبيّ المرسل
والخيل تعثر بالجما
جم والوشيح الذبل
هذا النداء لمن له
الزهراء ربّة منزل
لا سيف إلاّ ذو الفقار
ولا فتى إلاّ علي
* * *
وقال غيره :
لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى
إلاّ علي للطغاة طعون(1)
ذاك الوصيّ فما له من مشبهفضلاً ولا في العالمين قرين
ذاك الوصيّ وصيّ أحمد في الورىعفّ الضمائر للإله أمين
* * *
وقال آخر :
من كان يمدح ذا ندى لنواله
فالمدح منّي للنبي وآله
لا سيف إلاّ ذو الفقار ولا فتى
إلاّ علي في أوان قتاله
نادى النبي له بأعلى صوته
يا ربّ من والى عليا واله
* * *
ص: 443
رآه قيس بن سعيد الهمداني في الحرب وعليه ثوبان ، فقال : يا أمير المؤمنين ، في مثل هذا الموضع !!
فقال : نعم يا قيس ، إنّه ليس من عبد إلاّ وله من اللّه حافظ وواقيه ، ملكان يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل ، أو يقع في بئر ، فإذا نزل القضاء خلّيا بينه وبين كلّ شيء(1) .
وكان مكتوبا على درعه عليه السلام :
أيّ يومي من الموت أفر
يوم لا يقدر أم يوم قدر
يوم لا يقدر لا أخشى الوغى
يوم قد قدّر لا يغني الحذر(2)
* * *
وروي أنّ درعه عليه السلام كانت لا قبّ لها ، أي لا ظهر(3) ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن ولّيت فلا واليت ، أي نجوت .
قال السوسي :
وكان له مثل الدراهم سائل
على ظهره في الدرع كالسطر إذ سطر
ص: 445
فأبصره من لا اسمّيه قلّة
وعمّا قليل يظهر اللّه ما استتر
وقال ألا اجعل خلف ظهرك مثل ما
يوقيك في الهيجاء من مكر من مكر
فقال يوقي ظهره من بنفسه
إذ ما رأى القرن المبارز أن يفر
فأمّا أنا واللّه يعلم أنّني
لو الموت لاقاني على غفلة ذعر
وقولا لقرني أنت في حرج متى
عفوت إذا ولاّك حيدرة الدبر
* * *
قال المرتضى :
يشهد الحرب حاسرا ثم يأتي
وعليه من النجيع دروع
* * *
وقال مسلم :
عليه درع تلين المرهفات له
من الشجاعة لا من نسج داود
* * *
ص: 446
بغلة بيضاء يقال لها « دلدل(1) » ، أعطاه رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وإنّما سمّيت « دلدل » ، لأنّ النبي صلى الله عليه و آله لمّا انهزم المسلمون يوم حنين قال : دلدل ، فوضعت بطنها على الأرض ، فأخذ النبي صلى الله عليه و آله حفنة من تراب فرمى بها في وجوههم(2) ، ثم أعطاها عليا عليه السلام ، وذلك دون الفرس .
وقيل له عليه السلام : ألا تركب الخيل وطلاّبك كثير ، فقال : الخيل للطلب والهرب ، ولست أطلب مدبرا ، ولا أنصرف عن مقبل .
وفي رواية : لا أكرّ على من فرّ ، ولا أفرّ ممّن كرّ(3) ، والبغلة تجزيني ، أي تكفيني .
ص: 447
ص: 448
ص: 449
ص: 450
محمد الكسائي في المبتدأ : إنّ أوّل حرب كانت بين بني آدم ما كان بين شيث وقابيل ، وذلك أنّ اللّه - تعالى - أهدى إليه حلّة بيضاء ، ورفعت الملائكة له راية بيضاء ، فسلسلت الملائكة لقابيل ، وحملوه إلى عين الشمس ومات فيها ، وصارت ذريّته عبيدا لشيث .
وفي الخبر : أنّ أوّل من اتّخذ الرايات إبراهيم الخليل(1) عليه السلام .
ابن أبي البختري ، وسائر أهل السير : أنّه كانت راية قريش ولواؤها جميعا بيدي قصيّ بن كلاب ، ثم لم تزل الراية في يدي عبد المطلب عليه السلام .
فلمّا بعث النبي صلى الله عليه و آله أقرّها في بني هاشم ، ودفعها إلى علي عليه السلام في أوّل غزاة حملت فيها ، وهي « ودان » فلم تزل معه ، وكان اللواء - يومئذٍ - في عبد الدار ، فأعطاه النبي صلى الله عليه و آله مصعب بن عمير ، فاستشهد يوم أحد ، وأخذها النبي صلى الله عليه و آله ودفعها إلى علي عليه السلام ، فجمع - يومئذٍ - له الراية واللواء ، وهما أبيضان(2) .
وذكره الطبري في تاريخه ، والقشيري في تفسيره .
ص: 451
تنبيه المذكّرين : زيد بن علي عن آبائه عليه السلام : كسرت زند علي عليه السلام يوم أحد وفي يده لواء رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فسقط اللواء من يده ، فتحاماه المسلمون أن يأخذوه ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : فضعوه في يده الشمال ، فإنّه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة(1) .
وفي رواية غيره : فرفعه المقداد وأعطاه عليا عليه السلام ، وقال صلى الله عليه و آله : أنت صاحب رايتي في الدنيا والآخرة(2) .
المواعظ والزواجر عن العسكري : أنّ مالك ابن دينار سأل سعيد بن جبير : من كان صاحب لواء النبي صلى الله عليه و آله ؟
قال : علي بن أبي طالب عليهماالسلام .
عبد اللّه بن حنبل : أنّه لمّا سأل مالك بن دينار سعيد بن جبير عن ذلك قال : فنظر إليّ ، فقال : كأنّك رخيّ البال ، فغضبت وشكوت إلى القراء ، فقالوا : إنّك سألته وهو خائف من الحجّاج ، وقد لاذ بالبيت ، فاسأله الآن .
فسألته ، فقال : كان حاملها علي عليه السلام ، كان حاملها علي عليه السلام ، كذا سمعته من عبد اللّه بن عباس(3) .
ص: 452
قال الحميري :
وحامل راية الإيمان يلقى
بها الأعداء ضرغاما كميّا
* * *
تاريخ الطبري ، والبلاذري ، وصحيحي ! مسلم والبخاري : أنّه لمّا أراد النبي صلى الله عليه و آله أن يخرج إلى بدر اختار كلّ قوم راية ، فاختار حمزة حمراء ، وبنو أميّة خضراء ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام صفراء ، وكانت راية النبي بيضاء ، فأعطاها عليا عليه السلام يوم خيبر لمّا قال : لأعطين الراية غدا رجلاً(1) . . الخبر .
وكان النبي صلى الله عليه و آله عقد لحمزة ولعبيدة بن الحارث ولسعيد بن أبي وقاص ألوية بيضاء(2) .
وحدّثني ابن كادش في تكذيب العصابة العلوية في ادعائهم الإمامة النبوية : أنّ النبي صلى الله عليه و آله رأى العباس في ثوبين أبيضين قال : إنّه لأبيض الثوبين ، وهذا جبرئيل عليه السلام يخبرني أنّ ولده يلبسون السواد(3) .
ص: 453
عبد اللّه بن أحمد بن حنبل في كتاب صفين : أنّه نشر عمرو بن العاص في يوم صفين راية سوداء . . الخبر .
وفي أخبار دمشق عن أبي الحسين محمد بن عبد اللّه الرازي : قال ثوبان :
قال النبي صلى الله عليه و آله : يكون لبني العباس رايتان مركزهما كفر وأعلاهما ضلالة ، إن أدركتها - يا ثوبان - فلا تستظلّ بظلّها(1) .
أبي بن كعب : أوّل الرايات السود نصر(2) ، وأوسطها غدر(3) ، وآخرها كفر(4) ، فمن أعانهم كان كمن أعان فرعون على موسى عليه السلام .
تاريخ بغداد : قال أبو هريرة : قال النبي صلى الله عليه و آله : إذا أقبلت الرايات السود من قبل المشرق ، فإنّ أوّلها فتنة ، وأوسطها هرج ، وآخرها ضلالة(5) .
أخبار دمشق : عن النبي صلى الله عليه و آله - أبو أمامة - في خبر : أوّلها منشور(6) ، وآخرها مثبور(7) .
تاريخ الطبري : إنّ إبراهيم الإمام أنفذ إلى أبي مسلم لواء النصرة ، وظلّ السحاب، وكان أبيض طوله أربعة عشر ذراعا، مكتوب عليها بالحبر:
ص: 454
« أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ » ، فأمر أبو مسلم غلامه أرقم أن يتحوّل بكلّ لون من الثياب .
فلمّا لبس السواد قال : معه هيبة ، فاختاره خلافا لبني أميّة وهيبة للناظر .
وكانوا يقولون : هذا السواد حداد آل محمد صلى الله عليه و آله ، وشهداء كربلا عليهم السلام ، وزيد ويحيى(1) عليهماالسلام .
قال أبو العلاء السروي :
ضدّان جالا على خديك فاتفقا
من بعد ما افترقا في الدهر واختلفا
هذا بأعلام بيض اغتدى فبدا
وذا بأعلام سود انطوى فعفا
أعجب بما حكيا في كتب أمرهما
عن الشعارين في الدنيا وما وصفا
هذا ملوك بني العباس قد شرعوا
لبس السواد وأبقوه لهم شرفا
وذا كهول بني السبطين رايتهم
بيضاء تخفق إمّا حادث أزفا
كم ظلّ بين شباب لا بقاء له
وبين شيب عليه بالنهى عطفا
ص: 455
هل المشيب إلى جنب الشباب سوى
صبح هنالك عن وجه الدجى كشفا
وهل يؤدّي شباب قد تعقبه
شيب سوى كدر أعقبت منه صفا
لو لم يكن لبني الزهراء فاطمة
من شاهد غير هذا في الورى لكفى
فراية لبني العباس عابسة
سوداء تشهد فيه التيه والسرفا
وراية لبني الزهراء زاهرة
بيضاء يعرف فيه الحقّ من عرفا
شهادة كشفت عن وجه أمرهما
فبح بها وانتصف إن كنت منتصفا
* * *
وقال آخر :
رايته راية النبي وقد
سار بها صهره إلى خيبر
فلو رآها الوصيّ سلّمها
إلى شبير في الحرب أو شبّر
ولم يكن سيّدي يسلّمها
من عزّة عنده إلى قنبر
ولا إلى مالك ليحملها
وإنّه كان يكرم الأشتر
* * *
ص: 456
وكان مكتوبا على علم(1) أمير المؤمنين عليه السلام :
الحرب إن باشرتها(2)
فلا يكن منك الفشل
واصبر على أهوالهالا موت إلاّ بالأجل(3)(4)
* * *
وعلى رايته :
هذا علي والهدى يقوده
من خير فتيان قريش عوده(5)
* * *
ص: 457
سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه و آله قال : يا علي ، تختّم بالعقيق تكن من المقرّبين .
قال : يا رسول اللّه ، وما المقرّبون ؟ قال : جبرئيل وميكائيل عليهماالسلام .
قال : فبم أتختّم ؟ قال : بالعقيق الأحمر(1) .
ابن عباس وصعصعة وعائشة : أنّه هبط جبرئيل عليه السلام على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : يا محمد ، ربّي يقرؤك السلام ويقول لك : البس خاتمك بيمينك ، واجعل فصّه عقيقا ، وقل لابن عمّك يلبس خاتمه بيمينه ، ويجعل فصّه عقيقا .
فقال علي عليه السلام : يا رسول اللّه ، وما العقيق ؟ قال : العقيق جبل في اليمن(2) ، والخبر مذكور في فضل الميثاق .
زياد القندي عن موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام : قال النبي صلى الله عليه و آله : لمّا كلّم اللّه موسى بن عمران عليه السلام على جبل طور سيناء اطلع على الأرض اطلاعة ، فخلق من نور وجهه العقيق ، وقال : أقسمت على نفسي أن لا أعذّب
ص: 458
كفّ لابسك - إذا توالى عليا عليه السلام - بالنار(1) .
ابن عباس والسدي : كان لأمير المؤمنين عليه السلام أربعة خواتيم : ياقوت لنبله ، فيروزج لنصره ، حديد صيني لقوّته ، وعقيق لحرزه(2) .
صحيح ! البخاري ، وشمائل الترمذي عن عبد اللّه بن جعفر ، وجامع البيهقي عن جابر وعن أنس ، وتختم عبد الرحمن السلمي عن ابن المسيب عن زين العابدين عن أبيه عليه السلام ، وتختّم محمد بن يحيى المحتسب عن هاشم بن عروة عن أبيه عن عائشة ، وعن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة، وعن نافع عن ابن عمر ، وعن أنس، وعن جابر، كلّهم عن النبي صلى الله عليه و آله:
إنّه كان صلى الله عليه و آله يتختم في يمينه(3) .
ص: 459
وزاد بعضهم في الرواية : وقبض والخاتم في يمينه .
وقال أبو أمامة : كان النبي صلى الله عليه و آله يجعل خاتمة في يمينه(1) .
عكرمة ، والضحاك عن ابن عباس : أنّه كان النبي صلى الله عليه و آله يتختّم في اليد اليمنى .
شمائل الترمذي ، وسنن السجستاني ، وتختم المحتسب : أنّه كان علي عليه السلام يتختّم في يمينه .
جامع البيهقي : كان ابن عباس وعبد اللّه بن جعفر يتختمان في يمينهما(2) .
الراغب في محاضراته : كان النبي صلى الله عليه و آله وأصحابه يتختّمون في أيمانهم ، وأوّل من تختّم في يساره معاوية(3) .
نتف أبي عبد اللّه السلامي : أنّ النبي صلى الله عليه و آله كان يتختّم في يمينه ، والخلفاء ! الأربعة بعده ، فنقلها معاوية إلى اليسار ، وأخذ الناس بذلك ، فبقي كذلك أيام المروانية ، فنقلها السفاح إلى اليمين ، فبقي إلى أيام الرشيد ، فنقلها إلى اليسار ، وأخذ الناس بذلك(4) .
ص: 460
واشتهر أنّ عمرو بن العاص عند التحكيم سلّها من يده اليمنى وقال : خلعت الخلافة من علي كخلعي خاتمي هذا من يميني ، وجعلتها في معاوية كما جعلت هذا في يساري(1) .
نقوش الخواتيم عن الجاحظ : أنّه كان آدم وإدريس وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق وإلياس ويعقوب وداود وسليمان ويوسف ودانيال ويوشع وذو القرنين ويونس ولوط وهود وشعيب وزكريا ويحيى وصالح وعزيز وأيوب ولقمان وعيسى عليهم السلام ومحمد صلى الله عليه و آله يتختّمون في أيمانهم .
الصقعب بن زهير : أنّه سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن التختّم في اليمين ؟ فقال : لمّا أنزل اللّه على نبيه : « فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا » الآية ، قال جبرئيل عليه السلام : يا رسول اللّه ، ما من نبي إلاّ وأنا بشيره ونذيره ، فما افتخرت بأحد من الأنبياء إلاّ بكم أهل البيت .
فقال النبي صلى الله عليه و آله : يا جبرئيل ، أنت منّا ؟ فقال جبرئيل عليه السلام : أنا منكم ؟! فقال رسول اللّه صلى الله عليه و آله : أنت منّا يا جبرئيل ، فقال : يا رسول اللّه ، بيّن لي ليكون لي فرج لأمّتك .
فأخذ النبي صلى الله عليه و آله خاتمه بشماله ، فقال : أنا رسول اللّه أوّلكم ، وثانيكم علي ، وثالثكم فاطمة ، ورابعكم الحسن ، وخامسكم الحسين ، وسادسكم جبرئيل ، وجعل خاتمة في إصبعه اليمنى ، فقال : أنت سادسنا يا جبرئيل .
ص: 461
فقال جبرئيل عليه السلام : يا رسول اللّه ، ما من أحد تختّم بيمينه وأراد بذلك سنّتك ، ورأيته يوم القيامة متحيّرا إلاّ أخذت بيده وأوصلته إليك وإلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام .
محمد بن أبي عمير(1) : قلت لموسى بن جعفر عليهماالسلام : تختّم أمير المؤمنين عليه السلام باليمين ؟ فقال : إنّما يتختّم بيمينه ، لأنّه إمام أصحاب اليمين بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقد مدح اللّه أصحاب اليمين وذمّ أصحاب الشمال(2) .
قال جابر الأنصاري :
إنّ التختّم باليمين جلالة
لذوي العقول وفعل كلّ أديب
لا للنواصب بل لشيعة أحمد
النصب كفر عند كلّ لبيب
يا ذا الذي قاس الوصيّ بغيره
ثكلتك أمّك كنت غير مصيب
* * *
وقال مطرف العبدي :
قالوا تختّم باليمين وإنّما
مارست ذاك تشبّها بالصادق
وتقرّبا منّي لآل محمد
وتباعدا منّي لكلّ منافق
الماسحين فروجهم بخواتم
اسم النبي بها واسم الخالق
* * *
وقال آخر :
قد تختمت في يدي جميعا
في يميني وآخر في شمالي
في يميني عقد الولا لعلي
وشمالي ردّا على الأنذال
ص: 462
ص: 463
ص: 464
أبوه أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم عليهم السلام .
وأمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم عليهاالسلام .
وإخوته : طالب وعقيل وجعفر عليهم السلام ، وعلي عليه السلام أصغرهم ، وكلّ واحد منهم أكبر من أخيه بعشر سنين بهذا الترتيب(1) ، وأسلموا كلّهم ، وأعقبوا إلاّ طالب ، فإنّه أسلم ولم يعقب(2) .
أخته : أمّ هاني - واسمها فاختة - وجمانة(3) .
وخاله : حنين بن أسد بن هاشم(4) .
وخالته : خالدة بنت أسد(5) .
وربيبه : محمد بن أبي بكر(6) .
وابن أخته : جعدة بن هبيرة(7) .
ص: 465
قال الشيخ المفيد في الإرشاد : أولاده خمسة وعشرون(1) ، وربما يزيدون على ذلك إلى خمسة وثلاثين .
ذكره النسابة العمرى في الشافي(2) وصاحب الأنوار : البنون خمسة عشر ، والبنات ثماني عشرة(3) .
فولد من فاطمة عليه السلام :
الحسن والحسين والمحسن سقط(4) ، وزينب الكبرى ، وأم كلثوم الكبرى
تزوّجها عمر(5) !!!
وذكر أبو محمد النوبختي في كتاب الإمامة أنّ أمّ كلثوم كانت صغيرة ومات عمر قبل أن يدخل بها(6) ، وأنّه خلّف على أمّ كلثوم بعد عمر
ص: 466
عون بن جعفر ، ثم محمد بن جعفر ، ثم عبد اللّه بن جعفر(1)(2) !!
ومن خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية : محمدا(3) .
ومن أمّ البنين ابنة حزام بن الخالد الكلابية : عبد اللّه ، وجعفر الأكبر ، والعباس ، وعثمان(4) .
ومن أمّ حبيب بنت ربيعة التغلبية : عمر ، ورقيّة ، تؤمان في بطن(5) .
ومن أسماء بنت عميس الخثعمية : يحيى ، ومحمد الأصغر .
وقيل : بل ولدت له عونا ومحمد الأصغر من أمّ ولد(6) .
ومن أمّ سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفية : نفيسة ، وزينب الصغرى ، ورقيّة الصغرى(7) .
ص: 467
ومن أمّ شعيب المخزومية : أمّ الحسن ، ورملة .
ومن الهملاء بنت مسروق النهشلية : أبو بكر ، وعبد اللّه (1) .
ومن أمامة بنت أبي العاص بن الربيع ، وأمّها زينب بنت رسول اللّه صلى الله عليه و آله : محمد الأوسط(2) .
ومن محياة بنت امرئ القيس الكلبية : جارية هلكت وهي صغيرة(3) .
وكان له : خديجة ، وأمّ هاني ، وتميمة ، وميمونة ، وفاطمة ، لأمّهات أولاد(4) .
وتوفي قبله عليه السلام :
يحيى ، وأم كلثوم الصغرى ، وزينب الصغرى أم الكرام ، وجمانة ، وكنيتها أمّ جعفر ، وأمامة ، وأمّ سلمة ، ورملة الصغرى .
وزوج عليه السلام ثماني بنات :
زينب الكبرى عليهاالسلام من عبد اللّه بن جعفر .
وميمونة من عقيل بن عبد اللّه بن عقيل .
وأمّ كلثوم الصغرى من كثير بن عباس بن عبد المطلب .
ورملة من أبي الهياج عبد اللّه بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب .
ورملة من الصلت بن عبد اللّه بن نوفل بن الحارث .
وفاطمة من محمد بن عقيل(5) .
ص: 468
وفي الأحكام الشرعية عن الخزاز القمّي : أنّه نظر النبي صلى الله عليه و آله إلى أولاد علي وجعفر عليهماالسلام ، فقال : بناتنا لبنينا ، وبنونا لبناتنا(1) .
وأعقب له عليه السلام من خمسة :
الحسن والحسين عليهماالسلام ، ومحمد بن الحنفية ، والعباس الأكبر عليه السلام ، وعمر(2) .
وتوفي عن أربعة :
أمامة ، وأمّها زينب بنت النبي صلى الله عليه و آله .
وأسماء بنت عميس .
وليلى التميمية .
وأمّ البنين الكلابية .
ولم يتزوجّن بعده .
وخطب المغيرة بن نوفل أمامة ، ثم أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحارث ، فروت عن علي عليه السلام : أنّه لا يجوز لأزواج النبي والوصي عليهماالسلام أن يتزوّجن بغيره بعده ، فلم يتزوّج امرأة ولا أمّ ولد بهذه الرواية .
وتوفي عن ثماني عشرة أمّ ولد ، فقال عليه السلام : جميع أمّهات أولادي الآن محسوبات على أولادهن بما ابتعتهن به من أثمانهن ، فقال : ومن كان من إمائه غير ذوات أولاد فهنّ حرائر من ثلثه .
وكتابه :
عبيد اللّه بن أبي رافع .
ص: 470
وسعيد بن نمران الهمداني .
وعبد اللّه بن جعفر .
وعبيد اللّه بن عبد اللّه بن مسعود .
وابن النباح(1) .
وهمدان الذي قتله الحجّاج(2) .
وخدّامه :
أبو نيرز من أبناء ملوك العجم ، رغب في الإسلام وهو صغير ، فأتى رسول اللّه صلى الله عليه و آله فأسلم ، وكان معه ، فلمّا توفي صلى الله عليه و آله صار مع فاطمة عليهاالسلام وولديها(3) .
وكان عبد اللّه بن مسعود في سبي فزارة ، فوهبه النبي صلى الله عليه و آله لفاطمة عليهاالسلام ، فكان بعد ذلك مع معاوية(4) .
ص: 472
وكان له ألف نسمة ، منهم :
قنبر وميثم ، قتلهما الحجّاج(1) .
وسعد ونصر ، قتلا مع الحسين عليه السلام .
وأحمر ، قتل في صفين .
ومنهم : غزوان ، وثبيت ، وميمون .
وخادمته :
فضّة ، وزبراء(2) ، وسلافة .
وكان له بغلة يقال لها « الشهباء » ، و« دلدل » أهداها إليه النبي صلى الله عليه و آله .
قال كشاجم :
ووالدهم سيّد الأوصياء
معطي الفقير ومردي البطل
ومن علم السمر طعن الكلى
لدى الروع والبيض ضرب القلل
ولو زالت الأرض يوم الهياج
لمن تحت أخمصه لم يزل
ص: 473
ومن صدّ عن وجه دنياهم
وقد لبست حليها والحلل
وكانوا إذا ما أضافوا إليه
بأرفعهم رتبة في المثل
سماء أضفت إليه الحضيض
وبحر قرنت إليه الوشل(1)
* * *
ص: 474
ص: 475
ص: 476
ابن إسحاق ، وابن شهاب : أنّه كتب حلية أمير المؤمنين عليه السلام عن ثبيت الخادم على عمره ، فأخذها عمرو بن العاص فزمّ(1) بأنفه فقطعها ، وكتب : إنّ أبا تراب كان شديد الأدمة ، عظيم البطن ، حمش الساقين ، ونحو ذلك ، فلذلك وقع الخلاف في حليته .
من خلفه كأنّه إكليل(1) .
وكأنّ عنقه إبريق فضّة ، وهو أرقب(2) ، ضخم البطن ، أقرى الظهر(3) ، عريض الصدر ، محض المتن ، شثن(4) الكفين ، ضخم الكسور(5) ، لا يبين عضده من ساعده تدامجت إدماجا ، عبل الذراعين ، عريض المنكبين ، عظيم المشاشين(6) كمشاش السبع الضاري ، له لحية قد زانت صدره ، غليظ العضلات ، حمش(7) الساقين(8) .
قال المغيرة : كان علي عليه السلام على هيئة الأسد ، غليظا منه ما استغلظ ، دقيقا منه ما استدقّ(9) .
ولد عليه السلام في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من رجب بعد عام الفيل
ص: 478
بثلاثين سنة(1) .
وروى ابن همام : بعد تسعة وعشرين سنة .
وقبض قتيلاً في مسجد الكوفة وقت التنوير ليلة الجمعة لتسعة عشر مضين من شهر رمضان ، على يدي عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، وقد عاونه وردان بن مجالد من تيم الرباب ، وشبيب بن بجرة ، والأشعث بن قيس ، وقطام بنت الأخضر .
فضربه سيفا على رأسه مسموما ، فبقي يوما إلى نحو ثلث من الليل(2) .
وله - يومئذٍ - خمس وستّون سنة(3) في قول الصادق عليه السلام .
وقالت العامّة : ثلاث وستّون سنة(4) .
عاش مع النبي صلى الله عليه و آله بمكة ثلاث عشرة سنة ، وبالمدينة عشر سنين(5) .
وقد كان هاجر وهو ابن أربع عشرة سنة ، وضرب بالسيف بين يدي النبي صلى الله عليه و آله ، وهو ابن ستّ عشرة سنة ، وقتل الأبطال ، وهو ابن تسع عشرة سنة ، وقلع باب خيبر ، وله إثنان وعشرون سنة .
ص: 479
وكانت مدّة إمامته ثلاثون سنة ، منها :
أيام أبي بكر سنتان وأربعة أشهر .
وأيام عمر تسع سنين وأشهر وأيام ، وعن الفرياني : عشر سنين وثمانية أشهر .
وأيام عثمان إثنتا عشرة سنة .
ثم آتاه اللّه الحقّ خمس سنين وأشهر .
وكان عليه السلام أمر بأن يخفى قبره لما عرف من بني أمية وعداوتهم فيه إلى أن أظهره الصادق(1) عليه السلام .
ثم إنّ محمد بن زيد الحسني أمر بعمارة الحائر بكربلاء والبناء عليهما ، وبعد ذلك زيد فيه .
وبلغ عضد الدولة العناية في تعظيمهما والأوقاف عليهما(2) .
قال دعبل :
ألا إنّه طهر زكي مطهّر
سريع إلى الخيرات والبركات
غلاما وكهلاً خير كهل ويافع
وأبسطهم كفّا إلى الكربات
ص: 480
وأشجعهم قلبا وأصدقهم أخا
وأعظمهم في المجد والقربات
أخو المصطفى بل صهره ووصيّه
من القوم والستّار للعورات
كهارون من موسى على رغم معشر
سفال لئام شقّق البشرات
* * *
ص: 481
ص: 482
ص: 483
ص: 484
تفسير وكيع وسدي وسفيان وأبي صالح : أنّ عبد اللّه بن عمر قرأ قوله تعالى : « أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَأْتِي الأَْرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها » يوم قتل أمير المؤمنين عليه السلام .
وقال : لقد كنت يا أمير المؤمنين الطرف الأكبر في العلم ، اليوم نقص علم الإسلام ، ومضى ركن الإيمان .
الزعفراني عن المزني عن الشافعي عن مالك عن سمّي عن أبي صالح قال : لمّا قتل علي بن أبي طالب عليهماالسلام قال ابن عباس : هذا نقص الفقه والعلم من أرض المدينة .
ثم قال : نقصان الأرض نقصان علمائها وخيار أهلها ، إنّ اللّه لا يقبض هذا العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الرجال ، ولكنّه يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتّخذ الناس رؤوسا جهّالاً ، فيسألوا فيفتوا بغير علم ، فضلّوا وأضلّوا(1) .
ص: 485
سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : « رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤمِناً » وقد كان قبر علي بن أبي طالب عليهماالسلام مع نوح عليه السلام في السفينة ، فلمّا خرج من السفينة ترك قبره خارج الكوفة ، فسأل نوح عليه السلام ربّه المغفرة ولعلي وفاطمة عليهماالسلام قوله : « وَلِلْمُؤمِنِينَ وَالْمُؤمِناتِ » .
ثم قال : « وَلا تَزِدِ الظّالِمِينَ » يعني الظلمة لأهل بيت محمد صلى الله عليه و آله « إِلاّ تَباراً » .
وروي أنّه نزل فيه : « وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ » .
أبو بكر مردويه في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام ، وأبو بكر الشيرازي في نزول القرآن : أنّه قال سعيد بن المسيب : كان علي عليه السلام يقرأ : « إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها » . قال : فوالذي نفسي بيده ، لتخضبنّ هذه من هذا ، وأشار إلى لحيته ورأسه(1) .
وروى الثعلبي والواحدي بإسنادهما عن عمار وعن عثمان بن صهيب
ص: 486
عن الضحاك ، وروى ابن مردويه بإسناده عن جابر بن سمرة ، وعن صهيب ، وعن عمار ، وعن ابن عدي ، وعن الضحاك ، والخطيب في التاريخ عن جابر بن سمرة ، وروى الطبري والموصلي عن عمار ، وروى أحمد بن حنبل عن الضحاك :
أنّه قال النبي صلى الله عليه و آله : يا علي ، أشقى الأوّلين عاقر الناقة ، وأشقى الآخرين قاتلك(1) .
وفي رواية : من يخضب هذه من هذا(2) .
قال الصنوبري :
قال النبي له أشقى البريّة يا
علي إذ ذكر الأشقى شقيان
هذا عصى صالحا في عقر ناقته
وذاك فيك سيلقاني بعصيان
ليخضبن هذه من ذا أبا حسن
في حين يخضبها من أحمر قاني
* * *
ص: 487
وكان عبد الرحمن بن ملجم التجوبى عداده من مراد .
قال ابن عباس : كان من ولد قدار عاقر ناقة صالح ، وقصّتهما واحدة ، لأنّ قدار عشق امرأة يقال لها « رباب » كما عشق ابن ملجم قطاما(1) .
سمع ابن ملجم وهو يقول : لأضربنّ عليا بسيفي هذا ، فذهبوا به إليه عليه السلام فقال : ما اسمك ؟ قال : عبد الرحمن بن ملجم .
قال : نشدتك باللّه عن شيء تخبرني ؟ قال : نعم .
قال : هل مرّ عليك شيخ يتوكّأ على عصاه وأنت في الباب ، فشقّك بعصاه ، ثم قال : بؤسا لك لشقيّ من عاقر ناقة ثمود ؟ قال : نعم .
قال : هل كان الصبيان يسمّونك ابن راعية الكلاب ، وأنت تلعب معهم ؟ قال : نعم .
قال : هل أخبرتك أمّك أنّها حملت بك وهي طامث ؟ قال : نعم .
قال : فبايع ، فبايع ، ثم قال : خلّوا سبيله(2) .
وروي أنّه جاءه ليبايعه فردّه مرّتين أو ثلاثا ، فبايعه وتوثّق منه ألاّ
ص: 488
يغدر ولا ينكث ، فقال : واللّه ، ما رأيتك تفعل هذا بغيري ، فقال : يا غزوان ، احمله على الأشقر فأركبه ، فتمثّل أمير المؤمنين عليه السلام :
أريد حياته ويريد قتلي
عذيرك من خليلك من مراد
* * *
امض يا ابن ملجم ، فواللّه ما أرى تفي بما قلت(1) .
وفي رواية : والذي نفسي بيده ، لتخضبنّ هذه من هذا(2) .
الحسن البصري : أنّه عليه السلام سهر في تلك الليلة ولم يخرج لصلاة الليل على عادته ، فقالت أمّ كلثوم عليهاالسلام : ما هذا السهر ؟ قال : إنّي مقتول لو قد أصبحت ، فقالت : مر جعدة فليصلّ بالناس ، قال : نعم ، مروا جعدة ليصلّ .
ثم مرّ وقال : لا مفرّ من الأجل(3) ، وخرج قائلاً :
خلّوا سبيل الجاهد(4) المجاهد
في اللّه ذي الكتب وذى المشاهد
في اللّه لا يعبد غير الواحدويوقظ الناس إلى المساجد(5)
* * *
ص: 489
روي أنّه عليه السلام سهر في تلك الليلة ، فأكثر الخروج والنظر إلى السماء ، وهو يقول : واللّه ما كذبت ، وإنّها الليلة التي وعدت ، ثم يعاود مضجعه .
فلمّا طلع الفجر أتاه ابن التياح ونادى : الصلاة .
فقام ، فاستقبله الإوز فصحن في وجهه ، فقال : دعوهن ، فإنّهن صوائح تتبعها نوائح .
وتعلّقت حديدة على الباب في مئزره ، فشدّ أزاره وهو يقول(1) :
اشدد حيازيمك للموت
فإنّ الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت
إذا حلّ بواديكا
فقد اعرف أقواما
وإن كانوا صعاليكا
مساريع إلى الخير
وللشرّ متاريكا(2)
* * *
أبو صالح الحنفي : سمعت عليا عليه السلام يقول : رأيت النبي صلى الله عليه و آله في منامي
ص: 490
فشكوت إليه ما لقيت من أمّته من الأود واللدد ، وبكيت ، فقال : لا تبك يا علي ، والتفت ، فالتفت فإذا رجلان مصفّدان ، وإذا جلاميد يرضخ بها رؤوسهما(1) .
وروي أنّه عليه السلام قال لأم كلثوم : يا بنية ، إنّي أراني قلّ ما أصحبكم ! قالت : وكيف ذاك يا أبتاه ؟ قال : إنّي رأيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله في منامي وهو يمسح الغبار عن وجهي ويقول : يا علي ، لا عليك قد قضيت ما عليك ، قالت : فما مكثنا حتى ضرب تلك الليلة الضربة(2) .
وفي رواية أنّه قال : يا(3) بنية لا تفعلي ، فإنّي أرى رسول اللّه صلى الله عليه و آله يشير إليّ بكفّه : يا علي إلينا فإنّ ما عندنا هو خير لك(4) .
أبو مخنف الأزدي ، وابن راشد ، والرفاعي ، والثقفي جميعا : أنّه اجتمع نفر من الخوارج بمكة فقالوا : إنّا شرينا أنفسنا للّه ، فلو أتينا أئمة الضلال وطلبنا غرّتهم ، فأرحنا منهم البلاد والعباد .
فقال عبد الرحمن بن ملجم : أنا أكفيكم عليا .
وقال الحجّاج بن عبد اللّه السعدي الملقّب ب- «البرك»: أنا أكفيكم معاوية.
ص: 491
فقال عمرو بن بكر التميمي : أنا أكفيكم عمرو بن العاص .
واتّعدوا التاسع عشر من شهر رمضان ، ثم تفرّقوا .
فدخل ابن ملجم الكوفة ، فرأى رجلاً من أهل التيم « تيم الرباب » عند قطام التميمية ، وكان أمير المؤمنين عليه السلام قتل أباها الأخضر وأخاها الأصبغ بالنهروان ، فشغف بها ابن ملجم ، وخطبها فأجابته بمهر ذكره العبدي في كلمة له ، فقال :
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة
كمهر قطام من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة
وضرب علي بالحسام المسمّم
فلا مهر أغلى من علي وإن غلا
ولا قتل إلاّ دون قتل ابن ملجم
* * *
فقبل ابن ملجم ذلك ، فقالت : ويحك من يقدر على قتل علي عليه السلام ، وهو فارس الفرسان ، ومغالب الأقران ، والسبّاق إلى الطعان ، وأمّا المالية فلا بأس عليّ منها ، قال : أقبل .
فبعثت إلى وردان بن مجالد التميمي وسألته معونة ابن ملجم ، واستعان ابن ملجم بشبيب بن بجرة فأعانه ، وأعانه رجل من وكلاء عمرو بن العاص بخطّ فيه مائة ألف درهم ، فجعله مهرها .
فأطعمت لها اللوزينج والجوزينق ، وسقتهما الخمر العكبري ، فنام شبيب ، وتمتع ابن ملجم معها ، ثم قامت فأيقظتهما ، وعصبت صدورهم بحرير ، وتقلّدوا أسيافهم ، وكمنوا له مقابل السدّة .
ص: 492
وحضر الأشعث بن قيس لمعونتهم ، فقال لابن ملجم : النجا النجا لحاجتك ، فقد ضحك الصبح .
فأحسّ حجر بن عدي بما أراد الأشعث ، فقال له : قتلته يا أشعث ! وخرج مبادرا ليمضي إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فدخل المسجد ، فسبقه ابن ملجم فضربه بالسيف(1) .
وقال محمد بن عبد اللّه الأزدي : أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ينادى : الصلاة الصلاة ، فإذا هو مضروب ، وسمعت قائلاً يقول : الحكم للّه - يا علي - لا لك ولا لأصحابك ، وسمعت عليا عليه السلام يقول : فزت ورب الكعبة ، ثم يقول : لا يفوتنّكم الرجل(2) .
وكان قد ضربه شبيب فأخطأه ، ووقعت ضربته في الطاق ، ومضى هاربا حتى دخل منزله .
ص: 493
ودخل عليه ابن عمّ له فرآه يحلّ الحرير عن صدره ، فقال : ما هذا ! لعلّك قتلت أمير المؤمنين عليه السلام ؟ فأراد أن يقول : لا ، فقال : نعم ، فقتله الأزدي(1) .
وأمّا ابن ملجم ، فإنّ رجلاً من همدان لحقه وطرح عليه قطيفة وصرعه .
وانسل الثالث بين الناس .
فلمّا رآه أمير المؤمنين قال : « النَّفْس بِالنَّفْسِ » ، إن أنا متّ فاقتلوه كما قتلني ، وإن سلمت رأيت فيه رأيي .
وفي رواية : إن عشت رأيت فيه رأيي ، وإن هلكت فاصنعوا به ما يصنع بقاتل النبي صلى الله عليه و آله ، فسئل عن معناه ، فقال : اقتلوه ثم احرقوه بالنار .
فقال ابن ملجم : لقد ابتعته بألف ، وسممته بألف ، فإن خانني فأبعده اللّه ، ولقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم(2) .
وفي محاسن الجوابات عن الدينوري : أنّه قال : سألت اللّه أن يقتل به شرّ خلقه ، فقال علي
عليه السلام : قد أجاب اللّه دعوتك ، يا حسن ، إذا متّ فاقتله بسيفه(3) .
وروي أنّه قال : أطعموه واسقوه وأحسنوا أساره ، فإن أصحّ فأنا وليّ دمي ، إن شئت عفوت وإن شئت استنفذت ، وإن هلكت فاقتلوه(4) .
ص: 494
ثم أوصى فقال : يا بني عبد المطلب ، لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضا تقولون : قتل أمير المؤمنين ، ألا لا يقتلنّ بي إلاّ قاتلي ، ونهى عن المثلة(1) .
وروى أبو عثمان المازني أنّه قال عليه السلام :
تلكم قريش تمناني لتقتلني
فلا وربّك ما فازوا وما ظفروا
فإن بقيت فرهن ذمّتي لهم
بذات ودقين لا يعفو لها أثر(2)
وإن هلكت فإنّي سوف أوترهمذلّ الممات فقد خانوا وقد غدروا(3)
* * *
وأمر الحسن عليه السلام أن يصلّي الغداة بالناس .
وروي أنّه دفع في ظهره جعدة ، فصلّى بالناس الغداة(4) .
ص: 495
الأصبغ في خبر : أنّ عليا عليه السلام قال :
لقد ضربت في الليلة التي قبض فيها يوشع بن نون ، ولأقبض في الليلة التي رفع فيها عيسى بن مريم(1) .
الحسن بن علي عليهماالسلام في خبر : ولقد صعد بروحه في الليلة التي صعد فيها بروح يحيى بن زكريا(2) .
* * *
فلمّا توفي أمير المؤمنين عليه السلام ودفن جلس الحسن عليه السلام وأمر به فضرب عنقه .
واستوهبت أمّ الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته لتتولّى إحراقها ، فوهبها لها فأحرقتها بالنار .
وأمّا الرجلان اللذان كانا مع ابن ملجم في العقد على معاوية وعمرو ، فإنّ أحدهما ضرب معاوية على أليتيه وهو راكع .
وأمّا الآخر فإنّه قتل خارجة بن أبي حنيفة العامري ، وهو يظن أنّه عمرو ، وكان قد استخلفه لعلّة وجدها(3) .
ص: 496
قال الحسن بن علي عليه السلام :
أين من كان لعلم
المصطفى في الناس بابا
أين من كان إذا
ما قحط الناس سحابا
أين من دكان إذا نو
ديفي الحرب أجابا
أين من كان دعاه
مستجابا ومجابا
* * *
وله
عليه السلام :
خلّ العيون وما أردن
من البكاء على علي
لاتقلبن من الخلي
فليس قلبك بالخلي
للّه أنت إذا الرجال
تضعضعت وسط الندي
فرّجت غمّته ولم تركن
إلى فشل وعي
* * *
وله
عليه السلام :
خذل اللّه خاذليه ولا
أغمد عن قاتليه سيف فناء
* * *
زيد بن علي عليه السلام قال الحسين عليه السلام : لمّا قتل أمير المؤمنين عليه السلام سمعت جنية ترثيه بهذه الأبيات :
لقد هدّ ركني أبو شبر
فما ذاقت العين طيب الوسن
ولا ذاقت العين طيب الكرى
وألقيت دهري رهين الحزن
وأقلقني طول تذكاره
حرارة ثكل الرقوب(1) الشثن
ص: 497
وقال أنس بن مالك سمعت صوت هاتف من الجنّ :
يا من يؤم إلى المدينة قاصدا
أدّ الرسالة غير ما متوان
قتلت شرار بني أمية سيّدا
خير البريّة ماجدا ذا شان
ربّ المفضّل في السماء وأرضها
سيف النبي وهادم الأوثان
بكت المشاعر والمساجد بعد ما
بكت الأنام له بكلّ مكان
* * *
وفي شرف النبوة : أنّه سمع منهم :
لقد مات خير الناس بعد محمد
وأكرمهم فضلاً وأوفاهم عهدا
وأضربهم بالسيف في مهج العدى
وأصدقهم قيلاً وأنجزهم وعدا
* * *
وقال صعصعة بن صوحان :
إلى من لي بأنسك يا أخيّا
ومن لي أن أبثّك مالديّا
طوتك خطوب دهر قد توالى
لذاك خطوبه نشرا وطيّا
فلو نشرت قواك إلى المنايا
شكوت إليك ما صنعت إليا
بكيتك يا علي لدرّ عيني
فلم يغن البكاء عليك شيّا
كفى حزنا بدفنك ثم إنّي
نفضت تراب قبرك من يديّا
وكانت في حياتك لي عظات
وأنت اليوم أوعظ منك حيّا
فيا أسفا عليك وطول شوقي
ألا لو أنّ ذلك ردّ شيّا
* * *
ص: 498
وله أيضا :
هل خبّر القبر سائليه
أم قرّ عينا بزائريه
أم هل تراه أحاط علما
بالجسد المستكنّ فيه
لو علم القبر من يواري
تاه على كلّ من يليه
يا موت ماذا أردت منّي
حقّقت ما كنت أتّقيه
يا موت لو تقبل افتداء
لكنت بالروح أفتديه
دهر رماني بفقد إلفي
أذمّ دهري وأشتكيه
* * *
وقال أبو الأسود الدؤلي(1) :
ألا يا عين ويحك فاسعدينا
ألا أبكي أمير المؤمنينا
رزينا خير من ركب المطايا
وحثحثها(2) ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها
ومن قرأ المثاني والمبينا
إذا استقبلت وجه أبي حسين
رأيت البدر راق الناظرينا
يقيم الحدّ لا يرتاب فيه
ويقضي بالفرائض مستبينا
ألا أبلغ معاوية بن حرب
فلا قرّت عيون الشامتينا
ص: 499
أفي الشهر الحرام فجعتمونا
بخير الناس طرا أجمعينا
ومن بعد النبي فخير نفس
أبو حسن وخير الصالحينا
كأنّ الناس إذ فقدوا عليا
نعام جال في بلد سنينا
وكنّا قبل مهلكه بخير
نرى فينا وصيّ المسلمينا
فلا واللّه لا أنسى عليا
وحسن صلاته في الراكعينا
لقد علمت قريش حيث كانت
بأنّك خيرهم حسبا ودينا
فلا تشمت معاوية بن حرب
فإنّ بقية الخلفاء فينا
* * *
وقال الطائي :
حميت ليدخل جنات أبو حسن
وأوجبت بعده للقاتل النار
* * *
وقال الحميري :
لا درّ درّ المرادي الذي سفكت
كفّاه مهجة خير الخلق إنسانا
* * *
وقال بعض الصحابة :
دعوتك يا علي فلم تجبني
وردّت دعوتي باسا عليّا
بموتك ماتت اللّذات عنّي
وكانت حيّة إذ كنت حيّا
فيا أسفي عليك وطول شوقي
إليك لو أن ذلك ردّ ليّا
* * *
ص: 500
وقال بعضهم :
أضحى بما قد تعاطاه بضربته
ممّا عليه من الإسلام عريانا
أبكى السماء لباب كان يعمره
منها وحنت عليه الأرض تحنانا
عبدا تحمل إثما لو تحمّله
ثهلان طرفة عين هدّ ثهلانا
طورا أقول ابن ملعونين ملتقط
من نسل إبليس لا بل كان شيطانا
ويل أمّه أيّما ذا لعنة ولدت
ويل له أيّما ذا لعنة كانا
أضحى ببرهوت من بلهوت محتسبا
يلقى بها من عذاب اللّه ألوانا
ما دبّ في الأرض مذ ذلّت مناكبها
خلق من الخير أخلى منه ميزانا
لا عاقر الناقة المردي ثمود لها
ربّ أتوا سخطه فسقا وكفرانا
ولا ابن آدم قابيل اللعين أخو
هابيل إذ قرّبا للّه قربانا
بل المرادي عند اللّه أعظمهم
خزيا وأشقاهم نفسا وجثمانا
ص: 501
وقال الصنوبري :
نعم الشهيدان ربّ الخلق يشهد لي
والخلق أنّهما نعم الشهيدان
من ذا يعزّي النبي المصطفى بهما
من ذا يعزّيه من قاص ومن دان
من ذا لفاطمة اللهفاء ينبئها
عن بعلها وابنها إنهاء لهفان
من قابض النفس في المحراب منتصبا
وقابض النفس في الهيجاء عطشان
نجمان في الأرض بل بدران قد أفلا
نعم وشمسان إمّا قلت شمسان
سيفان يغمد سيف الحرب إن برزا
وفي يمينهما للحرب سيفان
* * *
وقال المصري :
غصبتم وليّ الحقّ مهجة نفسه
وكان لكم غصب الأمانة مقنعا
وألجمتم آل النبي سيوفكم
تفري من السادات سوقا وأذرعا
ضغائن بدر أظهرتها وجاهرت
بما كان منها في الجوانح مودعا
لوى عذره يوم الغدير بحقّه
وأعقبه يوم البعير واتبعا
وحاربه القرآن عنه فما ارعوى
وعاتبه الإسلام فيه فما رعا
* * *
ص: 502
ص: 503
ص: 504
النبي صلى الله عليه و آله : من زار عليا عليه السلام بعد وفاته فله الجنّة(1) .
الصادق عليه السلام : من ترك زيارة أمير المؤمنين عليه السلام لم ينظر اللّه إليه ، ألا تزورون من تزوره الملائكة والنبيون(2) .
وعنه عليه السلام : إنّ أبواب السماء لتفتح عند دعاء الزائر لأمير المؤمنين عليه السلام ، فلا تكن عند الخير نواما(3) .
ص: 505
ص: 506
قال ابن مدلل :
زر بالغري العالم الرباني
علم الهدى ودعائم الإيمان
وقل السلام عليك يا خير الورى
يا أيّها النبأ العظيم الشأن
يا من على الأعراف يعرف فضله
يا قاسم الجنات والنيران
نار تكون قسيمها يا عدّتي
أنا آمن من منها على جثماني
وأنا مضيفك والجنان لي القرى
إذا أنت أنت مورد الضيفان
* * *
وقال دعبل :
سلام بالغداة وبالعشي
على جدث بأكناف الغري
ولا زالت غزال النور ترجى
إليه صبابة المزن الروي
ألا ذا حبّذا ترب بنجد
وقبر ضمّ أوصال الوصي
وصيّ محمد بأبي وأمّي
وأكرم من مشى بعد النبي
لأن حجّوا إلى البلد القصيّ
فحجّي ما حييت إلى علي
وإن زاروا هم الشيخين زرنا
عليا بالغداة وبالعشي
* * *
وكتب على مشهده عليه السلام :
هذا وليّ اللّه في أرضه
في جنّة الخلد وآلائه
لا يقبل اللّه له زائرا
لم يبر من سائر أعدائه
* * *
ص: 507
وقال ابن رزيك :
كأنّي إذ جعلت إليك قصدي
قصدت الركن بالبيت الحرام
وخيّل لي بأنّي في مقامي
لديه بين زمزم والمقام
أيا مولاي ذكرك في قعودي
ويا مولاي ذكرك في قيامي
وأنت إذا انتبهت سمير فكري
كذلك أنت أنسي في منامي
وحبّك إن يكن قد حلّ قلبي
وفي لحمي استكنّ وفي عظامي
فلولا أنت لم تقبل صلاتي
ولولا أنت لم يقبل صيامي
عسى أسقى بكأسك يوم حشر
ويبرد حين أشربها أوامي
* * *
ص: 508
فصل 5 : فيما ظهر منه عليه السلام في غزاة السلاسل
( 5 - 10 )
فصل 6 : في غزوات شتّى فيما ظهر منه عليه السلام في غزوة حنين
( 11 - 22 )
حنين··· 13
قتله عليه السلام أبي جرول وأربعين آخرين··· 14
في غزوات شتى··· 17
غزوة الطائف··· 17
يوم الفتح··· 18
بنو قريظة··· 19
بنو المصطلق··· 19
هوازن··· 20
خبر عمرو بن معدي كرب··· 20
ص: 509
فصل 7 : فيما ظهر منه عليه السلام في حرب الجمل
( 23 - 60 )
الآيات··· 25
وَاتَّقُوا فِتْنَةً··· 25
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَْرْضِ··· 25
وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ . .··· 25
فَإِمّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنّا مُنْتَقِمُونَ··· 26
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ . .··· 26
آيات تحذّر عائشة من الخروج لحرب الجمل··· 27
الأخبار··· 28
النبي صلى الله عليه و آله يحذّر عائشة··· 28
عائشة تتجهّز للحرب··· 29
عائشة في الحوأب··· 30
حربهم مع ابن حنيف في الخريبة··· 33
خروج أمير المؤمنين عليه السلام والدعوة الى نصرته··· 34
كتبه عليه السلام الى الأشرار··· 35
سبب قتالهم··· 37
الإمام عليه السلام يعظ عائشة وعبيدها··· 39
زحف الإمام عليه السلام وأمراء عسكره··· 39
الإمام عليه السلام يناشد وعائشة تستعد··· 40
مع الزبير··· 40
بدء القتال··· 42
ص: 510
شهادة مسلم المجاشعي··· 42
تقدّم ابن الحنفية بالراية والتحام المبارزين··· 43
مروان يقتل طلحة··· 48
مقتل الزبير··· 49
تقدّم عائشة··· 50
سقوط الهودج واستسلام عائشة··· 55
عائشة تطلب الأمان لابن الزبير··· 56
موقع الوقعة ووقتها وعدد الهالكين والشهداء فيها··· 57
فصل 8 : في حرب صفين
( 61 - 106 )
الآيات··· 63
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً··· 63
فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ··· 63
قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَْعْرابِ سَتُدْعَوْنَ . .··· 63
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ··· 64
فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ··· 64
الأخبار··· 66
مكاتبات وتحريض··· 66
دعوة معاوية الى الطاعة··· 66
تردّد عمرو بن العاص··· 67
ص: 511
الطليق يحرّض أهل المدينة··· 67
كتاب الطليق لأمير المؤمنين عليه السلام··· 69
جواب أمير المؤمنين عليه السلام··· 69
أمير المؤمنين عليه السلام يحضّ الناس··· 70
رسول الطليق في الكوفة··· 70
كتاب آخر وجواب أمير المؤمنين عليه السلام··· 71
كتاب آخر وجواب أمير المؤمنين عليه السلام··· 71
كتاب آخر وجواب أمير المؤمنين عليه السلام··· 72
من كلامه عليه السلام مخاطبا الطليق وجوابه··· 72
خروج أمير المؤمنين عليه السلام وخروج الطليق··· 73
منعهم الماء عن أمير المؤمنين عليه السلام وأصحابه··· 74
نزوله بصفين··· 75
هذه خدعة··· 75
بدء القتال··· 75
رسل أمير المؤمنين عليه السلام الى الطليق··· 76
تعبئت العسكرين واستئناف القتال في صفر··· 76
أمير المؤمنين يدعو معاوية للمبارزة··· 77
أربعون وقعة غلب فيها أهل العراق··· 77
المبارزة··· 79
عون وعلقمة··· 79
أحمر وكيسان··· 79
الإمام عليه السلام ينتقم لمولاه ومعاوية يأمر باغتيال أمير المؤمنين··· 80
ص: 512
عمرو بن العاص وهاشم··· 80
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد والأشتر··· 81
معاوية يحرض على همدان ويفرّ من الميدان··· 82
أبو الطفيل الكناني··· 82
بنو همدان يهزمون أهل الشام··· 83
أبو أيوب الأنصاري يصل الى فسطاط معاوية··· 84
كوفي يصرع أخاه ويتركه بإذن الإمام··· 84
جماعة من طي··· 84
بسر بن أرطأة وسعيد بن قيس··· 85
أدهم بن لام وحجر بن عدي··· 86
الحكم بن الأزهر وحجر··· 86
مالك بن مسهر وحجر··· 86
علقمة··· 87
عمرو بن العاص يستأمن الأشتر··· 87
قاتل الأصبغ حتى حرّك معاوية عن مقامه··· 87
عوف المرادي وكعبر الأسدي··· 87
كعبر يحمل على معاوية··· 88
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وحارثة··· 88
أبو الأعور السلمي وزياد بن كعب··· 89
قتل بنو همدان خلقا كثيرا··· 89
عمير بن عطارد··· 89
قيس بن سعد وبسر بن أرطأة··· 89
ص: 513
المخارق بن عبد الرحمن··· 90
كريب بن الصباح··· 90
مولى لمعاوية وقنبر··· 90
بريد الكلبي والأشتر··· 91
مشجع الجذامي وعدي بن حاتم··· 91
أصحاب خالد السدوسي ينهبون فسطاط معاوية··· 91
شهادة المرقال··· 92
شهادة عبد اللّه بن بديل بن ورقاء··· 92
قتال عمرو بن الحمق··· 93
هجم الأنصار وكاد يؤخذ معاوية··· 93
مقتل عبيد اللّه بن عمر··· 94
مقتل جماعة من العسكرين··· 94
عمرو بن العاص والأشتر··· 94
العراد بن الأدهم والعباس بن ربيعة المطلبي··· 95
قبيصة النميري وعدي بن حاتم··· 96
حجل بن أثال وابنه··· 96
أربعة صفوف هزمهم الأشتر··· 96
شاعر الطليق وشاعر أمير المؤمنين عليه السلام··· 97
برز ابن جعفر فاستغاث ابن العاص··· 97
شهادة أويس القرني··· 97
شهادة عمار··· 97
ص: 514
أمير المؤمنين يدعو الطليق للمبارزة··· 98
ابن العاص عتيق عورته··· 98
أمير المؤمنين عليه السلام يدعو الطليق للمبارزة··· 100
ابن أرطأة عتيق عورته··· 100
لاحق والأشتر··· 100
طمع الطليق في ابن عباس··· 101
كتاب الطليق وجواب الإمام عليه السلام··· 102
رسل الطليق إلى الإمام عليه السلام ورجاله··· 103
عودة الى القتال··· 103
شهادة الهيثم بن التيهان··· 104
شهادة خزيمة بن ثابت··· 104
قاتل عدي بن حاتم حتى فقئت عينه··· 105
برز الأشتر وقتل جندب··· 105
وقعة الخميس ليلة الهرير··· 105
عدد القتلى والشهداء··· 106
فصل 9 : في الحكمين والخوارج
( 107 - 144 )
وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ عَلى حَرْفٍ··· 109
تحذير الأشعري··· 109
ص: 515
رفع المصاحف··· 109
يا عجبا أعصى ويطاع معاوية !!!··· 112
كتابة الكتاب··· 113
السقيفة الثانية··· 116
الخوارج··· 120
الآيات··· 120
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَْخْسَرِينَ أَعْمالاً··· 120
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ··· 121
قول النبي صلى الله عليه و آله في ذي الخويصرة··· 121
كلمة حقّ يراد بها باطل··· 123
خروج الخوارج··· 123
شهادة الخباب ومناظرة ابن عباس··· 124
إحتجاج أمير المؤمنين عليه السلام··· 124
راية الأمان··· 125
خروجه عليه السلام الى النهروان··· 125
بدء القتال··· 127
هلاك أخنس الطائي··· 127
هلاك ابن وهب الراسبي··· 127
هلاك مالك ووضاح وحرقوص··· 127
استشهد تسعة وفلت من الخوارج تسعة··· 128
تاريخ وقعة النهروان··· 128
ص: 516
اطلبوا المخدج··· 129
صفة المخدج··· 130
خطبة الحسن عليه السلام في أمر الحكمين··· 132
خطبة ابن عباس··· 133
خطبة عبد اللّه بن جعفر··· 134
الرجعة الى صفين··· 135
ذكر ما ورد في بيعته عليه السلام··· 136
اغدوا عليّ محلّقين··· 136
أوّل من بايع··· 137
رفض الإمام عليه السلام تولية معاوية··· 138
في نتف من مزاحه عليه السلام··· 141
جعلوا يذرقون خوفا منه··· 141
سئل عن رجل فقال توفي البارحة··· 142
إنّ أحد الثلاثة لأحمق··· 142
مزحة مع جاريته··· 142
أمر بضرب ظلّه الحدّ··· 142
أفلح من كان له مزخة··· 143
أفلح من كانت له قوصرّة··· 143
حبقة حبقة··· 144
من كانت به جرحة فليداوها بالسمن··· 144
ص: 517
باب ما يتعلّق بالآخرة من مناقبه عليه السلام
فصل 1 : في محبّته عليه السلام
( 147 - 162 )
الآيات··· 149
وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤمِنِينَ وَلِيجَةً··· 149
وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ··· 149
حبّ علي حسنة لا تضرّ معها سيئة··· 149
مبغض علي عليه السلام لا يشمّ رائحة الجنّة··· 150
من أحبّ عليا عليه السلام ثبتت قدمه··· 152
حبّ علي عليه السلام يأكل الذنوب··· 152
افتراض محبّته··· 152
السعيد من أحبّ عليا عليه السلام··· 153
فرض اللّه ولايته على الخلق فتركوها··· 153
لو أحبّه أهل الأرض . . لما عذّب أحد بالنار··· 154
حبّه ينفع اليهودي··· 155
حبّ علي براءة من النار··· 155
الاستعصام بحبّ علي عليه السلام··· 156
حبّ علي عليه السلام أفضل الأعمال··· 156
لا يعذّب من والاه··· 156
ص: 518
قضيب غرسه اللّه بيده في جنّة عدن··· 157
النظر الى علي عليه السلام عبادة··· 159
فصل 2 : في طاعته عليه السلام وعصيانه
( 163 - 170 )
الآيات··· 165
اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ··· 165
ذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ··· 165
الم أَحَسِبَ النّاسُ··· 166
إذا اختلف الناس فعليك بعلي عليه السلام··· 166
إنّك مخاصم فأعدّ للخصومة··· 167
أَلَيْسَ اللّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ··· 168
وجوب طاعته والنهي عن مخالفته··· 169
فصل 3 : في بغضه عليه السلام
( 171 - 186 )
الآيات··· 173
وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ··· 173
أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ··· 173
قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ··· 173
ص: 519
إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ··· 174
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي··· 174
مبغضه في النار··· 174
مبغضه منافق··· 175
مبغضه يهودي··· 175
مبغضه مبغض النبي صلى الله عليه و آله··· 175
رواية مبغض علي عليه السلام··· 176
كرهوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام··· 176
لا يبغضه إلاّ منافق··· 177
لولا علي عليه السلام لما عرف المؤمنون··· 179
العدول عن ولايتهم هلاك··· 181
لا يبغضه عليه السلام إلاّ أبناء الزنا··· 181
فصل 4 : في أذاه عليه السلام
( 187 - 194 )
الآيات··· 189
وَالَّذِينَ يُؤذُونَ الْمُؤمِنِينَ وَالْمُؤمِناتِ··· 189
إِنَّ الَّذِينَ يُؤذُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ··· 190
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ . .··· 190
كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللّهُ . .··· 190
من آذى عليا عليه السلام فقد آذى النبي صلى الله عليه و آله وآذى اللّه ··· 191
ص: 520
فصل 5 : في حساده عليه السلام
( 195 - 204 )
الآيات··· 197
تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ··· 197
يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ··· 197
لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً··· 197
فَلَمّا رَأَوْهُ زُلْفَةً··· 198
أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللّهُ··· 198
من حسد عليا عليه السلام فقد كفر··· 199
لم هجر الناس عليا عليه السلام··· 199
يثنون صدورهم لئلا يسمعوا فضائل علي عليه السلام··· 201
يرفع اللّه القطر عن هذه الأمّة ببغضهم عليا··· 203
فصل 6 : في ظالميه ومقاتليه
( 205 - 226 )
الآيات··· 207
يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ··· 207
وَقالَ الظّالِمُونَ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ··· 207
وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها··· 207
من ظلم عليا عليه السلام مجلسي هذا كمن جحد نبوتي··· 208
اصبر يا علي··· 208
ص: 521
القول فيمن حارب أمير المؤمنين عليه السلام··· 210
الدليل على كفر من حارب أمير المؤمنين عليه السلام··· 210
ما يستدلّ به من القرآن··· 214
الانتقام منهم بعلي عليه السلام··· 215
صفة صلاتهم ليلة الهرير··· 217
سيرته عليه السلام فيمن قاتله··· 217
قصّة عليّان المجنون··· 217
في سبب بغضهم له سلام اللّه عليه··· 219
سبب عداوة قريش··· 219
سبب عداوة أحمد بن حنبل··· 219
سبب عداوة الأصمعي··· 220
في سبّهم إياه صلوات اللّه عليه··· 221
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ··· 221
لا تسبّوا عليا عليه السلام··· 221
من سبّ عليا عليه السلام فقد سبّ اللّه ورسوله··· 221
الأصل في سبّه عليه السلام··· 224
السفّاح يأبى أن يسنّ لعن معاوية··· 225
فصل 7 : في درجاته عليه السلام عند قيام الساعة
( 227 - 236 )
حضوره عليه السلام عند المحتضر··· 229
احتضار السيّد الحميري··· 229
ص: 522
قول المرتضى في حضورهم عند المحتضر··· 231
يسئل الميت عن إمامته عليه السلام في القبر··· 232
أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة··· 233
أوّل من يرد على النبي صلى الله عليه و آله يوم القيامة··· 234
متّكأ النبي صلى الله عليه و آله يوم القيامة··· 236
فصل 8 : في ملابسه عليه السلام ولوائه في الآخرة
( 237 - 246 )
يكسى مع النبي صلى الله عليه و آله··· 239
صفة لواء الحمد وحامله··· 241
فصل 9 : في مراكبه ومراقيه عليه السلام في الآخرة
( 247 - 262 )
يأتي على نجيب من نور وعلى رأسه تاج··· 249
موضع قبّته عليه السلام··· 250
موقفه عليه السلام في المرقاة الثانية··· 250
رفيق النبي صلى الله عليه و آله في الجنّة··· 251
أقرب المقرّبين··· 252
يأتي راكبا على ناقة من نوق الجنّة··· 252
أوّل من يشرب السلسبيل والزنجبيل··· 254
على الأرائك ينظرون من الكفار يضحكون··· 255
ص: 523
أنّه عليه السلام وأهل بيته على الأعراف··· 256
ردّ قول العامّة في معنى أصحاب الأعراف··· 257
شجرة طوبى في داره··· 258
فصل 10 : في حمايته لأوليائه
( 263 - 270 )
المؤذّن يوم القيامة··· 265
يرون مكانه فيسوء وجوههم··· 266
شيعته لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَْكْبَرُ··· 267
قول أمير المؤمنين عليه السلام للحارث الهمداني··· 267
يتلألأ كالكوكب الدرّي··· 268
لو اجتمع الناس على حبّه لما خلق اللّه النار··· 269
غضب النار على مبغضيه··· 269
باب النكت واللطائف
فصل 1 : في إضافة اللّه - تعالى - عليا عليه السلام إلى نفسه
( 273 - 282 )
إضافته إلى نفسه تعالى··· 275
سمّاه بأسمائه··· 275
ص: 524
جعله ثاني نبيّه وثالث نفسه··· 276
سمّاه مثل ما سمّى به كتبه··· 278
فصل 2 : في مساواته مع آدم وإدريس ونوح عليهم السلام
( 283 - 290 )
ساواه مع آدم عليه السلام··· 285
ساواه مع إدريس عليه السلام··· 287
ساواه مع نوح عليه السلام··· 287
فصل 3 : في مساواته مع إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم السلام
( 291 - 298 )
مساواته مع إبراهيم عليه السلام··· 293
إسماعيل وإسحاق عليهماالسلام··· 297
فصل 4 : في مساواته يعقوب ويوسف عليهماالسلام
( 299 - 306 )
مساواته يعقوب عليه السلام··· 301
مساواته يوسف عليه السلام··· 302
فصل 5 : في مساواته موسى عليه السلام
( 307 - 314 )
ص: 525
فصل 6 : في مساواته هارون ويوشع ولوط عليهم السلام
( 315 - 320 )
مساواته مع هارون عليه السلام··· 317
مساواته مع يوشع عليه السلام··· 319
مساواته مع لوط عليه السلام··· 319
فصل 7 : في مساواته أيوب وجرجيس وزكريا ويحيى عليهم السلام
( 321 - 330 )
مساواته مع أيوب عليه السلام··· 323
مع جرجيس عليه السلام··· 324
مع يونس عليه السلام··· 324
مع زكريا عليه السلام··· 325
مع يحيى عليه السلام··· 326
مع ذي القرنين··· 328
مع لقمان··· 328
مع شعيب عليه السلام··· 328
فصل 8 : في مساواته داود وطالوت وسليمان عليهم السلام
( 331 - 338 )
مع داود عليه السلام··· 333
مع طالوت··· 334
ص: 526
مع سليمان عليه السلام··· 336
مع صالح عليه السلام··· 338
فصل 9 : في مساواته عيسى عليه السلام
( 339 - 346 )
فصل 10 : في مساواته النبي صلى الله عليه و آله
( 347 - 352 )
فصل 11 : في مساواته سائر الأنبياء عليهم السلام
( 353 - 366 )
سبعة نفر سمّاهم اللّه ملكا··· 355
خمسة نفر سمّاهم اللّه صدّيقين··· 355
من عادى ومن أحبّ··· 356
خمسة فارقوا قومهم في اللّه ··· 356
خمسة من الأنبياء وجدوا أشياء في المحراب··· 357
ساواه اللّه - تعالى - مع ..··· 357
استجمع علي عليه السلام فضائل تفرّقت في خمسة أنبياء··· 359
أربعة أشياء يخافها كلّ أحد إلاّ علي عليه السلام··· 359
خمسة أنوار أثمرت خمسة أشياء··· 360
خصال الأنبياء في علي عليه السلام··· 360
لعلي عليه السلام خاصّة··· 362
اللّه يباهي الملائكة بعلي عليه السلام··· 363
ص: 527
فصل 12 : في المفردات
( 367 - 382 )
علي عليه السلام الأوّل في أمور··· 369
علي عليه السلام الآخر في أمور··· 369
نوادر الدنيا··· 370
العجائب··· 370
منن اللّه على المؤمنين··· 371
ستّة أشياء رحمة··· 371
مدح اللّه حركاته وسكناته··· 372
ما عرف اللّه غيره وغير النبي صلى الله عليه و آله··· 373
مثل علي عليه السلام··· 373
كان للنبي صلى الله عليه و آله خليفتان··· 374
كان مقدّما مؤخرا··· 374
ما عوّضه اللّه ··· 377
علي عليه السلام وأعداؤه··· 377
إبراهيم العباسي يرى عليا عليه السلام في الرؤيا··· 378
المتوكّل العباسي يرى عليا عليه السلام في الرؤيا··· 379
نعم الرجل علي عليه السلام··· 379
الاستدلال ببيادق الشطرنج !!··· 380
الاستدلال بالحروف والحساب··· 381
ص: 528
فصل 13 : في الشواذ من مناقبه
( 383 - 392 )
علي عليه السلام هو المعني بالجوارح المنسوبة الى اللّه ··· 385
وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ··· 385
وَجْهُ اللّهِ··· 385
عين اللّه ··· 386
يد اللّه وحجابه··· 386
جنب اللّه ··· 387
فصل 14 : في أسمائه وألقابه وكناه
( 393 - 400 )
أسماؤه عليه السلام··· 395
أسماؤه في الأرض والسماء··· 396
ألقاب علي عليه السلام على حروف الهجاء··· 399
فصل 15 : في ألقابه على حروف المعجم
( 401 - 422 )
فصل 16 : في القصائد : في مدح أمير المؤمنين عليه السلام
( 423 - 432 )
ص: 529
باب في أحواله عليه السلام
فصل 1 : في ذكر سيفه ودرعه ومركوبه
( 435 - 448 )
سيفه··· 437
من أين كان سيفه ؟··· 437
لم سمّي « ذا الفقار » ؟··· 439
صفة سيفه··· 439
مدح سيفه··· 440
شهرة السيف من صاحبه··· 444
درعه عليه السلام··· 445
مركوبه عليه السلام··· 447
فصل 2 : في لوائه وخاتمه
( 449 - 462 )
وارث رايات الأنبياء··· 451
صاحب لواء النبي صلى الله عليه و آله··· 452
ألوان الرايات··· 453
الرايات السود··· 453
خاتمه عليه السلام··· 458
تختّم بالعقيق··· 458
التختّم باليمين··· 459
ص: 530
أوّل من تختّم باليسار··· 460
تختّم الأنبياء والأوصياء باليمين··· 461
فصل 3 : في أزواجه وأولاده وأقربائه وخدامه
( 463 - 474 )
أولاده عليه السلام··· 466
لم يتزوّج مع فاطمة عليهاالسلام··· 469
توفي عن أربعة··· 470
لم يتزوّجنّ نساؤه بعده··· 470
توفي عن ثماني عشرة أمّ ولد··· 470
كتّابه··· 470
بوّابه - مؤذّنه··· 471
خدّامه··· 472
خادمته - بغلته··· 473
فصل 4 : في حليته وتواريخه
( 475 - 482 )
وصف ثبيت الخادم··· 477
وصف جابر وابن الحنفية··· 477
وصف المغيرة··· 478
مدّة عمره ومولده عليه السلام··· 478
مدّة إمامته عليه السلام··· 480
قبره عليه السلام··· 480
ص: 531
فصل 5 : في مقتله عليه السلام
( 483 - 502 )
الآيات··· 485
أَنّا نَأْتِي الأَْرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها··· 485
وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤمِناً··· 486
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ··· 486
إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها··· 486
قاتله أشقى الآخرين··· 486
ابن ملجم من ولد عاقر الناقة··· 488
بيعته لأمير المؤمنين عليه السلام··· 488
أنّه عليه السلام سهر في تلك الليلة··· 489
فلمّا طلع الفجر··· 490
شكواه إلى النبي صلى الله عليه و آله في المنام··· 490
المؤامرة··· 491
فزت وربّ الكعبة··· 493
قتل ابن ملجم وشريكه··· 493
الرجلان اللذان تعاقدا مع ابن ملجم··· 496
فصل 6 : في زيارته عليه السلام
( 503 - 508 )
الفهرست··· 509
ص: 532